الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ أَقَارِبَهُ وَلَا غَيْرَهُمْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَيُزَوِّجُ نُوَّابُهُ.
(وَتُكْرَهُ خِطْبَةُ مُحْرِمٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ امْرَأَةً (عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَخِطْبَةِ مَحِلٌّ مُحْرِمَةً كَخُطْبَةِ عَقْدِهِ) بِضَمِّ الْخَاءِ أَيْ: عَقْدِ النِّكَاحِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ " وَلَا يَخْطُبُ ".
(وَ) يُكْرَهُ (حُضُورُهُ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (وَشَهَادَتُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي النِّكَاحِ نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَخْطُبُ قَالَ مَعْنَاهُ لَا يَشْهَدُ النِّكَاحَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ " وَلَا يُشْهَدُ " فَلَا يَصِحُّ.
(وَتُبَاحُ الرَّجْعَةُ لِلْمُحْرِمِ وَتَصِحُّ) ؛ لِأَنَّهَا إمْسَاكٌ؛ وَلِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ قَبْلَ الرَّجْعَةِ فَلَا إحْلَالَ (كَشِرَاءِ أَمَةٍ لِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ) لِوُرُودِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ خَاصَّةً بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّةِ وَلَا الْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعِ وَنَحْوِهَا وَصَحَّ شِرَاؤُهَا.
(وَيَصِحُّ اخْتِيَارُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِبَعْضِهِنَّ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ) ؛ لِأَنَّهُ إمْسَاكٌ وَاسْتِدَامَةٌ لَا ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ كَالرَّجْعَةِ وَأَوْلَى (وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ: جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صُوَرِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَسَدَ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ فَلَمْ تَجِبْ بِهِ فِدْيَةٌ (كَشِرَاءِ الصَّيْدِ) وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]
فَصْلٌ (الثَّامِنُ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} [البقرة: 197] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " هُوَ الْجِمَاعُ " بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] يَعْنِي: الْجِمَاعَ (قُبُلًا كَانَ) الْفَرْجُ (أَوْ دُبُرًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَالْغُسْلِ (فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ: جَامَعَ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (فَسَدَ نُسُكُهُمَا) حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ: أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ النُّسُكُ إلَّا بِهِ.
وَفِي الْمُوَطَّأِ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالُوا يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ مِنْ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ وَلَمْ يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ (وَلَوْ) كَانَ الْمُجَامِعُ (سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، نَصًّا أَوَنَائِمَةً) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ مَنْ
تَقَدَّمَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَضَوْا بِفَسَادِ النُّسُكِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا.
(وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ: بِالْجِمَاعِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ (بَدَنَةٌ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَهْدِ نَاقَةً وَلْتُهْدِ نَاقَةً.
" (وَلَا يَفْسُدُ) الْإِحْرَامُ (بِ) شَيْءٍ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ (غَيْرِ الْجِمَاعِ) لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهِ وَالْإِجْمَاعِ.
(وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ (الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَحُكْمُهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ الَّذِي أَفْسَدَهُ بِالْجِمَاعِ حُكْمُ الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ (فَيَفْعَلُ بَعْدَ الْإِفْسَادِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَبْلَهُ مِنْ الْوُقُوفِ وَغَيْرِهِ وَيَجْتَنِبُ مَا يُجْتَنَبُ قَبْلَهُ) أَيْ: الْفَسَادِ (مِنْ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إذَا فَعَلَ مَحْظُورًا بَعْدَهُ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَسَأَلَهُ عَنْ مُحْرِمٍ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ؟ فَأَشَارَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: اذْهَبْ إلَى ذَلِكَ وَاسْأَلْهُ قَالَ شُعَيْبٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُ الرَّجُلُ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: بَطَلَ حَجُّكَ فَقَالَ الرَّجُل أَفَأَقْعُدُ؟ قَالَ لَا بَلْ تَخْرُج مَعَ النَّاسِ وَتَصْنَعُ مَا يَصْنَعُونَ فَإِذَا أَدْرَكْتَ قَابِلًا فَحُجَّ وَأَهْدِ فَرَجَعَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَاسْأَلْهُ قَالَ شُعَيْبٌ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: مِثْلَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرَجَعَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَقُولُ أَنْتَ قَالَ أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَا " وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَزَادَ وَحُلَّ إذَا حَلَّوْا فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ فَاحْجُجْ أَنْتَ وَامْرَأَتُكَ وَأَهْدِيَا فَإِنْ لَمْ تَجِدَا فَصُومَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعْتُمَا وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ حَدِيثُهُ حَسَنٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ رَأَيْتُ عَلِيًّا وَأَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيَّ وَإِسْحَاقَ يَحْتَجُّونَ بِهِ قِيلَ لَهُ: فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ مَاذَا يَقُولُ قَالَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَنَحْوُ هَذَا.
(وَ) عَلَيْهِمَا (الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ نَذْرًا أَوْ نَفْلًا) ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالدُّخُولِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَسْتَفْصِلُوا (إنْ كَانَا) أَيْ: الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ (مُكَلَّفَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا عُذْرَ لَهُمَا فِي التَّأْخِيرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُكَلَّفَيْنِ حَالَ الْإِفْسَادِ قَضَيَاهُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ التَّكْلِيفِ (بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) وَتَقَدَّمَ (عَلَى الْفَوْرِ) حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي التَّأْخِيرِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا لَوْ بَلَغَ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ.
(وَيَصِحُّ قَضَاءُ عَبْدٍ فِي رِقِّهِ) وَكَذَا قَضَاءُ أَمَةٍ فِي رِقِّهَا لِتَكْلِيفِهَا (وَتَقَدَّمَ حُكْمُ إفْسَادِ حَجِّهِ) أَيْ: الْقِنِّ (وَ) حُكْمُ إفْسَادِ (حَجِّ الصَّبِيِّ) فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ.
وَيَكُونُ إحْرَامُ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ فِي
الْقَضَاءِ (مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا أَوَّلَا مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْحُرُمَاتِ قِصَاصٌ بِخِلَافِ الْمُحْصَرِ إذَا قَضَى لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامَ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْمَامُهُ وَذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْحَادِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَحْرَمَا قَبْلَ الْمِيقَاتِ (لَزِمَهُمَا) الْإِحْرَامُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ تَجَاوُزُهُ بِلَا إحْرَامٍ (وَإِنْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ قَضَى الْوَاجِبَ لَا الْقَضَاءَ) كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَزْدَادُ بِفَوَاتِهِ وَإِنَّمَا يَبْقَى مَا كَانَ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهَا إنْ طَاوَعَتْ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " أَهْدِيَا هَدْيًا " أَضَافَ الْفِعْلَ إلَيْهِمَا.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَهْدِ نَاقَةً وَلْتُهْدِ نَاقَةً "؛ وَلِأَنَّهَا بِمُطَاوَعَتِهَا أَفْسَدَتْ نُسُكَهَا فَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا كَالرَّجُلِ (وَإِنْ أُكْرِهَتْ) الْمَرْأَةُ (فَ) النَّفَقَةُ (عَلَى الزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُفْسِدُ لِنُسُكِهَا فَكَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا كَنَفَقَةِ نُسُكِهِ (وَتُسْتَحَبُّ تَفْرِقَتُهُمَا فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ «رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَةً وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمَا: أَتِمَّا حَجَّكُمَا ثُمَّ ارْجِعَا وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى مِنْ قَابِلٍ حَتَّى إذَا كُنْتُمَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتَهَا فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا وَلَا يُوَاكِلْ أَحَدُكُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ أَتِمَّا مَنَاسِكَكُمَا وَأَهْدِيَا» وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ (إلَى أَنْ يُحِلَّا) مِنْ إحْرَامِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ خَوْفُ الْمَحْظُورِ وَيَحْصُلُ التَّفْرِيقُ (بِأَنْ لَا يَرْكَبَ مَعَهَا عَلَى بَعِيرٍ وَلَا يَجْلِسَ مَعَهَا فِي خِبَاءٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَلْ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهَا فَيُرَاعِي أَحْوَالَهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمُهَا) وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ غَيْرُهُ.
وَ (الْعُمْرَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحَجِّ) كَالْحَجِّ لِأَنَّهَا أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَ (يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّعْيِ) كَالْحَجِّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَ (لَا) يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّعْيِ (وَقَبْلَ حَلْقٍ) كَالْوَطْءِ فِي الْحَجِّ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ.
(وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ (وَيَجِبُ الْقَضَاءُ) فَوْرًا كَالْحَجِّ (وَالدَّمُ وَهُوَ شَاةٌ) لِنَقْصِ الْعُمْرَةِ عَنْ الْحَجِّ.
(لَكِنْ إنْ كَانَ) الْمُفْسِدُ لِعُمْرَتِهِ (مَكِّيًّا أَوْ حَصَلَ بِهَا) أَيْ: بِمَكَّةَ (مُجَاوِرًا أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ مِنْ الْحِلِّ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا) أَيْ: بِالْعُمْرَةِ الَّتِي أَفْسَدَهَا (مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ) ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ هُوَ مِيقَاتُهَا.
(وَإِنْ أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ عُمْرَتَهُ وَمَضَى فِي فَاسِدِهَا وَأَتَمَّهَا خَرَجَ إلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ) مَكَانَ الَّتِي أَفْسَدَهَا؛ لِأَنَّ الْحُرُمَاتِ قِصَاصٌ (فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ
دَمٌ فَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ خَرَجَ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ الَّتِي أَفْسَدَهَا وَعَلَيْهِ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ لِمَا أَفْسَدَ مِنْ عُمْرَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَفْسَدَ الْمُفْرِدُ حَجَّتَهُ وَأَتَمَّهَا فَلَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِيقَاتُهَا.
(وَإِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ نُسُكَهُ فَعَلَيْهِ فِدَاءٌ وَاحِدٌ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَمَلَ الْقَارِنِ كَعَمَلِ الْمُفْرِدِ.
(وَإِنْ جَامَعَ) الْمُحْرِمُ (بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ) التَّحَلُّلِ (الثَّانِي) بِأَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحَلَقَ مَثَلًا ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ (لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ قَارِنًا كَانَ أَوْ مُفْرِدًا) أَوْ مُتَمَتِّعًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَوْمَ النَّحْرِ " يَنْحَرَانِ جَزُورًا بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَا يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ (لَكِنْ فَسَدَ إحْرَامُهُ) بِالْوَطْءِ (فَيَمْضِي إلَى الْحِلِّ) التَّنْعِيمِ أَوْ غَيْرِهِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (فَيُحْرِمَ مِنْهُ لِيَطُوفَ لِلزِّيَارَةِ فِي إحْرَامٍ صَحِيحٍ وَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى وَتَحَلَّلَ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَلَيْسَ هَذَا عُمْرَةً حَقِيقِيَّةً) وَالْإِحْرَامُ إنَّمَا وَجَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْحَجِّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ فَقَوْلُ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ: أَنَّهُ يَعْتَمِرُ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا هَذَا وَسَمَّوْهُ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالُهَا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا عُمْرَةً حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ سَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ وَعَلَى هَذَا نُصُوصُ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَلِأَنَّهُ إحْرَامٌ مُسْتَأْنَفٌ فَكَانَ فِيهِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ كَالْعُمْرَةِ الْمُفْرَدَةِ تَجْرِي مَجْرَى الْحَجِّ بِدَلِيلِ الْقِرَانِ بَيْنَهُمَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَيَلْزَمُهُ شَاةٌ) لِعَدَمِ إفْسَادِهِ لِلْحَجِّ كَوَطْءٍ دُونَ فَرْجٍ بِلَا إنْزَالٍ وَلِخِفَّةِ الْجِنَايَةِ فِيهِ.
(وَالْقَارِنُ كَالْمُفْرِدِ) ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لِلْحَجِّ لَا لِلْعُمْرَةِ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ (فَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ) أَيْ: وَحَلَقَ (وَلَمْ يَرْمِ) جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (ثُمَّ وَطِئَ فَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: لَا يَلْزَمُهُ إحْرَامٌ مِنْ الْحِلِّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِوُجُودِ أَرْكَانِ الْحَجِّ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَمَا سَبَقَ) لِوُجُودِهِ الْوَطْءَ قَبْلَ مَا يَتِمُّ بِهِ التَّحَلُّلُ (وَهُوَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُحْرِمٌ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُنَافِي وُجُودَ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ) فَيَفْسُدُ إحْرَامُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَالْمُرَادُ فَسَادُ مَا بَقِيَ مِنْهُ لَا مَا مَضَى إذْ لَوْ فَسَدَ كُلُّهُ لَوَقَعَ الْوُقُوفُ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ.