الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى الْحِلِّ لِمَا سَبَقَ (قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي قَالَ الشَّيْخُ وَالزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَشْهُورُ إذْ فَوَاتُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ لَيْسَ شَرْطًا.
(فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَمِ (قَارِنًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) لِأَجْلِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهِ وَسُقُوطِ أَفْعَالِهَا (وَإِنْ أَرَادُوا) أَيْ: الَّذِينَ بِمَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ (الْحَجَّ) فَإِنَّهُمْ (يُحْرِمُونَ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا كَانَ) الْحَاجُّ (أَوْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ فِيهَا) أَيْ: مَكَّةَ (مِنْ حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا) لِقَوْلِ جَابِرٍ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ مِنْ الْأَبْطَحِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَنَصُّهُ) فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ وَالْمُبْهِجِ: (مِنْ تَحْتِ الْمِيزَابِ) وَيُسَمَّى الْحَطِيمُ.
(وَيَجُوزُ) إحْرَامُهُ (مِنْ سَائِرِ الْحَرَمِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) يَجُوزُ إحْرَامُهُ (مِنْ الْحِلِّ كَالْعُمْرَةِ) وَكَمَا لَوْ خَرَجَ إلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ وَمَنَعَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وُجُوبَ إحْرَامِهِ مِنْ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِهِ (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ) مِنْ الْمَوَاقِيتِ السَّابِقَةِ كَعِيدَانِ فَإِنَّهَا فِي طُرُقِ الْعَرَبِ (أَوْ عَرَجَ عَنْ الْمِيقَاتِ) بِأَنْ مَشَى فِي طَرِيقٍ لَا تَمُرُّ عَلَيْهِ.
(فَإِذَا حَاذَى أَقْرُبَ الْمَوَاقِيتِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى طَرِيقِهِ (أَحْرَمَ) لِقَوْلِ عُمَرَ " اُنْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ قَدِيدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ وَالتَّقْدِيرِ فَإِذَا اشْتَبَهَ دَخَلَهُ الِاجْتِهَادُ كَالْقِبْلَةِ.
(وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ مَعَ جَهْلِ الْمُحَاذَاةِ) إذْ الْإِحْرَامُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ جَائِزٌ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ حَرَامٌ (فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ: الْمِيقَاتَانِ (فِي الْقُرْب إلَيْهِ) أَيْ: إلَى طَرِيقِهِ (فَ) إنَّهُ يُحْرِمُ (مِنْ) حَذْوِ أَبْعَدِهِمَا عَنْ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِهِ (وَمَنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا أَحْرَمَ عَنْ مَكَّةَ بِقَدْرِ مَرْحَلَتَيْنِ) فَإِنْ أَحْرَمَ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّهُ قَدْ جَاوَزَ مَا يُحَاذِي الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَمَنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا أَحْرَمَ عَنْ مَكَّةَ بِقَدْرِ مَرْحَلَتَيْنِ) قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْمُحَاذَاةِ وَمَعْنَاهُ فِي الْفُرُوعِ.
[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]
فَصْل وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ أَوْ دُخُولَ (الْحَرَمِ أَوْ) أَرَادَ (نُسُكًا: تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ تَجَاوَزُوهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا بِإِحْرَامٍ» فِيهِ ضَعْفٌ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ أَرَادَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْحَجِّ وَلِعَدَمِ تَكَرُّرِ حَاجَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْحَرَمَ وَلَا نُسُكًا لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ أَتَوْا بَدْرًا مَرَّتَيْنِ وَكَانُوا يُسَافِرُونَ لِلْجِهَادِ فَيَمُرُّونَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ (إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْحَجِّ.
(فَلَوْ تَجَاوَزَهُ) أَيْ: الْمِيقَاتَ (رَقِيقٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، ثُمَّ لَزِمَهُمْ) الْإِحْرَامُ (إنْ عَتَقَ) الرَّقِيقُ (وَأَسْلَمَ) الْكَافِرُ (وَكُلِّفَ) غَيْرُ الْمُكَلَّفِ (أَحْرَمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
(وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ) إذَا أَحْرَمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُجَاوِزُوا مِيقَاتَهُمْ بِلَا إحْرَامٍ (إلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ)«لِدُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْإِحْرَامُ يَوْمَئِذٍ (أَوْ خَوْفٍ) أَيْ: وَإِلَّا مَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ لِخَوْفٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالْقِتَالِ الْمُبَاحِ (أَوْ حَاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ كَحَطَّابٍ وَفَيْجٍ) بِالْجِيمِ وَهُوَ رَسُولُ السُّلْطَانِ.
(وَنَاقِلِ الْمِيرَةِ وَلِصَيْدٍ وَاحْتِشَاشٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَدْخُلُ إنْسَانٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا إلَّا الْحَمَّالِينَ وَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا " احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَمَكِّيٍّ يَتَرَدَّدُ إلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ) إذْ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لَأَدَّى إلَى الضَّرَرِ وَالْمَشَقَّةِ وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ قَيِّمِهِ لِلْمَشَقَّةِ.
(ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ) أَيْ: لِمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِمَّنْ تَتَكَرَّرُ حَاجَتُهُ وَالْمَكِّيُّ الْمُتَرَدِّدُ إلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ (النُّسُكُ أَوْ) بَدَا (لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَرَمَ) أَوْ النُّسُكَ (أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلِأَنَّ مِنْ مَنْزِلِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ لَوْ خَرَجَ إلَيْهِ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
(وَمَنْ تَجَاوَزَ) الْمِيقَاتَ (بِلَا إحْرَامٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ) الَّذِي فَاتَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَأْتِي حُكْمُ رُجُوعهِ إلَيْهِ (وَحَيْثُ لَزِمَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ لِدُخُولِ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَامِ (لَا لِنُسُكٍ: طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ وَحَلَّ) مِنْ إحْرَامِهِ.
(وَأُبِيحَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ دُخُولُ مَكَّةَ مُحِلِّينَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَهِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ رَوَاهُ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ لَا قَطْعَ شَجَرٍ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَامَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ فَتْحِ
مَكَّةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا كَحُرْمَتِهَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ» .
(وَمَنْ جَاوَزَهُ) أَيْ: الْمِيقَاتَ (يُرِيدُ النُّسُكَ) بِلَا إحْرَامٍ (أَوْ كَانَ النُّسُكُ فَرْضَهُ) بِأَنْ لَمْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرْ.
(وَلَوْ) كَانَ (جَاهِلًا) بِالْمِيقَاتِ أَوْ الْحُكْمِ (أَوْ نَاسِيًا لِذَلِكَ أَوْ مُكْرَهًا لَزِمَهُ أَنْ يَرْجِعَ) إلَى الْمِيقَاتِ (فَيُحْرِمَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ وَاجِبٌ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ فَلَزِمَهُ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَوْ يَخَفْ) فَوَاتَ (غَيْرِهِ) كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ (فَإِنْ رَجَعَ) إلَى الْمِيقَاتِ (فَأَحْرَمَ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُجَاوِزْهُ ابْتِدَاءً.
(وَإِنْ أَحْرَمَ دُونَهُ) أَيْ: الْمِيقَاتِ (مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» وَلِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ (وَإِنْ رَجَعَ مُحْرِمًا إلَى الْمِيقَاتِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ بِرُجُوعِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِتَرْكِهِ إحْرَامَهُ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ.
(وَإِنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ هَذَا) الَّذِي تَجَاوَزَ فِيهِ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ (لَمْ يَسْقُطْ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ كَدَمِ مَحْظُورٍ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَ مُهَنَّا يَسْقُطُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ) الْمَكَانِيِّ لِمَا رَوَى الْحَسَنُ " أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَغَضِبَ وَقَالَ يَتَسَامَعُ النَّاسُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ مِنْ مِصْرِهِ وَقَالَ " إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ أَحْرَمَ مِنْ خُرَاسَانَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ لَامَهُ فِيمَا صَنَعَ وَكَرِهَهُ لَهُ " رَوَاهُمَا سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ كَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ " وَرَوَى أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يَسْتَمْتِعُ أَحَدُكُمْ بِحِلِّهِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ فِي إحْرَامِهِ» .
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيَّتهمَا قَالَ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد فَقَالَ الْقَاضِي مَعْنَى أَهَلَّ أَيْ: قَصَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَيَكُونُ إحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ.
(وَ) يُكْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ (بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ السُّنَّةِ: «أَنْ لَا يُحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَوْ الزَّمَانِيِّ (فَهُوَ مُحْرِمٌ) حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الصِّحَّةَ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَى مِيقَاتِ الْمَكَانِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ فِعْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيَدُلُّ لِصِحَّةِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ: قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وَكُلُّهَا مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ فَكَذَا لِلْحَجِّ وقَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَيْ: مُعْظَمُهُ فِي أَشْهُرٍ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْحَجُّ عَرَفَةَ» أَوْ أَرَادَ حَجَّ التَّمَتُّعِ وَإِنْ أَضْمَرَ الْإِحْرَامَ أَضْمَرْنَا الْفَضِيلَةَ وَالْخَصْمُ يُضْمِرُ الْجَوَازَ وَالْمُضْمَرُ لَا يَعُمُّ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
(وَلَا يَنْعَقِدُ) أَيْ: يَنْقَلِبُ (إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ وَالزَّمَانِيِّ (عُمْرَةً) خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ حَامِدٍ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَسِنْدِيٌّ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ) الزَّمَانِيِّ (جَمِيعُ الْعَامِ) لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ لَهَا بِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ (وَلَا يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَ) لَا يَوْمَ (عَرَفَةَ وَ) لَا (أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) كَالطَّوَافِ الْمُجَرَّدِ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.
(وَأَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (فَيَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ لِأَنَّ الْعَشْرَ بِإِطْلَاقِهِ لِلْأَيَّامِ كَالْعِدَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُمَا الْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً لِسَبْقِ اللَّيَالِي فَتَقُولُ: سِرْنَا عَشْرًا وَإِنَّمَا فَاتَ الْحَجُّ بِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَقَطْ وَالْجَمْعُ يُطْلَقُ عَلَى اثْنَيْنِ، وَعَلَى اثْنَيْنِ، وَبَعْضٍ آخَرَ كَعِدَّةِ ذَاتِ الْقُرُوءِ.