الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُكِ وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقكِ]
فَصْلٌ وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ الْقِنِّ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ (أَوْ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا عَلَى صِفَةٍ) قَبْلَ وُجُودِهَا (الَّتِي تَحِلُّ) أَيْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا (لَهُ إذَنْ) لَوْ كَانَتْ حُرَّةً لِيَدْخُلَ فِيهِ الْكِتَابِيَّةُ وَاحْتِرَازًا عَنْ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَقَالَ لِأَمَتِهِ مَا يَأْتِي فَلَا يَكُونُ نِكَاحًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا خَامِسَةٌ وَقَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَتْ حُرَّةً لِدَفْعِ اعْتِبَارِ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ الْمُعْتَبَرِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (أَعْتَقْتُكِ وَجَعَلْتُ عِتْقَك صَدَاقَك أَوْ) قَالَ (جَعَلْتُ عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا أَوْ) قَالَ (صَدَاقُ أَمَتِي عِتْقُهَا أَوْ) قَالَ:
(قَدْ أَعْتَقْتُهَا وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أَوْ) أَعْتَقْتُهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا أَوْ قَالَ (أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَعِتْقك صَدَاقُكِ) أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَعِتْقِي صَدَاقُكِ (صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَتَزَوَّجْتُكِ أَوْ وَتَزَوَّجْتُهَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَنَحْوَهُ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ «أَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي» وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ " وَفَعَلَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى النِّكَاحِ لِيَصِحَّ وَقَدْ شَرَطَهُ صَدَاقًا فَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لِيَكُونَ الْعِتْقُ صَدَاقًا فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ الْعِتْقُ فَيَصِحَّ النِّكَاحُ.
وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ (إنْ كَانَ) الْكَلَامُ (مُتَّصِلًا نَصًّا) فَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ وَسَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنهُ الْكَلَامُ فِيهِ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ: وَجَعَلْتُ عِتْقَك صَدَاقَك لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ لِأَنَّمَا صَارَتْ بِالْعِتْقِ حُرَّةً فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا بِصَدَاقٍ جَدِيدٍ.
وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ أَيْضًا إنْ كَانَ (بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) نَصًّا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
(فَإِنْ طَلَّقَهَا سَيِّدُهَا) الَّذِي أَعْتَقَهَا وَجَعَلَ عِتْقهَا صَدَاقَهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا) سَيِّدُهَا (بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِ مَا فَرَضَ لَهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا نَفْسَهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى
الرُّجُوعِ فِي الرِّقِّ بَعْدَ زَوَالِهِ فَرَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا أَعْتَقَ مِنْهَا لِأَنَّهُ صَدَاقُهَا (فَإِنْ) كَانَتْ قَادِرَةً أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَإِنْ (لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً أُجْبِرَتْ عَلَى الِاسْتِسْعَاءِ نَصًّا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُفْلِسِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ مُسْتَقِرٌّ (وَإِنْ ارْتَدَّتْ) مَنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَجَعَلَ عِتْقهَا صَدَاقهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ فَعَلَتْ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا مِثْلُ أَنْ أَرْضَعَتْ لَهُ زَوْجَةً صَغِيرَةً وَنَحْو ذَلِكَ) كَمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَر أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا) لِوُجُوبِ عَوْدِ الصَّدَاقِ إذَنْ لِلزَّوْجِ وَقَدْ أَصْدَقهَا نَفْسهَا، وَلَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي الرِّقِّ كَمَا تَقَدَّمَ فَرَجَعَ بِقِيمَتِهَا.
(وَيَصِحُّ جَعْلُ صَدَاقِ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ) وَبَعْضُهَا رَقِيقٌ لَهُ (عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ) إذَا أَذِنَتْ لَهُ وَأَذِنَ لَهُ مُعْتِقُ الْبَقِيَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَكَانَ مُتَّصِلًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ كَامِلَةَ الرِّقِّ.
(وَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ: (زَوَّجْتُكِ لِزَيْدٍ وَجَعَلْتُ عِتْقَك صَدَاقَك) وَقَبِلَ زَيْدٌ صَحَّ (أَوْ قَالَ) زَوَّجْتُكِ لِزَيْدٍ وَ (صَدَاقُك عِتْقُكِ أَوْ) قَالَ (أَعْتَقْتُكِ وَزَوَّجْتُكِ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (عَلَى أَلْفٍ وَقَبِلَ زَيْدٌ) النِّكَاحَ (فِيهِمَا صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ (كَمَا) لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ (أَعْتَقْتُكِ وَأَكْرَيْتُكِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا (بِأَلْفِ) وَقَبِلَ زَيْدٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى خِدْمَةِ سَنَةٍ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُكِ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَزَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ وَهَبْتُكَهَا، وَأَكْرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ بِعْتُكَهَا وَزَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَنْفَعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّا نُجَوِّزُ الْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ، وَالْبَيْعَ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الْخِدْمَةِ وَقَدْ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ وَالْإِنْكَاحُ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَجَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْكَاح قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهَا حِينَ الْإِعْتَاقِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(وَلَوْ أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (بِسُؤَالِهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ أَوْ قَالَ) لَهَا مِنْ غَيْر سُؤَالِهَا (أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي وَيَكُونُ عِتْقُك صَدَاقُك أَوْ) قَالَ: أَعَتَقْتُكِ (عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي فَقَطْ) دُونَ أَنْ يَقُولَ: وَيَكُونُ عِتْقُكِ صَدَاقَكِ (وَقَبِلَتْ صَحَّ) الْعِتْقُ (وَ) إذَا تَزَوَّجَهَا (يَصِيرُ الْعِتْقُ صَدَاقًا) لَهَا.
وَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ قَارَنَهُ وَ (كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا) لَوْ كَانَتْ حُرَّةً (مَالًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ) لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ سَلَفًا فِي النِّكَاحِ فَلَمْ يَلْزَمهَا، كَمَا لَوْ أَسْلَفَ حُرَّةً أَلْفًا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْهُ) لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا بِشَرْطِ عِوَضٍ وَقَدْ سَلِمَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ (لَزِمَهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا) لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا بِشَرْطِ عِوَضٍ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ فَاسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِبَدَلِهِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: فَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ نَفْسَهَا لِيَتَزَوَّجهَا فَامْتَنَعَ