الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَاتَتْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، ثُمَّ هِيَ عَلَى عِدَّةِ حَيْضِهَا مَا كَانَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَرَجَعَ حِبَّانُ إلَى أَهْلِهِ فَانْتَزَعَ الْبِنْتَ مِنْهَا فَلَمَّا فَقَدَتْ الرَّضَاعَ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ حِبَّانُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ فَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَوَرِثَتْهُ " وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِطَرِيقٍ آخَرَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ زَيْدٍ (أَوْ) حَتَّى (تَبْلُغَ سِنَّ الْآيِسَةِ فَتَعْتَدَّ عِدَّتَهَا) لِأَنَّهَا آيِسَةٌ أَشْبَهَتْ سَائِرَ الْآيِسَاتِ (وَعَنْهُ تَنْتَظِرُ زَوَالَهُ) أَيْ الدَّافِعِ لِلْحَيْضِ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ إنْ حَاضَتْ اعْتَدَّتْ بِهِ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ) وَهُوَ ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْكَافِي.
[فَصْلٌ السَّادِسَةُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ]
فَصْلٌ السَّادِسَةُ مِنْ الْمُعْتَدَّاتِ (امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ (كَاَلَّذِي يُفْقَدُ بَيْنَ أَهْلِهِ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (أَوْ يَخْرُجُ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَرْجِعُ أَوْ يَمْضِي إلَى مَكَان قَرِيبٍ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ وَيَرْجِعُ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ خَبَرٌ أَوْ يُفْقَدُ فِي مَفَازَةٍ) مُهْلِكَةٍ كَدُرُبِ الْحِجَازِ (أَوْ) يُفْقَدُ (بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إذَا قُتِلَ قَوْمٌ أَوْ مِنْ غَرَقِ مَرْكَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ) حُرَّةً (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَالْأَمَةُ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ) قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عُمَرَ وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا فُقِدَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ إلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: تَرَبَّصِي أَرْبَعَ سِنِينَ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَ: تَرَبَّصِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَ: أَيْنَ وَلِيُّ هَذَا الرَّجُلِ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ: طَلِّقْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ عُمَرُ تَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ قَالَ أَحْمَدُ هُوَ أَحْسَنُهَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ ثَمَانِيَةُ وُجُوهٍ ثُمَّ قَالَ زَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ عَنْ هَذَا هَؤُلَاءِ الْكَذَّابُونَ وَقَالَ مَنْ تَرَكَ هَذَا أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ هُوَ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ (وَ) قَالَ (فِي التَّنْقِيحِ) الْأَمَةُ (كَحُرَّةٍ) وَهُوَ سَهْوٌ إذْ الْأَمَةُ إنَّمَا تُسَاوِي الْحُرَّةَ فِي التَّرَبُّصِ فَقَطْ لَا فِي الْعِدَّةِ بَعْدَهُ.
(وَلَا يَفْتَقِرُ الْأَمْرُ إلَى حَاكِمٍ لِيَحْكُمَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْفُرْقَةِ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ تُعْتَبَرُ لِإِبَاحَةِ النِّكَاحِ فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى الْحَاكِمِ كَمُدَّةِ مَنْ
ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَدْرِ مَا رَفَعَهُ فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ (وَلَا) يَفْتَقِرُ الْأَمْرُ (إلَى طَلَاقِ وَلِيِّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ (فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ تَزَوَّجَتْ) مِنْ غَيْرِ طَلَاقِ وَلَيٍّ وَلَا حَاكِمٍ.
(وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ أَوْ فَرَغَتْ الْمُدَّةُ نَفَذَ الْحُكْمُ) بِالْفُرْقَةِ (فِي الظَّاهِرِ) لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا حَكَمَ بِالْفُرْقَةِ نَفَّذَ ظَاهِرًا، وَلَوْ لَمْ يُنَفِّذْ لَمَا كَانَ فِي حُكْمِهِ فَائِدَةٌ (دُونَ الْبَاطِنِ) لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُغَيِّرُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْبَاطِنِ (فَلَوْ طَلَّقَ الْأَوَّلُ صَحَّ طَلَاقُهُ لِبَقَاءِ نِكَاحِهِ) بِدَلِيلِ تَخْيِيرِهِ فِي أَخْذِهَا لَوْ رَجَعَ (وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ آلَى أَوْ قَذَفَهَا (وَلَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ) أَيْ الْمَفْقُودِ قَبْلَ مُضِيِّ (الزَّمَانِ الْمُعْتَبَرُ) لِلتَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ (ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا أَوْ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا الْعِدَّةُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ أَشْبَهَتْ الْمُزَوَّجَةَ.
(وَإِذَا تَرَبَّصَتْ) الْأَرْبَعَ سِنِينَ (وَاعْتَدَّتْ) لِلْوَفَاةِ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي رُدَّتْ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا حَيَاتَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةً بِمَوْتِهِ فَكَانَ حَيًّا (وَلَا صَدَاقَ عَلَى الثَّانِي لِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ لِأَنَّهُ صَادَفَ امْرَأَةً ذَاتَ زَوْجٍ، وَتَعُودُ إلَى الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ (وَإِنْ كَانَ) عَوْدُ الْأَوَّلِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا خُيِّرَ الْأَوَّلُ بَيْنَ أَخْذِهَا) مِنْهُ فَتَكُونُ امْرَأَتُهُ (بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْ الثَّانِي نَصًّا) لِأَنَّ نِكَاحَهُ كَانَ بَاطِلًا فِي الْبَاطِنِ (وَيَطَأُ) الْأَوَّلُ (بَعْدَ عِدَّتِهِ) أَيْ عِدَّةِ الثَّانِي (وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَ الثَّانِي) لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَقَضَى بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا لَمْ يَخْتَرْهَا الْأَوَّلُ كَانَتْ مَعَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ) فِي الْأَشْهَرِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ تَجْدِيدُ عَقْدٍ (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ التَّجْدِيدَ انْتَهَى) وَهُوَ الْقِيَاسُ.
قَالَ الْمُنَقِّحُ قُلْتُ: الْأَصَحُّ بِعَقْدٍ انْتَهَى لِأَنَّا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ عَقْدِهِ بِمَجِيءِ الْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُ الصَّحَابَةِ انْتَهَى وَعَلَى ذَلِكَ فَيُحْتَاجُ إلَى طَلَاقِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الرِّعَايَةِ ثُمَّ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ يُجَدِّدُ الْعَقْدَ (وَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ) إذَا تَرَكَهَا الثَّانِي (قَدْرَ الصَّدَاقِ الَّذِي أَعْطَاهَا هُوَ) أَيْ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي لِقَضَاءِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ أَتْلَفَ الْمُعَوَّضَ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا فَعَلَى ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الصَّدَاقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَإِلَّا رَجَعَ فِي قَدْرِ مَا أَقْبَضَ مِنْهُ (وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الزَّوْجَةِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ غَرَّمَهُ بِسَبَبِهَا (فَإِنْ رَجَعَ الْأَوَّلُ بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يَرِثْهَا) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا.
(وَإِنْ رَجَعَ) الْأَوَّلُ (بَعْدَ مَوْتِ الثَّانِي وَرِثَتْهُ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ
ظَاهِرًا (وَاعْتَدَّتْ وَرَجَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ) لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَرِثُهُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَرِثُهُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَمَتَى ظَهَرَ الْأَوَّلُ فَالْفُرْقَةُ وَنِكَاحُ الثَّانِي مَوْقُوفَانِ، فَإِنْ أَخَذَهَا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَمْضَى ثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِي انْتَهَى قُلْتُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ مِنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ إذَا تَرَكَهَا الْأَوَّلُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْ الثَّانِي وَلَا أَنْ يَرِثَ مِنْهَا لِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ بِظُهُورِ حَيَاةِ الْأَوَّلِ.
(وَأَمَّا مَنْ) أَيْ الْمَفْقُودُ الَّذِي (انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَسَفَرِ تَاجِرٍ فِي غَيْرِ مُهْلِكَةٍ وَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَ) السَّفَرِ لِ (طَلَبِ الْعِلْمِ وَالسِّيَاحَةِ وَالْأَسْرِ) عِنْدَ مَنْ لَيْسَ عَادَتُهُ الْقَتْلَ (وَسَفَرِ الْفُرْجَةِ وَنَحْوِهِ) فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ تَمَامَ تِسْعِينَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنْ فُقِدَ ابْنُ تِسْعِينَ اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُبْدِعِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِمَوْتِهِ (ثُمَّ تَحِلُّ) لِلْأَزْوَاجِ (وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ) ،.
(وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ بِحَيْثُ (يُعْرَفُ خَبَرُهُ وَيَأْتِي كِتَابُهُ فَلَيْسَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِتَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا بِالِاسْتِدَانَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا فَنَفَقَةُ زَوْجَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَيُعْتَبَرُ تَعَذُّر الْإِنْفَاقِ عَنْهُ وَ (لَا) تُفْسَخُ (بِتَعَذُّرِ الْوَطْءِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِغَيْبَتِهِ الْإِضْرَارَ بِتَرْكِهِ فَإِنْ قَصَدَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ بِهِ إذَا كَانَ سَفَرُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) قُلْتُ: مُقْتَضَى مَا سَبَقَ إذَا غَابَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ فِي غَيْرِ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ وَاجِبَيْنِ، أَوْ طَلَبِ رِزْقٍ يَحْتَاجُهُ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ وَلَمْ يَقْدَمْ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُضَارَّةَ، وَأَمَّا قَصْدُ الْمُضَارَّةِ فَتَفْسَخُ إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ وَأَبَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِيلَاءِ.
(وَمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ بِاسْتِفَاضَةٍ كَأَنْ تَظَاهَرَتْ الْأَخْبَارُ بِمَوْتِهِ أَوْ) شَهِدَتْ بِهِ (بَيِّنَةٌ فَاعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ لِلْوَفَاةِ أُبِيحَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ) لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (فَإِنْ عَادَ زَوْجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَمَفْقُودٍ) إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ رُدَّتْ إلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ (يُخَيَّرُ زَوْجُهَا) الْأَوَّلُ (بَيْنَ أَخْذِهَا) مِنْ الثَّانِي.
(وَ) بَيْنَ (تَرْكِهَا) لِلثَّانِي (وَلَهُ الصَّدَاقُ) الَّذِي أَعْطَاهَا هُوَ يَأْخُذُهُ مِنْ الثَّانِي وَيَرْجِعُ بِهِ الثَّانِي عَلَيْهَا، (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ الْقَادِمِ أَيْ (تَضْمِينُ الْبَيِّنَةِ) الَّتِي شَهِدَتْ بِمَوْتِهِ (مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهِ) لِتَسَبُّبِهَا فِي إتْلَافِهِ.
(وَإِنْ اخْتَارَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ الْمُقَامَ وَالصَّبْرَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ مَالِهِ مَا دَامَ حَيًّا) لِقِيَامِ مُوجِبِهَا، وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ (فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ)
كَانَ (مَاتَ أَوْ فَارَقَهَا رُجِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ رَجَعَ الْوَرَثَةُ فِيمَا إذَا مَاتَ أَوْ رَجَعَ هُوَ فِيمَا إذَا فَارَقَ (عَلَيْهِمَا بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ.
(وَإِنْ ضَرَبَ لَهَا) أَيْ لِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ (حَاكِمٌ مُدَّةً لِلتَّرَبُّصِ) فَلَهَا فِيهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ بَعْدُ، وَ (لَا) نَفَقَةَ لَهَا (فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهُ حُكِمَ بِمَوْتِهِ بَعْدَ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ فَصَارَتْ مُعْتَدَّةً لِلْوَفَاةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهَا النَّفَقَةُ قَالَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينِ الْمَوْتِ، وَلَمْ يُوجَدْ هَهُنَا وَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَزَادَ أَنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا.
(وَإِنْ تَزَوَّجْتَ) امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا (أَوْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا سَقَطَتْ) النَّفَقَةُ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجَةِ ظَاهِرًا (فَإِنْ قَدِمَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرُدَّتْ إلَيْهِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ حِينِ الرَّدِّ) كَالنَّاشِزِ إذَا عَادَتْ لِلطَّاعَةِ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَهِيَ غَيْرُ آيِسَةٍ فَمَاتَ) وَلَدُهَا (اعْتَزَلَهَا الزَّوْجُ وُجُوبًا حَتَّى تَحِيضَ) حَيْضَةً نَصًّا (أَوْ يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِهِ الْحَسَنِ وَنَحْوِهِ عَنْ عُمَرَ وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ (لِأَنَّ حَمْلَهَا يَرِثُهُ) أَيْ يَرِثُ وَلَدَهَا لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، وَلَيْسَ مَنْ يَحْجُبُهُ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ الزَّوْجُ بِأَنْ لَمْ يَعْتَزِلْهَا (وَأَتَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) وَعَاشَ (وَرِثَ) مِنْ وَلَدِ أُمِّهِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ مَوْتِهِ (وَإِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (مِنْ حِينِ وَطِئَهَا) الزَّوْجُ (بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ لَمْ يَرِثْ) الْحَمْلُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بِالْوَطْءِ.
(وَمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا) وَهُوَ غَائِبٌ (أَوْ مَاتَ عَنْهَا) زَوْجُهَا (وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ عَنْهُمْ الْبَيْهَقِيُّ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعِدَّةِ بِدَلِيلِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِفُرْقَتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبْ مَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ) لِأَنَّ الْإِحْدَادَ الْوَاجِبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْعِدَّةِ لِظَاهِرِ النُّصُوصِ (وَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى الْعِدَّةِ إنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الَّتِي فِيهَا حَقُّ اللَّهِ) قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (وَإِنْ كَانَ عَدْلًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ مِثْلَ أَنْ كَانَ غَائِبًا فَلَمَّا حَضَرَ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ طَلَّقَ مِنْ كَذَا وَكَذَا) قَبْلَ قَوْلِهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.
قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ (فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ) كَمُطَلَّقَةٍ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي ذَلِكَ مِنْ شَغْلِ الرَّحِمِ، وَلُحُوقِ