الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُغِيرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُخْتَصِرًا، وَلِأَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (كَأَخْذِ الدَّرَاهِمِ) .
وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُبَاحُ الْأَكْلُ مِنْ بَيْتِ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مُحْرَزٍ عَنْهُ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ رِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ، نَظَرًا إلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ هَذَا هُوَ الْمُتَوَجَّهُ وَمَا يُذْكَرُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّكِّ فِي رِضَا صَاحِبِهِ أَوْ عَلَى الْوَرَعِ، وَتَابَعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ يَجُوزُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ أَظْهَرُ (وَالدُّعَاءُ فِي الْوَلِيمَةِ أَوْ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ إذْنُ فِيهِ) أَيْ الْأَكْلِ (إذَا أَكْمَلَ وَضْعَهُ وَلَمْ يُلْحَظْ انْتِظَارُ مَنْ يَأْتِي) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إذَا دُعِيتَ فَقَدْ أُذِنَ لَكَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ.
وَ (لَا) يَكُونُ الدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنًا (فِي الدُّخُولِ إلَّا بِقَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَيْهِ (فَلَا يُشْتَرَطُ) مَعَ الدُّعَاءِ إلَى الْوَلِيمَةِ أَوْ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ (إذْنٌ ثَانٍ لِلْأَكْلِ، كَالْخَيَّاطِ إذَا دُعِيَ لِلتَّفْصِيلِ وَالطَّبِيبِ لِلْفَصْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصَّنَائِعِ فَيَكُونُ) الْعُرْفُ (إذْنًا فِي التَّصَرُّفِ) قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ إذْنًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْعُرْف إذْنًا (وَلَا يَمْلِكُ) مَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ طَعَامُ (الطَّعَامَ الَّذِي قُدِّمَ إلَيْهِ بَلْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ الْأَكْلَ وَهَذَا لَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَلَا يَجُوزُ لِلضِّيفَانِ قَسْمُهُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَهُ فَأَضَافَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْل آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]
فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ) مُتَقَدِّمًا بِهِ رَبّهُ.
(وَ) غَسْلُهَا (بَعْدَهُ) مُتَأَخِّرًا بِهِ رَبّهُ (وَلَوْ كَانَ) الْأَكْلُ (عَلَى وُضُوءٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْثُرَ خَيْرُ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إذَا حَضَر غِذَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَتَوَضَّأَ الْجُنُبَ قَبْلَ الْأَكْلِ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَتَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ، وَالشُّرْبِ مِثْلُهُ (وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاء الَّذِي أَكَلَ فِيهِ) نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَيُكْرَهُ) غَسْلُ يَدَيْهِ (بِطَعَامٍ
وَهُوَ الْقُوتُ وَلَوْ بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلَاءَ وَنَحْوِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْمِلْحُ لَيْسَ، بِقُوتٍ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ بِهِ الْقُوتُ) فَعَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ الْغَسْلُ بِهِ (وَلَا بَأْسَ) بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ (بِنُخَالَةٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُوتًا (وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اسْتِعْمَالِ الْقُوتِ مِثْلَ الدَّبْغِ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ وَالتَّطَبُّبِ لِلْجَرَبِ بِاللَّبَنِ وَالدَّقِيقِ وَنَحْوَ ذَلِكَ رَخَّصَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ وَتَقَدَّمَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَطْعُومٍ فِي إزَالَتِهَا.
(وَغَسْلُ الْفَمِ بَعْدَ الطَّعَامِ مُسْتَحَبُّ وَيُسَنُّ أَنْ يَتَمَضْمَض مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ) قَالَ فِي الْآدَابِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُسْتَحَبَّ الْمَضْمَضَةُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ دَسَمٌ لِتَعْلِيلِهِ صلى الله عليه وسلم (وَيُسَنُّ أَنْ يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ قَبْلَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ أَوْ يَلْعَقَهَا غَيْرُهُ) لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعً وَلَا يَمْسَحُ يَدَيْهِ حَتَّى يَلْعَقَهَا» رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ.
(وَيَعْرُضُ رَبُّ الطَّعَامِ الْمَاءَ لِغَسْلِهِمَا وَيُقَدِّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ) تَذْكِيرًا بِالسُّنَّةِ (وَلَا يَعْرِضُ الطَّعَامَ) بَلْ يُقَدِّمُهُ لَهُمْ لِئَلَّا يَسْتَحْيُوا فَلَا يَطْلُبُونَهُ.
(وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «إذَا أَكَلَ أَحَدكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» وَالشُّرْبُ مِثْلُهُ (وَيَجْهَرُ بِهَا) أَيْ التَّسْمِيَةُ نَدْبًا لِيُنَبِّهَ غَيْرَهُ عَلَيْهَا (فَيَقُولُ) الْآكِلُ أَوْ الشَّارِبُ (بِسْمِ اللَّهِ قَالَ الشَّيْخُ وَلَوْ زَادَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَكَانَ حَسَنًا) فَإِنَّهُ أَكْمَلُ بِخِلَافِ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَأْكُلَ بِيَمِينِهِ وَمِمَّا يَلِيهِ وَيُكْرَه تَرْكُهُمَا) أَيْ تَرْكُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَمِمَّا يَلِيهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «كُنْتُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهِ وَكُلْ بِيَمِينِكِ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) يُكْرَهُ (الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، بِشِمَالِهِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعَا «إذَا أَكَلَ أَحَدكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ جَعَلَ بِيَمِينِهِ خُبْزًا وَبِشِمَالِهِ شَيْئًا) كَجُبْنٍ أَوْ خِيَارٍ (يَأْتَدِمَ بِهِ وَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا) الَّذِي جَعَلَهُ بِشِمَالِهِ (كُرِهَ لِأَنَّهُ أَكَلَ بِشِمَالِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَهِ فَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ وَشَرِبَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ) .
لِلْخَبَرِ (وَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي أَوَّلِهِ) أَيْ الْأَكْلَ أَوْ الشُّرْبَ.
(قَالَ إذَا ذَكَرَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَكْلِ (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْآكِلُونَ (جَمَاعَةً سَمَّوْا كُلُّهُمْ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَيُسَمَّى الْمُمَيَّزَ) لِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ (وَيُسَمَّى عَمَّنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ) لِتَعَذُّرِهَا مِنْهُ وَيَنْبَغِي
أَنْ يُشِيرَ بِهَا أَخْرَسُ وَنَحْوِهِ كَالْوُضُوءِ (وَيَحْمَدُ اللَّهَ) الْآكِلُ وَالشَّارِبُ (جَهْرًا إذَا فَرَغَ) مِنْ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى مِنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيَقُولُ) إذَا فَرَغَ مِنْ أَكْلِهِ (مَا وَرَدَ وَمِنْهُ) مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» وَمِنْهُ أَيْضًا مَا رَوَى مُعَاذُ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ) وَمِنْهُ «أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ» ) لِلْخَبَرِ.
(وَيُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ مِنْ الْأَكْلِ أَنْ لَا يُطِيلَ الْجُلُوسَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ يَسْتَأْذِنُ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَيَنْصَرِفُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53](1)(وَيُسَمِّي الشَّارِبُ عِنْدَ كُلِّ ابْتِدَاءٍ وَيَحْمَدُ عِنْدَ كُلِّ قَطْعٍ) وَقَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي أَكْلِ كُلِّ لُقْمَةٍ فَعَلَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ أَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ.
(وَيُكْرَه الْأَكْل مِنْ ذُرْوَةِ الطَّعَامِ) أَيْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ (وَمِنْ وَسَطِهِ بَلْ) يَأْكُلُ (مِنْ أَسْفَلِهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَدَعُوا ذُرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا» رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ (وَكَذَلِكَ الْكَيْلُ) لِلْعِلَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا صلى الله عليه وسلم.
(وَيُكْرَه نَفْخٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) لِيَبْرُدَ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ فِي الطَّعَام وَالشَّرَابِ وَالْكِتَابِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ لَا يُكْرَه النَّفْخُ وَالطَّعَامُ حَارٌّ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةً إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ.
(وَ) يُكْرَه (التَّنَفُّسُ فِي إنَاءَيْهِمَا) لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَادَ إلَيْهِ مِنْ فِيهِ شَيْءٌ (وَأَكْلُهُ حَارًّا) لِأَنَّهُ لَا بَرَكَةَ فِيهِ كَمَا فِي الْخَبَرِ (إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ) إلَى أَكْلِهِ حَارًّا فَيُبَاحُ.
(وَ) يُكْرَه أَيْضًا أَكْلُهُ (مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ إنْ كَانَ الطَّعَامُ نَوْعًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا) أَيْ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَا بَأْس (أَوْ) كَانَ الطَّعَامُ (فَاكِهَةً) فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَدَكِ فَأَقْبَلْنَا نَأْكُلُ فَخَبَطَتْ
يَدِي فِي نَوَاحِيهَا فَقَالَ: يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ الرُّطَبِ فَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي الطَّبَقِ. وَقَالَ يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(قَالَ الْآمِدِيُّ أَوْ كَانَ يَأْكُل وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ) بِأَكْلِهِ مِمَّا لَايِلِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْذِي بِذَلِكَ قُلْتُ وَكَذَا لَوْ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ مَنْ لَا يُسْتَقْذَرُ مِنْهُ، بَلْ يُسْتَشْفَى بِهِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ تَتَبُّعُهُ صلى الله عليه وسلم لِلدُّبَّاءِ مِنْ حَوَالِي الصَّحْفَةِ فِي حَدِيثٍ أَنَسٍ.
(وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْقَوْمُ حِين وَضْعِ الطَّعَامِ فَيَفْجَأُهُمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] الْآيَة (وَكَذَا) الضَّيْفُ الَّذِي يَتْبَع الضَّيْفَ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْعَى وَهُوَ الطُّفَيْلِيُّ.
وَفِي الشَّرْحِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ فَجَأَهُمْ بِلَا تَعَمُّدٍ أَكَلَ نَصًّا) وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ إلَّا مَنْ عَادَتُهُ السَّمَاحَةُ (وَكَرِهَ) أَحْمَدُ (الْخُبْزَ الْكِبَارَ وَقَالَ لَيْسَ فِيهِ بَرَكَةٌ) وَذَكَرَ مَعْمَرُ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ قَدَّمَ لَهُمْ طَعَامًا فَكَسَّرَ الْخُبْزَ قَالَ أَحْمَدُ لِئَلَّا يَعْرِفُوا كَمْ يَأْكُلُونَ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَبْذِلَهُ) أَيْ الْخُبْزَ لِقَوْلِهِ أَكْرِمُوا الْخُبْزَ (فَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ وَلَا السِّكِّينَ بِهِ) أَيْ بِالْخَبْزِ.
(وَلَا يَضَعَهُ تَحْتِ الْقَصْعَةِ وَلَا تَحْتَ الْمَمْلَحَةِ) أَيْ آنِيَةِ الْمِلْحِ لِأَنَّهُ اسْتِبْذَالٌ لَهُ (بَلْ يُوضَعُ الْمِلْحُ وَحْدَهُ عَلَى الْخُبْزِ) لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْذَالَ فِيهِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُجِيدَ الْمَضْغَ وَيُطِيلَ الْبَلْعَ) لِأَنَّهُ أَجْوَدُ هَضْمًا.
(قَالَ الشَّيْخُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ الْإِطَالَةِ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ تَصْغِيرَ الْكَسْرِ) يَعْنِي اللُّقَمَ (وَيَنْوِي) نَدْبًا (بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ) لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
(وَيَبْدَأُ الْأَكْبَرُ وَالْأَعْلَمُ وَصَاحِبُ الْبَيْت) بِالْأَكْلِ لِحَدِيثِ «كَبِّرْ كَبِّرْ» (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمَا السَّبْقُ إلَى الْأَكْلِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الدَّنَاءَةِ وَالشَّرَهِ.
(وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُ ضَرِيرٌ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعْلِمَهُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) مِنْ الطَّعَامِ لِيَتَنَاوَلَ مَا يَشْتَهِيهِ (وَيُسَنُّ مَسْحُ الصَّحْفَةِ) الَّتِي يَأْكُلُ فِيهَا لِلْخَبَرِ (وَأَكْل مَا تَنَاثَرَ مِنْهُ) أَوْ يَسْقُطُ مِنْهُ مِنْ اللُّقَمِ بَعْدَ إزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَذَى لِلْخَبَرِ.
(وَالْأَكْلُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ وَإِذْنِهِ وَالْأَكْلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَتَقَدَّمَ.
(وَيُكْرَهُ بِمَا دُونَهَا) لِأَنَّهُ كِبْرٌ (وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (بِمَا فَوْقَهَا) لِأَنَّهُ شَرَهٌ (مَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ) قَالَ مُهَنَّا سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْأَكْلِ بِالْأَصَابِعِ كُلِّهَا فَذَهَبَ إلَى ثَلَاثِ أَصَابِعَ فَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم -