الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَيْدٌ وَغَيْرُهُ حَنِثَ لِأَنَّ شَرِكَةَ غَيْرِهِ مَعَهُ لَا تَمْنَعُ نِسْبَتَهُ وَإِضَافَتَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْأَدْنَى مُلَابَسَةً.
وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ) بِأَنْ نَوَى مَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا شُورِكَ فِيهِ (وَإِنْ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَ (اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ) زَيْدٌ (فَأَكَلَ) الْحَالِفُ (أَكْثَر مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ) أَيْ شَرِيك زَيْدٍ (حَنِثَ) وَجْهًا وَاحِدًا لَا يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَهُوَ شَرْطُ الْحِنْثِ (وَإِنْ أَكَلَ) الْحَالِفُ (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ مَا اشْتَرَاهُ شَرِيكُ زَيْدٍ (أَوْ) أَكَلَ (أَقَلَّ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحِنْثِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً فَوَقَعَتْ، فِي ثَمَرٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَلَوْ قَايَلَ زَيْدٌ فِي مَأْكُولٍ كَانَ بَاعَهُ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَا بَيْعٌ عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَلَوْ اشْتَرَاهُ) زَيْدٌ (لِغَيْرِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ زَيْدٌ مَا اشْتَرَاهُ (حَنِثَ) الْحَالِفُ (بِأَكْلٍ) مِنْهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَهُ لَمْ يَرْفَعْ شِرَاءَهُ إيَّاهُ فَصَدَقَ أَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ (وَالشَّرِكَة) وَهِيَ بَيْعُ الْبَعْضِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ (وَالتَّوْلِيَةُ) وَهِيَ بَيْعُ الْمَبِيعِ بِرَأْسِ مَالِهِ (وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ عَلَى مَالٍ شَرِيٍّ) يَحْنَث بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي وَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِمَّا مَلَكَهُ زَيْدٌ لَهَا لِأَنَّهُ صُوَرٌ مِنْ الْبَيْعِ وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِأَسْمَاءٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ مَا غَصَبَ فَثَبَتَ) الْغَصْبُ (بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ فَقَطْ) كَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِالنُّكُولِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ شَيْئًا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِسَبَبِ الْحَقِّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَا وَهُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِ بِدَفْعِ ذَلِكَ أَوْ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَلَكِنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا شَهِدَا بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ انْتَهَى.
[بَابُ التَّأْوِيلِ فِي الْحَلِفِ]
(بَابُ التَّأْوِيلِ فِي الْحَلِفِ وَهُوَ) أَيْ التَّأْوِيلُ (أَنْ يُرِيدَ) الْحَالِفُ (بِلَفْظِهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ) وَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ (سَوَاءٌ، فِي ذَلِكَ) الْحَلِفُ بِ (الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ) كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالظِّهَارِ أَوْ النَّذْرِ (فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا كَاَلَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ الْحَاكِمُ عَلَى حَقٍّ عِنْدَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ تَأْوِيلُهُ) قَالَ
فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمْهُ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ (وَكَانَتْ يَمِينُهُ مُنْصَرِفَةً) إلَى ظَاهِرِ الَّذِي عَنِيَ الْمُسْتَحْلِفُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «يَمِينُكَ مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» .
وَفِي لَفْظٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْحَالِفُ (مَظْلُومًا كَاَلَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ ظَالِمٌ عَلَى شَيْءٍ لَوْ صَدَقَهُ) أَيْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الصِّدْقِ (لَظَلَمِهِ أَوْ ظَلَمَ غَيْرَهُ أَوْ نَالَ مُسْلِمًا) قُلْتُ أَوْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا (مِنْهُ ضَرَرٌ فَهُنَا لَهُ تَأْوِيلُهُ) لِحَدِيثِ سُوَيْد بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حَجَرٍ فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا فَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ «كُنْتَ أَبَرَّهُمْ وَأَصْدَقَهُمْ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ حَضَّ الظَّرِيفَ بِذَلِكَ يَعْنِي الْكَيِّسَ الْفَطِنَ كَأَنَّهُ يَفْطِنُ التَّأْوِيلَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْكَذِبِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ) الْحَالِفُ (ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا وَلَوْ) كَانَ التَّأْوِيلُ (بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إلَّا حَقًّا وَمِزَاحُهُ أَنْ يُوهِمَ السَّامِعَ بِكَلَامِهِ غَيْرَ مَا عَنَاهُ وَهُوَ التَّأْوِيلُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِعَجُوزٍ «لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَجُوزٌ» يَعْنِي أَنَّ اللَّه يُنْشِئْهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا.
(وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (فِي الْحُكْمِ) دَعْوَى التَّأْوِيلِ (مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ وَ) مَعَ (تَوَسُّطِهِ) لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ وَ (لَا) تُقْبَلُ دَعْوَى التَّأْوِيلِ (مَعَ بُعْدِهِ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْأَيْمَانِ بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا (فَ) مِنْ أَمْثِلَةِ التَّأْوِيلِ أَنْ (يَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَ) يَنْوِي (بِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَ) يَنْوِي (بِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَ) يَنْوِي (بِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وَ) يَنْوِي بِقَوْلِهِ (مَا ذَكَرْتُ فُلَانًا أَيْ مَا قَطَعْتُ ذِكْرَهُ وَ) يَنْوِي بِقَوْلِهِ (مَا رَأَيْتُهُ مَا ضَرَبْتُ رِئَتَهُ وَ) يَنْوِي (بِنِسَائِي طَوَالِقُ أَيْ نِسَاؤُهُ الْأَقَارِبُ كَبَنَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ وَخَالَاتِهِ وَنَحْوِهِنَّ وَ) يَنْوِي (بِجَوَارِي أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَ) يَنْوِي بِقَوْلِهِ (مَا كَاتَبْتُ فُلَانًا وَلَا عَرَفْتُهُ وَلَا أَعْلَمْتُهُ وَلَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً وَلَا أَكَلْتُ لَهُ دَجَاجَةً وَلَا فَرُّوجَةً وَلَا فِي بَيْتِي فَرْشٌ وَلَا حَصِيرٌ وَلَا بَارِيَّةٌ وَيَعْنِي) .
أَيْ يَقْصِدَ (بِالْمُكَاتَبَةِ) فِي قَوْلِهِ (مَا كَاتَبْتُ فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَ) يَنْوِي (بِالتَّعْرِيفِ) أَيْ فِي قَوْله مَا عَرَفْت فُلَانًا مَا (جَعَلْتُهُ عَرِيفًا أَوْ) يَنْوِي (بِالْإِعْلَامِ) فِي قَوْله مَا أَعْلَمْتُهُ (جَعَلْتُهُ أَعْلَمَ الشَّفَةِ) أَيْ مَشْقُوقَهَا أَوْ يَنْوِي (بِالْحَاجَةِ) فِي قَوْلِهِ مَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً (شَجَرَةً صَغِيرَةً وَ) يَنْوِي (بِالدَّجَاجَةِ فِي قَوْله) وَلَا أَكَلْتُ لَهُ دَجَاجَة بِتَثْلِيثِ