الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَقَطَ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْقَوَدَ سَقَطَ فِي الْأُولَى بِإِسْقَاطِ صَاحِبِهَا.
وَفِي الثَّانِيَةِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فِي قَطْعِهَا وَدِيَتُهَا مُسَاوِيَةٌ قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ (أَوْ قَطَعَهَا) أَيْ الْيَسَارَ مَنْ لَهُ قَوَدُ الْيَمِينِ أَوْ بِالْعَكْسِ (تَعَدِّيًا) أَجْزَأَتْ وَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الدِّيَةِ وَالْأَلَمِ وَالِاسْمِ فَتَسَاقَطَا، وَلِأَنَّ إيجَابَ الْقَوَدِ يُفْضِي إلَى قَطْعِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِذْهَابِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَكُلٌّ مِنْ الْقَطْعَيْنِ مَضْمُونٌ بِسَرَايَتِهِ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ (أَوْ) قَطَعَ خِنْصَرًا (بِبِنْصِرٍ) أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ لِمَا سَبَقَ.
(أَوْ قَالَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي (أَخْرِجْ يَمِينَكَ فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمْدًا أَوْ غَلَطًا أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَبْقَ قَوَدٌ وَلَا ضَمَانٌ كَقَطْعِ يَسَارِ السَّارِقِ بَدَلَ يَمِينِهِ (حَتَّى وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (مَجْنُونًا لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّعَدِّي) بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ وَهُوَ سَاكِتٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْبَذْلُ وَقَدْ أَشَرْتُ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُنْتَهَى بِمَا يُغْنِي عَنْ الْإِعَادَةِ.
[فَصْلٌ الثَّالِثُ اسْتِوَاؤُهُمَا أَيْ الطَّرَفَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ]
(فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ) اسْتِوَاؤُهُمَا أَيْ الطَّرَفَانِ (فِي الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ) لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَعْتَمِدُ الْمُمَاثَلَةَ (فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ) مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرُهَا (بِشَلَّاءَ) لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيمَا سِوَى الْجَمَالِ فَلَا يُؤْخَذُ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ (وَلَا) تُؤْخَذُ (كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِنَاقِصَةِ) الْأَصَابِعِ.
فَلَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ يَدَ مَنْ لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ أَصَابِعِ الْجَانِي بِعَدَدِ أَصَابِعِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَلَا) تُؤْخَذُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ ذَاتُ أَظْفَارٍ (بِمَا لَا أَظْفَارَ لَهَا) لِزِيَادَتِهَا عَلَى حَقِّهِ (وَلَا بِنَاقِصَةِ الْأَظْفَارِ، رَضِيَ الْجَانِي) بِذَلِكَ (أَوْ لَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الدِّمَاءَ لَا تُسْتَبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ (فَلَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ يَدَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ) أَصَابِعَ فَأَقَلَّ (أَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ) أَصَابِعَ (يَدَ مَنْ لَهُ ثَلَاثُ) أَصَابِعَ فَأَقَلَّ، فَلَا قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ (أَوْ قَطَعَ ذُو الْيَدِ الْكَامِلَةِ يَدًا فِيهَا إصْبَعٌ شَلَّاءُ فَلَا قِصَاصَ) لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْطُوعَةُ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ ذَاتِ أَظْفَارٍ إلَّا أَنَّهَا أَيْ الْأَظْفَارَ (خَضْرَاءُ أَوْ مُسْتَحْشِفَةٌ) أَيْ رَدِيئَةٌ (أُخِذَتْ بِهَا السَّلِيمَةُ) كَمَا يُؤْخَذُ الصَّحِيحُ بِالْمَرِيضِ، (وَلَا يُؤْخَذُ لِسَانُ نَاطِقٍ) بِلِسَانِ أَخْرَسَ لِنَقْصِهِ.
(وَلَا) يُؤْخَذُ ذَكَرٌ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ، (وَلَا ذَكَرُ
فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ) لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِمَا، لِأَنَّ الْخَصِيَّ لَا يُولَدُ لَهُ، وَلَا يُنْزِلُ وَلَا يَكَادُ الْعِنِّينُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْوَطْءِ فَهُمَا كَالْأَشَلِّ.
(وَيُؤْخَذُ مَارِنُ الْأَشَمِّ الصَّحِيحِ بِمَارِنِ الْأَخْشَمِ) الَّذِي لَا يَجِدُ رَائِحَةَ شَيْءٍ، لِعَدَمِ الشَّمِّ لِعِلَّةٍ فِي الدِّمَاغِ وَنَفْسُ الْأَنْفِ صَحِيحٌ فَوَجَبَ أَخْذُ الْأَخْشَمِ بِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ.
(وَ) يُؤْخَذُ مَارِنُ الصَّحِيحِ بِ (الْمَجْذُومِ وَهُوَ الْمَقْطُوعُ وَتَرُ أَنْفِهِ، وَ) بِ (الْمُسْتَحْشَفِ وَهُوَ الرَّدِيءُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَرَضٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الصَّحِيحِ.
(وَتُؤْخَذَ أُذُنُ سَمِيعٍ صَحِيحَةٌ بِأُذُنِ أَصَمَّ شَلَّاءَ) لِأَنَّ الْعُضْوَ صَحِيحٌ وَمَقْصُودُهُ الْجَمَالُ لَا السَّمْعُ، وَذَهَابُ السَّمْعِ لِنَقْصٍ فِي الرَّأْسِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ وَلَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْأُذُنِ (وَيُؤْخَذُ مَعِيبٌ مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ (كُلِّهِ بِصَحِيحٍ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ كَمَا رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِالْقَوَدِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ مِنْ الْعَبْدِ.
(وَ) يُؤْخَذُ مَعِيبٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (بِمِثْلِهِ) لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ (فَتُؤْخَذُ الشَّلَّاءُ) مِنْ يَدٍ أَوْ نَحْوِهَا (بِالشَّلَّاءِ إذَا أُمِنَ مِنْ قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ) بِأَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا إنَّهَا إذَا قُطِعَتْ لَمْ تَفْسُدْ الْعُرُوقُ وَلَمْ يَدْخُلْ الْهَوَاءُ، أُجِيبَ إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قَالُوا: يَدْخُلُ الْهَوَاءُ فِي الْبَدَنِ فَيَفْسُدُ سَقَطَ الْقِصَاصُ.
(وَتُؤْخَذُ النَّاقِصَةُ بِالنَّاقِصَةِ إذَا تَسَاوَتَا فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْصِ (بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مِنْ يَدِ الْجَانِي كَالْمَقْطُوعِ مِنْ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي النَّقْصِ (فَكَانَ الْمَقْطُوعُ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا الْإِبْهَامَ، وَالْمَقْطُوعُ مِنْ الْأُخْرَى أُصْبُعٌ غَيْرُهَا) كَالسَّبَّابَةِ (لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ) لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ (وَلَا يَجِبُ لَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إذَا أُخِذَ الْمَعِيبُ بِالصَّحِيحِ وَ) أُخِذَ (النَّاقِصُ بِالزَّائِدِ مَعَ ذَلِكَ) الْأَخْذِ أَرْشٌ لِأَنَّ الْأَشَلَّ كَالصَّحِيحِ فِي الْخِلْقَةِ وَإِنَّمَا نَقَصَ فِي الصِّفَةِ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ لَا يُوجِبُ مَالًا وَقَوَدًا (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَانِي وَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ (فِي شَلَلِ الْعُضْوِ وَصِحَّتِهِ) بِأَنْ قَالَ الْجَانِي كَانَ أَشَلَّ وَأَنْكَرَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مَعَ يَمِينِهِ) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ الْعُضْوِ بِغَيْرِ شَلَلٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ (وَظُفْرٌ كَسِنٍّ فِي انْقِلَاعٍ وَ) فِي عَوْدٍ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ.
(وَإِنْ قَطَعَ الْجَانِي بَعْضَ لِسَانٍ أَوْ) بَعْضَ (شَفَةٍ أَوْ بَعْضَ حَشَفَةٍ أَوْ) بَعْضَ (ذَكَرٍ أَوْ) بَعْضَ (أُذُنٍ قُدِّرَ بِالْأَجْزَاءِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَرُبُعٍ وَأُخِذَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وَلِأَنَّهُ يُؤْخَذُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ فَأُخِذَ بَعْضُهُ بِبَعْضِهِ وَ (لَا) يُؤْخَذُ (بِالْمِسَاحَةِ) لِئَلَّا يُفْضِي إلَى أَخْذِ جَمِيعِ عُضْوِ الْجَانِي بِبَعْضِ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.