الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَنْ يُعْلَمَ مِنْهُمْ الْإِنْصَاتُ إلَيْهِ (وَيُكْرَهُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ مَدْحٌ طَعَامِهِ وَتَقْوِيمِهِ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ) .
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَاسِطَ الْإِخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ]
فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَاسِطَ الْإِخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ (وَالْحِكَايَاتُ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَالِ إذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ) لِيَحْصُلَ لَهُمْ الِانْبِسَاطُ وَيَطُولَ جُلُوسُهُمْ (وَيُقَدِّمُ) رَبُّ الطَّعَامِ (مَا حُضِرَ عِنْدَهُ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ) لِمَعْدُومٍ لِلْخَبَرِ الْآتِي (وَلَا يَحْتَقِرُهُ) لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّه وَإِنْ قَلَّ.
(وَإِذَا كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا وَالضُّيُوفُ كَثِيرَةٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُ الدَّعْوَةِ) وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَلِيلًا جِدًّا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُوقِعُهُمْ فِي الْخَوْضِ فِيهِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاء: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ وَاجِدًا لِلزِّيَادَةِ وَتَرَكَهَا، أَمَّا الَّذِي لَا يَجِدُ إلَّا مَا قَدَّمَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ التَّرْكُ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يَخُصَّ بِدَعْوَتِهِ الْأَتْقِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ) لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُمْ (1) وَلِأَنَّهُمْ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ بِخِلَافِ ضِدَّهُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَيَكُونُ مُعِينًا لَهُمْ عَلَيْهَا.
(وَإِذَا طَبَخَ مَرَقَةً فَلْيُكْثِرْ مِنْ مَائِهَا وَيَتَعَاهَدْ مِنْهُ بَعْضَ جِيرَانِهِ) لِلْخَبَرِ (وَإِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَ) أُقِيمَتْ (الصَّلَاةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ آخِرُ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاة وَلَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يُضَيِّفُ) كَمَا فِي الْخَبَرِ.
(وَمِنْ آدَابِ إحْضَارِ الطَّعَامِ تَعْجِيله) لِلْقَادِمِ (لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا وَ) يُسْتَحَبُّ (تَقْدِيمُ الْفَاكِهَةِ قَبْلَ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ أَصْلَحُ فِي بَابِ الطِّبِّ) لِأَنَّهَا أَسْرَعُ هَضْمًا فَتَنْحَدِرُ عَلَى مَا تَحْتِهَا فَتُفْسِدُهُ.
(وَيُكْرَهُ أَكْلُ مَا لَمْ يَطِبْ أَكْلُهُ) أَيْ يَنْضُجُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْفَاكِهَةِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ.
(وَلَا يَسْتَأْذِنَهُمْ) أَيْ لَا يَسْتَأْذِنُ رَبُّ الطَّعَامِ الضُّيُوفَ (فِي التَّقْدِيمِ) أَيْ تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ.
(وَمِنْ التَّكَلُّفِ أَنْ يُقَدِّمَ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ) وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «أَنَا وَأَتْقِيَاءُ أُمَّتِي بُرَآءُ مِنْ التَّكَلُّفِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَا تَتَكَلَّفُوا لِلضَّيْفِ فَتُبْغِضُوهُ فَإِنَّ مَنْ أَبْغَضَ الضَّيْفَ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَمَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ فَقَدْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ» .
(قَالَ الشَّيْخُ إذَا دُعِيَ إلَى أَكْلٍ دَخَلَ بَيْتَهُ فَأَكَلَ مَا يَكْسِرُ نَهْمَتَهُ قَبْلَ ذَهَابِهِ انْتَهَى) .
(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ النَّوَى
وَالتَّمْرِ فِي طَبَقٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ نُفُورًا عَنْ أَكْلِ الْبَاقِي وَكَذَا أَكْلُ الرُّمَّانِ وَكُلُّ مَالَهُ قِشْرٌ كَالْقَصَبِ (وَلَا يَجْمَعُهُ فِي كَفِّهِ بَلْ يَضَعُهُ مِنْ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ وَكَذَا كُلّ مَا فِيهِ عَجَمٌ وَثُفْلٌ) قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ رَأَيْتُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ يَأْكُلُ التَّمْرَ وَيَأْخُذُ النَّوَى عَلَى ظَهْرِ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَالْعَجَمُ بِالتَّحْرِيكِ النَّوَى وَكُلُّ مَا كَانَ فِي جَوْفٍ مَأْكُولٍ كَالزَّبِيبِ الْوَاحِدَةُ عُجْمَةٌ مِثْلُ قَصَبٌ وَقَصَبَةٌ قَالَ يَعْقُوبُ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ عَجْمٌ بِالتَّسْكِينِ وَالثُّفْلُ بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ مَا ثَفَلَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَهُ فِي الْآدَابِ.
(وَلَا يَخْلِطُ قِشْرُ الْبِطِّيخ الَّذِي أَكَلَهُ بِمَا لَمْ يُؤْكَلْ وَلَا يَرْمِي بِهِ لِأَنَّ فِي جَمْعِهِ لِيُطْرَحَ كُلْفَةً وَرُبَّمَا صَدَمَ) حَالَ رَمْيِهِ (رَأْسُ الْجَلِيسِ أَوْ قُطِّرَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي حَالَةِ الرَّمْيِ) عَلَى جَلِيسِهِ فَآذَاهُ (وَلِرَبِّ الطَّعَامِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الضَّيْفَانِ بِشَيْءٍ طَيِّبٍ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ غَيْرُهُ) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ كَيْفَ شَاءَ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُفْضِلَ شَيْئًا) مِنْ الطَّعَامِ (لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ أَوْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٍ) إلَى إبْقَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ (وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ وَأَهْلِ الطَّعَامِ الْأَكْلُ بَعْدَ فَرَاغِ الضَّيْفَانِ لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ فِي الصَّحِيحِ)«وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَذَهَبَ بِالضَّيْفِ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ هَذَا ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا عِنْدَنَا إلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ فَقَالَ: نَوِّمِي صِبْيَانَكِ وَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَقَدِّمِي مَا عِنْدَكِ لِلضَّيْفِ وَنُوهِمُهُ أَنَّنَا نَأْكُلُ فَفَعَلَا ذَلِكَ» وَنَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9](2) .
(وَالْأَوْلَى النَّظَرُ فِي قَرَائِنِ الْحَالِ) وَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إبْقَاءِ شَيْءٍ أَبْقَاهُ وَإِلَّا مَسَحَ الْإِنَاءَ لِأَنَّهَا تَسْتَغْفِرُ لِلَاعِقِهَا.
(وَلَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ الْخُبْزِ وَلَا الْجَمَادَاتِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ) كَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ فِي الْحَجِّ.
(وَيُكْرَه أَنْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ مِنْ الْخُبْزِ وَوَجْهَهُ وَيَتْرُكَ الْبَاقِي) مِنْهُ لِأَنَّهُ كِبْرٌ.
(وَلَا يَقْتَرِحُ طَعَامًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ خُيِّرَ) الزَّائِرُ (بَيْنَ طَعَامَيْنِ اخْتَارَ الْأَيْسَرَ) مِنْهُمَا لِئَلَّا يَحْمِلَ رَبَّ الطَّعَامِ عَلَى التَّكَلُّفِ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُضَيِّفَهُ يُسَرُّ بِاقْتِرَاحِهِ وَلَا يُقَصِّرُ) فَلَا بَأْسَ بِالِاقْتِرَاحِ لِأَنَّهُ مِنْ إدْخَالِ السُّرُورِ.
(وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ) الْمَدْعُوَّ (بِالْإِجَابَةِ إلَى الدَّعْوَةِ نَفْسَ الْأَكْلِ) لِأَنَّهُ سِمَةُ الْبَهَائِمِ (بَلْ يَنْوِي بِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ وَإِكْرَام أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ وَيَنْوِي صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ مُسِيءٍ بِهِ الظَّنَّ وَالتَّكَبُّرَ) لِيُثَابَ عَلَيْهِ.
(وَيُكْرَه أَكْلُ الثُّومِ وَالْبَصَلِ
وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ نِيئًا وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ مَاءَ الْأَيْدِي فِي طَسْتٍ وَاحِدٍ فَلَا يَرْفَعَهُ إلَّا أَنْ يَمْتَلِئَ) لِئَلَّا يَكُونَ مُتَشَبِّهًا بِالْأَعَاجِمِ فِي زِيّهِمْ (1) .
(وَلَا يَضَعُ الصَّابُونَ فِي مَاءِ الطَّسْتِ بَعْدَ غَسْلِ يَدِهِ) لِأَنَّهُ يُذِيبَهُ (وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَه غَسْلُ الْيَدِ بِالطِّيبِ) فَلَا يُكْرَه بِالصَّابُونِ الْمُطَيَّبِ.
(وَمَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَلْيَقُلْ) اسْتِحْبَابًا (اللَّهُمَّ بَارِكَ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ) لِلْخَبَرِ (وَإِذَا شَرِبَ لَبَنًا) قَالَ نَدْبًا (اللَّهُمَّ بَارِكَ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ) لِلْخَبَرِ.
(وَإِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ) أَيْ الْبَعُوضُ (وَنَحْوِهِ) كَالزَّنَابِيرِ وَالنَّحْلِ قَالَ الْجَاحِظُ: اسْمُ الذُّبَابِ يَقَعُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى الزَّنَابِيرِ وَالنَّحْلِ وَالْبَعُوضِ وَغَيْرِهَا (فِي طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ سُنَّ غَمْسُهُ كُلُّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحَهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ أَوْ قَالَ فِي طَعَامِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلُّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحَهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً وَإِنَّهُ يُتَّقَى بِالدَّاءِ» وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابِ غَمْسُهَا مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةٌ وَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى مَوْتِهَا بِالْغَمْسِ.
(وَيَغْسِل يَدَيْهِ وَفَمَهُ مِنْ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَزُهُومَةٍ وَرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ) تَنْظِيفًا لِذَلِكَ (وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ النَّوْمِ) خَشْيَةَ اللَّمَمِ (وَفِي الثَّرِيدِ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الطَّعَامِ) لِحَدِيثِ «فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ كَفَضْلِ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ» .
(وَهُوَ) أَيْ الثَّرِيدُ (أَنْ يَثْرِدَ الْخُبْزَ أَيْ يَفُتَّهُ ثُمَّ يَبِلَّهُ بِمَرَقِ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا ثَرَدَ غَطَّاهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ) .
(وَيُكْرَه) لِمَنْ يَأْكُلُ مَعَ جَمَاعَةٍ (رَفْعُ يَدِهِ قَبْلَهُمْ بِلَا قَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى شَبَعِ الْجَمِيعِ وَتَقَدَّمَ (و) يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ (أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ عَنْ الطَّعَامِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ لَذَّتِهِ وَلَا يَقُومُ عَنْ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ) الطَّعَامُ.
(وَإِنْ أَكَلَ تَمْرًا عَتِيقًا وَنَحْوَهُ) مِمَّا يُسَوِّسُ (فَتَّشَهُ وَأَخْرَجَ سُوسَهُ) لِاسْتِقْذَارِهِ قُلْتُ وَكَذَا نَبْقٌ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُدَوَّدُ.
(وَإِطْعَامُ الْخُبْزِ الْبَهِيمَة تَرْكُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ يُؤْذِيهَا (إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ كَانَ يَسِيرًا) .
(وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَ ضَيْفِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ) تَتْمِيمًا لِإِكْرَامِهِ (وَيَحْسُنُ أَنْ يَأْخُذَ بِرِكَابِهِ) أَيْ رِكَابُ ضَيْفِهِ إذَا رَكِبَ (وَرُوِيَ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (مَرْفُوعًا «مَنْ أَخَذَ بِرِكَابِ مَنْ لَا يَرْجُوهُ وَلَا يَخَافُهُ غُفِرَ لَهُ» ) قَالَ فِي الْآدَابِ.
(قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَيَنْبَغِي) أَيْ لِلضَّيْفِ بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَتَوَاضَعَ فِي مَجْلِسِهِ وَ) يَنْبَغِي (إذَا حَضَرَ أَنْ لَا يَتَصَدَّرَ وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ
مَكَانًا لَمْ يَتَعَدَّهُ) أَيْ لَمْ يُجَاوِزْهُ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إسَاءَةُ أَدَبٍ مِنْهُ.
(وَالنِّثَارُ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهَانِ لِأَنَّهُ شَبِهَ النُّهْبَةِ) وَقَدْ - «نَهَى عَنْ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ.
(وَالْتِقَاطه دَنَاءَة وَإِسْقَاطُ مُرُوءَةٍ) وَاَللَّهُ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَيَكْرَهُ سِفْسَافَهَا، وَلِأَنَّ فِيهِ تَزَاحُمًا وَقِتَالًا وَقَدْ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِهِ مَا هُوَ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِهِ (وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ) أَيْ النِّثَارِ (شَيْئًا مَلَكَهُ وَمَنْ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ) سَوَاءٌ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ، لِأَنَّ مَالِكَهُ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ لِمَنْ حَازَهُ وَقَدْ حَازَهُ مَنْ أَخَذَهُ أَوْ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ فَيَمْلِكَهُ كَمَا لَوْ وَثَبَتْ سَمَكَةٌ مِنْ الْبَحْرِ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِهِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ صَيْدٌ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ فَأُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ.
(وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذَهُ مِنْهُ) أَيْ أَخْذِ النِّثَارِ مِمَّنْ أَخَذَهُ أَوْ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ (فَإِنْ قُسِّمَ) الْأَخْذُ لِلنِّثَارِ مَا أَخَذَهُ أَوْ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ (عَلَى الْحَاضِرِينَ لَمْ يُكْرَهْ) لَهُ وَلَا لَهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ أَبَاحَهُ لَهُمْ (وَكَذَلِكَ) فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ (إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَخْذِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقَعُ) فِيهِ (تَنَاهُبٌ) فَيُبَاحُ لِعَدَمِ مُوجِبِ الْكَرَاهَةِ.
(يُسَنُّ إعْلَانُ) أَيْ إظْهَارُ (النِّكَاحِ وَالضَّرْبِ عَلَيْهِ بِدُفٍّ لَا حِلَقَ فِيهِ وَلَا صُنُوجَ لِلنِّسَاءِ) لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الصَّوْتُ وَالدُّفُّ فِي النِّكَاحِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: يُسْتَحَبُّ ضَرْبُ الدُّفِّ وَالصَّوْتِ فِي الْأَمْلَاكِ فَقِيلَ لَهُ مَا الصَّوْتُ قَالَ يَتَكَلَّمُ وَيَتَحَدَّثُ وَيَظْهَرُ.
(وَيُكْرَهُ) الضَّرْبُ بِالدُّفِّ (لِلرِّجَالِ) مُطْلَقًا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ التَّسْوِيَةُ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَلَا بَأْسَ بِالْغَزَلِ فِي الْعُرْسِ) .
لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ «أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ لَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ لَمَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ وَلَوْلَا الْحِنْطَةُ السَّوْدَاءُ مَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ» لَا عَلَى مَا يَصْنَعُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ (وَضَرْبُ الدُّفِّ فِي الْخِتَانِ وَقُدُومِ الْغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْوِلَادَةِ (كَالْعُرْسِ) لِمَا فِيهِ مِنْ السُّرُورِ.
(وَيَحْرُمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَى الدُّفِّ كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجِنْكٍ وَنَايِ وَمَعْرِفَةٍ وَجِفَانَةٍ وَعُودٍ وَزَمَّارَةِ الرَّاعِي وَنَحْوِهَا سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَتْ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ) .
وَفِي الْقَضِيبِ وَجْهَانِ وَفِي الْمُغْنِي لَا يُكْرَهُ إلَّا مَعَ تَصْفِيقٍ أَوْ غِنَاءِ أَوْ رَقْصٍ وَنَحْوِهِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ التَّغْبِيرَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ونَهَى عَنْ اسْتِمَاعِهِ وَقَالَ بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ