الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آكَدُ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَالْمَشَقَّةُ بِتَفْوِيتِهِ تَعْظُمُ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ (وَإِنْ لَمْ تَخْشَ) فَوَاتَ الْحَجِّ (وَهِيَ فِي بَلَدِهَا أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْهَا) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَ (يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا) لِأَنَّهُ أَمْكَنَهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالرُّجُوعِ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُ أَحَدِهِمَا وَلِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُقِيمَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي بَلَدِهَا وَلَا قَرِيبَةً مِنْهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهَا الْعَوْدُ (مَضَتْ فِي سَفَرِهَا) لِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهَا حَرَجًا وَمَشَقَّةً، وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا (وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَمَاتَ) زَوْجُهَا (لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهَا وَإِنْ فَاتَهَا الْحَجُّ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْمَنْزِلِ تَفُوتُ وَلَا بَدَلَ لَهَا، وَالْحَجُّ يُمْكِنُ الْإِتْيَانَ بِهِ بَعْدَهَا.
(وَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَأْتِيَ بِالْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا وَتَحُجُّ وَلَزِمَهَا الْعَوْدُ وَلَوْ تَبَاعَدَتْ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَقَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرَ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) الْجَمْعُ (قَدَّمَتْ مَعَ الْبُعْدِ الْحَجَّ) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْإِحْرَامِ وَفِي مَنْعِهَا مِنْ تَمَامِ سَفَرِهَا ضَرَرٌ عَلَيْهَا بِتَضْيِيعِ الزَّمَانِ وَالنَّفَقَةِ وَمَنْعِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ، فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ لِذَلِكَ (وَمَعَ الْقُرْبِ) بِأَنْ كَانَتْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ قَدَّمَتْ (الْعِدَّةَ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُقِيمَةِ (كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ أَحْرَمَتْ) وَتَتَحَلَّلُ بِفَوْتِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ وَحُكْمُهَا فِي الْقَضَاءِ حُكْمُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا السَّفَرُ فَهِيَ كَالْمَحْصَرِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَمَتَى كَانَ عَلَيْهَا فِي الرُّجُوعِ خَوْفٌ أَوْ ضَرَرٌ فَلَهَا الْمُضِيُّ فِي سَفَرِهَا كَالْبَعِيدَةِ) لِلْحَرَجِ (وَمَتَى رَجَعَتْ وَبَقِيَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (أَتَتْ بِهِ فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا) لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَقَدْ زَالَ الْمُزَاحِمُ.
[فَصْلٌ وَتَعْتَدُّ بَائِنٌ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْ بَلَدِهَا فِي مَكَان مَأْمُونٍ]
ٍ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهِ لِمَا رَوَتْ «فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لَكَ عَلَيْهَا
مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِنْدَ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ كُلْثُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْكَارُ عُمَرَ وَعَائِشَةَ ذَلِكَ يُجَابُ عَنْهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ إقْرَارُهَا بِمَسْكَنِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] الْآيَةَ.
(وَلَا تُسَافِرُ) قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّجِ وَالتَّعَرُّضِ لِلرِّيبَةِ (وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي مَنْزِلِهَا) أَيْ الْمَكَانِ الْمَأْمُونِ الَّذِي شَاءَتْهُ (وُجُوبًا) لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ كَانَتْ دَارُ الْمُطَلِّقِ مُتَّسِعَةً لَهُمَا، وَأَمْكَنَهَا السُّكْنَى فِي مَوْضِعٍ مُنْفَرِدٍ كَالْحُجْرَةِ وَعُلْوِ الدَّارِ وَبَيْنَهُمَا بَابٌ يُغْلَقُ وَسَكَنَ الزَّوْجُ فِي الْبَاقِي جَازَ) لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (كَمَا لَوْ كَانَتَا حُجْرَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ، وَلَهَا مَوْضِعٌ تَسْتَتِرُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا) مُبِينُهَا (وَمَعَهَا مَحْرَمٌ تَتَحَفَّظُ بِهِ جَازَ أَيْضًا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَمٌ لَمْ يَجُزْ إذَنْ.
(وَلَوْ غَابَ مَنْ لَزِمَتْهُ السُّكْنَى لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ أَوْ الْبَائِنِ الْحَامِلِ وَنَحْوِهَا (أَوْ مَنَعَهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ السُّكْنَى الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ (اكْتَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ) إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا (أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) مَا تَسْكُنُ بِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا، لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ (أَوْ قَرَضَ) الْحَاكِمُ (أُجْرَتَهُ) أَيْ أُجْرَةَ مَا وَجَبَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ الْمَسْكَنِ لِتُأْخَذَ مِنْهُ إذَا حَضَرَ نَظِيرَ مَا فُرَضَهُ (وَإِنْ اكْتَرَتْهُ) أَيْ اكْتَرَتْ مَنْ وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى مَسْكَنًا (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَوْ) بِإِذْنِ (حَاكِمٍ أَوْ) اكْتَرَتْهُ (بِدُونِهِمَا لِلْعَجْزِ عَنْ إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ أَحَدِهِمَا (رَجَعَتْ) عَلَيْهِ بِنَظِيرِ مَا اكْتَرَتْ بِهِ كَمَا لَوْ قَامَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ (وَمَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ (إنْ نَوَتْ الرُّجُوعَ رَجَعَتْ) كَمَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ.
(وَلَوْ سَكَنَتْ مِلْكَهَا) مَعَ غَيْبَةِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ السُّكْنَى أَوْ امْتِنَاعِهِ (فَلَهَا أُجْرَتُهُ) لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إسْكَانُهَا فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ (وَلَوْ سَكَنَتْهُ) مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ (أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا غَائِبٍ وَلَا آذِنٍ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مَنْ لَزِمَتْ غَيْرَهُ نَفَقَتُهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ.
(وَلَيْسَ لَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ امْرَأَتِهِ الْبَائِنِ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ (إلَّا) إذَا خَلَا بِالْبَائِنِ (مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَحْرَمِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُبِينِ أَوْ الْمُبَانَةِ كَأَنْ خَلَا بِهَا مَعَ أُمِّهِ أَوْ أُمِّهَا (وَإِنْ أَرَادَ) الْمُبِينُ (إسْكَانَ الْبَائِنِ فِي مَنْزِلِهِ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لَهَا (تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ