الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَادَّعَى أَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حَتَّى وَلَدَتْ شَهِدَ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا ادَّعَيْتُ عَلَيْهَا، أَوْ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى فَيَنْتَفِي (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ الْوَلَدَ فِي اللِّعَانِ لَا صَرِيحًا وَلَا تَضَمُّنًا (لَمْ يَنْتَفِ) احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ (إلَّا أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ وَيَذْكُرَ نَفْيَهُ) صَرِيحًا أَوْ تَضَمُّنًا كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ نَفَى أَوْلَادًا كَفَاهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ) يُصَرِّحُ فِيهِ بِهِمْ أَوْ يَذْكُرُهُمْ فِيهِ تَضَمُّنًا كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَنْتَفِي) الْوَلَدُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَلَاعِنِ (إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ التَّامِّ، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ اللِّعَانُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ) حَتَّى تُلَاعِنَ هِيَ (وَإِنْ نَفَى) الزَّوْجُ (الْحَمْلَ فِي الْتِعَانِهِ لَمْ يَنْتِفْ) قَالَ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: لَعَلَّهُ يَكُونُ رِيحًا " (فَإِذَا وَضَعْته عَادَ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ.
[فَصْلٌ مِنْ شَرْطِ نَفْيِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ أَنْ يَنْفِيَهُ حَالَةَ عِلْمِهِ بِوِلَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ]
فَصْلٌ وَمِنْ شَرْطِ نَفْيِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ (أَنْ يَنْفِيَهُ حَالَةَ عِلْمِهِ بِوِلَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ دَلِيلُ إقْرَارِهِ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَتَقَدَّرُ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ بَلْ هُوَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، فَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَحَتَّى تُصْبِحَ وَيَنْتَشِرَ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ جَائِعًا أَوْ ظَمْآنَ فَحَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ، وَإِنْ كَانَ نَاعِسًا أَوْ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَيُسَرِّجُ دَابَّتَهُ وَيَرْكَبُ وَيُصَلِّي إنْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَيُحْرِزُ مَالَهُ إنْ كَانَ) مَالُهُ (غَيْرَ مُحْرَزٍ وَأَشْبَاهُ هَذَا مِنْ أَشْغَالِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى إعْرَاضِهِ عَنْهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِتَقْدِيمِهِ (فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ نَفْيَهُ (بَعْدَ هَذَا) التَّأْخِيرِ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ إعْرَاضِهِ عَنْ نَفْيِهِ.
(وَمِنْ شَرْطِهِ) أَيْ نَفْيِ الْوَلَدِ (أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ) إقْرَارٌ بِالْوَلَدِ وَلَا (دَلِيلٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ بِتَوْأَمِهِ أَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ) أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَأَمَّنَ (عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ قَالَ أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاكَ، أَوْ بَارَكَ) اللَّهُ (عَلَيْكَ أَوْ رَزَقَكَ اللَّهُ مِثْلَهُ) لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَامْتَنَعَ نَفْيِهِ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ وَالسُّكُوتُ دَالٌّ عَلَى الرِّضَا فِي الْبِكْرِ فَهُنَا أَوْلَى (أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إمْكَانِهِ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَامْتَنَعَ نَفْيُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ.
(وَإِنْ قَالَ: أَخَّرْتُ نَفْيَهُ رَجَاءَ مَوْتِهِ لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ) لِأَنَّ الْمَوْتَ قَرِيبٌ أَوْ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَتَعْلِيقُ النَّفْيِ عَلَيْهِ تَعْلِيقٌ عَلَى أَمْرٍ مَوْهُومٍ (وَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِوِلَادَتِهِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ
بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يَسْقُطُ نَفْيُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) صِدْقُهُ فِي دَعْوَاهُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِهِ (مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِي الدَّارِ لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَإِنْ قَالَ عَلِمْتُ وِلَادَتَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي نَفْيَهُ أَوْ عَلِمْتُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ نَفْيَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَكَانَ الزَّوْجُ (مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ مَنْ هُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ) ، لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ (وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ) ، لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ (وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ نَفْيَهُ (لِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ اشْتِغَالٍ بِحِفْظِ مَالٍ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ ضَيْعَتُهُ أَوْ) اُشْتُغِلَ عَنْهُ (بِمُلَازَمَةِ غَرِيمٍ يَخَافُ فَوَاتَهُ أَوْ) اُشْتُغِلَ عَنْهُ (بِشَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى إعْرَاضِهِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ.
وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ ذَلِكَ قَصِيرَةً لَمْ يَبْطُلْ نَفْيُهُ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلِمَ لَيْلًا فَأَخَّرَهُ إلَى أَنْ يُصْبِحَ، وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً وَأَمْكَنَهُ التَّنْفِيذُ إلَى حَاكِمٍ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ مَنْ يَسْتَوْفِي عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَالنَّفْيُ فَلَمْ يَفْعَلْ سَقَطَ نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ نَافٍ لِوَلَدِ امْرَأَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ خِيَارُهُ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَفْيِهِ قَامَ الْإِشْهَادُ مَقَامَهُ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَإِنْ قَالَ أَخَّرْتُ نَفْيَهُ) لِأَنِّي (لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ بِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ وَلَدٌ وَكَانَ الْمُخْبِرُ (مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ أَوْ كَانَ الْخَبَرُ مُسْتَفِيضًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُخْبِرُ مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ وَكَانَ الْخَبَرُ غَيْرَ مُسْتَفِيضٍ قُبِلَ قَوْلُهُ، لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ (وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَمْكَنَهُ السَّيْرُ فَاشْتُغِلَ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ) لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى إعْرَاضِهِ عَنْهُ قُلْتُ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا تَقَدَّمَ فِي الشُّفْعَةِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ، لِأَنَّ السَّيْرَ لَا يَتَعَيَّنُ بِذَلِكَ (وَإِنْ أَقَامَ) الْغَائِبُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوِلَادَتِهِ (مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَطَلَ) خِيَارُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ رِضَاهُ بِهِ.
(وَمَتَى أَكْذَبَ) النَّافِي (نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ) الْوَلَدَ (وَ) بَعْدَ (اللِّعَانِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ حَيًّا كَانَ) الْوَلَدُ (أَوْ مَيِّتًا غَنِيًّا كَانَ) الْوَلَدُ (أَوْ فَقِيرًا) ، لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ فَإِذَا أَقَرَّ بِمَا يُخَالِفُهَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَسَقَطَ حُكْمُهَا خُصُوصًا وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ لِثُبُوتِهِ (وَيَتَوَارَثَانِ) لِأَنَّ الْإِرْثَ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ وَقَدْ ثَبَتَ فَتَبِعَهُ الْإِرْثُ (وَلَزِمَهُ الْحَدُّ) إنْ كَانَتْ الْمَقْذُوفَةُ (مُحْصَنَةً وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً لَزِمَهُ (التَّعْزِيرُ) لِإِقْرَارِهِ بِكَذِبِ نَفْسِهِ فِي قَذْفِهَا وَلِعَانِهَا (فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إكْذَابِ نَفْسِهِ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا بِزِنَاهَا، أَوْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ لَمْ يُسْمَعَا) أَيْ لَا بَيِّنَتُهُ وَلَا لِعَانُهُ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَاللِّعَانَ لِتَحَقُّقِ مَا قَالَهُ وَقَدْ أَقَرَّ بِكَذِبِ نَفْسِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ