الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ أَيْضًا (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) لِدُخُولِهَا عَلَى أَنْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا وَاحِدًا (وَلَا مَهْرَ بِوَطْئِهَا) أَيْ الْمُشْتَبِهَةِ وَالْمَزْنِيِّ بِهَا (فِي دُبُرٍ وَلَا فِي اللِّوَاطِ بِالذَّكَرِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِبَدَلِهِ وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لِشَيْءٍ فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ (وَلَا) مَهْرَ لِلْمَزْنِيِّ بِهَا (الْمُطَاوِعَةِ عَلَى الزِّنَا) لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْبُضْعِ بِرِضَا مَالِكِهِ (كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي قُطْعِ يَدِهَا فَقَطَعَهَا إلَّا الْأَمَةَ) الْمَزْنِيَّ بِهَا فَلَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا بِطَوَاعِيَتِهَا لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهَا، وَالْمُبَعَّضَةُ يَسْقُطُ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ حُرِّيَّتهَا وَالْبَاقِي لِسَيِّدِهَا.
(وَإِذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ بِالْإِجْمَاعِ كَنِكَاحِ زَوْجَةِ الْغَيْرِ أَوْ) نِكَاحِ (الْمُعْتَدَّةِ) قُلْتُ: مِنْ غَيْرِ زِنًا وَإِلَّا فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ) أَيْ بِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ أَوْ مُعْتَدَّتُهُ.
(وَ) عَالِمٌ بِ (تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَالِمَةٌ) بِالْحَالِ (فَلَا مَهْرَ) لَهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً (لِأَنَّهُ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَوْ) جَهِلَتْ (كَوْنِهَا فِي عِدَّةٍ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) بِمَا نَالَ مِنْ فَرْجِهَا (كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَلَا يَجِبُ أَرْشُ بَكَارَةٍ مَعَ وُجُوبِ الْمَهْرِ) لِلْحُرَّةِ (الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا) لِأَنَّهُ وَطْءٌ ضُمِنَ بِالْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشٌ كَسَائِرِ الْوَطْءِ وَلِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَجِبُ مَرَّةً أُخْرَى وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ (وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ (طَلْقَةً وَظَنَّ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِهَا فَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ.
(وَ) لَزِمَهُ أَيْضًا (نِصْفُ الْمُسَمَّى) بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا]
(فَصْلٌ وَإِنْ دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً) أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ (فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ بَكَارَتَهَا (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِصْبَعِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا) لَا مَهْرَ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَهُوَ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ عِوَضِهِ، فَرُجِعَ فِيهِ إلَى أَرْشِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ (وَهُوَ) أَيْ
أَرْش الْبَكَارَةِ (مَا بَيْنَ مَهْرِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ وَكَلَامُهُمَا أَوَّلًا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حُكُومَةٌ، قَالَا لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ دَيْنِهِ فَرُجِعَ فِيهَا إلَى الْحُكُومَةِ كَسَائِرِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فِي الْجِنَايَاتِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ.
(وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ أَذْهَبَ الْعُذْرَةَ بِغَيْرِ وَطْءٍ (الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) مَهْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَى نِصْفِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَضْمَنهُ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ.
(وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا الْحَالَّ كُلَّهُ أَوْ الْحَالَّ مِنْهُ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تُتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمَهْرُ عَلَيْهَا لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسَمَّى لَهَا وَالْمُفَوِّضَةِ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (الْمُطَالَبَةَ بِهِ) أَيْ بِحَالِ مَهْرِهَا.
(وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ لِلِاسْتِمْتَاعِ) لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) الزَّوْجُ (مُكْرَهَةً) قَبْلَ دَفْعِ الْحَالِّ مِنْ صَدَاقِهَا (لَمْ يَسْقُطْ بِهِ حَقُّهَا مِنْ الِامْتِنَاعِ) فَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الْحَالَّ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ وَطْأَهَا مُكْرَهَةً كَعَدَمِهِ.
(وَحَيْثُ قُلْنَا لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا فَلَهَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ بِحَقٍّ لَمْ يَثْبُتْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حَقُّ الْحَبْسِ، فَصَارَتْ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَبَقَاءُ دِرْهَمٍ مِنْهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَلَهَا) زَمَنَ مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ حَالِّ صَدَاقِهَا (النَّفَقَةُ إنْ صَلُحَتْ لِلِاسْتِمْتَاعِ) وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا بِالصَّدَاقِ، لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ عَلَّلَ بِهِ أَحْمَدُ قَالَ الْمُوَفَّقُ وَلَدُ صَاحِبِ الْمُغْنِي: إنَّمَا لَهَا النَّفَقَةُ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَوْ بَذَلَ لَهَا الصَّدَاقَ وَهِيَ غَائِبَةٌ لَمْ يُمْكِنْهُ تَسْلِيمُهَا وَبِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (مَحْبُوسَةً، أَوْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَجَبَ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ) كَمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَلِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا (لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا) حَتَّى تَقْبِضَهُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الطَّلَب بِهِ (وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ الدُّخُولِ) فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا، فَاسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْهُ.
(وَإِنْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا