الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُعْتِقهَا (لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا) كَمَا لَوْ وُهِبَ لَهُ ثَمَنَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَاءِ التَّيَمُّمِ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَة.
(وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا وَأَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا) أَيْ شِرَاءُ رَقَبَةٍ يُعْتِقهَا (بِ) ثَمَنٍ نَسِيئَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ (أَوْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا مَرْجُوُّ الْوَفَاءِ) وَأَمْكَنَهُ شِرَاءُ الرَّقَبَةِ نَسِيئَةً (لَزِمَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهَا بِمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ (فَإِنْ لَمْ تُبَعْ بِالنَّسِيئَةِ جَازَ الصَّوْمُ وَلَوْ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) لِلْحَاجَةِ وَكَالْعَادِمِ.
وَفِي الشَّرْحِ إذَا كَانَ يَرْجُو الْحُضُورَ قَرِيبًا لَمْ يَجُزْ الِانْتِقَالِ إلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِظَارِ لِشِرَاءِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا جَازَ الِانْتِقَالُ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي الِانْتِظَارِ، وَهَلْ يَجُوزُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ فِي مَالِهِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَسِيسُ، فَجَازَ لَهُ الِانْتِفَالُ لِلْحَاجَةِ.
[فَصْل وَلَا يُجْزِي فِي جَمِيع الْكَفَّارَاتِ إلَّا عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ]
(فَصْل وَلَا يُجْزِي فِي جَمِيع الْكَفَّارَاتِ وَفِي نَذْرِ الْعِتْقِ الْمُطْلَقِ إلَّا عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِر إجْمَاعًا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَمَا عَدَا كَفَّارَةَ الْقَتْلِ، فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ (سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَمْلِيكُ الرَّقَبَةِ مَنَافِعِهَا وَتَمْكِينُهَا مِنْ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهَا وَلَا يَحْصُلُ هَذَا مَعَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا (كَالْعَمَى) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ فِي أَكْثَرِ الصَّنَائِعِ.
(وَ) كَ (قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ) قَطْعِ (الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أَشَلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْيَدَ آلَةَ الْبَطْشِ وَالرِّجْلَ آلَةُ الْمَشْيِ.
فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَمَلِ مَعَ تَلَفِ إحْدَاهُمَا أَوْ شَلَلِهَا (أَوْ قَطْعِ إبْهَامِ الْيَدِ أَوْ قَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إبْهَامِ الْيَدِ (أَوْ) قَطْع (أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ كَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (كَقَطْعِ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ ذَلِكَ الْإِصْبَعِ الَّذِي قُطِعَ أُنْمُلَتَاهُ (أَوْ قُطِعَ سَبَّابَتُهَا أَوْ الْوُسْطَى) مِنْ يَدٍ (أَوْ قُطِعَ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ نَفْعَ الْيَدِ يَزُولُ بِذَلِكَ (وَقَطْعُ أُنْمُلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ
الْإِبْهَامِ وَلَوْ) كَانَ (قَطْعُ الْأُنْمُلَةِ مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) لِأَنَّ نَفْعَ الْيَدِ بَاقٍ لَمْ يَزُلْ بِذَلِكَ (وَيُجْزِئُ مَنْ قُطِعَتْ خِنْصَرُهُ) فَقَطْ (أَوْ) بِنْصِرُهُ فَقَطْ (أَوْ) قُطِعَتْ (إحْدَاهُمَا مِنْ يَدٍ وَ) قُطِعَتْ (الْأُخْرَى مِنْ الْيَدِ الْأُخْرَى) بِأَنْ قُطِعَ الْخِنْصَرِ مِنْ الْيُمْنَى وَالْبِنْصِرُ مِنْ الْيُسْرَى أَوْ بِالْعَكْسِ، لِأَنَّ نَفْعَ الْكَفَّيْنِ بَاقٍ (وَ) يُجْزِئ (مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُ قَدَمِهِ كُلّهَا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ.
وَفِي التَّنْقِيحِ وَتَبَعَهُ فِي الْمُنْتَهَى حُكْمُ الرِّجْلِ فِي ذَلِكَ كَالْيَدِ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ كَلَامَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّنْقِيحِ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى (وَ) يُجْزِئُ (الْأَعْرَجُ يَسِيرًا) وَيُجْزِئُ أَيْضًا (مَنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانُ وَ) تُجْزِئُ (الرَّتْقَاءُ وَالْكَبِيرَةُ الَّتِي تَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَالْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْحُبْلَى، وَلَهُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا وَالْمُدَبَّرُ وَوَلَدُ الزِّنَا وَالصَّغِيرُ حَيْثُ كَانَ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ) تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ لِسَابِيهِ أَوْ لِلدَّارِ.
(وَ) يُجْزِئُ (الْأَعْرَجُ وَالْمُؤَجَّرُ وَالْمَرْهُونُ وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا) وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ وَيَتْبَعُهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ إنْ حَلَّ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ تُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ إذَا أَيْسَرَ، وَمُقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ.
(وَ) يُجْزِئ (الْخَصِيُّ وَلَوْ مَجْبُوبًا وَالْأَقْرَعُ وَالْأَبْخَرُ وَالْأَبْرَصُ وَأَصَمُّ غَيْرُ أَخْرَسَ) لِأَنَّ هَذِهِ الْعُيُوبَ كُلَّهَا لَا تَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا.
(وَ) يُجْزَى (الْجَانِي) لِأَنَّ جِنَايَتَهُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ عِتْقِهِ وَلَا تَضُرُّ بِعَمَلِهِ (وَلَوْ قَتَلَ فِي الْجِنَايَةِ) لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ حَصَلَ بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ، وَلَا يَرْتَفِعُ عِتْقُهُ بِذَلِكَ.
(وَ) يُجْزِئُ (الْأَحْمَقُ، وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ الْقَبِيحَ وَالْخَطَأَ عَلَى بَصِيرَةٍ لِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يُعْقِبُهُ مِنْ الْمَضَارِّ وَيُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْأَنْفِ وَ) مَقْطُوعُ (الْأُذُنَيْنِ وَمَنْ ذَهَبَ شَمُّهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ (وَلَا يُجْزِئُ مَرِيضٌ مَيْئُوسٌ مِنْ بُرْئِهِ كَمَرَضِ السِّلِّ) بِكَسْرِ السِّينِ وَتَقَدَّمَ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ بُرْؤُهُ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ مَعَ بَقَائِهِ (وَلَا يُجْزِئُ) أَيْضًا (النَّحِيفُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ) لِأَنَّهُ كَالْمَرِيضِ الْمَيْئُوسِ مِنْ بُرْئِهِ (وَإِنْ كَانَ) النَّحِيفُ (يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ أَجْزَأَ كَمَرِيضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَنْ بِهِ حُمَّى وَنَحْوِهِ) كَصُدَاعٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعهُ مِنْ الْعَمَل (وَلَا يُجْزِئُ جَنِينٌ وَإِنْ وُلِدَ حَيًّا) لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا بَعْدَ.
(وَلَا) يُجْزِئُ (زَمِنٌ وَلَا مُقْعَدٌ) لِعَجْزِهِمَا عَنْ الْعَمَلِ (وَلَا) يُجْزِئُ (غَائِبٌ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ) لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي حَيَاتِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ شَغْل الذِّمَّةِ وَلَا يَبْرَأُ بِالشَّكِّ لَا يُقَالُ: الْأَصْلُ الْحَيَاةُ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ لَا بُدّ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَتْ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ وَهُوَ انْقِطَاعُ خَبَرِهِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْغَائِبَ (ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَجْزَأَ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ صَحِيحٌ (وَ) يُجْزِئُ (مَجْنُونٌ مُطْبِقٌ) لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ النَّفْعِ ضَرُورَةً اسْتِغْرَاقُ زَمَنِهِ فِي الْجُنُونِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْهَرِمُ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَلَا)
يُجْزِئُ (أَخْرَسُ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ زَائِلَةٌ أَشْبَهَ زَوَالَ الْعَقْلِ (فَإِنْ فُهِمَتْ) إشَارَتُهُ (وَفَهِمَ) أَيْ الْأَخْرَسُ (إشَارَةَ غَيْرِهِ أَجْزَأَ) عِتْقَهُ، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ (وَلَا أَخْرَسُ أَصَمٌّ وَلَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ) .
لِأَنَّهُ نَاقِصٌ بِفَقْدِ حَاسَّتَيْنِ تَنْقُصُ بِفَقْدِهِمَا قِيمَتُهُ نَقْصًا كَثِيرًا (وَلَا مَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا) كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّار فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ دَخَلَهَا، وَنَوَى السَّيِّدُ حَالَ دُخُولِهِ أَنَّهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقّ سَبَب آخَر وَهُوَ الشَّرْطُ (فَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ) بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ لِلْكَفَّارَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَهَا أَجْزَأَ لِأَنَّ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ (أَوْ) عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ بِصِفَةٍ كَقُدُومِ زَيْدٍ وَدُخُولِهِ الدَّارَ ثُمَّ (أَعْتَقَهُ قَبْل وُجُودِ الصِّفَةِ أَجْزَأَ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الَّذِي يَمْلِكُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ.
(وَلَا) يُجْزِئُ (مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَالتَّحْرِيرُ فِعْلُ الْعِتْقِ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا بِتَحْرِيرٍ مِنْهُ وَلَا إعْتَاقٌ فَلَمْ يَكُنْ مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ، وَيُفَارِقُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا أَنَّ الْبَائِعَ يُعْتِقهُ وَالْمُشْتَرِي لَا يُعْتِقهُ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِإِعْتَاقِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ الثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ إعْتَاقَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَلَا مَنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ) لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ هَذَا الشَّرْط فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ الْعِتْق عِوَضًا (وَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ كَفَّارَتِكِ وَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَفَعَلَ) أَيْ أَعْتَقَهُ لِذَلِكَ (لَمْ تُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) لِاعْتِيَاضِهِ عَنْ الْعِتْقِ (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (فَإِنْ رَدَّ) الْمُعْتِقُ (الْعَشَرَةَ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى بَاذِلهَا لِيَكُونَ الْعِتْقُ مِنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَجُزْ) أَيْ الْعِتْقُ عَنْهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ ابْتِدَاءٌ وَقَعَ غَيْرَ مُجْزِئٍ فَلَمْ يَنْقَلِبْ مُجْزِئًا بِرَدِّ الْعِوَضِ.
(وَإِنْ قَصَدَ) الْمُعْتِقُ ابْتِدَاء (الْعِتْق عَنْ الْكَفَّارَة وَحْدهَا وَعَزَمَ عَلَى رَدِّ الْعَشَرَةِ أَوْ رَدَّ الْعَشَرَةَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَجْزَأَهُ) عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لِتَمَحُّضِهِ لَهَا (وَإِنْ أَشْتَرَى عَبْدًا يَنْوِي إعْتَاقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْكَفَّارَةِ) كَالْعَوَرِ (فَأَخَذَ أَرْشَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَجْزَأَهُ لَهُ) عِتْقُهُ عَنْهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ (وَكَانَ الْأَرْشُ لَهُ) كَمَا لَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْل الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ فَأَخَذَ أَرْشَهُ فَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (لَهُ أَيْضًا) كَمَا لَوْ أَخَذَهُ قَبْل إعْتَاقِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَصْرِفُ الْأَرْشَ فِي الرِّقَابِ (وَلَا تُجْزِئُ أُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ كَرَحِمِهِ الْمَحْرَمِ.
(وَلَا) يُجْزِئُ أَيْضًا
(وَلَدُهَا الَّذِي وَلَدَتْهُ بَعْدَ كَوْنِهَا أُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا (وَلَا) يُجْزِئُ (مُكَاتِبٌ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا) لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى شَيْئًا فَقَدْ حَصَلَ الْعِوَضُ عَنْ بَعْضِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْض رَقَبَةٍ (وَلَا مَغْصُوبِ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَنَافِعِهِ (وَلَا مَنْ أَوْصَى) رَبُّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا) وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ لِنَقْصِهِ (وَلَوْ أُعْتِقَ مِنْ كَفَّارَتِهِ عَبْدٌ لَا يُجْزِئُ) عِتْقُهُ (فِي الْكَفَّارَةِ) كَالْقَطْعِ (نَفَذَ عِتْقُهُ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ مِنْ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ (وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَمَنْ أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَنْهُ عَبْدًا بِغَيْرِ أَمَرَهُ) فِي كَفَّارَةِ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يُعْتَقْ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ إذَا كَانَ حَيًّا) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عِتْقٌ وَلَا أَمَرَ بِهِ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ الْمُعْتَقَ (لِمُعْتِقِهِ) ، لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (وَلَا يُجْزَى عَنْ كَفَّارَتِهِ) أَيْ كَفَّارَةِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ.
(وَإِنْ نَوَى) الْمُعْتِقُ (ذَلِكَ) لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَصْدُرْ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا، (وَكَذَا مَنْ كَفَّرَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِالْإِطْعَامِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (فَأَمَّا الصِّيَامُ فَلَا يَصِحُّ) أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ أَحَدٌ (وَلَوْ بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَالصَّلَاةِ، (وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي (وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ) الْآمِرُ (لَهُ عِوَضًا) عَمَّنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ (صَحَّ الْعِتْقُ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَأَجْزَأَ عَنْ كَفَّارَتِهِ) وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْمَأْمُورِ لَا الْآمِرِ حَالَ الْعِتْقِ، أَوْ كَانَ الْعِتْقُ مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ.
(فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ مَيِّتًا، وَكَانَ) الْمَيِّتُ (قَدْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ صَحَّ) الْعِتْقُ لِأَنَّ الْمُوصَى إلَيْهِ كَالنَّائِبِ عَنْ الْمُوصِي (وَإِنْ لَمْ يُوصِ) قَبْلَ مَوْتِهِ بِالْعِتْقِ (فَأَعْتَقَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي الْوَلَاءِ (وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَارِثُهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَاجِبٌ) ، عِتْقٌ (لَمْ يَصِحَّ) عِتْقُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ إذَنْ كَالْأَجْنَبِيِّ (وَوَقَعَ) الْعِتْقُ (عَنْ الْمُعْتِقِ) الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ الْوَارِثِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْوَلَاءِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عِتْقٌ وَاجِبٌ صَحَّ) مِنْ الْوَارِثِ عِتْقُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَأَطْعَمَ عَنْهُ الْوَارِثُ (أَوْ كَسَا) عَشَرَةَ مَسَاكِين (جَازَ) لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَنَائِبٌ عَنْهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَيِّتِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (فَفِيهِ وَجْهَانِ) تَقَدَّمَ فِي الْوَلَاءِ أَنَّهُ صَحَّ (وَلَوْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) أَيْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِغَيْرِهِ (أَطْعِمْ) عَنْ كَفَّارَتِي (أَوْ اُكْسُ عَنْ كَفَّارَتِي صَحَّ)