الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ اثْنَانِ]
(فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ اثْنَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَوْ انْفَرَدَ كَأَبٍ وَأَجْنَبِيٍّ) اشْتَرَكَا (فِي قَتْلِ وَلَدٍ وَكَحُرٍّ وَعَبْدٍ) شَارَكَهُ (فِي قَتْلِ عَبْدٍ وَكَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) شَارَكَ (فِي قَتْلِ ذِمِّيٍّ وَكَوَلِيٍّ مُقْتَصٍّ وَأَجْنَبِيٍّ.
(وَ) كَ (خَاطِئٍ وَعَامِدٍ وَ) كَ (مُكَلَّفٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَشَرِيكِ سَبُعٍ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ بِأَنْ يَجْرَحَهُ سَبُعٌ أَوْ إنْسَانٌ ثُمَّ يَجْرَحُ هُوَ نَفْسَهُ مُتَعَمِّدًا وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الذِّمِّيِّ) لِأَنَّ قَتْلَهُمْ عَمْدًا مَحْضُ عُدْوَانٍ وَلِأَنَّهُمْ شَارَكُوا فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَيُقْتَلُ بِهِ (كَمُكْرِهٍ أَبًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ عَنْ غَيْرِهِمْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عَمْدًا فَلَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ لِشِبْهِ الْعَمْدِ، وَكَمَا لَوْ قَتَلَهُ وَاحِدٌ بِجُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً (وَيَجِبُ عَلَى شَرِيكِ الْقِنِّ) فِي قَتْلِ قِنٍّ (نِصْفُ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ) لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي إتْلَافِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ قِسْطُهُ (وَعَلَى شَرِيكِ الْأَبِ وَشَرِيكِ الذِّمِّيِّ وَشَرِيكِ الْخَاطِئِ وَلَوْ أَنَّهُ نَفْسُهُ) أَيْ نَفْسُ الْعَامِدِ (بِأَنْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ أَحَدُهُمَا خَطَأ وَالْآخَرُ عَمْدًا وَشَرِيكُ غَيْرِهِ الْمُكَلَّفُ وَشَرِيكُ السَّبُعِ فِي غَيْرِ قَتْلِ أَنْفُسِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ) كَالشَّرِيكِ فِي إتْلَافِ مَالٍ (فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ) فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ.
(وَلَوْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ عَمْدًا فَدَاوَى) الْمَجْرُوحُ (جُرْحَهُ بِسُمٍّ قَاتِلٍ أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ وَفَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ أَوْ) فَعَلَهُ (الْإِمَامُ فَمَاتَ) الْمَجْرُوحُ (فَلَا قَوَدَ عَلَى الْجَارِحِ) لِأَنَّ الْمُدَاوِيَ قَصَدَ مُدَاوَاةَ النَّفْسِ فَكَانَ فِعْلُهُ عَمْدَ خَطَأٍ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَارِحِ (نِصْفُ الدِّيَةِ) كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ (لَكِنْ إنْ كَانَ الْجُرْحُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ اسْتَوْفَى) بِشَرْطِهِ (وَإِلَّا أَخَذَ الْأَرْشَ) وَإِنْ كَانَ السُّمُّ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَفَعَلَ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ شِبْهَ عَمْدٍ وَشَرِيكُهُ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ وَإِنْ خَاطَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُمَا قَاتِلَانِ عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ.
[بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ]
(بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ وَهِيَ خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا) لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ
لَيْسَ مَحِلًّا لَهَا (فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَكُلُّ زَائِلِ الْعَقْلِ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ كَالنَّائِمِ وَالْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِمَا) كَالسَّكْرَانِ كَرْهًا (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ) لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مِنْ شُرُوطِهِ وَهُوَ مَعْدُومٌ، وَلِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمْ صَحِيحٌ (فَإِنْ قَالَ) الْجَانِي (قَتَلْتُهُ وَأَنَا صَبِيٌّ وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَإِنْ قَالَ) الْقَاتِلُ (قَتَلْتُهُ وَأَنَا مَجْنُونٌ فَإِنْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ حَالُ جُنُونٍ (فَقَوْلُ الْوَلِيِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجُنُونِ.
(وَكَذَلِكَ إنْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ ثُمَّ عُرِفَ زَوَالُهُ قَبْلَ الْقَتْلِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي عُرِفَ عَلَيْهَا (فَإِنْ ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ فَقَالَ كُنْتُ مَجْنُونًا وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ) كُنْتَ (سَكْرَان فَقَوْلُ الْقَاتِلِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السُّكْرِ وَالْأَصْلُ أَيْضًا الْعِصْمَةُ (فَأَمَّا إنْ قَتَلَهُ وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ) الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ الْجِنَايَةِ عَاقِلًا (سَوَاءٌ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ جَنَى عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ (فِي حَالِ جُنُونِهِ هُوَ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدُّ زِنَا أَوْ غَيْرُهُ) كَشُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ (بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَالَ جُنُونِهِ) لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعُ إقَامَتَهُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ قُلْت وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ.
(وَالسَّكْرَانُ وَشِبْهُهُ) كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ كَمَنْ يَشْرَبُ الْأَدْوِيَةَ الْمُخَبِّئَةَ (إذَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْقَذْفِ وَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ فَالْقِصَاصُ الْمُتَمَحِّضُ حَقَّ آدَمِيٍّ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَصِيرَ عِصْيَانُهُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا) لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا شُرِعَ حِفْظًا لِلدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ وَزَجْرًا عَنْ إتْلَافِ الْبِنْيَةِ الْمَطْلُوبِ بَقَاؤُهَا وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي غَيْرِ الْمَعْصُومِ (فَلَا يَجِبُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِ حَرْبِيٍّ) لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (وَلَا مُرْتَدٍّ قَبْلَ تَوْبَةٍ) لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ (لَا) إنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ (بَعْدَهَا) أَيْ التَّوْبَةِ (إنْ قُبِلَتْ) تَوْبَتُهُ (ظَاهِرًا) فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ إذَنْ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (وَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِ (زَانٍ مُحْصَنٍ وَلَوْ قَبْلَ تَوْبَتِهِ) أَيْ الزَّانِي (عِنْدَ حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ مُتَحَتِّمٌ قَتْلُهُ فَلَمْ يَضْمَنْ كَالْحَرْبِيِّ.
(وَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِ مُحَارَبٍ أَيْ قَاطَعِ طَرِيقٍ (تَحَتَّمَ قَتْلُهُ) بِأَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ (فِي نَفْسٍ) أَيْ لَا قِصَاصَ عَلَى جَانٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي نَفْسٍ (وَلَا) قِصَاصَ فِي الْأَطْرَافِ (بِقَطْعِ طَرَفٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ مَنْ يُؤْخَذُ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَذَلِكَ مُتَنَاوِلٌ لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ
فَدَلَّ أَنَّ طَرَفَ مُحْصَنٍ كَمُرْتَدٍّ (بَلْ وَلَا يَجُوزُ) مَعْطُوفٌ عَلَى فَلَا يَجِبُ أَيْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا يَجُوزُ (وَالْمُرَادُ) قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ قَبْلَ التَّوْبَةِ) وَأَمَّا قَتْلُ الْمُحَارِبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا شُبْهَةَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالتَّوْبَةِ إلَى غَيْرِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ كَالْقَاتِلِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ لِسُقُوطِ التَّحَتُّمِ بِالتَّوْبَةِ.
(وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ) لِلْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُرْتَدِّ أَوْ الزَّانِي الْمُحْصَنِ أَوْ الْمُحَارَبِ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ (ذِمِّيًّا) فَالذِّمِّيُّ فِيهِ كَالْمُسْلِمِ، لِأَنَّ الْقَتْلَ مِنْهُمَا صَادَفَ مَحِلَّهُ (وَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْأَمَامِ (وَالْقَاتِلُ مَعْصُومُ الدَّمِ لِغَيْرِ مُسْتَحَقٍّ دَمُهُ) لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ فِيهِ يُبَاحُ بِهِ دَمُهُ لِغَيْرِ وَلِيِّ مَقْتُولٍ.
(وَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ) يَدَ مُرْتَدٍّ (أَوْ) قَطَعَ (ذِمِّيٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ فَأَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ ثُمَّ مَاتَ (أَوْ) قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ (حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ) فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ.
(أَوْ رَمَى) مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ) الْمَرْمِيُّ (قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَى مَعْصُومٍ، وَلِأَنَّهُ رَمَى مَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِرَمْيِهِ فَلَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي التَّضْمِينِ بِابْتِدَاءِ حَالِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ.
(وَإِنْ قَطَعَ) مُكَلَّفٌ (طَرَفًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْقَاطِعِ) فِي النَّفْسِ لِأَنَّهَا نَفْسُ مُرْتَدٍّ غَيْرِ مَعْصُومٍ وَلَا مَضْمُونٍ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَ ذِمِّيٍّ فَصَارَ حَرْبِيًّا ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَاطِعِ (الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ الْمَقْطُوعِ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرْتَدَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ فَمَعَ الرِّدَّةِ أَوْلَى (يَسْتَوْفِيهِ الْأَمَامُ) لِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ (وَإِنْ عَادَ) الْمَقْطُوعُ (إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ) وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ تَسْرِي فِيهِ الْجِنَايَةُ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حَالَ الْجِنَايَةِ وَالْمَوْتِ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ.
(وَإِنْ جَرَحَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ جَرَحَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ (ثُمَّ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ وَمَاتَ مِنْهُمَا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) لِأَنَّ أَحَدَ الْجُرْحَيْنِ غَيْرُ مَضْمُونٍ أَشْبَهَ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ (وَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ لِذَلِكَ) لِأَنَّ الْجُرْحَ فِي الْحَالَيْنِ كَجُرْحِ اثْنَيْنِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ (وَسَوَاءٌ تَسَاوَى جُرْحَانِ أَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ إنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَ) قَطَعَ (رِجْلَيْهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَوْ بِالْعَكْسِ) أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَرِجْلَيْهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَوْ بِالْعَكْسِ (وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذِمِّيٍّ ثُمَّ صَارَ) الذِّمِّيُّ (حَرْبِيًّا) بِأَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ مُقِيمًا (ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ) لِأَنَّهُ قَتْلٌ لِغَيْرِ مَعْصُومٍ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْمُسْلِمِ إذَا ارْتَدَّ لَا قِصَاصَ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ الْمَقْطُوعِ،.
وَإِنْ قَطَعَ يَدَ
نَصْرَانِيٍّ أَوْ يَهُودِيّ فَتَمَجَّسَ، وَقُلْنَا لَا يُقَرُّ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ، وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مَجُوسِيٍّ فَتَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ ثُمَّ مَاتَ وَقُلْنَا يُقَرُّ وَجَبَتْ دِيَةُ كِتَابِيٍّ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَأُسِرَ وَاسْتُرِقَّ لَمْ يُقْتَلْ بِالْعَبْدِ لِأَنَّهُ حُرٌّ حِينَ الْقِصَاصِ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِي) لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُكَافِئْ الْجَانِيَ كَانَ أَخْذُهُ بِهِ أَخْذَ الْأَكْثَرِ مِنْ الْحَقِّ (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ مُكَافِئًا لِلْجَانِي (أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّ) يَعْنِي أَنْ لَا يَفْضُلَ الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ مُلْكٍ (فَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ بِمِثْلِهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي لَفْظٍ «وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (وَ) يُقْتَلُ (الذِّمِّيُّ الْحُرُّ بِنَفْسِهِ) اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَتْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] وَلَا أَثَرَ لَتَفَاوُتِ الْفَضَائِلِ كَالْعِلْمِ وَالشَّرَفِ (وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ لِحُصُولِ الْمُكَافَأَةِ بَيْنَهُمَا وَيَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) كَالنَّفْسِ (فَلَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ)(دُونَ السَّيِّدِ سَوَاءٌ كَانَا) أَيْ الْعَبْدَانِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (مُكَاتَبَيْنِ أَوْ مُدَبَّرَيْنِ أَوْ أُمَّيْ وَلَدٍ أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ أَوْ لَا) بِأَنْ كَانَا قِنَّيْنِ (وَسَوَاءٌ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ أَوْ لَا أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ لِوَاحِدٍ أَوْ لَا) لِتَسَاوِيهِمْ فِي الرِّقِّ وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.
(وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ) وَلَوْ لِمُسْلِمٍ (عَبْدًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ، قُتِلَ بِهِ) لِأَنَّهُ يُكَافِئُهُ وَإِنْ فَضَلَ سَيِّدُهُ (وَلَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فَضَلَهُ بِالْمِلْكِ (وَيُقْتَلُ) الْمُكَاتَبُ (بِعَبْدِهِ ذِي الرَّحِمِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ فِي الْأَشْهَرِ وَالْأَصَحِّ لَا كَمَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ فَضَلَهُ بِالْمِلْكِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ.
(وَلَوْ قَتَلَ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) كَنِصْفٍ (مِثْلَهُ) بِأَنْ قَتَلَ مُنَصَّفًا (أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ حُرِّيَّةً) بِأَنْ قَتَلَ مُنَصَّفًا مَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ (قُتِلَ بِهِ) لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَمْ يَفْضُلْهُ وَ (لَا) يُقْتَلُ مُبَعَّضٌ (بِأَقَلَّ مِنْهُ حُرِّيَّةً) بِأَنْ قَتَلَ مَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ مُنَصَّفًا مَثَلًا، لِأَنَّ الْقَاتِلَ فَضَلَ بِمَا فِيهِ زَائِدًا مِنْ الْحُرِّيَّةِ (وَإِذَا قَتَلَ الْكَافِرُ الْحُرُّ عَبْدًا مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قِصَاصًا) لِأَنَّهُ فَضَلَهُ بِالْحُرِّيَّةِ (وَتُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ) لِسَيِّدِهِ (وَيُقْتَلُ) الْكَافِرُ (لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ) بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ (وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَلَا
يُعْطَى أَوْلِيَاؤُهُ شَيْئًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَلِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ يُحَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِقَذْفِ الْآخِرِ فَقُتِلَ بِهِ كَالرَّجُلِ بِالرَّجُلِ.
(وَتُقْتَلُ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ) لِأَنَّهَا دُونَهُ (وَيُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (بِالْخُنْثَى وَيُقْتَلُ) الْخُنْثَى (بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِعُمُومِ {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] .
(وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ حُرًّا وَعَبْدًا بِمِثْلِهِ) أَيْ (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) يُقْتَلُ (ذِمِّيٌّ بِمُسْتَأْمَنٍ وَعَكْسُهُ) فَيُقْتَلُ الْمُسْتَأْمَنُ بِالذِّمِّيِّ (وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ أَدْيَانِهِمْ) فَيُقْتَلُ النَّصْرَانِيُّ بِالْيَهُودِيِّ (وَيُقْتَلُ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ بِالْمَجُوسِيِّ) لِأَنَّ الْكُفْرَ يَجْمَعُهُمْ (وَيُقْتَلُ الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ، وَلِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ بِمِثْلِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ أَوْلَى:(إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْكَافِرُ (قَتَلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمَ (وَهُوَ حَرْبِيٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُقْتَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلْ قَاتِلَ حَمْزَةَ (وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ) لِلْمُسْلِمِ (ذِمِّيًّا قُتِلَ لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ) قَطَعَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَالتَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِمَا (وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ) إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ الْمَقْتُولُ حُرًّا (أَوْ قِيمَةُ عَبْدٍ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ الْمَقْتُولُ عَبْدًا) كَمَا لَوْ مَاتَ (وَيُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِالذِّمِّيِّ) وَبِالْمُسْتَأْمَنِ وَلَوْ تَابَ وَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُ (وَيُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ وَنَقْضِ الْعَهْدِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَيَأْتِي فِي الرِّدَّةِ يُقْتَلُ لَهُمَا وَلَا دِيَةَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ (فَإِنْ عَفَا عَنْهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (وَلِيُّ الْقِصَاصِ إلَى الدِّيَةِ فَلَهُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ) مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ كَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ) وَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الْقِصَاصِ (فَ) الدِّيَةُ (فِي ذِمَّتِهِ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ (وَإِنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ بِالرِّدَّةِ أَوْ مَاتَ تَعَلَّقَتْ) الدِّيَةُ (بِمَالِهِ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ.
(وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ ذِمِّيٍّ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْكُفْرِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَالْمُسْتَأْمَنِ.
(وَلَوْ ارْتَدَّ) الْمُسْلِمُ بَعْدَ جِنَايَتِهِ عَلَى الْكَافِرِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ (وَلَا) يُقْتَلُ حُرٌّ وَلَوْ ذِمِّيًّا بِعَبْدٍ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: