الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّلَمِ إنْ أَتَاهَا) الزَّوْجُ (بِنَفَقَةٍ حَرَامٍ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا) بَلْ لَمْ يَجُزْ لَهَا تَنَاوُلُهَا (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي الْمُكَاتَبِ وَيُجْبَرُ قَادِرٌ عَلَى التَّكَسُّبِ) لِيُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ.
(وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ) فَلَا فَسْخَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهَا الصَّبْرُ عَنْهَا (أَوْ) أَعْسَرَ بَ (النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ) فَلَا فَسْخَ كَالصَّدَاقِ إذَا أَعْسَرَ بِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ (أَوْ) أَعْسَرَ بِ (نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ أَوْ) أَعْسَرَ ب (الْإِدَامِ فَلَا فَسْخَ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُهَا الصَّبْرُ عَنْهُ (وَتَبْقَى النَّفَقَةُ) أَيْ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَالنَّفَقَةُ الْمَاضِيَةُ.
(وَ) يَبْقَى (الْإِدَامُ) دَيْنًا (فِي ذِمَّتِهِ) لِأَنَّهَا نَفَقَةٌ تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ فَتَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ لِلْمَرْأَةِ قُوتًا وَهَذَا فِيمَا عَدَا الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَلَعَلَّهُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَعْدُ وَأَمَّا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى فَلَا.
(وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِيفَائِهِ) وَالْإِنْفَاقِ مِنْهُ (فَكَمُوسِرِ) لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ الْفَسْخُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) مِنْ اسْتِيفَائِهِ لِجَحْدٍ أَوْ مَطْلٍ وَنَحْوِهِمَا (فَكَمُعْسِرٍ) لِزَوْجَتِهِ الْفَسْخُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (دَيْنٌ فَأَرَادَ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَيْهَا بِدَيْنِهِ مَكَانَ النَّفَقَةِ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً) بِالدَّيْنِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا إذَنْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوسِرَةً (فَلَا) يَحْتَسِبُ عَلَيْهَا بِدَيْنِهِ مِنْ نَفَقَتِهَا، لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ إنَّمَا يَكُونُ بِمَا فَضُلَ عَنْ الْكِفَايَةِ.
(وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ فَرَضِيَتْ أَوْ زَوْجُ الصَّغِيرَةِ أَوْ) زَوْجُ (الْمَجْنُونَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِنَّ الْفَسْخُ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ لَهُنَّ فَلَمْ يَمْلِكْ الْوَلِيُّ الْفَسْخَ كَالْفَسْخِ لِلْعَيْبِ وَقَالَ الْقَاضِي لِسَيِّدِهَا: الْفَسْخُ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا مُحْتَسِبًا بِالرُّجُوعِ رَجَعَ عَلَى الزَّوْجِ، رَضِيَتْ أَوْ كَرِهَتْ.
[فَصْلٌ مَنَعَ زَوْجٌ مُوسِرٌ كُسْوَةً أَوْ بَعْضَهَا]
(فَصْلٌ وَإِنْ مَنَعَ زَوْجٌ مُوسِرٌ)(أَوْ) مَنَعَ (سَيِّدُهُ إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (عَبْدًا كُسْوَةً أَوْ بَعْضَهَا، وَقُدِّرَتْ لَهُ عَلَى مَالٍ وَلَوْ مِنْ عَيْنِ جِنْسِ الْوَاجِبِ أَخَذَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَيْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، أَوْ مَالِ سَيِّدِهِ (كِفَايَتَهَا وَكِفَايَةَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ عُرْفًا وَنَحْوَهُ) كَالْوَلَدِ الْمَجْنُونِ وَالْخَادِمِ (بِالْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ - حِينَ قَالَتْ لَهُ: «إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مِنْ
النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي -: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهَا بَعْضَ الْكِفَايَةِ وَلَا يُتِمُّهَا لَهَا فَرَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهَا فِي أَخْذِ تَمَامِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا غِنًى عَنْهَا وَلَا قَوَامَ إلَّا بِهَا وَلِأَنَّهَا تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَتَشُقُّ الْمُرَافَعَةُ بِهَا إلَى الْحَاكِمِ وَالْمُطَالَبَةُ بِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَحَدِيثُ " أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَخْ " مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ هِنْدٍ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالنَّفَقَةِ.
(وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ) عَلَى أَخْذِ كِفَايَتِهَا وَكِفَايَةِ وَلَدِهَا مِنْ مَالِهِ (أَخْبَرَهُ الْحَاكِمُ) إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ عَلَى كِفَايَتِهَا وَكِفَايَةِ وَلَدِهَا وَنَحْوِهِ بِالْمَعْرُوفِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ) ذَلِكَ (حَبْسَهُ) لِأَنَّ الْحَاكِمَ وُضِعَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالْحَبْسُ طَرِيقٌ إلَى الْفَصْلِ فَتَعَيَّنَ فِعْلُهُ (فَإِنْ صَبَرَ) الزَّوْجُ (عَلَى الْحَبْسِ وَقَدَرَ الْحَاكِمُ عَلَى مَالِهِ أَنْفَقَ مِنْهُ) عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَجَبَ الدَّفْعُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ مِنْ مَالٍ خَصَمَهُ كَالدَّيْنِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْأَخْذِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ.
(فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْحَاكِمُ (لَهُ عَلَى مَال يَأْخُذُهُ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ) الْحَاكِمُ (عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ وَلَمْ يَجِدْ) الْحَاكِمُ (إلَّا عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا بَاعَهُ وَأَنْفَقَ مِنْهُ فَيَدْفَعُ) الْحَاكِمُ (إلَيْهَا نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ) كَالنَّقْدَيْنِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا وَلَا عَرَضًا وَلَا عَقَارًا (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ كَحَالِ الْإِعْسَارِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ.
وَلَوْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ الزَّوْجَةِ لِفَقْدِ مَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ يُنْفَقُ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْفَسْخِ وَعَدَمُ نَقْضِهِ، لِأَنَّ نَفَقَتَهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ غَائِبًا عَنْهَا لَا عِلْمَ لَهَا بِهِ فَلَا تُكَلَّفَ الصَّبْرَ لِاحْتِمَالِهِ، وَلَا تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُتَيَمِّمِ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ، لِأَنَّ الْمَاءَ فِي قَبْضِهِ وَيَدِهِ وَنِسْيَانُهُ لَا يَخْلُو مِنْ تَقْصِيرٍ وَتَفْرِيطٍ بِخِلَافِ هَذِهِ قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا.
(وَنَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ إذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ) قُلْتُ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ (فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ) لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ أَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْبَابِ بَعْدَهُ) وَحُكْمُ وَكِيلِهِ حُكْمُهُ فِي الْمُطَالَبَةِ وَالْأَخْذِ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (نَفَقَةً وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَالٍ لَهُ وَلَا) عَلَى اسْتِدَانَةٍ (وَلَا) عَلَى (الْأَخْذِ مِنْ وَكِيلِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ كَتَبَ