الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُظَاهِرِ (الْكَفَّارَةُ وَلَوْ مَجْنُونًا) نَصَّ عَلَيْهِ فَلَا تُسْقِطُهُ بَعْد ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ إنَّمَا غَفَلَ عَنْهَا فِي وَقْتِهَا (وَتَحْرِيمُهَا) أَيْ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا (بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ) لِظِهَارِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثِ السَّابِقِ «لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» (وَتُجْزِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ وَلِأَنَّهُ وَجَدَ الظِّهَارَ وَالْعَوْدَ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ.
(وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا) انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحُكْمُ الظِّهَارِ بَاقٍ وَ (لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ وَالْحِلِّ فَبِمِلِكِ الْيَمِينِ أَوْلَى (فَإِنْ عَتَقَهَا عَنْ كَفَّارَتِهِ) أَيْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ مِنْهَا (صَحَّ) الْعِتْقُ وَأَجْزَأَتْهُ حَيْثُ كَانَتْ مُسْلِمَةً سَلِيمَةً لِعُمُومِ الْآيَةِ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْد ذَلِكَ حَلَّتْ لَهُ) بِلَا كَفَّارَةٍ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ (فَإِنْ عَتَقَهَا فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ) عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا بِأَنْ أَعْتَقَهَا تَبَرُّعًا أَوْ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَار مِنْ امْرَأَة لَهُ أُخْرَى (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ) لِظِهَارِهِ مِنْهَا لِبَقَائِهِ كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ تَكَرَّرَ الظِّهَارُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَجْلِسِ كَانَ أَوْ مَجَالِسَ نَوَى التَّأْكِيدَ وَالْإِفْهَامَ) أَوْ الِاسْتِئْنَافَ (أَوْ لَمْ يَنْوِ) بِأَنْ أَطْلَقَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ قَوْلٌ لَمْ يُؤْثِرْ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ ظَاهَرَ ثُمَّ كُفِّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ) لِلظِّهَارِ الثَّانِي قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ فِي الْمَحَلِّ تَحْرِيمًا أَشْبَهَ الْأَوَّل.
(وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَمْ يَجِبْ بِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ (وَإِنْ كَانَ) الظِّهَارُ مِنْ نِسَائِهِ (بِكَلِمَاتٍ بِأَنْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ) لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ فِي مَحَالَّ مُخْتَلِفَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُجِدَتْ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ عُقُوبَةٌ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.
[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ]
ِ وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهَا وَذَلِكَ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ (فَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَيَجِبُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] الْآيَتَيْنِ وَلِحَدِيثِ
خَوْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ حِين ظَاهَرَ مِنْهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَتْ يَعْنِي امْرَأَتَهُ لَا يَجِدُ قَالَ فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» وَهَذَا فِي الْحُرِّ وَيَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ (وَكَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِثْلُهَا) فِيمَا ذَكَرَ وَسَبَقَ ذَلِكَ (وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ مِثْلُهُمَا لَكِنْ لَا إطْعَامَ فِيهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَر فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ كَالْعِتْقِ وَالصِّيَامِ.
(وَالِاعْتِبَارِ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ) لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ (كَالْحَدِّ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِمْكَانُ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى زَكَاةٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِوُجُوبِهَا بَلْ لِلُزُومِ أَدَائِهَا (فَإِنْ وَجَبَتْ) الْكَفَّارَةُ (وَهُوَ مُوسِرٌ) بِهَا (ثُمَّ أُعْسِرَ لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا الْعِتْقُ) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِهِ (وَإِنْ وَجَبَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ) لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ (أَوْ) وَجَبَتْ (وَهُوَ عَبْدٌ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ الصَّوْمُ بَدَلٌ عَنْ الْعِتْقِ فَإِذَا وَجَدَ مَنْ يُعْتِقُهُ وَجَبَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاء قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا لِلْفَرْقِ بَيْنهمَا فَإِنَّ الْمَاءَ إذَا وُجِدَ بَعْد التَّيَمُّمِ بَطَلَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ الْعِتْقَ لَوْ وُجِدَ بَعْدَ فِعْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعْسِرِ إذَا أَيْسَرَ وَالْعَبْدُ إذَا عَتَقَ (الِانْتِقَالُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْعِتْقِ (إنْ شَاءَ) لِأَنَّ الْعِتْقَ هُوَ الْأَصْلُ فَوَجَبَ أَنْ يَجْزِيَهُ كَسَائِرِ الْأُصُولِ.
(وَوَقْتُ الْوُجُوبِ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (مِنْ وَقْتِ الْعُودِ) وَهُوَ الْوَطْءُ (لَا) مِنْ (وَقْتِ الْمُظَاهَرَةِ) لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ حَتَّى يَعُودَ (وَوَقْتُهُ) أَيْ الْوُجُوبُ (فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مِنْ) وَقْتِ (الْحِنْثِ لَا) مِنْ (وَقْتِ الْيَمِينِ) لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ حَتَّى يَحْنَثَ.
(وَ) وَقْتُ الْوُجُوبِ (فِي الْقَتْلِ زَمَنُ الزَّهُوقِ لَا زَمَنَ الْجُرْحِ) لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالزَّهُوقِ (فَإِنْ شَرَعَ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ أَوْ نَحْوِهَا (فِي الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَال إلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعِتْقِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِالصِّيَامِ أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ الْعَجْزُ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلِأَنَّهُ وَجَدَ الْمُبَدِّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَال إلَيْهِ كَالْمُتَمَتِّعِ يَجِدُ الْهَدْيَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي صِيَامِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَيُفَارِقُ مَا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ قَضَاءَهَا يَسِيرٌ (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَعَ إلَى آخِرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَال كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمُقَنَّعِ وَغَيْرِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الرِّوَايَةَ الَّتِي هُوَ مُفَرِّعٌ عَلَيْهَا أَمَّا عَلَى الْأُولَى فَمَتَى وَجَبَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ أَوْ لَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ