الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَنْ قَالَ زَوَّجْتُكَ فَاطِمَةَ وَلَمْ يَقُلْ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ (أَوْ) سَمَّاهَا (بِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ اسْمِهَا (وَلَمْ يَقُلْ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ وَكَذَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ الْكَبِيرَةَ أَوْ الطَّوِيلَةَ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ أَوْ هَذِهِ الصِّفَةَ يَشْتَرِكَانِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْفَوَاطِمِ أَوْ الطِّوَالِ.
(وَكَمَنْ لَهُ بَنَاتٌ فَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ فَقَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَائِشَةَ فَقَبِلَ) الزَّوْجُ (وَنَوَيَا فِي الْبَاطِنِ فَاطِمَةَ) فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُذْكَرْ بِمَا تَتَعَيَّنُ بِهِ فَإِنَّ اسْمَ أُخْتِهَا لَا يُمَيِّزُهَا بَلْ يَصْرِفُ الْعَقْدُ عَنْهَا وَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَلَفَّظَا بِمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ عَائِشَةَ فَقَطْ، أَوْ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّهَا فَفِيمَا سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا أَوْلَى وَكَذَا إنْ قَصَدَ الْوَلِيّ وَاحِدَة وَالزَّوْج أُخْرَى.
(وَإِنْ سُمِّيَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ التَّزَوُّجَ (فِي الْعَقْدِ غَيْر مَنْ خَطَبَهَا فَقَبِلَ يَظُنّهَا الْمَخْطُوبَةَ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِأَنَّ الْقَبُولَ انْصَرَفَ إلَى غَيْرِ مَنْ وُجِدَ الْإِيجَابُ فِيهَا (وَلَوْ رَضِيَ) الزَّوْجُ (بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ) فَلَا يَنْقَلِبُ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَإِنْ قَبِلَ غَيْرُ ظَانٍّ أَنَّهَا الْمَخْطُوبَةُ صَحَّ النِّكَاحُ.
(وَإِنْ كَانَ) الَّذِي سُمِّيَ لَهُ الْعَقْدُ غَيَّرَ مَخْطُوبَتَهُ وَقَبِلَ، يَظُنُّهَا إيَّاهَا (قَدْ أَصَابَهَا) أَيْ وَطِئَهَا (وَهِيَ جَاهِلَةٌ بِالْحَالِ) أَيْ بِأَنَّهَا سُمِّيَتْ لَهُ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ أَنْ خَطَبَ غَيْرَهَا (أَوْ) جَاهِلَةٌ بِ (التَّحْرِيمِ فَلَهَا الصَّدَاقُ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ (يَرْجِعُ بِهِ) الْوَاطِئُ (عَلَى وَلِيِّهَا قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَتُجَهَّزُ إلَيْهِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا (الَّتِي خَطَبَهَا بِالصَّدَاقِ الْأَوَّلِ يَعْنِي بِعَقْدٍ جَدِيدٍ) لَتَوَقَّفَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (بَعْدَ انْقِضَاء عِدَّةِ الَّتِي أَصَابَهَا إنْ كَانَتْ) الْمَخْطُوبَةُ (مِمَّنْ يُحَرَّمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) بِأَنْ كَانَتْ أُخْتَ الْمُصَابَةِ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا وَنَحْوَهُ لِمَا يَأْتِي فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمُصَابَةُ.
(وَلَدَتْ مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ) لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ (وَإِنْ عَلِمَتْ) الْمُصَابَةُ (أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ وَ) عَلِمَتْ (أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ لَا صَدَاقَ لَهَا) وَعَلَيْهَا الْحَدُّ، لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ وَجَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجَةِ يَأْتِي نَظِيرَهُ الزَّوْجُ، وَلَمْ يُنَبِّهُوا عَلَيْهِ لِوُضُوحِهِ.
[الشَّرْط الثَّانِي رِضَى الزَّوْجَيْنِ]
الشَّرْطُ (الثَّانِي رِضَاهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (أَوْ) لَمْ يَرْضَ (أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا فَاعْتُبِرَ تَرَاضِيهِمَا بِهِ كَالْبَيْعِ.
(لَكِنْ لِلْأَبِ) خَاصَّةً (تَزْوِيجُ بَنِيهِ الصِّغَارِ) وَبَنِيهِ (الْمَجَانِينِ وَلَوْ) كَانَ بَنُوهُ الْمَجَانِينِ (بَالِغِينَ) لِأَنَّهُمْ لَا قَوْلَ لَهُمْ فَكَانَ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهِمْ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَرَوَى الْأَثْرَمُ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَاخْتَصَمُوا
إلَى زَيْدٍ فَأَجَازَاهُ جَمِيعًا وَكَأَبِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَحَيْثُ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَهُ لِصِغَرِهِ وَجُنُونِهِ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ (بِغَيْرِ أَمَةٍ) لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ (وَلَا مَعِيبَةٍ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ النِّكَاحُ) كَرَتْقَاءَ وَجَذْمَاءَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ وَيُزَوِّجُ الْأَبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَرِهَا) لِأَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ فَجَازَ لَهُ بَذْلُ الْمَالِ فِيهِ كَمُدَاوَاتِهِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَرْضَى أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمَجْنُونَ، إلَّا أَنْ تُرَغَّبَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَى النِّكَاحِ بِدُونِ ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُمْ) أَيْ لِلْبَنِينَ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ إنْ زَوَّجَهُمْ الْأَبُ (خِيَارٌ إذَا بَلَغُوا) وَعَقَلُوا كَمَا لَوْ بَاعَ مَا لَهُمْ وَنَحْوَهُ.
(وَ) لِلْأَبِ (تَزْوِيجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ وَلَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَمَّا قَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ وَأَثْبَتَ الْحَقَّ لِأَحَدِهِمَا دَلَّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ وَهِيَ الْبِكْرُ فَيَكُونُ وَلِيُّهَا أَحَقَّ مِنْهَا بِهَا وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ هُنَا وَالِاسْتِئْذَانَ فِي حَدِيثِهِمْ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ.
(وَ) لِلْأَبِ أَيْضًا تَزْوِيجُ (ثَيِّبٍ لَهَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ) لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِمْ) أَيْ الْبَنِينَ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ وَالْبِنْتِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ الَّتِي لَهَا دُون تِسْعِ سِنِينَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ تَزْوِيجُ مَنْ ذُكِرَ (لِلْجَدِّ) لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ الْأَبِ، فَلَمْ يَمْلِكْ الْإِجْبَارَ كَالْعَمِّ.
(وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُ بِكْرٍ بَالِغَةٍ هِيَ وَأُمُّهَا أَمَّا) هِيَ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا اسْتِئْذَانُ أُمِّهَا فَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيَكُونُ اسْتِئْذَانُ الْوَلِيِّ لَهَا (بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ يَنْظُرْنَ مَا فِي نَفْسِهَا) لِأَنَّهَا قَدْ تَسْتَحِي مِنْهُ (وَأُمُّهَا بِذَلِكَ أَوْلَى) لِأَنَّهَا تُظْهِرُ عَلَى أُمِّهَا مَا تُخْفِيهِ عَلَى غَيْرِهَا.
(وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ) فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ (بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا.
(وَ) لَهُ تَزْوِيجُهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ (إنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً) نَقَلَهُ فِي الْإِنْصَافِ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ قَالَ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ بَلْ مَفْسَدَةٌ وَصَوَّبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَالَ هُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُزَوِّجُهُ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ لِحَاجَةٍ، وَالْكِفَايَةُ تَحْصُلُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَائِبَةً أَوْ صَغِيرَةً طِفْلَةً وَبِهِ حَاجَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ثَانِيَةً قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي الْوَصَايَا انْتَهَى وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ
وَغَيْرِهِ فَلَا تَضْعِيفَ.
(وَحَيْثُ أُجْبِرَتْ) الْبِكْرُ (أَخَذَ بِتَعْيِينِ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ كُفُؤًا لَا بِتَعَيُّنِ الْمُجْبَرِ) مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُرَادُ لِلرَّغْبَةِ فَلَا تُجْبَرُ عَلَى مَنْ لَا تَرْغَبُ فِيهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْإِجْبَارِ شُرُوطٌ: أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَبِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَأَنْ يُزَوِّجَهَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قُلْتُ وَفِيهِ شَيْءٌ (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمُجْبِرُ (مِنْ تَزْوِيجِ مَنْ عَيَّنَتْهُ) بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ (فَهُوَ عَاضِلٌ سَقَطَتْ وِلَايَتُهُ) وَيُفَسَّقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَمَنْ يُخْنَقُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ) لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ تَثْبُتْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَاقِلِ (أَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِبِرْسَامٍ أَوْ بِمَرَضٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) كَالْعَاقِلِ فَإِنْ دَامَ بِهِ صَارَ كَالْمَجْنُونِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ.
(وَلَيْسَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا وَكَانَ) النِّكَاحُ (أَصْلَحَ لَهُ) بِأَنْ يَكُون زَمِنًا أَوْ ضَعِيفًا يَحْتَاجُ إلَى امْرَأَةٍ تَخْدُمهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ تَزْوِيجُهُ (وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ (قَبُولُ النِّكَاحِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (وَ) لِابْنِهِ (الْمَجْنُونِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الْبَالِغُ الْمَعْتُوهُ.
وَفِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ مَعَ ظُهُورِ أَمَارَاتِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي إنَّمَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ إذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ أَمَارَاتُ الشَّهْوَةِ بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ وَنَحْوِهِ.
(وَيَصِحُّ قَبُولُ مُمَيِّزٍ لِنِكَاحٍ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ نَصًّا) كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَ (لَا) يَصِحُّ قَبُولُ (طِفْلٍ دُونَ التَّمْيِيزِ) لِنِكَاحِهِ (وَلَا) قَبُولُ (مَجْنُونٍ) لِنِكَاحِهِ (وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا) لِأَنَّ قَوْلَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
(وَلِلسَّيِّدِ إجْبَارُ إمَائِهِ الْأَبْكَارِ وَالثَّيِّبِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ مِنْهُنَّ وَلَا بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، لِأَنَّ مَنَافِعَهُنَّ مَمْلُوكَةٌ لَهُ، وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَتِهِنَّ فَأَشْبَهَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَلِذَلِكَ مَلَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْعَبْدَ وَلِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا وَوَلَدِهَا وَتَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مُبَاحَةً أَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ (إلَّا مُكَاتَبَتَهُ) وَلَوْ صَغِيرَةً فَلَا يَجْبُرُهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَلَا يَمْلِكُ إجَارَتَهَا وَلَا أَخْذَ مَهْرِهَا (وَلَوْ كَانَ نِصْفُ الْأَمَةِ حُرًّا لَمْ يَمْلِك مَالِكُ الرِّقِّ إجْبَارَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْعَهَا (وَيُعْتَبَرُ إذْنُهَا) لِمَا فِيهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ.
(وَ) يُعْتَبَرُ (إذْنُ مَالِكِ الْبَقِيَّةِ كَأَمَةٍ لِاثْنَيْنِ)
وَكَذَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقِ لِأَنَّ لَهُ وَلَاءُ مَا أَعْتَقَ مِنْهُمَا فَهُوَ وَلِيُّهُ (وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُعْتِقِ وَمَالِكِ الْبَقِيَّةِ (زَوَّجْتُكَهَا وَلَا يَقُولُ زَوَّجْتُكَ بَعْضَهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ التَّشْقِيصَ وَالتَّجَزُّؤَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ زَمَنِ الْإِيجَابِ مِنْهُمَا أَوْ يَجُوزُ تَرَتُّبُهُمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ قُلْتُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَرَتُّبُهُمَا فِيهِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ.
(وَيَمْلِكُ) السَّيِّدُ (إجْبَارَ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ وَلَوْ) كَانَ الْعَبْدُ (مَجْنُونًا) فَيُجْبِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا مَلَكَ تَزْوِيجَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ فَعَبْدُهُ الذِّمِّيُّ كَذَلِكَ مَعَ مِلْكِهِ، وَتَمَامِ وَلَا يَتِهْ عَلَيْهِ أَوْلَى و (لَا) يَمْلِكُ إجْبَارَ (عَبْدِهِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ كَالْحُرِّ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ خَالِصُ حَقِّهِ وَنَفْعِهِ لَهُ فَلَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ، وَالْأَمْرُ بِإِنْكَاحِهِ مُخْتَصٌّ بِحَالَةِ طَلَبَةِ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَيَامَى وَإِنَّمَا يُزَوَّجْنَ عِنْدَ الطَّلَبِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الْأَوْلِيَاءِ) بَعْدَ الْأَبِ (تَزْوِيجُ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ) بَالِغَةٍ ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا (إلَّا بِإِذْنِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ أَنْ تَسْكُتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (إلَّا الْمَجْنُونَةَ فَلَهُمْ) أَيْ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةِ (إذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْمَيْلُ إلَى الرِّجَالِ) لِأَنَّ لَهَا حَاجَةً إلَى النِّكَاحِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْفُجُورِ وَتَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفَافِ وَصِيَانَةِ الْعِرْضِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إذْنِهَا فَأُبِيحَ تَزْوِيجُهَا كَالْبِنْتِ مَعَ أَبِيهَا (وَيُعْرَفُ ذَلِكَ) أَيْ مَيْلُهَا إلَى الرِّجَالِ مِنْ (كَلَامِهَا وَتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ وَنَحْوِهِ) مِنْ قَرَائِن الْأَحْوَالِ (وَكَذَا إنْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ ثِقَةٌ مِنْهُمْ أَنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَاثْنَانِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (أَنَّ عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا) فَلِكُلِّ وَلِيٍّ تَزْوِيجُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحهَا كَالْمُدَاوَاةِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةِ ذَاتِ الشَّهْوَةِ وَنَحْوِهَا (وَلِيٌّ إلَّا الْحَاكِمَ زَوَّجَهَا) لِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ احْتَاجَ الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ أَوْ) احْتَاجَ (الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ الْبَالِغ إلَى النِّكَاحِ) أَيْ الْوَطْءِ أَوْ (لِحَاجَةٍ غَيْرِهِ) كَخِدْمَةٍ (زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) أَيْ مَعَ عَدَمِهِمَا لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِمَا إذَنْ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَنْ يُخْنَقُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ (وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ) أَيْ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ) وَهُمْ مَنْ عَدَا الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ فِي مَالِهِمَا وَمَصَالِحِهِمَا
الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ (وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجَا) أَيْ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى النِّكَاحِ (فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (تَزْوِيجُهُمَا) لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِمَا بِلَا مَنْفَعَةٍ.
(وَلَيْسَ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ مَنْ عَدَا الْأَبِ وَوَصِيِّهِ الَّذِي نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ (تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ لَهَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ بِحَالٍ) أَيْ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ زَوَّجَ ابْنَةَ أَخِيهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَرُفِعَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّهَا يَتِيمَةٌ وَلَا تُنْكَحُ إلَّا بِإِذْنِهَا» وَالصَّغِيرَةُ لَا إذْنَ لَهَا بِحَالٍ (وَلَا لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهَا) أَيْ بِنْتٍ دُونَ تِسْعِ سِنِينَ كَغَيْرِهِ (خِلَافًا لِمَا فِي الْفُرُوعِ) قَالَ وَعَنْهُ: لَهُمْ تَزْوِيجُهَا كَالْحَاكِمِ (فَإِنَّهُ) أَيْ صَاحِبُ الْفُرُوعِ (لَمْ يُوَافَقْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَ الصَّغِيرَةِ وَإِنْ مَنَعْنَا غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مُوَافِقًا عَلَى ذَلِكَ، بَلْ صَرَّحَ فِي الْمُسْتَوْعَبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَهُ وَجْهٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَصَالِحِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُوَافِقٍ وَلَعَلَّهُ كَالْأَبِ فَسَبَقَ الْعِلْمُ وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ (وَلَهُمْ) أَيْ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ (تَزْوِيجُ بِنْتِ تِسْعِ) سِنِينَ (فَأَكْثَرَ بِإِذْنِهَا وَلَهَا إذْنٌ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ نَصًّا) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ إلَى عَائِشَةَ «إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ» وَرُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمَعْنَاهُ: فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ وَلِأَنَّهَا تَصْلُحُ بِذَلِكَ لِلنِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إلَيْهِ أَشْبَهَتْ الْبَالِغَةَ.
(وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ مَاجَهْ (وَهِيَ) أَيْ الثَّيِّبُ (مَنْ وُطِئَتْ فِي الْقُبُلِ) لَا فِي الدُّبُرِ (بِآلَةِ الرِّجَالِ) لَا بِآلَةٍ غَيْرِهَا (وَلَوْ) كَانَتْ وُطِئَتْ (بِزِنًا) لِأَنَّهُ لَوْ وُصِّيَ لِلثَّيِّبِ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَوْ وُصِّيَ لِلْأَبْكَارِ لَمْ تَدْخُلْ فِيهِنَّ (وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِالثُّيُوبَةِ) بِأَنْ وَطِئَتْ فِي الْقُبُلِ بِآلَةِ رَجُلٍ (وَعَادَتْ الْبَكَارَةُ لَمْ يَزُلْ حُكْمُ الثُّيُوبَةِ) لِأَنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي اقْتَضَتْ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبِكْرِ مُبَاضَعَةُ الرِّجَالِ وَمُخَالَطَتُهُمْ، وَهَذَا مَوْجُودٌ مَعَ عَوْدِ الْبَكَارَةِ.
(وَإِذْنُ الْبِكْرِ الصُّمَاتُ وَلَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي قَالَ رِضَاهَا صُمَاتُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ ضَحِكَتْ
أَوْ بَكَتْ) فَذَلِكَ (كَسُكُوتِهَا) لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ، فَإِنْ بَكَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» وَلِأَنَّهَا غَيْرُ نَاطِقَةٍ بِالِامْتِنَاعِ مَعَ سَمَاعِهَا لِلِاسْتِئْذَانِ فَكَانَ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهَا (وَنُطْقُهَا) أَيْ الْبِكْرُ (أَبْلَغُ) مِنْ سُكُوتِهَا وَضَحِكِهَا وَبُكَائِهَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِذْنِ.
وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِالصُّمَاتِ مِنْ الْبِكْرِ لِلِاسْتِحْيَاءِ (فَإِنْ أَذِنَتْ) الْبِكْرُ نُطْقًا (فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ) الْبِكْرُ نُطْقًا (اسْتَحَبَّ أَنْ لَا يُجْبِرَهَا) عَلَى النُّطْقِ وَاكْتَفَى بِسُكُوتِهَا إنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِالْمَنْعِ فَلَا يُجْبِرُهَا غَيْرُ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَزَوَالُ الْبَكَارَةِ بِأُصْبُعٍ أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ شِدَّةِ حَيْضَةٍ وَنَحْوِهِ) كَسُقُوطٍ مِنْ شَاهِقٍ (لَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الْإِذْنِ) فَلَهَا حُكْمُ الْبِكْرِ فِي الْإِذْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تُخْبَرْ الْمَقْصُودَ وَلَا وُجِدَ وَطْؤُهَا فِي الْقُبُلِ فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَمْ تَزُلْ عُذْرَتُهَا (وَكَذَا وَطْءُ دُبُرٍ) وَمُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الْقُبُلِ (وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْذَانِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ مَعْرِفَتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةُ (بِهِ) أَيْ الزَّوْجِ بِأَنْ يَذْكُرَ لَهَا نَسَبَهُ وَمَنْصِبَهُ وَنَحْوَهُ، لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي إذْنِهَا فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا.
(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي اسْتِئْذَانٍ (تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا فِي النِّكَاحِ وَلَا مَقْصُودًا مِنْهُ.
قُلْتُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا اقْتِرَانُهُ بِالْعَقْدِ فَتَقَدُّمُ الْخِطْبَةِ وَالْإِهْدَاءِ وَنَحْوِهِ إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ مَعَ سُكُوتِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا دَلِيلُ إذْنِهَا (وَلَا) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا) لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَوْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَالِاحْتِيَاطُ الْإِشْهَادُ) عَلَى خُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَعَلَى إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا إنْ اُعْتُبِرَ احْتِيَاطًا.
(وَإِنْ ادَّعَى زَوْجٌ إذْنَهَا) فِي التَّزْوِيجِ لِلْوَلِيِّ (وَأَنْكَرَتْ) الْإِذْنَ لَهُ (صُدِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَ (لَا) تُصَدَّقُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، لِأَنَّ تَمْكِينَهَا مِنْ نَفْسِهَا دَلِيلُ إذْنِهَا فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهَا عَدَمَ الْإِذْنِ بَعْدُ لِمُخَالَفَتِهَا الظَّاهِرَ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ) مَنْ مَاتَ الْعَاقِدُ عَلَيْهَا (الْإِذْنَ) لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا لَهُ (فَأَنْكَرَتْ) وَرَثَتُهُ أَنْ تَكُونَ أَذِنَتْ (صُدِّقَتْ) لِأَنَّهَا تَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ وَهُمْ يَدَّعُونَ فَسَادَهُ فَقُدِّمَ قَوْلُهَا عَلَيْهِمْ لِمُوَافَقَتِهِ الظَّاهِرُ فِي الْعُقُودِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَتَقَرَّرُ الصَّدَاقُ وَتَرِثُ مِنْهُ.
(وَمَنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَجَحَدَتْهُ) فَقَوْلُهَا: لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي (ثُمَّ) إنْ (أَقَرَّتْ لَهُ) بَعْدَ جُحُودِهَا (لَمْ تَحِلَّ لَهُ) بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةٌ لَهُ سَوَاءٌ صَالَحَهَا عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صُلْحٌ أَحَلَّ