الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْل عَلِمَ الْمَدْعُوّ أَنَّ فِي الدَّعْوَة مُنْكَرًا]
فَصْلٌ وَإِنْ عَلِمَ الْمَدْعُوّ أَنَّ فِي الدَّعْوَة مُنْكَرًا (كَالزَّمْرِ وَالْخَمْر وَالْعُودِ وَالطَّبْلِ وَنَحْوِهِ) كَالْجِنْكِ وَالرَّبَابِ (أَوْ) عَلِمَ أَنَّ فِيهَا (آنِيَةَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ فُرُشًا مُحَرَّمَةً وَأَمْكَنَهُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ لَزِمَهُ الْحُضُورُ وَالْإِنْكَارُ) لِأَنَّهُ يُؤَدِّي بِذَلِكَ فَرْضَيْنِ: إجَابَةُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَإِزَالَةُ الْمُنْكَرِ.
(وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) عَلَى إزَالَةِ الْمُنْكَرِ (لَمْ يَحْضُرْ) وَحَرُمَتْ الْإِجَابَةُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْمُنْكَرِ (حَتَّى حَضَرَ وَشَاهَدَهُ أَزَالَهُ وَجَلَسَ) بَعْدَ ذَلِكَ إجَابَةً لِمَنْ دَعَاهُ (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) عَلَى إزَالَتِهِ (انْصَرَفَ) لِمَا تَقَدَّمَ وَرَفَعَ «نَافِعٌ قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ حَتَّى قُلْتُ: لَا فَأَخْرَجَ إصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم صَنَعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْخَلَّالُ.
وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ فَقَالَ الدَّاعِي: نُحَوِّلُهَا فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَيُفَارِقُ مَنْ لَهُ جَارٌ مُقِيمٌ عَلَى الْمُنْكَرِ وَالزَّمْرِ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُ الْمُقَامُ فَإِنَّ تِلْكَ حَالُ حَاجَةٍ لِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ مِنْ الضَّرَرِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ عَلِمَ) الْمَدْعُوُّ (بِهِ) أَيْ بِالْمُنْكَرِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ فَلَهُ الْجُلُوسُ وَالْأَكْلُ نَصًّا (لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ رُؤْيَةُ الْمُنْكَرِ أَوْ سَمَاعُهُ) وَلَمْ يُوجَدْ (وَلَهُ الِانْصِرَافُ) فَيُخَيَّرُ لِإِسْقَاطِ الدَّاعِي حُرْمَةَ نَفْسِهِ بِإِيجَادِ الْمُنْكَرِ.
(وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُوَرُ وَأَمْكَنَهُ حَطُّهَا أَوْ) أَمْكَنَهُ قَطْعُ رُءُوسِهَا؛ (فَعَلَ) لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ (وَجَلَسَ) إجَابَةً لِلدَّاعِي.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ كُرِهَ الْجُلُوسُ إلَّا أَنْ تُزَال) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ انْتَهَى لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ فَقَالَ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ دُخُولَ
الْكَنَائِس وَالْبِيَعِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَهِيَ لَا تَخْلُو مِنْهَا وَكَوْنُ الْمَلَائِكَةِ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ دُخُولِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِيهِ كَلْبٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا صُحْبَةُ رُفْقَةٍ فِيهَا جَرَسُ مَعَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَصْحَبُهُمْ وَيُبَاحُ تَرْكُ الْإِجَابَةِ إذَنْ عُقُوبَةً لِلْفَاعِلِ وَزَجْرًا لَهُ عَنْ فِعْلِهِ.
(وَإنْ عَلِمَ بِهَا) أَيْ بِالصُّوَرِ الْمُعَلَّقَة قَبْلَ الدُّخُولِ كُرِهَ الدُّخُولُ، (وَإِنَّ كَانَتْ) السُّتُورُ الْمُصَوَّرَةُ (مَبْسُوطَةً أَوْ عَلَى وِسَادَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهَا) لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةً لَهَا وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ تَعْلِيقِهَا إنَّمَا كَانَ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ وَالْإِغْرَاءِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْأَصْنَامِ الَّتِي تُعْبَدُ.
وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْبَسْطِ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا عَلَى نُمْرُقَةٍ فِيهَا تَصَاوِيرُ» رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلِأَنَّ فِيهِ إهَانَةً كَالْبَسْطِ (وَيَحْرُمُ تَعْلِيقُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ وَتَصْوِيرِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ (فَإِنْ قَطَعَ إنْسَانُ رَأْسَ الصُّورَةِ) فَلَا كَرَاهَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " الصُّورَةُ الرَّأْسُ فَإِذَا قُطِعَ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ "(أَوْ قُطِعَ مِنْهَا) أَيْ الصُّورَةُ (مَا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بَعْدَ ذَهَابِهِ فَهُوَ كَقَطْعِ الرَّأْسِ كَصَدْرِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ صَوَّرَهَا بِلَا رَأْسٍ أَوْ بِلَا صَدْرِ أَوْ بِلَا بَطْنٍ، أَوْ جَعَلَ لَهَا رَأْسًا مُنْفَصِلًا عَنْ بَدَنِهَا، أَوْ) صَوَّرَ (رَأْسًا بِلَا بَدَنٍ) فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْي.
(وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ يَبْقَى الْحَيَوَانُ بَعْدَهُ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ) حُرِّمَ تَعْلِيقُ مَا هِيَ فِيهِ وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ وَتَصْوِيرُهُ، لِدُخُولِهِ تَحْتَ النَّهْي (وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَيُكْرَهُ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا، أَوْ) بِسُتُورٍ (فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ إنْ كَانَتْ غَيْرَ حَرِيرٍ نَصًّا) لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ، وَذَلِكَ لَا يَبْلُغُ بِهِ التَّحْرِيمَ وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ إلَى الدَّعْوَةِ قَالَ أَحْمَدُ " قَدْ خَرَجَ أَبُو أَيُّوبَ حِينَ دَعَاهُ ابْنُ عُمَرَ فَرَأَى الْبَيْتَ قَدْ سُتِرَ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ عُمَرَ أَقَرّ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ دُعِيَ حُذَيْفَةُ فَخَرَجَ وَإِنَّمَا رَأَى شَيْئًا مِنْ زِيّ الْأَعَاجِمِ (وَ) مَحِلُ الْكَرَاهَةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) فَإِنْ كَانَتْ فَلَا بَأْسَ لِلْحَاجَةِ (كَالسِّتْرِ عَلَى الْبَابِ لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِي جَوَازِ خُرُوجِهِ لِأَجَلِهِ وَجْهَانِ (وَيُحَرَّم سَتْرُ) الْحِيطَانِ (بِحَرِيرٍ) وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ.
(وَ) يَحْرُمُ (الْجُلُوس مَعَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْكَرِ، (وَلَا) يَحْرُمُ الْجُلُوسُ (مَعَ) السَّتْرِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الْحَرِيرِ وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ وَلَمْ يُحْرِزُهُ عَنْهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَج