الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَمِينٌ لَمْ يَجِبْ تَعْيِينُ السَّبَبِ أَيْضًا) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَمْ تَفْتَقِرْ صِحَّةُ أَدَائِهَا إلَى تَعْيِينِ سَبَبِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ (وَلَا تَتَدَاخَلُ) الْكَفَّارَاتُ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا (فَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ نَسِيَ سَبَبَهَا أَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ تَعْيِينَ السَّبَبِ لَيْسَ شَرْطًا، فَإِذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً وَقَعَتْ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ (وَإِنْ كَانَتْ) عَلَيْهِ (كَفَّارَتَانِ مِنْ ظِهَارٍ) بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ زَوْجَتَيْهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (أَوْ) كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ (مِنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ فَقَالَ: أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ هَذِهِ) الزَّوْجَةِ (أَوْ) أَعْتَقْتُ (هَذَا عَنْ هَذِهِ) الزَّوْجَةِ الْأُخْرَى أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهَذَا عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ أَجْزَأَهُ.
(أَوْ) قَالَ أَعْتَقْتُ (هَذَا عَنْ إحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ وَ) أَعْتَقَتْ (هَذَا عَنْ) الْكَفَّارَةِ (الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَجْزَأَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ أَعْتَقَهُمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ (عَنْ الْكَفَّارَتَيْنِ) مَعًا (أَوْ) قَالَ (أَعْتَقْتُ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُعَيَّنَيْنِ (عَنْهُمَا) أَيْ الْكَفَّارَتَيْنِ (جَمِيعًا أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُجْزِئ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ سَبَبِهِمَا) كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ (فَلَا يُجْزِئُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الظِّهَارِ (وَلَا) يُجْزِئُ (تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا) أَيْ الْيَمِينِ (وَلَا) تَقْدِيمِ (كَفَّارَةِ الْقَتْلِ قَبْلَ الْجُرْحِ) لِتَقَدُّمِهَا عَلَى سَبَبِهَا (فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ إنْ تَظَهَّرْتَ عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ ظِهَارِهِ إنْ تَظَهَّرَ) لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يُجْزِئْهُ)(التَّكْفِيرُ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا قَبْلَهُ (وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ ظَاهَرْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ثُمَّ ظَاهَرَ عَتَقَ الْعَبْدُ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الشَّرْطُ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ وَالنِّيَّةُ عِنْد التَّعْلِيقِ لَا تُجْزِئُ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لَهَا عَلَى سَبَبِهَا (فَإِنْ لَمْ) يَجِدْ الْمُظَاهِرَ (مَا يُطْعِمهُ) لِلْمَسَاكِينِ (لَمْ تَسْقُطْ) عَنْهُ الْكَفَّارَةُ (وَتَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ) وَكَذَا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَغَيْرِهَا مَا عَدَا كَفَّارَةَ الْوَطْءِ مِنْ الْحَيْضِ وَكَفَّارَةَ الْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَيُسْقَطَانِ بِالْعَجْزِ (وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ بَعْضُ ذَلِكَ وَ) تَقَدَّمَ أَيْضًا هُنَاكَ (حُكْم أَكْلِهِ) مِنْ كَفَّارَاتِهِ كُلِّهَا.
[كِتَابُ اللِّعَانُ وَمَا يُلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ]
ِ (وَهُوَ) أَيْ اللِّعَانُ مَصْدَرُ لَاعَنَ لِعَانًا إذَا فَعَلَ مَا ذَكَرَ أَوْ لَعَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ
مُشْتَقٌّ مِنْ اللَّعْنِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدِ مِنْهُمَا يَلْعَنُ نَفْسَهُ فِي الْخَامِسَةِ وَقَالَ الْقَاضِي سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فَتَحْصُلُ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ يُقَالُ لَعَنَهُ اللَّه أَيْ أَبْعَدَهُ وَالْتَعَنَ الرَّجُلُ إذَا لَعَنَ نَفْسَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَلَا يَكُونُ اللِّعَانُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ يُقَال: لَاعَنَ امْرَأَتَهُ لِعَانًا وَمُلَاعَنَةً وَتَلَاعُنًا بِمَعْنًى وَلَاعَنَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا وَرَجُلٌ لُعَنَةٌ كَهُمَزَةٍ إذَا كَانَ يَلْعَنُ النَّاسَ كَثِيرًا وَلُعْنَةٌ بِسُكُونِ الْعَيْنِ إذَا كَانَ يَلْعَنُهُ النَّاسُ وَ (شَرْعًا شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِأَيْمَانٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقْرُونَةً بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ قَائِمَةً مَقَامَ حَدِّ قَذْفٍ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُحْصَنَةً (أَوْ) قَائِمَةً مَقَامَ تَعْزِيرٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً (أَوْ) قَائِمَةً مَقَامَ (حَدِّ زِنًا فِي جَانِبِهَا) إذَا أَقَرَّتْ بِالزِّنَا أَوْ حُبِسَ إلَى أَنْ تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَاتِ: نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ مُنْصَرِفُهُ مِنْ تَبُوكِ فِي عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ، أَوْ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمَا وَلَمْ يَقَعْ بَعْدَهُمَا فِي الْمَدِينَةِ إلَّا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةُ شَهِيرَةٌ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يُبْتَلَى بِقَذْفِ امْرَأَتِهِ لِنَفْيِ الْعَارِ وَالنَّسَبِ الْفَاسِدِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ اللِّعَانَ بَيِّنَةً لَهُ وَلِهَذَا «لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبْشِرْ يَا هِلَالُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» .
(إذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ (فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ كَمَا يَأْتِي وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) فِيمَا قَذَفَهَا بِهِ (وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا قَذَفَهَا بِهِ (لَزِمَهُ مَا يُلْزَمُ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْ حَدٍّ) إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً (أَوْ تَعْزِيرٍ) إنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ (وَحُكِمَ بِفِسْقِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةُ (فَإِنْ لَاعَنَ) الزَّوْجُ (وَلَوْ) لَاعَنَ (وَحْدَهْ سَقَطَ عَنْهُ) الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ وَالْحُكْمُ بِفِسْقِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إسْقَاطُ بَعْضِهِ) أَيْ الْحَدِّ (أَيْضًا بِاللِّعَانِ) بِأَنْ لَاعَنَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ (وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ) أَيْ الْحَدِّ سَوْطٌ وَاحِدٌ (وَيَسْقُطُ) الْحَدُّ (أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ أَيْضًا بِتَصْدِيقِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ) عَلَيْهَا بِزِنَاهَا (بَعْد اللِّعَانِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهُمَا) أَيْ مُوجِبُ اللِّعَانِ مِنْ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَانْتِفَاءٌ لِلْوَلَدِ وَمُوجِبُ الْبَيِّنَةِ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا.
(وَصِفَتُهُ) أَيْ اللِّعَانِ (أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ
أَوْ نَائِبِهِ وَكَذَا لَوْ حَكَّمَا) أَيْ الْمُتَلَاعِنَانِ (رَجُلًا أَهْلًا لِلْحُكْمِ وَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ) لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ قَاضِي الْإِمَامِ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ امْرَأَتِي هَذِهِ مِنْ الزِّنَا مُشِيرًا إلَيْهَا) إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً (وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ حُضُورِهَا وَ) مَعَ (الْإِشَارَةِ إلَيْهَا إلَى تَسْمِيَتِهَا) .
(وَ) بَيَانِ (نَسَبِهَا كَمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ) اكْتِفَاءً بِالْإِشَارَةِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً) بِالْمَجْلِسِ (سَمَّاهَا وَنَسَبَهَا) بِمَا تَتَمَيَّز بِهِ حَتَّى تَنْتَفِيَ الْمُشَارَكَةُ بَيْنهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُومَ وَصْفُهَا بِمَا هِيَ مَشْهُورَةٌ بِهِ مَقَامَ الرَّفْعِ فِي نَسَبِهَا، وَيُعِيدُ قَوْله: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إلَخْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (حَتَّى يُكْمِلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَا يَشْتَرِطُ حُضُورُهُمَا) .
أَيْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ (مَعًا بَلْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا عَنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ: أَنْ لَاعَنَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى بَابِهِ لِعُذْرٍ) كَالْحَيْضِ (جَازَ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (ثُمَّ يَقُولُ فِي) الْمَرَّةِ (الْخَامِسَةِ وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ مَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ يَقُولَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ لَا أَرَاهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الِاشْتِرَاطَ (ثُمَّ تَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ زَوْجِي هَذَا لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا وَتُشِير إلَيْهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا) بِالْمَجْلِسِ (وَإِنْ كَانَ غَائِبًا) عَنْ الْمَجْلِسِ (سَمَّتْهُ وَنَسَبَتْهُ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ (وَإِذَا كَمَّلَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ تَقُولُ فِي الْخَامِسَة: وَأَنَّ غَضَب اللَّه عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فَقَطْ وَتَزِيد اسْتِحْبَابًا فِيمَا رَمَانِي مِنْ الزِّنَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ هِيَ فِي الْخَامِسَةِ بِالْغَضَبِ، لِأَنَّ النِّسَاءَ يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ كَمَا وَرَدَ ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ مُحْتَرَزَاتِ ذَلِكَ الَّتِي تُخِلُّ بِصِحَّةِ اللِّعَانِ فَقَالَ (فَإِنْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا أَيْ أَحَدُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ الْأَلْفَاظِ) أَيْ الْجُمَلِ (الْخَمْسَةِ شَيْئًا) لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ فَلَمْ يَجُزْ النَّقْصُ مِنْ عَدَدهَا كَالشَّهَادَةِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ حَيْثُ أَتَى بِالْجُمَلِ الْخَمْسَةِ، كَمَا يُشِير إلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ قَنْدُسٍ فِي حَاشِيَةِ الْفُرُوعِ (أَوْ بَدَأَتْ) الْمَرْأَةُ (بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الرَّجُلِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ وَلِأَنَّ لِعَانَ الرَّجُلِ بَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ وَلِعَانَهَا بَيِّنَةُ الْإِنْكَارُ فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ الْإِنْكَارِ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِثْبَاتِ (أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيْرِ حَضْرَةِ حَاكِمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) لِأَنَّهُ يَمِينٌ فِي دَعْوَى فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَمْرُ الْحَاكِمِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى فَلَوْ لَاعَنَ السَّيِّدُ بَيْنَ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ لَمْ يَصِحَّ (أَوْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ أَوْ أَحْلِفُ أَوْ أُولِي)
لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّ اللِّعَانَ يُقْصَدُ فِيهِ التَّغْلِيظُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ أَبْلَغُ فِيهِ (أَوْ) أَبْدَلَ (لَفْظُ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ أَوْ أَبْدَلَهَا) أَيْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ (بِالْغَضَبِ) لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (أَوْ أَبْدَلَتْ) الْمَرْأَةُ (لَفْظَةَ الْغَضَبِ بِالسَّخَطِ أَوْ قَدَّمَتْ الْغَضَبَ) فِيمَا قَبْلَ الْخَامِسَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.
(أَوْ أَبْدَلَتْهُ) أَيْ الْغَضَبَ (بِاللَّعْنَةِ أَوْ قَدَّمَ) الرَّجُلُ (اللَّعْنَةَ فِيمَا قَبْلَ الْخَامِسَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) لِمُخَالَفَةِ الْمَنْصُوصِ (أَوْ أَتَى بِهِ) أَيْ اللِّعَانِ (أَحَدُهُمَا قَبْلَ إلْقَائِهِ عَلَيْهِ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْحَاكِمُ (أَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ أَحَدُهُمَا اللِّعَانَ (بِشَرْطٍ) لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ (أَوْ لَمْ يُوَالِ) أَحَدُهُمَا (بَيْنَ الْكَلِمَاتِ) فِي اللِّعَانِ عُرْفًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (أَوْ أَتَى بِهِ) أَيْ بِاللِّعَانِ (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ يُحْسِنهَا) مِنْهُمَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِهَا كَأَذْكَارِ الصَّلَاةِ (أَوْ أَتَى) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِاللِّعَانِ (قَبْلَ مُطَالَبَتهَا لَهُ بِالْحَدِّ مَعَ عَدَمِ وَلَدٍ يُرِيدُ نَفْيُهُ) بِاللِّعَانِ (لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) أَيْ بِاللِّعَانِ لِأَنَّ اللِّعَانَ شُرِعَ لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْ الْقَاذِفِ فَإِذَا لَمْ تُطَالِبْ بِالْحَدِّ لَمْ يَكُنْ لِلِّعَانِ فَائِدَةٌ.
فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ صَحَّ اللِّعَانُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ بِالْحَدِّ عَلَى قَوْل الْقَاضِي لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَنَصُّهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ نَفْيَ الْوَلَدِ جَاءَ تَبَعًا لِلِّعَانِ لَا مَقْصُودًا لِنَفْسِهِ فَإِذَا انْتَفَى اللِّعَانُ انْتَفَى نَفْيُ الْوَلَدِ (وَإِنْ عَجَزَا) أَيْ الْمُتَلَاعِنَانِ (عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَلْزَمهُمَا تَعَلُّمهَا وَيَصِحُّ) إذْنَ (بِلِسَانِهِمَا) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ وَكَالنِّكَاحِ (إنْ كَانَ الْحَاكِمُ يُحْسِنُ لِسَانَهُمَا أَجْزَأ ذَلِكَ) وَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا (وَيُسْتَحَبُّ، أَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ أَرْبَعَةً يُحْسِنُونَ لِسَانَهُمَا) لِأَنَّ الزَّوْجَةَ رُبَّمَا أَقَرَّتْ بِالزِّنَا فَيَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهَا (وَإِنْ كَانَ) الْحَاكِمُ (لَا يُحْسِنُ) لِسَانَهُمَا (فَلَا يُجْزِئُ فِي التَّرْجَمَةِ إلَّا عَدْلَانِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَإِذَا فُهِمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ مِنْهُمَا أَوْ كِتَابَتِهِ صَحَّ لِعَانُهُ بِهَا) كَالطَّلَاقِ، وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ مِنْهُمَا وَلَا كِتَابَتُهُ (فَلَا) يَصِحُّ لِعَانُهُ.
(وَإِذَا قَذَفَ الْأَخْرَسُ وَلَاعَنَ) بِالْإِشَارَةِ الْمَفْهُومَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ (ثُمَّ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فَتَكَلَّمَ فَأَنْكَرَ الْقَذْفَ وَاللِّعَانَ لَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُهُ لِلْقَذْفِ) لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ (وَيُقْبَلُ) إنْكَارُهُ (اللِّعَانَ فِيمَا عَلَيْهِ فَيُطَالِبُ بِالْحَدِّ) إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ (وَيَلْحَقهُ النَّسَبُ وَلَا تَعُودُ الزَّوْجِيَّةُ) لِأَنَّهَا حُرِّمَتْ بِاللِّعَانِ عَلَى التَّأْبِيدِ (فَإِنْ لَاعَنَ) حِينَئِذٍ (لِسُقُوطِ الْحَدِّ وَنَفْي النَّسَبِ فَلَهُ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ خَرَسٌ قَبْلُ (وَيَصِحّ اللِّعَانُ مِمَّنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مِنْ نُطْقِهِ بِإِشَارَةٍ) مَفْهُومَةٍ كَالْأَخْرَسِ الْأَصْلِيِّ (فَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ نُطْقِهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَطِبَّاءِ الْمُسْلِمِينَ انْتَظَرَ بِهِ ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَنْطِقَ.
وَفِي التَّرْغِيبِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.