الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجْعِيَّةً كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ دَلَّتْ دَلَالَةَ الْحَالِ) عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْهُمَا فَيُعْمَلُ بِهَا لِقِيَامِهَا مَقَامَ النِّيَّةِ (وَإِنْ نَوَى كُلٌّ) مِنْ وَاهِبٍ وَمَوْهُوبٍ لَهُ بِالْهِبَةِ وَالْقَبُولِ (ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ مَا نَوَاهُ) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ (كَبَقِيَّةِ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ مَوْهُوبٍ لَهُ) بِالْقَبُولِ، الطَّلَاقُ كَمَا تُعْتَبَر نِيَّةُ وَاهِبٍ بِالْهِبَةِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةً كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَقَعُ أَقَلُّهَا إذَا اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ) فَإِذَا نَوَى أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ أَوْ نَوَى أَحَدُهُمَا اثْنَتَيْنِ وَالْآخَرُ ثَلَاثًا فَاثْنَتَانِ (وَإِنْ نَوَى الزَّوْجُ بِالْهِبَةِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَهَبْتُكِ لِأَهْلِكِ أَوْ لِزَيْدٍ أَوْ لِنَفْسِكِ (الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ) مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُولٍ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى قَبُولِهَا) كَمَا لَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ غَيْرِهَا نَاوِيًا الْإِيقَاعَ (وَمِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ النُّطْقُ بِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ تَقَدَّمَا) فِي الْبَابِ أَحَدُهُمَا (إذَا كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا) بِمَا يَبِينُ.
(وَ) الثَّانِي (إذَا طَلَّقَ الْأَخْرَسُ بِالْإِشَارَةِ) الْمَفْهُومَةِ (فَإِنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ كَالْعِتْقِ وَلَوْ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ) أَوْ أَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ (مَعَ نِيَّتِهِ بِقَلْبِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ) عَنْ أَحْمَدَ إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ (لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الطَّلَاقُ (مَا لَمْ يَلْفِظْ بِهِ أَوْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ أَيْ النَّصِّ الْمَذْكُورِ (يَقَعُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ) فَإِنَّهَا لَا تُجْزِيهِ حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقَهُ إذَا حَرَّكَ لِسَانَهُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْلَا الْمَانِعُ وَتَقَدَّمَ وَمُمَيِّزٌ وَمُمَيِّزَةٌ فِي كُلِّ مَا سَبَقَ كَالْبَالِغِينَ.
[بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ]
(بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ) يُعْتَبَرُ (الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَزَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ خَالِصُ حَقِّ الزَّوْجِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَكَانَ اخْتِلَافُهُ مُعْتَبَرًا بِالرَّجُلِ كَعَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَهُمْ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ حُكْمُهُ مُعْتَبَرًا بِهِمْ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «الْأَمَةُ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ» رِوَايَةُ طَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَهُ أَبُو دَاوُد مَعَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ أَخْرَجَهُ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا قَالَ «طَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» (فَيَمْلِكُ الْحُرُّ)
ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ (و) يَمْلِكُ (الْمُعْتَقُ بَعْضَهُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ) أَمَّا الْحُرُّ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَلِأَنَّ تَسْمِيَةَ الطَّلَاقِ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ فَكَمُلَ فِي حَقِّهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلِ إثْبَاتُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ كُلِّ مُطَلِّقٍ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي حَقِّ مَنْ كَمُلَ فِيهِ الرِّقُّ لِمَا سَبَقَ فَفِيمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ (وَيَمْلِكُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ وَنَحْوُهُ) كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (اثْنَتَيْنِ) أَيْ طَلْقَتَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ طَرَأَ رِقُّهُ) عَلَى الطَّلَاقِ (كَلُحُوقِ ذِمِّيٍّ بِدَارِ حَرْبٍ فَاسْتُرِقَّ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ) فَلَا يَمْلِكُ الثَّالِثَةَ هَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ يَمْلِكُ الثَّالِثَةَ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ لَمَّا وَقَعَتَا كَانَتَا غَيْرَ مُحَرِّمَتَيْنِ فَلَا تَنْقَلِبَانِ مُحَرِّمَتَيْنِ بِرِقِّهِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَجْعَلَهُ غَايَةً لِقَوْلِهِ فَيَمْلِكُ الْحُرّ الثَّلَاثَ كَمَا يُرْشِد إلَيْهِ صَنِيعُ صَاحِبِ الْإِنْصَافِ وَالْمُبْدِعِ وَيَمْلِكُ الْقِنُّ وَنَحْوُهُ اثْنَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَلَوْ عَلَّقَ) الْعَبْدُ وَنَحْوُهُ (الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ بَعْدَ عِتْقِهِ طَلُقَتْ) الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا (ثَلَاثًا) لِمِلْكِ الثَّلَاثِ حِينَ الْوُقُوعِ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) الْعَبْدُ (الثَّلَاثَ بِعِتْقِهِ) بِأَنْ قَالَ إنْ عَتَقْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ عَتَقَ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَ (لَغَتْ الثَّالِثَةُ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَالَ الْحُرِّيَّةِ وَمِلْكِ الثَّلَاثِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا لَا مُقَارِنَ لَهَا.
(وَلَوْ عَتَقَ) عَبْدٌ (بَعْدَ طَلْقَةٍ) بِأَنْ طَلَّقَ زَوْجَةً طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ وَأَعَادَهَا بِرَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ (مَلَكَ تَمَامَ الثَّلَاثِ) لِأَنَّ الطَّلْقَةَ لَمْ تَكُنْ مُحَرِّمَةً.
(وَلَوْ عَتَقَ) عَبْدٌ (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ) لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً (أَوْ عَتَقَا) أَيْ الْعَبْدُ وَزَوْجَتُهُ الْأَمَةُ (مَعًا) بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ نِكَاحُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا وَقَعَتَا مُحَرَّمَتَيْنِ، فَلَمْ تَنْقَلِبَا غَيْرُ مُحَرَّمَتَيْنِ (فَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً) لِأَنَّهُمَا غَيْرُهُ بِشُرُوطِهِ (وَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ) لِأَنَّهُ طَلَّقَ نِهَايَةَ عَدَدِهِ كَالْحُرِّ إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا.
(وَإِذَا قَالَ) الزَّوْجُ (أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ) قَالَ: (الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ أَوْ) قَالَ (الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ) قَالَ (يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ أَوْ) قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَلَوْ (لَمْ يَذْكُرْ الْمَرْأَةَ وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ مَا ذُكِرَ كَعَلَيَّ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ (فَصَرِيحٌ) لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (مُنْجَزًا كَانَ) كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ (أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ) كَقَوْلِهِ: أَنْتِ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَنَحْوُهُ (أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ لَأَقُومَنَّ أَوْ لَأَضْرِبَنَّ زَيْدًا فَهُوَ صَرِيحٌ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي عُرْفِهِمْ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَوَّهْتُ بِاسْمِي فِي الْعَالَمِينَا
…
وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي عَامًا فَعَامَا
فَأَنْتِ الطَّالِقُ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ
…
وَأَنْتِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا تَمَامًا
وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنَهُ مَجَازًا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا مَحَلَّ لَهُ يَظْهَرُ سِوَى هَذَا الْمَحَلِّ فَتَعَيَّنَ فِيهِ (وَيَقَعُ) بِهِ (ثَلَاثٌ مَعَ نِيَّتِهَا) كَمَا لَوْ نَوَاهَا بَانَتْ طَالِقٌ (وَمَعَ عَدَمِهَا) أَيْ عَدَمِ نِيَّةِ الثَّلَاثِ بِأَنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ أَطْلَقَ، يَقَعَ (وَاحِدَةً) لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْتَقِدُونَهُ ثَلَاثًا، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَلِهَذَا يُنْكِرُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً.
(فَإِنْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمنِي وَنَحْوَهُ) كَعَلَيَّ الطَّلَاقُ (وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ أَوْ نِيَّةٌ تَقْتَضِي تَخْصِيصًا أَوْ تَعْمِيمًا عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِالسَّبَبِ أَوْ النِّيَّةِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ أَوْ التَّخْصِيصِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ وَلَا نِيَّةٌ يَقْتَضِيَانِ ذَلِكَ (وَقَعَ بِالْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الزَّوْجَات (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ.
(وَإِذَا قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ طَالِقُ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، فَوَقَعَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا؛ وَلِأَنَّ (طَالِق) اسْمُ فَاعِلٍ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْمَصْدَرَ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْفِعْلُ وَالْمَصْدَرُ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (كَنِيَّتِهَا) أَيْ الثَّلَاثَ (بِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ الطَّلَاقَ وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَحْمَدَ يَقَعُ (وَاحِدَةً اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَتَضَمَّنُ عَدَدًا وَلَا بَيْنُونَةً فَلَمْ يَقَعْ بِهِ الثَّلَاثُ وَلِأَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ إخْبَارٌ عَنْ صِفَةٍ هِيَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَتَضَمَّنْ الْعَدَدَ كَقَوْلِهِ: حَائِضٌ وَطَاهِرٌ وَالْأُولَى أَصَحُّ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُمَا فِي حَقِّهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَنَوَى وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الثَّلَاثِ وَالنِّيَّةُ لَا تُعَارِضُ الصَّرِيحَ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا.
(وَلَوْ أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ جَعَلَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا تَنْقَلِبُ ثَلَاثًا.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنَوَى ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَلَوْ وَقَعَ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَعَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (وَأَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ التَّفْسِيرَ يَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ وَذَلِكَ يَحْصُل لِلْبَيَانِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ) أَنَّهَا طَالِقٌ (بِعَدَدِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ قُبِلَ مِنْهُ) وَقَعَ ثِنْتَانِ لِأَنَّ مَا يَدَّعِيه مُحْتَمَلٌ كَمَا لَوْ فَسَّرَ الْمُجْمَلَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ.
وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ أَشَارَ بِالْكُلِّ فَوَاحِدَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا، بَلْ أَشَارَ فَقَطْ فَطَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ إشَارَتَهُ لَا تَكْفِي وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيُعْمَلُ بِهَا.
(وَ) إنْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ (أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، بَلْ هَذِهِ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْأُولَى وَاحِدَةً) لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَالْإِضْرَابُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلطَّلَاقِ بَعْدَ إيقَاعِهِ.
(وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ أَوْقَعَهَا بِهَا وَلِأَنَّ الْإِضْرَابَ إثْبَاتٌ لِلثَّانِي
وَنَفْيٌ لِلْأَوَّلِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ، بَلْ هَذِهِ طَلُقَتَا) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَالِقٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِالثَّالِثَةِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ) بِقُرْعَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ (هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَالِقٌ) لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ (هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَالِقٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِالْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) بِقُرْعَةٍ (كَهَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَالِقٌ) ، وَيَأْتِي فِي بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ لَهُ تَتِمَّةٌ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْثَرَهُ بِ) الثَّاءِ (الْمُثَلَّثَةِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (جَمِيعَهُ أَوْ مُنْتَهَاهُ أَوْ غَايَتَهُ أَوْ) أَنْتِ طَالِقُ (كَعَدَدِ الْحَصَى أَلْفَ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (بِعَدَدِ الْحَصَى أَوْ الْقَطْرِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ الرَّمْلِ أَوْ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَتَعَدَّدُ كَالنُّجُومِ وَالْجِبَالِ وَالسُّفُنِ وَالْبِلَادِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً لِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي عَدَدًا، وَلِأَنَّ الطَّلَاق أَقَلُّ وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ وَأَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ وَالْمَاءُ وَنَحْوُهُ تَتَعَدَّدُ أَنْوَاعُهُ وَقَطَرَاتُهُ أَشْبَهَ الْحَصَى (أَوْ) قَالَ (يَا مِائَةَ طَالِقٍ أَوْ) قَالَ (أَنْتِ مِائَةَ طَالِقٍ وَنَحْوَهُ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (كَمِائَةٍ) يَقَعُ ثَلَاثٌ (فَإِنْ نَوَى) بِأَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ وَنَحْوِهِ (فِي صُعُوبَتِهَا قُبِلَ حُكْمًا) أَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ (إلَّا فِي قَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (كَعَدَدِ أَلْفٍ) أَوْ كَعَدَدِ مِائَةٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَاحِدَةً لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مَكَّةَ وَلَمْ يَنْوِ بُلُوغَهَا) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقُ بَعْدَ مَكَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي) بَابِ (الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ) .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَشَدَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِلْءَ الْبَيْتِ وَنَحْوَهُ) كَالْمَسْجِدِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (مِثْل الْجَبَلِ أَوْ مِثْلَ عِظَمِ الْجَبَلِ فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ) لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَقْتَضِي عَدَدًا وَالطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ تُوصَفُ بِأَنَّهَا تَمْلَأُ الدُّنْيَا ذِكْرُهَا وَأَنَّهَا أَشَدُّ الطَّلَاقِ وَأَعْرَضُهُ، فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا وَقَعَتْ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَقْصَاهُ) فَتَقَعُ وَاحِدَةً (صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَصُحِّحَ فِي التَّنْقِيحِ وَتَصْحِيحُ الْفُرُوعِ أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً) وَتَبِعَهُمَا فِي الْمُنْتَهَى.
(وَ) إنْ قَالَ أَنْتِ (طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ) لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ إذَا كَانَتْ إلَى بِمَعْنَى: مَعَ وَلَا نُوقِعُهُ بِالشَّكِّ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ) وَقَعَ (وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا الَّتِي