الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إبْطَال هَذِهِ الصِّفَةِ) لِأَنَّهُ وَكَالَةٌ وَهِيَ جَائِزَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخَر الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقِ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ وَلَوْ جَعَلَتْ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا) فَخَيَّرَهَا (فَاخْتَارَتْ الزَّوْجَ لَا يَرُدُّ) الزَّوْجُ (شَيْئًا) مِنْ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَاعَلَتْهُ عَلَيْهِ فَاسْتَقَرَّتْ لَهُ.
(وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِدِينَارٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ) عَنْ الْإِسْلَام (لَزِمَهَا الدِّينَارُ) بِالطَّلَاقِ (وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) لِأَنَّهُ عَلَى عِوَضٍ (وَلَا تُؤَثِّرُ الرِّدَّةُ) فِيهِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْد رِدَّتِهَا وَقَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا بَانَتْ بِالرِّدَّةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَمْ يَقَع الطَّلَاقُ) لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ (وَإِنْ كَانَ) طَلَّقَهَا بَعْدَ رِدَّتِهَا وَ (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى رِدَّتِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتِهَا تَبَيَّنَّا عَدَم وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِزَوْجَةٍ) حِينَ طَلَّقَهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً حِينَهُ.
[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ]
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ تَرْكُهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْع (فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَض لَمْ يَقَعْ خُلْعٌ وَلَا طَلَاقٌ) لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ طَلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ فَيَقَعُ) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا عِوَضَ فِيهِ فَكَانَ رَجْعِيًّا كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ شَيْئًا لِأَنَّ الْخُلْعَ إنْ كَانَ فَسْخًا فَالزَّوْجُ لَا يَمْلِكُ فَسْخَ النِّكَاحَ إلَّا بِعَيْبِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فَسَخْتُ النِّكَاحَ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَهُ الْعِوَضُ فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَا يَجْتَمِعْ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ.
(وَلَا يَصِحُّ) الْخُلْعُ (بِمُجَرَّدِ بَذْلِ الْمَالِ وَقَبُولِهِ) مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يَصِحَّ بِدُونِ اللَّفْظِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ قَبْضٌ لِعِوَضٍ فَلَمْ يَقُمْ بِمُجَرَّدِهِ مَقَامَ الْإِيجَاب، كَقَبْضِ أَحَد الْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَمِيلَةَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ اللَّفْظِ.
وَفِي رِوَايَةٍ " فَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا " وَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْفُرْقَةَ
فَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِصَّةِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَعَلَّ الرَّاوِيَ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعِوَضِ عَنْ ذِكْرِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرُوا مِنْ جَانِبِهَا لَفْظًا وَلَا دَلَالَةَ حَالٍ وَلَا بُدَّ مِنْهُ اتِّفَاقًا (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ) بِأَنْ يَقُولَ: خَلَعْتُكِ وَنَحْوِهِ عَلَى كَذَا، فَتَقْوُلُ رَضِيتُ أَوْ نَحْوَهُ.
(فَإِنْ قَالَتْ) لِزَوْجِهَا (بِعْنِي عَبْدَك هَذَا وَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ) أَيْ بَاعَهَا الْعَبْدَ وَطَلَّقَهَا بِالْأَلْفِ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَكَانَ بَيْعًا وَخُلْعًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مُفْرَدًا فَصَحَّا مُجْتَمِعَيْنِ (وَيُقَسِّطُ الْأَلْفَ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى وَ) عَلَى (قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ عِوَضُ الْخُلْعِ مَا يَخُصُّ الْمُسَمَّى أَيْ الْمَهْرُ، وَعِوَضُ الْعَبْدِ مَا يَخُصُّ قِيمَتَهُ، حَتَّى لَوْ رَدَّتْهُ بِعَيْبٍ رَجَعَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا يَخُصُّ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ ثَمَنُهُ (وَإِنْ وَجَدَتْهُ حُرًّا أَوْ) وَجَدَتْهُ (مَغْصُوبًا رَجَعَتْ بِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُهَا) أَيْ ثَمَنُهَا الَّذِي بَذَلَتْهُ عِوَضًا عَنْ الْعَبْدِ (فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ شِقْصٌ مَشْفُوعٌ) وَقَالَتْ لَهُ بِعْنِي شِقْصَكَ هَذَا وَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ وَفَعَلَ صَحَّ وَ (ثَبَتَتْ فِيهِ) أَيْ الشِّقْصِ (الشُّفْعَةُ) لِوُجُودِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الْخُلْعِ، وَيُوَزِّعُ الْأَلْفَ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى وَقِيمَةِ الشِّقْصِ وَ (يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِحِصَّةِ قِيمَتِهِ مِنْ الْأَلْفِ) لِأَنَّهُ ثَمَنُهُ.
(وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا) صَدَاقًا (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا (كُرِهَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ جَمِيلَةَ بِ «وَلَا تَزْدَادُ» (وَصَحَّ) الْخُلْعُ (نَصًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَقَالَتْ الرَّبِيعُ بِنْت مُعَوِّذٍ " اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي بِمَا دُونَ عَقَاصِ رَأْسِي فَأَجَازَ ذَلِكَ عَلِيٌّ " وَاسْتَمَرَّ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ.
(وَالْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ كَالْعِوَضِ فِي الصَّدَاقِ وَالْبَيْعِ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الزَّوَاجِ) إلَّا بِقَبْضِهِ (وَلَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ (التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مُفَصَّلًا (وَإِنْ تَلِفَ) عِوَضُ الْخُلْعِ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عِوَضُهُ) وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْخُلْعُ بِتَلَفِهِ (وَإِنْ كَانَ) عِوَضُ الْخُلْعِ (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ وَلَا مَعْدُودٍ وَلَا مَذْرُوعٍ (دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) قَبْل قَبْضِهِ قُلْتُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهِ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ كَالْمَبِيعِ.
(وَإِنْ خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْحُرِّ فَكَخُلْعٍ بِلَا عِوَض إنْ كَانَا يَعْلَمَانِهِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى رِضَا فَاعِلِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا يُقَالُ هَلَّا يَصِحُّ الْخُلْعُ
وَيَجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ؟ لِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ مِلْك الزَّوْج غَيْرُ مُتَقَدِّمٍ فَإِذَا رَضِيَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلٍ فَفَعَلَهُ وَفَارَقَ النِّكَاحَ فَإِنَّ دُخُولَ الْبُضْعِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ (وَإِنْ كَانَا) أَيْ الْمُتَخَالِعَانِ (يَجْهَلَانِهِ) أَيْ يَجْهَلَانِ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمَا أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ خَمْرٌ (صَحَّ) الْخُلْعُ (وَكَانَ لَهُ بَدَلُهُ) أَيْ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ لِأَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ بِالْبُضْعِ فَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالنِّكَاحِ (وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتَنِي خَمْرًا أَوْ مَيْتَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُطَلَّقِ عَلَيْهَا وَيَكُونُ الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْعِتْقِ.
(وَإِنْ تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ) أَسْلَمَ (أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُخَالِعِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا بِالْخُلْعِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحِقًّا فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَيْهَا) إنْ كَانَتْ هِيَ الْبَاذِلَةُ لَهُ وَإِلَّا فَعَلَى بَاذِلِهِ.
(وَ) إنْ خَالَعَهَا (عَلَى خَلٍّ فَبَانَ خَمْرًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِهِ خَلًّا) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ) فِي الْخُلْعِ (مِثْلِيًّا) وَبَانَ مُسْتَحِقًّا وَنَحْوِهِ (فَلَهُ مِثْلُهُ وَصَحَّ الْخُلْعُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ بَانَ) عِوَضُ الْخُلْعِ (مَعِيبًا فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ أَرْشَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (أَوْ) أَخَذَ (مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةٍ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ كَالْمَبِيعِ وَالصَّدَاقِ وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ طَلُقَتْ وَمَلِكَهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَيْهِ.
(وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ الْمُعَيَّنِ) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرهَا مُدَّة مَعْلُومَةً صَحَّ (أَوْ) خَالَعَهَا (عَلَى سُكْنَى دَار مُعَيَّنَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ) الْخُلْعُ قَلَّتْ الْمُدَّةُ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْخُلْعِ فَفِيهِ أَوْلَى (فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ خَرِبَتْ الدَّارُ أَوْ مَاتَتْ الْمُرْضِعَةُ أَوْ جَفَّ لَبَنُهَا رَجَعَ) الْمُخَالِعُ (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِبَاقِي الْمُدَّةِ يَوْمًا فَيَوْمًا) لِأَنَّهُ ثَبَتَ مُنَجَّمًا فَلَا يَسْتَحِقُّ مُعَجَّلًا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خُبْزٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ كُلّ يَوْمٍ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً فَمَاتَ (وَإِنْ) خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ وَ (أَطْلَقَ الرَّضَاعُ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةٍ (فَحَوْلَانِ) إنْ كَانَ الْخُلْعُ عَقِبَ الْوَضْعِ أَوْ قَبْلَهُ (أَوْ بَقِيَتْهُمَا) إنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِمَا حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] .
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ» يَعْنِي الْعَامَيْنِ (وَكَذَا لَوْ خَالَعَتْهُ) الزَّوْجَةُ (عَلَى كَفَالَتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (أَوْ) خَالَعَتْهُ عَلَى (نَفَقَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَعَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا)
صَحَّ وَلَوْ لَمْ يَصِفْ النَّفَقَةَ، فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الطَّعَامِ وَجِنْسِهِ كَمَا يَأْتِي (وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةَ الرَّضَاعِ) مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ.
(وَ) أَنْ يَذْكُرَ (صِفَةَ النَّفَقَةِ بِأَنْ يَقُولَ تُرْضِعِيهِ مِنْ الْعَشْرِ سِنِينَ حَوْلَيْنِ أَوْ أَقَلَّ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ مَا يَقْتَاتُهُ) الْوَلَدُ (مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ فَيَقُولُ حِنْطَةٌ أَوْ غَيْرُهَا كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا وَ) يَذْكُرُ (جِنْسَ الْأُدْمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مُدَّةَ الرَّضَاعِ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي خَالَعَهَا عَلَى كَفَالَتِهِ النَّفَقَةُ فِيهَا كَالْعَشْرِ سِنِينَ (وَلَا) ذَكَرَ (قَدْرَ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ صَحَّ) الْخُلْعُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ) .
فَمُدَّة الرَّضَاعِ إلَى حَوْلَيْنِ وَالنَّفَقَةُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ مِثْلُهُ (وَلِلْوَلَدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا) أَيْ الْمَخْلُوعَةِ (مَا يَسْتَحِقُّهُ) الْوَلَدُ (مِنْ مُؤْنَةِ الْوَالِدِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْفَقَهُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ وَأَنْفَقَ عَلَى الْوَلَدِ غَيْرَهُ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتهَا فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلَدِ (جَازَ) لِمَا سَبَقَ (فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ) الَّذِي خَالَعَهَا عَلَى إرْضَاعِهِ وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ عَشْرَ سِنِينَ مَثَلًا (بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَلِأَبِيهِ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُؤْنَةِ يَوْمًا فَيَوْمًا كَمَا تَقَدَّمَ) مُوَضَّحًا.
(وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ بَدَلَ الرَّضِيعِ) بِأَنْ يَأْتِيَهَا بِطِفْلٍ آخَرَ (تُرْضِعُهُ أَوْ تَكْفُلُهُ فَأَبَتْ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَتْهُ هِيَ) أَيْ أَرَادَتْ أَنْ يَأْتِيَهَا بِرَضِيعٍ آخَرَ تُرْضِعُهُ أَوْ تَكْفُلُهُ (فَأَبَى لَمْ يُلْزَمَا) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْمَخْلُوعَةَ ذَلِكَ فِي الْأَوْلَى وَلَا الْمُخَالِعَ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَا يُسْتَوْفَى مِنْ اللَّبَنِ أَوْ الْكَفَالَةِ إنَّمَا يَتَقَدَّرُ بِحَاجَةِ الصَّبِيِّ وَحَاجَة الصِّبْيَانِ تَخْتَلِفُ وَلَا تَنْضَبِطُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، كَمَا لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْوَلَدِ.
(وَإِنْ خَالَعَ حَامِلًا عَلَى نَفَقَةِ حَمْلِهَا صَحَّ) الْخُلْعُ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مَوْجُودٍ فَصَحَّ الْخُلْعُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهَا كَنَفَقَةِ الصَّبِيِّ (وَسَقَطَتْ) النَّفَقَةُ (نَصًّا) لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَحَقَّةٌ لَهُ (وَلَوْ خَالَعَهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا بِأَنْ جَعَلَتْ ذَلِكَ عِوَضًا فِي الْخُلْعِ صَحَّ) ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا (وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا لِلْوَلَدِ حَتَّى تَفْطِمَهُ فَإِذَا فَطَمَتْهُ فَلَهَا طَلَبُهُ بِنَفَقَتِهِ) لِأَنَّهَا قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبْ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ فَإِذَا فَطَمَتْهُ لَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ لَهَا فَلَهَا طَلَبُهَا مِنْهُ (وَتَعْتَبِرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَخَالِعَيْنِ (فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صُوَرِ الْخُلْعِ (فَيَقُولُ: خَلَعْتُكِ أَوْ فَسَخْتُ نِكَاحَكِ عَلَى كَذَا أَوْ فَادَيْتُكِ عَلَى كَذَا فَتَقُولُ) هِيَ (قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ) وَنَحْوِهِ (أَوْ تَسْأَلُهُ هِيَ فَتَقُولُ: اخْلَعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَيَقُول خَلَعْتُكِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَاتِ (أَوْ يَقُولُ الْأَجْنَبِيُّ: اخْلَعْهَا أَوْ طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ وَنَحْوِهِ فَيُجِيبُ) الزَّوْجُ فِي الْمَجْلِسِ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ.