الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابْ الْخُلْعِ]
ِ يُقَال: خَلَعَ امْرَأَتِهِ وَخَالَعَهَا مُخَالَعَةً وَاخْتَلَعَتْ هِيَ مِنْهُ فَهِيَ خَالِعٌ وَأَصْلُهُ مِنْ خَلْعِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْخَلِعُ مِنْ لِبَاسِ زَوْجِهَا قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187](وَهُوَ فِرَاقُ) الزَّوْجِ (امْرَأَتَهُ بِعِوَضٍ يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ) مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ) وَفَائِدَتُهُ تَخْلِيصِهَا مِنْ الزَّوْج عَلَى وَجْهٍ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا (وَإِذَا كَرِهَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِخُلُقِهِ أَوْ خَلْقِهِ) أَيْ صُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ (أَوْ) كَرِهَتْهُ (لِنَقْصِ دِينِهِ أَوْ لِكِبَرِهِ أَوْ لِضَعْفِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَخَافَتْ إثْمًا بِتَرْكِ حَقِّهِ فَيُبَاحُ لَهَا أَنْ تُخَالِعَهُ عَلَى عِوَضٍ تَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهَا مِنْهُ) ' لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ِ} [البقرة: 229](وَيُسَنُّ) لَهُ (إجَابَتُهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ مِنْ دِينٍ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنْ أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَأَمَرَهَا بِرَدِّهَا وَأَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ) الزَّوْجُ (لَهُ إلَيْهَا مَيْلٌ وَمَحَبَّةٌ فَيُسْتَحَبُّ صَبْرُهَا وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا) قَالَ أَحْمَدُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْتَلِعَ مِنْهُ وَأَنْ تَصْبِرَ قَالَ الْقَاضِي قَوْلُ أَحْمَدَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَصْبِرَ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالِاخْتِيَارِ وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ (وَإِنْ خَالَعَتْهُ) الْمَرْأَةُ (مَعَ اسْتِقَامَةٍ الْحَالِ كُرِهَ) ذَلِكَ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ وَلِأَنَّهُ عَبَثٌ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (وَوَقَعَ الْخُلْعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] .
(وَإِنَّ عَضَلَهَا أَيْ ضَارّهَا بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا أَوْ مَنَعَهَا حُقُوقَهَا مِنْ الْقَسْم وَالنَّفَقَة وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ نَقَصَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (ظُلْمًا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَض مَرْدُود وَالزَّوْجِيَّة بِحَالِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] وَلِأَنَّ مَا تَفْتَدِي بِهِ نَفْسهَا مَعَ ذَلِكَ عِوَضٌ أُكْرِهَتْ عَلَى بَذْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذُهُ مِنْهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ طَلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) وَلَمْ تَبِنْ مِنْهُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّتِهِ كَانَ (لَغْوًا) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَإِنْ فَعَلَ) الزَّوْجُ (ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُضَارَةِ بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْحُقُوقِ (لَا لِتَفْتَدِيَ) مِنْهُ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْضُلْهَا لِيَذْهَبَ بِبَعْضِ مَالِهَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ إثْمُ الظُّلْمِ (أَوْ فَعَلَهُ لِزِنَاهَا أَوْ نُشُوزِهَا أَوْ تَرْكِهَا فَرْضًا) كَصَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ (فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ) لِقَوْلِهِ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهَا.
(وَلَا يَفْتَقِر الْخُلْعُ إلَى حَاكِمٍ نَصًّا) وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلِأَنَّهُ إنْ قِيلَ إنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَانَ كَالْبَيْعِ أَوْ قِيلَ إنَّهُ قَطْعُ عَقْدٍ بِالتَّرَاضِي كَانَ كَالْإِقَالَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَاكِمٍ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ الْخُلْعِ (فِي الْحَيْضِ) إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِدْخَالِ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَى نَفْسِهَا.
(وَ) لَا بَأْسَ بِهِ فِي (الطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (الْحَيْضِ) .
وَيَصِحُّ الْخُلْعُ (مِنْ كُلِّ زَوْج يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا) بَالِغًا أَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجٌ يَصِحّ طَلَاقُهُ فَصَحَّ خُلْعُهُ وَلِأَنَّهُ إذَا مَلِكَ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى وَظَاهِرْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ.
وَقَالَ فِي الِاخْتِبَارَاتِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ الْعُنَّة أَوْ الْإِعْسَارِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَمْلِكُ الْحَاكِمُ فِيهَا الْفُرْقَةَ (وَيَقْبِضُ) الزَّوْج (عِوَضهُ) إنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (وَإِنْ) كَانَ (مُكَاتَبًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ لِفَلَسِ) لِأَهْلِيَّتِهِ لِقَبْضِهِ.
(فَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَعَبْدٍ) فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ
(وَصَغِيرٌ مُمَيِّزٌ وَسَفِيهٌ) فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا لِحَظِّ أَنْفُسِهِمَا (دَفَعَ الْمَالَ) الْمُخَالَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا (إلَى سَيِّدِ) الْعَبْدِ.
(وَ) إلَى (وَلِيٍّ) صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ، لِقَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَا مَلَكَهُ الْعَبْد بِالْخُلْعِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ فَكَانَ لَهُ قَبْضُهُ (وَلَيْسَ لِلْأَبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلَا طَلَاقُهَا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَالْخُلْعِ فِي مَعْنَاهُ (وَكَذَا لِسَيِّدِهِمَا) أَيْ سَيِّدِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ لَهُ خُلْعُ زَوْجَتِهِمَا وَلَا طَلَاقِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لِأَبٍ خُلْعُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةِ) أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا (وَلِإِطْلَاقِهَا بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفُ بِمَا لِهَا فِيهِ الْحَظُّ، وَلَيْسَ فِي هَذَا حَظٌّ بَلْ فِيهِ إسْقَاطُ حَقِّهَا الْوَاجِبِ لَهَا وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (وَيَصِحُّ مَعَ الزَّوْجَةِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْحَدِيثِ.
(وَ) يَصِحُّ الْخُلْعُ (مَعَ الْأَجْنَبِيِّ لِجَائِزِ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ يَسْأَلَ الزَّوْجَ أَنْ يَخْلَعَ زَوْجَتَهُ بِعِوَضِ بَذْلِهِ وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنِهَا) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (وَيَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ) أَيْ الْخُلْعِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ (بِأَنْ) تَقُولَ الْمَرْأَةُ اخْلَعْنِي عَلَى كَذَا، أَوْ (يَقُولَ الْأَجْنَبِيُّ: اخْلَعْ زَوْجَتَكَ) عَلَى أَلْفٍ (أَوْ) يَقُولُ (طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى سِلْعَتِي هَذِهِ فَيُجِيبُهُ) الزَّوْجُ (فَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (وَيَلْزَم الْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ الْعِوَضُ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ دُونَ الزَّوْجَةِ (وَإِنْ قَالَ) الْأَجْنَبِيُّ اخْلَعْ زَوْجَتَكَ (عَلَى مَهْرِهَا أَوْ) عَلَى (سِلْعَتِهَا وَأَنَا ضَامِنٌ) صَحَّ (أَوْ) قَالَ اخْلَعْهَا (عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِهَا وَأَنَا ضَامِنٌ فَيُجِيبَهُ صَحَّ) الْخَلْعُ لِأَنَّهُ بَاذِلٌ لِلْبَدَلِ وَذِكْرُ مَا أَضَافَهُ إلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لَغْوٌ (وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ مَا سَأَلَهُ الْخُلْعَ عَلَيْهِ (حَيْثُ سُمِّيَ الْعِوَضُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَة قُلْتُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَصِحَّ الْبَذْلَ وَكَذَا لَوْ سَأَلَتْهُ الزَّوْجَةُ أَنْ يُخَالِعهَا عَلَى مَالِ زَيْدٍ إنْ ضَمِنَتْهُ صَحَّ الْخُلْعُ وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ قَالَتْ لَهُ) إحْدَى زَوْجَتَيْهِ (طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهُمَا وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ عَلَى بَاذِلَتِهِ) وَحْدَهَا لِالْتِزَامِهَا لَهُ بِالْعَقْدِ (وَإِنْ طَلَّقَ) الزَّوْجُ (إحْدَاهُمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) لِأَنَّهَا إنَّمَا بَذَلَتْ الْعِوَضَ فِي طَلَاقِهِمَا وَلَمْ يُوجَدُ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ ضَرَّتِي أَوْ) قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ (عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّق ضَرَّتِي فَفَعَلَ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ وَالْبَذْلُ لَازِمَانِ) لِأَنَّهَا بَذَلَتْ عِوَضًا فِي طَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ عَدَمِهِ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي بِالْأَلْفِ (فَإِنْ لَمْ يَفِ لَهَا بِشَرْطِهَا اسْتَحَقَّ عَلَى السَّائِلَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ وَمِنْ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ
لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بِعِوَضِ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ رَجَعَ إلَى مَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ عِوَضًا وَهُوَ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَهُ الْأَلْفُ فَقَطْ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِكَوْنِهِ عِوَضًا عَنْهَا وَعَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَإِذَا جُعِلَ كُلُّهُ عِوَضًا عَنْهَا كَانَ أَحَظَّ لَهُ.
(وَإِنْ خَالَعَتْهُ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدهَا عَلَى شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ أَوْ فِي ذِمَّتِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ إذْ الرَّقِيقُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالْمَجْنُونِ.
(وَ) إنْ خَالَعَتْهُ الْأَمَةُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ السَّيِّدِ (يَصِحُّ) الْخَلْعُ كَالْبَيْعِ (وَيَكُونُ الْعِوَضُ) الَّذِي أَذِنَ لَهَا فِي الْخُلْعِ عَلَيْهِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (كَاسْتِدَانَتِهَا بِإِذْنِهِ) فَيُطَالِبُ بِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُكَاتَبَةِ) إذَا خَالَعَتْهُ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّد لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ صَحَّ (إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ) الْخُلْعُ (بِإِذْنِ سَيِّدِهَا سَلَّمَتْهُ مِمَّا فِي يَدِهَا) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ (شَيْءٌ) مِمَّا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا (فَهُوَ فِي ذِمَّة سَيِّدهَا) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَّبَّرَةِ وَالْمَأْذُونِ لَهَا فِي التِّجَارَةِ ف (إنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ وَلَا إذْنَ لِلْوَلِيِّ فِي التَّبَرُّعَات قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ مَعَ الْإِذْنِ لِلْمَصْلَحَةِ (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا إنْ كَانَ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ) وَكَانَ (دُونَ ثَلَاثٍ) لِأَنَّ الثَّلَاث لَا رَجْعَةَ مَعَهَا (وَإِلَّا) بَلْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَلَا نِيَّتِهِ (كَانَ لَغْوًا) كَخُلُوِّهِ عَنْ عِوَضٍ.
(وَإِنْ تَخَالَعَا هَازِلَيْنِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ صَحَّ) الطَّلَاقُ لِمَا يَأْتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ تَخَالَعَا هَازِلَيْنِ بِغَيْرِ لَفْظِ طَلَاقٍ وَلَا نِيَّتِهِ (فَلَا) يَصِحُّ الْخُلْعُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ (كَمَبِيعٍ وَلَا يَبْطُلُ إبْرَاءُ مَنْ) خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى بَرَاءَتِهِ لَهُ ثُمَّ (ادَّعَتْ سَفَهًا حَالَةَ الْخُلْعِ بِلَا بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِسَفَهِهَا حَالَتُهُ لِأَنَّهَا تَدَّعِي الْفَسَادَ وَالْأَصْلَ الصِّحَّةُ (وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ) عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتهَا، لِأَنَّ لَهَا ذِمَّةٌ يَصِحُّ تَصَرُّفُهَا فِيهَا وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهَا حَالَ حَجْرِهَا كَمَا لَوْ اسْتَدَانَتْ مِنْ إنْسَانٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بَاعَهَا شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتهَا (وَيَكُونُ) مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا (فِي ذِمَّتِهَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إذَا انْفَكَّ عَنْهَا الْحَجْرُ وَأَيْسَرَتْ) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ خَالَعَتْ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ انْتَهَى.