الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ.
(وَلَهُ) صلى الله عليه وسلم (أَنْ يَقْضِيَ) وَيُفْتِيَ (وَهُوَ غَضْبَانُ، وَأَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ وَيَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ، وَيَشْهَدَ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَقْبَلَ شَهَادَةَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ) صلى الله عليه وسلم أَوْ لِوَلَدِهِ لِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ وَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَشْهَدُ وَيَقْبَلُ وَيَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ وَبِإِبَاحَةِ الْحِمَى لِنَفْسِهِ وَتَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ كَانَ لِصَبِيٍّ مَالٌ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ قِيلَ لِلْقَاضِي: الزَّكَاةُ طُهْرَةٌ وَالصَّبِيُّ مُطَهَّرٌ فَقَالَ: بَاطِلٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ ثُمَّ بِالْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - لِأَنَّهُمْ مُطَهَّرُونَ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ وَخَصَائِصُهُ صلى الله عليه وسلم لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيهَا كُتُبٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بَعْضِهَا.
[بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ]
(بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ) أَرْكَانُ الشَّيْءِ أَجْزَاءُ مَاهِيَّتِهِ وَالْمَاهِيَّةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ جُزْئِهَا فَكَذَا الشَّيْءُ لَا يَتِمُّ بِدُونِ رُكْنِهِ وَالشَّرْطُ مَا يَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ بِانْتِفَائِهِ، وَلَيْسَ جَزَاءٌ لِلْمَاهِيَّةِ (وَأَرْكَانُهُ) أَيْ النِّكَاحِ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا (الزَّوْجَانِ الْخَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ) الْآتِيَةِ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ، وَأَسْقَطَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ لِوُضُوحِهِ.
(وَ) الثَّانِي (الْإِيجَابُ وَ) الثَّالِثُ (الْقَبُولُ) لِأَنَّ مَاهِيَّةَ النِّكَاحِ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا وَمُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهِمَا (وَلَا يَنْعَقِدُ) النِّكَاحُ (إلَّا بِهِمَا مُرَتَّبِينَ، الْإِيجَابُ أَوَّلًا وَهُوَ) أَيْ الْإِيجَابُ (اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) كَوَكِيلٍ لِأَنَّ الْقَبُولَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِيجَابِ فَإِذَا وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِعَدَمِ مَعْنَاهُ.
(وَلَا يَصِحُّ إيجَابٌ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ إلَّا بِلَفْظِ: أَنْكَحْتُ أَوْ زَوَّجْتُ) لِوُرُودِهِمَا فِي نَصِّ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22](وَلِمَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ) يَمْلِكُ (بَعْضَهَا الْآخَرُ حُرٌّ) إذَا أَذِنَتْ لَهُ هِيَ وَمُعْتِقُ الْبَقِيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي (أَعْتَقَهَا وَجَعَلْتَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَنَحْوَهُ) مِمَّا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى وَيَأْتِي لِقِصَّةِ صَفِيَّةَ إذْ الْعَادِلُ عَنْ، هَذِهِ الصِّيَغِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا عَادِلٌ عَنْ اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَعَ الْقُدْرَةِ فَإِنْ قُلْتَ
قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً فَقَالَ: مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قُلْتُ وَرَدَ فِيهِ «زَوَّجْتُكَهَا، وَزَوَّجْنَاكَهَا وَأَنْكَحْتُكَهَا» مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَى بِالْمَعْنَى، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَيَكُونُ خَاصًّا بِهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَبْقَى حُجَّةٌ وَيَصِحُّ الْإِيجَابُ مِنْ الْوَلِيِّ بِلَفْظِ زُوِّجْتَ بِضَمِّ الزَّاي وَفَتْحِ التَّاءِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لَا جَوَّزْتُكَ بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ وَسُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقُولَ إلَّا: قَبِلْتُ تَجْوِيزَهَا؟ فَأَجَابَ بِالصِّحَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: جَوْزَتِي طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ.
(وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ لِمَنْ يُحْسِنُهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةَ (إلَّا بِ) لَفْظِ (قَبِلْتُ تَزْوِيجَهَا أَوْ) قَبِلْتُ (نِكَاحَهَا أَوْ) قَبِلْتُ (هَذَا التَّزْوِيجَ أَوْ) قَبِلْتُ (هَذَا النِّكَاحَ أَوْ تَزَوَّجْتُهَا أَوْ رَضِيتُ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ قَبِلْتُ فَقَطْ أَوْ تَزَوَّجْتُ) لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ فَصَحَّ النِّكَاحُ بِهِ كَالْبَيْعِ (أَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ؟ فَقَالَ) الْوَلِيُّ (نَعَمْ وَقَالَ) الْخَاطِبُ (لِلْمُتَزَوِّجِ أَقَبِلْتَ؟ فَقَالَ) الْمُتَزَوِّجُ (نَعَمْ) انْعَقَدَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمَعْنَى: نَعَمْ زَوَّجْتُ، نَعَمْ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ لِأَنَّ السُّؤَالَ يَكُون مُضْمَرًا فِي الْجَوَابِ مُعَادًا فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44] أَيْ نَعَمْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا وَلَوْ قِيلَ لِلرَّجُلِ الْفُلَانِيِّ: عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا صَرِيحًا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى تَغْيِيرِهِ وَبِمِثْلِهِ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي السَّرِقَةِ مَعَ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْعَقِدَ بِهِ التَّزْوِيجُ.
(وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (وَجَمْعُ انْعِقَادِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ لَمْ يُحْسِنْهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ (وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا: يَنْعَقِدُ) النِّكَاحُ (بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ كَانَ وَأَنَّ مِثْلَهُ) أَيْ النِّكَاحِ (كُلُّ عَقْدٍ) فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ كَانَ وَالْإِجَارَةُ بِمَا عَهِدَهُ النَّاسُ إجَارَةً بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ كَانَ.
وَهَكَذَا (وَ) قَالَ أَيْضًا (إنَّ الشَّرْطَ بَيْنَ النَّاسِ مَا عَدُّوهُ شَرْطًا) وَكَذَا قَالَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فَلَوْ تَزَوَّجَ مِنْ قَوْمٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّزَوُّجِ عَلَى نِسَائِهِمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَإِلَى مَأْخَذِهِ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ (فَالْأَسْمَاءُ تُعْرَفُ حُدُودُهَا تَارَةً بِالشَّرْعِ) كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَنَحْوِهَا (وَ) تُعْرَفُ حُدُودُهَا (تَارَةً بِاللُّغَةِ) كَرَجُلٍ وَفَرَسٍ وَشَجَرٍ
وَنَحْوِهَا.
(وَ) تُعْرَفُ حُدُودُهَا (تَارَةً بِالْعُرْفِ) الْعَامِّ كَالدَّابَّةِ الذَّوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ الْخَاصِّ كَالْفَاعِلِ وَالْمُبْتَدَأِ (وَكَذَا الْعُقُودُ) فَتُعْرَفُ حُدُودُهَا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (انْتَهَى) .
وَالْفَرْقُ: أَنَّ الشَّهَادَةَ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ، وَالْكِنَايَةُ إنَّمَا تُعْلَمُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّيَّةِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) لِلنِّكَاحِ (يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ دُونَ الْآخَرِ أَتَى الَّذِي يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ) بِمَا هُوَ مِنْ قِبَلِهِ مِنْ إيجَابٍ أَوْ قَبُولٍ (بِهَا) أَيْ بِالْعَرَبِيَّةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (وَ) الْعَاقِدُ (الْآخَرُ يَأْتِي) بِمَا هُوَ مِنْ قِبَلِهِ (بِلِسَانِهِ) أَيْ بِلُغَتِهِ.
(وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ (لَا يُحْسِنُ لِسَانَ الْآخَرِ تَرْجَمَ بَيْنَهُمَا ثِقَةٌ يَعْرِفُ اللِّسَانَيْنِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ الْقَاضِي وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعَدُّدَهُ أَيْ الثِّقَةَ الَّذِي يُتَرْجِمُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ: أَنَّ التَّرْجَمَةَ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالشَّهَادَةِ، فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا فَلَا بُدَّ فِي التَّرْجَمَةِ عِنْدَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ (وَلَا بُدّ أَنْ يَعْرِفَ الشَّاهِدَانِ اللِّسَانَيْنِ الْمَعْقُودَ بِهِمَا) لِيَتَمَكَّنَا مَنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا عَلَى اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْهُمَا فَإِذَا لَمْ يَعْرِفَاهُ لَمْ يَتَأَتَّ لَهُمَا الشَّهَادَةُ بِهِ (وَيَأْتِي حُكْمُ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ) فِي فَصْلِ: وَإِذَا اسْتَوَى وَلِيَّانِ.
(وَيَصِحُّ إيجَابُ أَخْرَسَ وَقَبُولُهُ) النِّكَاحَ (بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ يَفْهَمُهَا صَاحِبُهُ) الْعَاقِدُ مَعَهُ (وَ) يَفْهَمُهَا (الشُّهُودُ) لِأَنَّ النِّكَاحَ مَعْنَى لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَصَحَّ بِإِشَارَتِهِ كَبَيْعِهِ وَطَلَاقِهِ (أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ وَيَصِحُّ إيجَابُهُ وَقَبُولُهُ مِنْ أَخْرَسَ بِكِتَابَةٍ، لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الْإِشَارَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَ (لَا) يَصِحُّ النِّكَاحُ (مِنْ الْقَادِرِ عَلَى النُّطْقِ) بِإِشَارَةٍ وَلَا كِتَابَةٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا (وَلَا) يَصِحُّ إيجَابُ النِّكَاحِ وَلَا قَبُولِهِ (مِنْ أَخْرَسَ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةِ، لِعَدَمِ الصِّيغَةِ.
(فَإِنْ قَدِرَ عَلَى تَعَلُّمِهِمَا) أَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (مَنْ لَا يُحْسِنهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ) تَعَلُّمُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ غَيْرُ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَلَمْ يَجِبْ تَعَلُّمُ أَرْكَانِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ الْمُعْجِزِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ (وَكَفَاهُ) أَيْ الْعَاجِزُ (مَعْنَاهُمَا الْخَاصُّ بِكُلِّ لِسَانٍ) أَيْ لُغَةٍ عَرَفَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ فِي لُغَتِهِ نَظِيرُ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَفْظٍ لَا يُؤَدِّي مَعْنَى النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ الْخَاصِّ لِأَنَّ مَنْ عَدَلَ عَنْ اللَّفْظِ الْخَاصِّ بِذَلِكَ اللِّسَانِ إلَى غَيْرِهِ يُشْبِهُ مَنْ هُوَ عَرَبِيٌّ وَعَدَلَ عَنْ لَفْظِهِمَا الْخَاصِّ.
(وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْمُتَزَوِّجِ: زَوَّجْتُكَ) مُوَلِّيَتِي (فُلَانَةَ بِفَتْحِ التَّاءِ) مِنْ زَوَّجْتُكَ (عَجْزًا) عَنْ ضَمِّهَا (أَوْ جَهْلًا بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة صَحَّ) النِّكَاحُ وَ (لَا) يَصِحُّ إنْ كَانَ ذَلِكَ (مِنْ عَارِفٍ) بِالْعَرَبِيَّةِ
قَادِرٍ عَلَى إصْلَاحِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَفْتَى الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَتَوَقَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَاصِحُ الْإِسْلَامِ ابْنُ أَبِي الْفَهْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُنْتَهَى وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْتَ بِفَتْحِ التَّاءِ.
(وَإِنْ أَوْجَبَ) الْوَلِيُّ (النِّكَاحَ) وَنَحْوَهُ (ثُمَّ جُنَّ) قَبْلَ الْقَبُولِ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ الْإِيجَابُ بِذَلِكَ كَمَا يَبْطُلُ (بِمَوْتِهِ نَصًّا) لِأَنَّ الْإِيجَابَ قَبْلَ الْقَبُولِ غَيْرُ لَازِمٍ فَبَطَلَ بِزَوَالِ الْعَقْلِ كَالْعُقُودِ الْجَائِزَةِ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ وَ (لَا) تَبْطُلُ (إنْ) أَوْجَبَ ثُمَّ (نَامَ) وَحَصَلَ الْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ النَّوْمَ لَا يُبْطِلُ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ فَكَذَلِكَ هُنَا.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ كَقَوْلِهِ: إنْ وَضَعَتْ زَوْجَتِي جَارِيَةً فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا أَوْ زَوَّجْتُكَ مَا فِي بَطْنِهَا) أَيْ بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ (أَوْ) زَوَّجْتُك (مَنْ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهُمَا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ (لَا يَعْلَمَانِ مَا فِيهَا) أَيْ الدَّارِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (بِخِلَافِ الشُّرُوطِ الْحَاضِرَةِ وَ) الشُّرُوطِ (الْمَاضِيَةِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: زَوَّجْتُك هَذَا الْمَوْلُودَ إنْ كَانَ أُنْثَى أَوْ زَوَّجْتُك ابْنَتِي إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا قَدْ انْقَضَتْ، أَوْ) زَوَّجْتُكَ بِنْتِي (إنْ كُنْتُ وَلِيُّهَا وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهَا أُنْثَى فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي أَوْ أَنَّهُ وَلِيُّهَا فِي الثَّالِثِ (فَإِنَّهُ يَصِحُّ) النِّكَاحُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ حَقِيقَةً إذْ الْمَاضِي وَالْحَاضِرُ لَا يَقْبَلُهُ (وَكَذَا تَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ) كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَبِلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ قَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي إنْ شِئْتَ فَقَالَ: قَدْ شِئْتُ وَقَبِلْتُ فَيَصِحُّ) النِّكَاحُ (قَالَهُ) زَيْنُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَإِذَا وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ انْعَقَدَ النِّكَاحُ وَلَوْ مِنْ هَازِلٍ أَوْ مُلْجَأٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جَدٌّ وَجَدُّهُنَّ جَدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَكَحَ لَاعِبًا أَوْ أَطْلَقَ لَاعِبًا أَوْ عَتَقَ لَاعِبًا جَازَ» وَقَالَ عُمَرُ " أَرْبَعٌ جَائِزَاتٌ إذَا تُكُلِّمَ بِهِنَّ: الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالنَّذْرُ ".
(وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) مُوَضَّحًا (وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ كَقَوْلِهِ: تَزَوَّجْتُ ابْنَتَكَ) فَيَقُولُ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَهَا (أَوْ زَوِّجْنِي ابْنَتَك) فَيَقُولُ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَهَا (لَمْ يَصِحَّ نَصًّا) لِأَنَّ الْقَبُولَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِيجَابِ، فَمَتَى وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِعَدَمِ مَعْنَاهُ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِيجَابِ بِلَفْظِ الطَّلَبِ لَمْ يَصِحَّ وَإِذَا تَقَدَّمَ كَانَ أَوْلَى كَصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ، لِأَنَّهُ لَا