الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ كَالْآمِرِ بِالْعِتْقِ، سَوَاءٌ (ضَمِنَ لَهُ عِوَضًا أَوْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ عِوَضًا لِأَنَّهُ أَذِنَهُ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْهُ.
(وَلَوْ مَلَكَ نِصْفَ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيهِ فَأَعْتَقَهُ) أَيْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ (كُلَّهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ) بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ (سَرَى) الْعِتْقُ (إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَعَتَقَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ) نَصِيبُ شَرِيكِهِ (عَنْ كَفَّارَتِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِالْمُبَاشَرَةِ، بَلْ بِالسِّرَايَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ (وَأَجْزَأَهُ عِتْقُ نَصِيبِهِ) أَيْ يُحْتَسَبُ لَهُ بِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ بَاشَرَ عِتْقَهُ (فَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفًا آخَر أَجْزَأَهُ كَمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَوْ) أَعْتَقَ (نِصْفَيْ أَمَتَيْنِ أَوْ) أَعْتَقَ نِصْفَ أَمَةٍ وَنِصْف عَبْدٍ لِأَنَّ الْأَشْقَاصَ كَالْأَشْخَاصِ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْعَيْبُ الْيَسِيرُ دَلِيلُهُ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ يَمْلِكُ نِصْفَ ثَمَانِينَ مُشَاعًا، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ مُنْفَرِدَةً وَكَالْهَدَايَا وَالضَّحَايَا إذَا اشْتَرَكُوا فِيهَا (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَاقِي مِنْهَا حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (فَأَعْتَقَ جُزْءًا مِنْهُ مُعَيَّنًا أَوْ مُشَاعًا عَتَقَ جَمِيعَهُ) بِالسِّرَايَةِ (فَإِنْ نَوَى بِهِ الْكَفَّارَةَ أَجْزَأَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَ رَقِيقَةً كَامِلَة الرِّقِّ لَهُ، نَاوِيًا بِهَا الْكَفَّارَةَ فَأَجْزَأَتْهُ، وَظَاهِرُ الْمُنْتَهَى لَا يُجْزِئهُ (وَإِنْ نَوَى إعْتَاقَ الْجُزْءِ الَّذِي بَاشَرَهُ بِالْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ دُونَ بَقِيَّتِهِ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ إلَّا بِمَا نَوَى) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
[فَصْل لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً لِيَشْتَرِيَهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَجِدْ ثَمَنَهَا]
فَصْل فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً لِيَشْتَرِيَهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَجِدْ ثَمَنَهَا فَاضِلًا عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ حَوَائِجِهِ أَوْ وَجَدَهَا، لَكِنْ لَا تُبَاعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ تُجْحِفُ بِمَالِهِ أَوْ وَجَدَهَا لَكِنْ احْتَاجَهَا لِخِدْمَةٍ وَنَحْوِهَا (فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] .
وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ، وَمَعْنَاهُ الْمُوَالَاةُ بَيْن صَوْمِ أَيْ أَيَّامِهِمَا (حُرًّا كَانَ) الْمُكَفِّرُ (أَوْ عَبْدًا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْطِرَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الشَّهْرَيْنِ (وَلَا أَنْ يَصُومَ فِيهِمَا عَنْ غَيْرِ الْكَفَّارَةِ) لِئَلَّا يَفُوتَ التَّتَابُعُ (وَلَا يَجِبُ نِيَّةُ التَّتَابُعِ وَيَكْفِي فِعْلُهُ) أَيْ التَّتَابُعِ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ، وَشَرَائِطُ
الْعِبَادَاتِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَإِنَّمَا تَجِبُ النِّيَّةُ لِأَفْعَالِهَا (وَكَالْمُتَابَعَةِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ) فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا فَرْضٌ وَلَا تُعْتَبَرَ نِيَّتُهَا (وَإِنْ تَخَلَّلَ صَوْمَهُمَا صَوْمُ) شَهْرِ (رَمَضَانَ) بِأَنْ يَبْتَدِئَ الصَّوْمُ مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ فَيَتَخَلَّلُهُ رَمَضَانُ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ (أَوْ) تَخَلَّلَهُ (فِطْرٌ وَاجِبٌ كَفِطْرِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ) بِأَنْ يَبْتَدِئَ مَثَلًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَيَتَخَلَّلُ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ، لِأَنَّهُ زَمَنٌ مَنَعَهُ الشَّرْعُ عَنْ صَوْمِهِ فِي الْكَفَّارَةِ كَاللَّيْلِ.
(أَوْ) تَخَلَّلَهُ فِطْرٌ (كَحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ وَقِيسَ عَلَيْهِ النِّفَاسُ (أَوْ) تَخَلَّلَهُ فِطْر لِ (جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ مَرَضٍ وَلَوْ غَيْر مُخَوِّف) لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ، لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِسَبَبٍ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، كَالْحَيْضِ (أَوْ) تَخَلَّلَهُ فِطْرٌ (لِسَفَرٍ مُبِيحَانِ) أَيْ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ (الْفِطْرَ) لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ كَالْمَرَضِ الْمَخُوف (أَوْ) تَخَلَّلَهُ (فِطْرٌ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ لِخَوْفِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ) خَوْفِهِمَا عَلَى (وَلَدَيْهِمَا) لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ، لِأَنَّهُ فِطْرٌ أُبِيحَ لِعُذْرٍ عَنْ غَيْرِ جِهَتِهَا أَشْبَهَ الْمَرَضَ (أَوْ) تَخَلَّلَهُ فِطْرٌ (لِإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ لِخَطَأٍ) لِحَدِيثِ:«عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (لَا) إنْ أَفْطَرَ (لِجَهْلٍ) فَلَا يُعْذَرُ بِهِ.
وَمِثَالُ الْفِطْرِ خَطَأً (كَمَنْ أَكَلَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وَقَدْ كَانَ طَلَعَ أَوْ أَفْطَرَ يَظُنُّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ) لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ لِمَا سَبَقَ (أَوْ وَطِئَ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا وَلَوْ عَمْدًا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ، وَلَا هُوَ مُخِلٌّ بِتَتَابُعِ الصَّوْمِ كَالْأَكْلِ (أَوْ) وَطِئَ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا (نَهَارًا نَاسِيًا لِلصَّوْمِ أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ) لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ (أَوْ) وَطِئَ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا (فِي أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ أَصَابَ الْمُظَاهِرَ مِنْهَا فِي أَثْنَاء الْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ) بِذَلِكَ، فَيُبْنَى عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ وَيُتِمُّهُ.
(وَإِنْ أَفْطَرَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ الشَّهْرَيْنِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَاجِبَ شَهْرٌ وَاحِدٌ) فَأَفْطَرَ (أَوْ) أُفْطَرَ (نَاسِيًا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ أَوْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْر) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ لِقَطْعِهِ إيَّاهُ، وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَخْفَى (أَوْ صِيَامٍ) فِي أَثْنَاء الشَّهْرَيْنِ (تَطَوُّعًا أَوْ قَضَاءً) عَنْ رَمَضَانَ (أَوْ) صَامَ (عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى) انْقَطَعَ، لِأَنَّهُ قَطَعَهُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّز مِنْهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (أَوْ أَصَابَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَوْ نَاسِيًا، أَوْ مَعَ عُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ) كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ (انْقَطَعَ) التَّتَابُعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] .
فَأَمَرَ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ خَالِيَيْنِ عَنْ وَطْءٍ