الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأذان يوم الجمعة
أي متى يشرع.
الحديث الخامس والثلاثون
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ.
قوله: "عن السائب بن يزيد" في رواية عقيل عن الزهري أن السائب بن يزيد أخبره. وفي رواية يونس عنه سمعت السائب وسيأتيان بعد هذا، وقوله:"كان النداء يوم الجمعة" أي: الأذان في رواية أبي عامر عن ابن أبي ذيب عند ابن خزيمة كان ابتداء النداء الذي ذكره الله في القرآن يوم الجمعة، وله عن وكيع عن ابن أبي ذيب:"كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أذانين يوم الجمعة" يريد الأذان والإقامة تغليبًا أو لاشتراكهما في الإِعلام كما في الحديث السابق بين كل أذانين صلاة لمن شاء.
وقوله: "أوله" بالرفع بدل من النداء. وقوله: "إذا جلس الإِمام على المنبر" في رواية أبي عامر المذكورة إذا خرج الإِمام وإذا أقيمت الصلاة، وكذا للبيهقي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذيب وكذا في رواية الماجشون الآتية عن الزهري ولفظه:"وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإِمام على المنبر" وأخرجه الإِسماعيلي عن الماجشون بدون قوله يعني. وللنسائي من رواية سليمان التيمي عن الزهري: "كان بلال يؤذن إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فإذا نزل أقام" قال المهلب: الحكمة في جعل الأذان في هذا المحل ليعرف الناس جلوس الإِمام على المنبر فينصتون له إذا خطب وفيه نظر، فإن في سياق ابن إسحاق عند الطبراني وغيره عن الزهري في هذا الحديث:"أن بلالًا كان يؤذن على باب المسجد"، فالظاهر أنه كان لمطلق الإِعلام لا لخصوص الإنصات نعم، لما زيد الأذان الأول كان للإعلام وكان الذي بين يدي الخطيب للإِنصات.
وقوله: "فلما كان عثمان" أي: خليفة. وقوله: "وكثر الناس" أي: بالمدينة صرّح به في رواية الماجشون وظاهره أن عثمان أمر بذلك في ابتداء خلافته لكن عند أبي نعيم في المستخرج أن ذلك كان بعد مضي مدة من خلافته وفي رواية وكيع عن ابن أبي ذيب فأمر عثمان بالأذان الأول ونحوه للشافعي من هذا الوجه ولا منافاة بينهما؛ لأنه باعتبار كونه جعل مقدمًا على الأذان والإقامة يسمى أولًا وباعتبار كونه مزيدًا يسمى ثالثًا، وكانت مشروعية عثمان له باجتهاده وموافقة سائر الصحابة له
بالسكوت وعدم الإِنكار، فصار إجماعًا سكوتيًا، ولفظ رواية عقيل الآتية بعد بابين أن التأذين بالثاني أمر به عثمان وتسميته ثانيًا أيضًا متجهة بالنظر إلى الأذان الحقيقي لا الإِقامة.
وقوله: "على الزَوراء" أي: بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدودة. وقوله: "قال أبو عبد الله" هو المصنف، وهذا في رواية أبي ذرٍّ وحده وما فسر به الزوراء هو المعتمد وجزم ابن بطال بأنه حجر كبير عند باب المسجد، وفيه نظر لما في رواية ابن إسحاق عن الزهري عند ابن خزيمة وابن ماجه بلفظ زاد النداء الشاك على دار في السوق يقال لها الزوراء.
وفي رواية عند الطبراني: "فأمر بالنداء الأول على دار له يقال لها الزوراء فكان يؤذن له عليها فإذا جلس على المنبر أذن مؤذنه الأول فإذا نزل أقام الصلاة". وفي رواية من هذا الوجه أذن بالزوراء قبل خروجه ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت، وفي مسلم عن أنس "أن نبي الله وأصحابه كانوا بالزوراء، والزوراء بالمدينة عند السوق". زاد أبو عامر عن ابن أبي ذيب "فثبت ذلك حتى الساعة" وسيأتي قريبًا نحوه عن يونس بلفظ: "فثبت الأمر كذلك" والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك لكونه خليفة مطاع الأمر، لكن ذكر الفاكهاني أن أول مَنْ أحدث الأذان الأول (بمكة) الحجاج و (بالبصرة) زياد قال في "الفتح": بلغني أن أهل (المغرب) الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة. قلت: وهم إلى الآن كذلك، وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار، ويحتمل أنه يريد أنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسنًا ومنها ما يكون بخلاف ذلك، وتبيّن بما مضى أن عثمان أحدثه لإِعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسًا على بقية الصلوات فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب، وفيه استنباط معنى من الأصل لا يبطله.
وأما ما أحدث قبل وقت الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض واتباع السلف الصالح أولى، وقد ورد ما يخالف حديث الباب من أن عمر هو الذي زاد الأذان، ففي تفسير جويبر عن مكحول عن معاذ أن عمر أمر مؤذنين أن يؤذنا خارج المسجد للناس الجمعة حتى يسمع الناس، وأمر أن يؤذن بين يديه كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، ثم قال عمر نحن ابتدعناه لكثرة المسلمين وهذا منقطع بين مكحول ومعاذ، ولا يثبت.
وقد تواردت الروايات بأن عثمان هو الذي زاد فهو المعتمد.
وقد أخرج أيضًا عبد الرزاق عن ابن جريج. قال سليمان بن موسى: أول من زاد الأذان بالمدينة عثمان فقال عطاء: كلا إنما كان يدعو الناس دعاء ولا يؤذن غير أذان واحد وعطاء لم يدرك عثمان فرواية مَنْ أثبت ذلك عنه مقدمة على إنكاره، ويمكن الجمع بأن الذي ذكره عطاء هو الذي كان في زمن عمر واستمر على عهد عثمان ثم رأى أن يجعله أذانًا وأن يكون على مكان عالٍ، ففعل