الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب موعظة الإمام النساء يوم العيد إذا لم يسمعن الخطبة مع الرجال
الحديث السابع والعشرون
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ، يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ لَا وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ، تُلْقِى فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ. قُلْتُ أَتُرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ وَيُذَكِّرُهُنَّ قَالَ إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ لَا يَفْعَلُونَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: شَهِدْتُ الْفِطْرَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ، خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجْلِسُ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلَالٌ فَقَالَ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآيَةَ ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ. لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ. قَالَ فَتَصَدَّقْنَ فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ هَلُمَّ لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِي وَأُمِّي، فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْفَتَخُ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وقوله: "فلما فرغ نزل" فيه إشعار بأنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب على مكان مرتفع لما يقتضيه قوله: "نزل"، وقد مرّ في باب (الخروج إلى المُصلّى) أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المُصلّى على الأرض فلعل الراوي ضمن النزول معنى الانتقال. وزعم عياض أن وعظه للنساء كان في أثناء الخطبة وأن ذلك كان في أول الإِسلام وأنه خاص به صلى الله عليه وسلم. وتعقبه النووي بهذه الرواية المصرحة بأن ذلك كان بعد الخطبة وهو قوله:"فلما فرغ أتى النساء".
وقوله: "قلت لعطاء" القائل هو ابن جريج وهو موصول بالإسناد المذكور، ودلَّ هذا السؤال على أن ابن جريج فهم من قوله الصدقة أنها صدقة الفطر بقرينة كونها يوم الفطر. وأخذ من قوله:"وبلال باسط ثوبه" لأنه يشعر بأن الذي يلقي فيه شيء يحتاج إلى ضم فهو لائق بصدقة الفطر المقدرة بالكيل، لكن بيّن له عطاء أنها كانت صدقة تطوع وأنها كانت مما لا يجزىء في صدقة
الفطر من خاتم ونحوه.
وقوله: "تلقي" أي: المرأة، والمراد جنس النساء؛ لذلك عطف عليه بصيغة الجمع فقال ويلقين أو المعنى تلقي الواحدة وكذلك الباقيات يلقين.
وقوله: "فتَخَهَا" بالتحريك آخره خاء معجمة، وللمستملي والحموي "فَتَخَتَها" بتاء التأنيث ويأتي تفسيره عن قريب حذف مفعول يلقين اكتفاء وكرر الفعل المذكور في رواية مسلم إشارة إلى التنويع، وسيأتي في حديث ابن عباس "فيلقين الفَتَخَ والخواتيم".
وقوله: "قلت" القائل هو ابن جريج أيضًا والمسؤول هو عطاء.
وقوله: "إنه لحق عليهم" ظاهره أن عطاء كان يرى وجوب ذلك؟ ولهذا قال عياض: لم يقل بهذا غيره. وأما النووي فحمله على الاستحباب وقال: لا مانع من القول به إذا لم يترتب على ذاك مفسدة.
وقوله: "قال ابن جريج وأخبرني الحسن بن مسلم" هو معطوف على الإِسناد الأول، وقد أفرد مسلم الحديث من طريق عبد الرزاق وساق الثاني قبل الأول فقدم حديث ابن عباس على حديث جابر، وقد تقدم من وجه آخر عن ابن جريج مختصرًا في باب (الخطبة).
وقوله: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم" كذا فيه بغير أداة عطف، وسيأتي في تفسير الممتحنة من وجه آخر عن ابن جريج بلفظ "فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم" وكذا المسلم من طريق عبد الرزاق هذه.
وقوله: "ثم يُخطبُ" بضم أوله على البناء للمفعول.
وقوله: "حين يجلِّس" بتشديد اللام المكسورة وحذف مفعوله، وهو ثابت في رواية مسلم بلفظ "يجلس الرجال بيده" وكأنهم لما انتقل من محل خطبته أرادوا الانصراف فأمرهم بالجلوس حتى يفرغ من حاجته ثم ينصرفوا جميعًا، أو لعلهم أرادوا أن يتبعوه فمنعهم.
وقوله: "فقالت امرأة واحدة منهن لم يجبْه غيرها: نعم"، زاد مسلم "يا نبي الله" وفيه دلالة على الاكتفاء في الجواب بنعم وتنزيلها منزلة الإِقرار، وأن جواب الواحد عن الجماعة كاف إذا لم ينكروا ولم يمنع مانع من إنكارهم.
وقوله: "لا يدري حسن من هي" حسن هو الراوي له عن طاووس. وفي مسلم وحده "لا يدرى حينئذ" وجزم جمع من الحفاظ بأنه تصحيف، ووجهه النووي بأمر محتمل لكن اتحاد المخرج قال على ترجيح رواية الجماعة، والفرق بين الروايتين أن في رواية الجماعة تعيين الذي لم يدر مَنْ المرأة بخلاف رواية مسلم، ويحتمل أن تكون هذه المرأة هي أسماء بنت يزيد بن السكن؛ لأنها روت أصل هذه القصة في حديث أخرجه البيهقي والطبراني عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجَ إلى النساءِ وأنا معهنَّ فقال يا معشرَ النساءِ إنكنَّ أكثرُ حطب جهنمَ، فناديتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكنتُ عليه جريئة لمَ