الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب سجود القرآن وسنتها
كذا للمستملي، وسقطت البسملة لأبي ذر، ولغير المستملي
باب ما جاء في سجود القرآن
. وقوله: "وسنتها" بتاء التأنيث أي: سجدة التلاوة، وللأصيلي "وسننه" بتذكير الضمير أي: سجود السهو ويأتي حكم سجودها عند الأئمة في باب مَنْ قرأ السجدة ولم يسجد. وقد وردت في القرآن في خمسة عشر موضعًا لحديث عمرو بن العاص، عند أبي داود والحاكم بإسناد حسن "اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان". واتفقت الحنفية والشافعية على السجود في أربع عشرة منها، إلَاّ أن الشافعية قالوا في الحج سجدتان، وليس سجدة ص سجدة تلاوة، بل سجدة شكر، والحنفية قالوا بها إلا ثانية الحج، وعند الحنابلة مثل ما عند الشافعية، وعند المالكية في المشهور. وهو القول القديم للشافعي إنها إحدى عشر فلم يعدوا ثانية الحج ولا ثلاثة المفصل، لما رواه أبو داود وغيره عن ابن عباس أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة. ولأن ثانية الحج وقعت في مقابلة الركوع في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} . والركوع أحد أركان الصلاة، فلا تكون محل سجود وأجاب القائلون بالسجود في المفصل عن الحديث المذكور في بعض رواته ضعف، وأن في إسناده اختلافًا، وعلى تقدير ثبوته، فرواية من أثبت ذلك أرجح. إذ المثبت مقدم علي المنافي وسيأتي عند المصنف عن أبي هريرة ثبوت السجود في "إذا السماء انشقت".
وروى البزار والدارقطني عن أبي هريرة أن صلى الله عليه وسلم سجد في سورة النجم، وسجدنا معه. الحديث. رجاله ثقات. وروى ابن مردويه في "التفسير" بإسناد حسن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة سجد في خاتمة النجم فسأله، فقال: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها وأبو هريرة إنما أسلم بالمدينة. وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن الأسود بن يزيد عن عمر أنه سجد في "إذا السماء انشقت" ومن طريق نافع عن ابن عمر أنه سجد فيها. قال في "الفتح": وفي هذا رد على مَنْ زعم أن عمل أهل المدينة استمر على ترك السجود في المفصل، ويحتمل أن يكون المنفي المواظبة على ذلك؛ لأن المفصل تكثر قراءته في الصلاة، فترك السجود فيه كثيرًا؛ لئلا تختلط الصلاة على مَنْ لم يفقه.
أشار إلى هذه العلة مالك في قوله: "بترك السجود" أصلًا في المفصل. وقال ابن القصار:
الأمر بالسجود في النجم ينصرف إلى الصلاة. ورد بفعله عليه الصلاة والسلام كما يأتي قريبًا، وزعم بعضهم أن عمل أهل المدينة استمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم على ترك السجود، وفيه نظر. لما رواه الطبري بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر أنه قرأ النجم في الصلاة، فسجد فيها، ثم قام فقرأ:"إذا زلزلت". وعن نافع عن ابن عمر أنه سجد في النجم. ا. هـ ما نقله. وقد قالت المالكية: إن إجماع فقهاء المدينة وقرائها على ترك السجود فيها مع تكرار القراءة ليلاً ونهارًا، وإن ذلك يدل على النسخ إذْ لا يجمعون على ترك سنة.
قلت: فلعل الإجماع انعقد بعد عمر وابنه رضي الله تعالى عنهما، أو ما نقل عنهما غير صحيح. ومحال السجود في الأعراف عند آخرها "وله يسجدون"، والرعد عقب:"والأصال"، وفي النحل:"ويفعلون ما يؤمرون"، وفي الإسراء:"ويزيدهم خشوعًا"، وفي مريم:"وبكيًا"، وأول الحج:"يفعل ما يشاء". وثانيها "لعلكم تفلحون"، وفي الفرقان:"وزادهم نفورًا"، وفي النمل:"العرش العظيم".
وعند الحنفية: "وما يعلنون"، والم السجدة:"لا يستكبرون"، وص:"وأناب"، وفصلت:"يسأمون"، وعند المالكية:"تعبدون". وآخر النجم والانشقاق: "لا يسجدون"، والعلق آخرها، فلو سجد قبل تمام الآية ولو بحرف، لم يصح؛ لأن وقتها إنما يدخل بتمامها.
وقد مرّت مذاهب الأئمة الأربعة في عدد السجدات، وفيها أقوال أُخر قيل: إنها خمسة عشر كما ورد في الحديث السابق، وبه قال المدنيون عن مالك مكملتها ثانية الحج، وهو مذهب عمر وابنه عبد الله والليث وإسحاق وابن المنذر رواية عن أحمد، واختاره المروزي وابن سريج الشافعيان. وقيل: أربع عشرة بإسقاط سجدة النجم. وهو قول أبي ثور، وقيل: ثنتا عشرة بإسقاط ثانية الحج وص والانشقاق، وهو قول مسروق رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه، وقيل: ثلاث عشرة بإسقاط ثانية الحج والانشقاق، وهو قول عطاء الخراساني وقيل: عزائم السجود خمس: الأعراف، وبنو إسرائيل، والنجم، والانشقاق، واقرأ باسم ربك. وهو قول ابن مسعود، رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم عنه.
وقيل: عزائمه أربع: الم تنزيل، وحم تنزيل، والنجم واقرأ باسم ربك، وهو مروي عن علي -رضي الله تعالى عنه- رواه ابن أبي شيبة عنه وقيل: عزائم السجود، الم تنزيل، والأعراف، وحم تنزيل، وبنو إسرائيل. وهو مذهب عبيد بن عمير. "والعزائم" هي المأمورات التي يعزم الناس بالسجود فيها، وقيل: هي ما ثبت بدليل شرعي خال عن معارض راجح، وعن علي ما ورد الأمر فيه بالسجود عزيمة، وقيل: يشرع السجود عند كل لفظ وقع فيه الأمر بالسجود، أو الحث عليه أو الثناء على فاعله، أو سيق مساق المدح، وهذا يبلغ عددًا كثيراً. وقد أشار إليه أبو محمد بن الخشاب في قصيدته الألغازية قال ابن حزم: ثانية الحج لا نقول بها أصلًا في الصلاة، وتبطل الصلاة بها إذا