الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصلاة في كسوف القمر
الحديث الحادي والعشرون
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
اعترض عليه بأن هذا الحديث المختصر ليس فيه ذكر القمر، لا بالتنصيص، ولا بالاحتمال. والجواب: أنه أراد أن يبين أن المختصر بعض الحديث المطول. ويأتي توجيه المطول قريبًا.
رجاله ستة:
قد مرّوا إلَاّ سعيدًا، مرّ محمود بن غيلان في السابع والأربعين من مواقيت الصلاة، ومرّ شعبة في الثالث من الإيمان، ومرّ يونس والحسن وأبو بكرة في الرابع والعشرين من الإيمان. وسعيد: هو ابن عامر الضبعي أبو محمد البصري قال يحيى بن سعيد: هو شيخ العصر منذ أربعين سنة، وقال أيضًا: إني لأغبط جيرانه. وقال ابن مهدي لابنه: الزمه فلو حدّثنا كل يوم حديثًا لأتيناه. وقال زياد بن أيوب: ما رأيت بالبصرة مثله، وقال ابن معين: حدّثنا سعيد بن عامر الثقة المأمون. وقال أبو حاتم: كان رجلًا صالحًا، وكان في حديثه بعض الغلط، وهو صدوق. وقال ابن سعد: كان رجلًا صالحًا. وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال العجلي: ثقة، رجل صالح من خيار الناس. وقال ابن قانع: ثقة.
روى عن جويرية بنت أسماء وشعبة وهمّام بن يحيى وغيرهم، وروى عنه أحمد وعلي ابن المديني وابن معين وغيرهم. ولد سنة اثنين وعشرين ومائة ومات لأربع بقين من شوال سنة ثمانية ومائتين.
الحديث الثاني والعشرون
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ، وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذَاكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا
حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ".
وذاك أن ابنًا للنبي صلى الله عليه وسلم مات يُقال له إبراهيم فقال الناس في ذاك.
وجه مطابقة الحديث للترجمة يؤخذ من قوله: "وإذا كان ذلك فصلوا" بعد قوله: "إن الشمس والقمر" وقد وقع في بعض طرقه ما هو أصرح من ذلك، فعند ابن حِبّان عن يونس بن عبيد في هذا الحديث. فإذا رأيتم شيئًا من ذلك. وفي حديث عبد الله بن عمرو:"فإذا انكسف أحدهما". وقد تقدم حديث أبي مسعود بلفظ: "كسوف أيهما انكسف". وعند ابن حِبّان من وجه آخر أنه صلى الله عليه وسلم صلّى في كسوف القمر ولفظه: عن النضر بن شميل عن أشعث بإسناده. في هذا الحديث: صلّى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم.
وأخرجه الدارقطني أيضًا. وفي هذا ردٌ على مَنْ أطلق، كابن رشد أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه، ومنهم مَنْ أوّل قوله:"صلى" أي: أمر بالصلاة جمعًا بين الروايتين.
وعند المالكية والحنفية لا يجمع في خسوف القمر. ونصت المالكية: على كراهية الجمع فيها؛ لتعذر اجتماع الناس بالليل غالبًا، وعند الشافعي يصلى لخسوف القمر كما يصلى لكسوف بجماعة وركوعين، وبالجهر بالقراءة وبخطبتين بينهما جلسة، وبه قال أحمد وإسحاق إلاّ في الخطبة. واستدل مالك وأبو حنيفة بأنه صلى الله عليه وسلم جمع لكسوف الشمس، ولمّا خسف القمر في جمادى الآخرة سنة أربع، ذكره ابن الجوزي وغيره لم يجمع فيه. وقال مالك: لم يبلغنا، ولا أهل بلدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع لخسوف القمر، ولا نقل عن أحدٍ من الأئمة بعده أنه جمع بعده.
وقال صاحب الهدى: لم ينقل أنه صلى في كسوف القمر في جماعة، لكن حكى ابن حِبّان في "السيرة" له: أن القمر خسف في السنة الخامسة فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف. وكانت أول صلاة كسوف في الإِسلام. وقد جزم به مغلطاي في "سيرته المختصرة"، وتبعه العراقي في نظمها.
وروى الدارقطني عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات، وأربع سجدات، ويقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، أو الروم، وفي الثانية بيس. وفي حديث قبيصة مرفوعًا:"إذا انكسف الشمس أو القمر، فصلوا". وروى الدارقطني بسند جيد عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في كسوف الشمس والقمر ثمان ركعات، في أربع سجدات. وفي رواية الأصيلي في حديث أبي بكرة هذا انكسف القمر، بدل الشمس. وهذا تغيير لا معنى له، وكأنه عسرت عليه مطابقة الحديث للترجمة، فظن أن لفظه مغير، فغيره هو إلى ما في ظنه صوابًا وليس كذلك.