الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحوّل رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة
إنما عبر عنه بلفظ قيل مع صحة الخبر؛ لأن الذي قال في الحديث ولم يذكر أنه حول رداءه يحتمل أن يكون هو الراوي عن أنس أو من دونه فلأجل هذا التردد لم يجزم بالحكم وأيضًا فسكوت الراوي عن ذلك لا يقتضي نفي الوقوع، وأما تقييده بقوله:"يوم الجمعة" فليبين أن قوله فيما مضى باب تحويل الرداء في الاستسقاء أي: الذي يقام في المُصلّى.
الحديث الثالث عشر
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي طلحة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلَاكَ الْمَالِ وَجَهْدَ الْعِيَالِ، فَدَعَا اللَّهَ يَسْتَسْقِي، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.
أي في استسقائه يوم الجمعة وتعقب الإِسماعيلي المؤلف فقال: لا أعلم أحدًا ذكر في حديث أنس تحويل الرداء وإذا قال المحدّث لم يذكر أنه حوّل لم يجز أن يقال إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحوّل؛ لأن عدم ذكر الشيء لا يوجب عدم ذلك الشيء، فكيف يقول البخاري: لم يحوّل؟ وأجيب عنه بما مرّ في الترجمة من أنه لم يجزم بعدم التحويل لما ذكر، وتمسك بهذا الحديث أبو حنيفة لما ذهب إليه من أنه لا صلاة ولا تحويل في الاستسقاء، ولعله لم تبلغه الأحاديث المصرحة بذلك وهذا السياق الذي أورده المصنف بهذا الحديث في هذا الباب مختصر جدًا، وسيأتي مطولًا من الوجه المذكور بعد اثني عشر بابًا، وفيه يخطب على المنبر يوم الجمعة.
رجاله خمسة:
مرّ منهم الأوزاعي في العشرين من "العلم"، ومرَّ إسحاق بن عبد الله في الثامن منه، ومرَّ أنس في السادس من "الإيمان" والباقي اثنان: الأول الحسن بن بشر بن سلم بن المسيب الهمداني البجلي أبو علي الكوفي قال أحمد: ما أرى كان به بأس، وروى عن زهير أشياء مناكير، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن عدي: ليس هو بمنكر الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي قال في المقدمة روى عنه البخاري موضعين لا غير أحدهما في الصلاة، والآخر في المناقب.
أما الذي في الصلاة فحديثه في الاستسقاء عن معافى بن عمران وهو عنده من غير وجه عن إسحاق بن عبد الله.
والثاني حديثه أنه أوتر بركعة عن معافى أيضًا، وهذا عنده أيضًا من حديث نافع فلم يخرج له شيئًا من أفراده ولا من أحاديثه عن زهير التي استنكرها أحمد.
روى عن المعافى بن عمران وأبي خيثمة الجعفي وشريك القاضي وغيرهم، وروى عنه البخاري، وروى عنه الترمذي والنسائي بواسطة.
مات سنة إحدى وعشرين ومائتين.
الثاني: معافى باسم المفعول بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة بن عبيد بن لبيد بن مجاشع بن سلمة بن فهم الأزدي الفهمي أبو مسعود النفيلي الموصلي الفقيه الزاهد. قال أبو زكرياء: إلا الأزدي رحل في طلب العلم إلى الآفاق وجالس العلماء، ولزم الثوري وتأدب بآدابه وتفقه به وأكثر عنه وعن غيره، وصنف حديثه في "السنن" وغير ذلك وكان زاهدًا فاضلًا شريفًا كريمًا عاقلًا. وقال: كان من العباد المتقشفين في الزهد، وقال ابن سعد: كان ثقة خيرًا فاضلًا صاحب سنة.
قال وكيع: حدثنا المعافى وكان ثقة، وكان ابن المبارك يقول: حدثنا ذاك الرجل الصالح يعني المعافى، وكان الثوري يقول للمعافى: أنت معافى كاسمك وكان يسميه الياقوتة. وقال بشر بن الحارث: كان المعافى محشوًا بالعلم والفهم والخير، قال: وكان المعافى لا يأكل وحده وذكر من سخائه ومناقبه، وفضائله كثيرة جدًا. وقال ابن عمار: لم أر بعده أفضل منه قال، وكنت عند عيسى بن يونس فقال لي: رأيت المعافى؟ قلت: نعم، ما أحسب أحدًا رأى المعافى وسمع من غيره يريد الله تعالى بعلمه.
وقال الثوري امتحنوا أهل الموصل بالمعافى، وقال: أهدى إلى المعافى كتبًا فقبلت منه وكان المعافى أهلًا لذلك، وقال أحمد شيخ له قدر وحال وجعل يعظم أمره وكان رجلًا صالحًا.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: كان صادق اللهجة، وقال ابن معين وأبو حاتم والعجلي وأبو خراش: ثقة، وقال أبو زرعة: كان عبدًا صالحًا. وقال إبراهيم بن جنيد: قلت لابن معين أيما أحب إليك؟ أكتب جامع سفيان عن فلان أو فلان أو عن رجل عن المعافى؟ فقال عن رجل عن رجل حتى عد خمسة أو ستة عن المعافى أحب إلى. روى عن ابن جريج ومالك بن مِغْوَل والثوري والأوزاعي وخلف، وروى عنه بقية وموسى بن أعين وابن المبارك وهم أكبر منه ووكيع وهو من أقرانه وابناه أحمد وعبد الكبير وبشر الحافي وغيرهم.
مات سنة أربع ومائتين أو خمس وثمانين ومائة. والنفيلي في نسبه نسبة إلى جده نفيل المذكور والموصلي في نسبه نسبة إلى (الموصل) كمجلس بلد، ويسمى أثور بالمثلثة وهو إلى الجانب الغربي من دجلة بناه محمد بن مروان إذ ولي الجزيرة في خلافة أخيه عبد الملك أو أرض بين العراق والجزيرة وزعم ابن الأنباري أنها سميت بذلك؛ لأنها وصلت بين الفرات ودجلة. وقال ابن الأثير:
(الموصل) من الجزيرة قيل لها الجزيرة؛ لأنها بين دجلة والفرات، وتسمى (الموصل) الحديثة وبينها وبين القديمة فراسخ والموصلان في قول الشاعر:
وبصرة الأزد منا والعراق لنا
…
والموصلان ومنا العصر والحرم
هي والجزيرة وقد نسب إليها كثير من المحدثين قديمًا وحديثًا. أخرج البخاري هذا الحديث أيضًا في "الاستسقاء" وفي "الاستئذان"، ومسلم في "الصلاة" وكذا النسائي. ثم قال المصنف: