الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عثمان: وهو الأبرش الحمصي ثقة.
وقال العجلي ومحمد بن عوف والنسائي: ثقة.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
وقال خشنام بن الصديق: كان من خيار الناس روى عن محمد بن الوليد وكان كاتبًا له، وعن الأوزاعي وابن جريج وعبيد الله العمري وغيرهم.
وروى عنه أبو مسهر وحيوة بن شريح وإسحاق بن راهويه وكثير بن عبيد وغيرهم.
مات سنة اثنين وتسعين ومائة. ويشتبه هذا بمحمد بن حرب بن حرمان النشائى بكسر النون والمد. روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورواته بين حمصي ومدني، أخرجه النسائي في "الصلاة" ثم قال المصنف:
باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو
أي: عند إمكان فتحها وغلبة الظن على القدرة على ذلك. وقوله "ولقاء العدو" وهو من عطف الأعم على الأخص. قال الزين بن المنير: كان المصنف خص هذه الصورة لاجتماع الرجاء والخوف في تلك الحالة فإن الخوف يقتضي مشروعية صلاة الخوف والرجاء بحصول الظفر يقتضي اغتفار التأخير لأجل احتمال مصلحة الفتح؛ ولهذا خالف الحكم في هذه الصورة الحكم في غيرها عند من قال به. ثم قال: وقال الأوزاعي: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلّوا إيماء كل امرىء لنفسه، فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال أو يأمنوا فيصلوا ركعتين، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين فلا يجزيهم التبكير ويؤخروها حتى يناموا.
قوله: "إن كان تهيأ الفتح" أي تمكن. وللقابسي "إن كان بها الفتح" بموحدة وهاء ضمير وهو تصحيف.
وقوله: "فإن لم يقدروا على الإيماء" الخ فيه إشكال؛ لأن العجز عن الإيماء لا يتعذر مع حصول العقل إلا أن تقع الدهشة فيعزب استحضار ذلك وتعقب بما قاله ابن رشيد قال: من باشر الحرب واشتغال القلب والجوارح إذا اشتغلت عرف كيف يتعذر الإيماء. وأشار ابن بطال إلى أن عدم القدرة على ذلك يتصور بالعجز عن الوضوء أو التيمم للاشتغال بالقتال، ويحتمل أن يكون الأوزاعي كان يرى استقبال القبلة شرطًا في الإيماء فيتصور العجز عن الإيماء إليها حينئذ.
وقوله: "حتى ينكشف القتال أو يأمنوا" استشكل كونه جعل الإيماء مشروطًا بتعذر القدرة والتأخير مشروطًا بتعذر الإيماء وجعل غاية التأخير انكشاف القتال، ثم قال "أو يأمنوا فيصلوا
ركعتين" فجعل الأمن قسيم الانكشاف، وبالانكشاف يحصل الأمن فكيف يكون قسيمه؟
وأجيب عن هذا بأن الانكشاف قد يحصل ولا يحصل الأمن لخوف المعاودة، كما أن الأمن يحصل بزيادة القوة واتصال المدد من غير انكشاف، فعلى هذا فالأمن قسيم الانكشاف أيهما حصل اقتضى صلاة ركعتين.
وقوله: "فإن لم يقدروا صلوا ركعة" الخ أي لم يقدروا على صلاة ركعتين بالفعل، أو بالإيماء صلوا واحدة.
وقوله: "فلا يجزيهم التكبير" فيه إشارة إلى خلاف من قال يجزىء كالثوري.
وروى ابن شيبة عن عطاء وسعيد بن جبير وأبي البختري في آخرين قالوا: إذا التقى الزحفان وحضرت الصلاة فقالوا: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" فتلك صلاتهم بلا إعادة.
وعن مجاهد والحكم إذا كان عند الطراد والمسايفة يجزىء أن تكون صلاة الرجل تكبيرًا فإن لم يمكن إلا تكبيرة واحدة أجزأته أين كان وجهه.
وقال إسحاق بن راهويه يجزىء عند المسايفة ركعة واحدة يومىء بها إيماء، فإن لم يقدر فسجدة، فإن لم يقدر فتكبيرة.
وهذا الأثر وصله الوليد بن مسلم عنه في كتاب "السير" والأوزاعي قد مرّ في العشرين من "العلم".
ثم قال: وبه قال مكحول، وهذا يحتمل أن يكون بقية من كلام الأوزاعي ويحتمل أن يكون من تعليق البخاري وقد وصله عبد بن حميد في تفسيره عنه من غير طريق الأوزاعي بلفظ "إذا لم يقدر القوم أن يصلوا على الأرض صلوا على ظهر الدواب ركعتين، فإن لم يقدروا فركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا أخروا الصلاة حتى يأمنوا فيصلوا بالأرض".
ومكحول هو الشامي أبو عبد الله، ويقال أبو أيوب، ويقال أبو مسلم ذكر أنه من أهل مصر، ويقال كان لرجل من هذيل من أهل مصر فأعتقه فسكن الشام، ويقال كان من آل فارس ويقال كان اسم أبيه سهراب.
قال أبو وهيب الكلاعي عن مكحول عتقت بمصر فلم أدع فيها علمًا إلا احتويت عليه فيما أدري، ثم أتيت العراق والمدينة والشام وذكر كذلك.
وقال الزهري العلماء أربعة فذكرهم فقال: ومكحول بالشام.
وقال ابن إسحاق: سمعت مكحولًا يقول طفت الأرض كلها في طلب العلم.
وقال سعيد بن عبد العزيز: كان سليمان بن موسى يقول إذا جاء العلم من الشام عن مكحول
فبلناه. وقال سعيد لم يكن في زمان مكحول أبصر منه بالفتيا.
وقال ابن عمار: كان مكحول إمام أهل الشام. وقال عثمان بن عطاء: كان مكحول أعجميًا، وكل ما قال بالشام قُبل منه.
وقال العجلي: تابعي ثقة.
وقال أبو حاتم ما أعلم بالشام أفقه من مكحول.
وقال ابن يونس: كان مكحول يكنى أبا مسلم، وكان فقيهًا عالمًا رأى أبا أمامة وأنسًا وسمع واثلة.
وقال ابن خراش: شامي صدوق وكان يرى القدر.
وقال ابن سعد: قال بعض أهل العلم: كان مكحول من أهل كابل وكان فيه لكنة، وكان يقول بالقدر، وكان ضعيفا في حديثه ورأيه.
وقال أبو داود: سألت أحمد هل أنكر أهل النظر على مكحول شيئًا؟ قال أنكروا عليه مجالسة علان، ورموه به فبرأ نفسه بأن نحاه عنه. وقال الجوزجاني: يتوهم عليه القدر، وهو سعي عليه.
وقال ابن معين: كان قدريًا ثم رجع.
وقال الأوزاعي لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين الحسن ومكحولًا فكشفنا عن ذلك فإذا هو باطل، وقع ذكره في البخاري ضمنًا في مواضع معلقة روى عن أنس وواثلة وأبي هند الداري ويقال إنه لم يسمع من أحد من الصحابة إلا منهم.
وقال الحاكم أكثر روايته عن الصحابة. روى عن جبير بن نفير وطاوس وخلق، وروى عنه الأوزاعي وثور بن يزيد الحمصي والحجاج بن أرطأة وعكرمة بن عمار وغيرهم.
مات سنة ثماني عشرة ومائة أو اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة أو ست عشرة.
ثم قال: وقال أنس بن مالك: "حضرت عند مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر واشتد اشتعال القتال فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها ونحن مع أبي موسى ففتح لنا. وقال أنس: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها".
وقوله "عند مناهضة" أي: مقاومة.
وقوله "تُسْتَر" بضم المثناة الفوقية وسكون المهملة وفتح المثناة أيضًا وهي مدينة مشهورة من كور الأهواز (بخوزستان) هي بلسان العامة (ششتر) بشينين الأولى مضمومة، والثانية ساكنة ثم تاء مفتوحة وقد فتحت مرتين الأولى صلحاً والثانية عنوة. قال ابن جرير كان ذلك في سنة سبع عشرة في قول سيف. وقال غيره سنة ست عشرة.
قال الواقدي لما فرغ أبو موسى الأشعري من فتح (السوس) صار إلى (تستر) فنزل عليها وبها يومئذ (الهرمزان) وفتحت على يديه ومسك (الهرمزان) وأرسل به إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
وقوله: "اشتعال القتال" بالعين المهملة.
وقوله: "فلم يقدروا على الصلاة" يحتمل أن يكون للعجز عن النزول، ويحتمل أن يكون للعجز عن الإيماء أيضًا فيوافق ما مرّ عن الأوزاعي وجزم الأصيلي بأن سببه أنهم لم يجدوا إلى الوضوء سبيلًا من شدة الخوف.
قلت: كان من حقه أن يقول ولا للتيمم؛ لأن التيمم قام مقام الماء عند عدمه.
وقوله: "إلا عند ارتفاع النهار" في رواية عمر بن شبة "حتى انتصف النهار".
وقوله: "ما يسرني بتلك الصلاة" أي بدل تلك الصلاة، وللكشمهيني "من تلك الصلاة".
وقوله: "الدنيا وما فيها" في رواية خليفة "الدنيا كلها"، والذي يتبادر إلى الذهن من هذا أن مراده الاغتباط بما وقع، فالمراد بالصلاة على هذا هي المقضية التي وقعت، ووجه اغتباطه كونهم لم يشتغلوا عن العبادة إلا بعبادة أهم منها عندهم، ثم تداركوا ما فاتهم منها فقضوه، وهو كقول أبي بكر الصديق:"لو طلعت لم تجدنا غافلين".
وقيل مراد أنس الأسف على التفويت الذي وقع لهم والمراد بالصلاة على هذا الفائتة، ومعناه لو كانت في وقتها كانت أحب إلي. وممن جزم بهذا ابن المنير فقال: إيثار أنس الصلاة على الدنيا وما فيها يشعر بمخالفة لأبي موسى في اجتهاده المذكور وإن أنسًا كان يرى أن يصلي للوقت وإن فات الفتح.
وقوله: هذا موافق لحديث "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" وكأنه أراد الموافقة في اللفظ وإلا فقصة أنس في المفروضة والحديث في النافلة، ويخدش فيما ذكره عن أنس من مخالفة اجتهاد أبي موسى أنه لو كان كذلك لصلّى أنس وحده ولو بالإِيماء، لكنه وافق أبا موسى ومن معه فكيف يعد مخالفًا؟
وتعليق أنس هذا رواه البخاري بغير لفظ عمر بن شبة، ولفظ عمر سئل قتادة عن الصلاة إذا حضر القتال فقال:"حدثني أنس بن مالك أنهم فتحوا تُسْتَر وهو يومئذ على مقدمة الناس وعبد الله بن قيس يعني أبا موسى الأشعري أميرهم"، وهذا التعليق وصله ابن سعد وابن أبي شيبة من طريق قتادة عنه وذكره خليفة في "تاريخه" وعمر بن شبة في "أخبار البصرة" من وجهين آخرين عن قتادة وأنس.
قد مرَّ في السادس من "الإِيمان" وفيه ذكر أبي موسى، وقد مرَّ في الرابع منه.