الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا يؤيد ما ذهب إليه ابن بطال. وفي رواية عدي من الزيادة "وأن صيام يوم منها يعدل صيام سنة والعمل بسبعمائة ضعف". وللترمذي عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة "يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر" لكن إسناده ضعيف، وكذا الإسناد إلى عدي بن ثابت.
رجاله ستة:
قد مرّوا: مرّ محمد بن عرعرة في الحادي والأربعين من "الإيمان" ومرّ شعبة في الثالث منه، ومرَّ سليمان الأعمش في الخامس والعشرين منه، ومرّ مسلم البطين في الخامس عشر من كتاب "الصلاة"، ومرّ سعيد بن جبير وابن عباس في الخامس من "بدء الوحي".
لطائف إسناده:
فيه التحديث بالجمع والعنعنة، ورواته بين بصري وبسطامي وكوفيين. أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه في "الصلاة". ثم قال المصنف:
باب التكبير أيام مِنى وإذا غدا إلى عرفة
أيام (مِنى) أي: يوم العيد والثلاثة بعده. وقوله: "وإذا غدا إلى عرفة" أي: صبح يوم التاسع قال الخطابي: حكمة التكبير في هذه الأيام أن الجاهلية كانوا يذبحون لطواغيتهم فيها فشرع التكبير فيها إشارة إلى تخصيص الذبح له وعلى اسمه عز وجل. ثم قال: "وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قُبَّتِهِ (بمِنى) فيسمعهُ أهلُ المسجدِ فيكبرونَ ويكبِّرُ أهلُ الأسواقِ حتى ترتجَّ (مِنى) تكبيرًا. وهذا لفظ أبي عبيد ومن طريقه البيهقي، ولفظ سعيد بن منصور "كان عمر يكبر في قبته (بمِنى) ويكبّر أهل المسجد، ويكبّر أهل السوق حتى ترتجّ (مِنى) تكبيرًا" والقبة بضم القاف وتشديد الموحدة من الخيام بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب.
وقوله: "ترتج" بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك وهي مبالغة في رفع الأصوات، وهذا التعليق وصله سعيد بن منصور من رواية عبيد بن عمير.
وعمر مرّ في الأول من "بدء الوحي". ثم قال: "وكان ابن عمر يكبّر (بمِنى) تلك الأيام وخلفَ الصلوات، وعلى فراشِه وفي فُسْطَاطِهِ وممشاهُ تلك الأيام جميعًا" وفي الفسطاط ست لغات بضم الفاء ويجوز كسرها وهو بطاءين وبتاء بدل الطاء الأولى وبإبدال التاء سينًا وإدغام السين في السين. قال الكرماني: بيت من الشعر. وقال الزمخشري: هو ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق وبه سميت المدينة التي فيها مجتمع الناس وكل مدينة فسطاط، ويقال لمصر والبصرة الفسطاط، ويقال الفسطاط الخيمة الكبيرة.
وقوله: "تلك الأيام جميعًا" أراد بذلك التأكيد وفي رواية أبي ذر بدون واو على أنها ظرف لما تقدم ذكره، وهذا الأثر وصله ابن المنذر والفاكهاني في أخبار مكة.
وابن عمر مرّ في أول كتاب "الإيمان" قبل ذكر حديث منه. ثم قال: "وكانت ميمونة تكبّرُ يومَ النحر" قال فى "الفتح": لم أقف على أثرها هذا موصولاً. قال العيني: وقد روى البيهقي أيضًا تكبير ميمونة، وقد مرّت ميمونة في الثامن والخمسين من "العلم".
ثم قال: "وكان النساءُ يكبّرنَ خلف أبان بن عثمانَ وعمرَ بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجالِ في المسجدِ". في رواية غير أبي ذر "وكنّ النساء" على اللغة القليلة وأبان المذكور كان أميرًا على المدينة في زمن ابن عم أبيه عبد الملك بن مروان، وحديث أم عطية الآتي في الباب سلفهن في ذلك، وقد اشتملت هذه الآثار على وجود التكبير في تلك الأيام عقب الصلوات وغير ذلك من الأحوال. وفيه اختلاف بين العلماء في مواضع:
فمنهم مَنْ قصر التكبير على أعقاب الصلوات.
ومنهم مَنْ خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل.
ومنهم من خصه بالرجال دون النساء وبالجماعة دون المنفرد وبالوقتية دون المقضية وبالمقيم دون المسافر وبساكن المصر دون القرية. وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع، والأثار التي ذكرها تساعده.
وللعلماء اختلاف أيضًا في ابتدائه وانتهائه: فقيل من صبح يوم عرفة، وقيل من ظهره، وقيل من عصره، وقيل من صبح يوم النحر، وقيل من ظهره، وقيل في الانتهاء إلى ظهر يوم النحر، وقيل إلى عصره، وقيل إلى ظهر ثانية، وقيل إلى صبح آخر أيام التشريق، وقيل إلى ظهره، وقيل ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث.
وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود "أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام (مني) " أخرجهما ابن المنذر وغيره.
والصحيح من مذهب الشافعية أن استحبابه يعم الصلاة فرضًا ونفلًا ولو جنازة ومنذورة ومقضية في زمن استحبابه لكل مصلٍّ حاج أو غيره مقيم أو مسافر ذكر أو أنثى منفرد أو غيره من صبح عرفهَ إلى عقب عصر آخر أيام التشريق للاتباع رواه الحاكم وصححه لكن ضعفه البيهقي.
قال في "المجموع": البيهقي أتقن من شيخه الحاكم وأشد تحريًا، وهذا في غير الحج وعليه العمل كما قال النووي وصححه في "الأذكار". وقال في "الروضة": إنه الأظهر عن المحققين، لكن صحح في "المنهاج" كأصله أن غير الحاج كالحاج يكبر من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق.
وخص المالكية استحبابه بالفرائض الحاضرة وهو عندهم من ظهر يوم النحر إلى عقب صبح اليوم الرابع.
وقال أبو حنيفة: يجب من صلاة صبح يوم عرفة، وينتهي بعصر يوم النحر.
وقال صاحباه: يختم عقيب صلاة العصر من آخر أيام التشريق وهو عنده واجب على المقيمين بالمصر خلف الفرائض في جماعة مستحبة، فلا يجب على أهل القرى ولا بعد النوافل والوتر ولا على منفرد ونساء إذا صلين في جماعة. وقال صاحباه: يجب على من يصلي المكتوبة مقيمًا كان أو مسافرًا أو نساء؛ لأنه شرع تبعًا لها.
وعند الحنابلة، يسن عقب كل فريضة صلاها في جماعة حتى الفائتة في عام ذلك العيد إذا صلّاها جماعة من صلاة فجر عرفة إلى آخر عصر أيام التشريق إلا المحرم، فإنه يكبر من صلاة ظهر النحر إلى آخر أيام التشريق.
وأما صفة التكبير، فقال المالكية:"الله أكبر ثلاثًا" وإن قال بعد تكبيرتين "لا إله إلا الله"، ثم تكبيرتين "ولله الحمد" كان حسنًا، وهذا هو مذهب الإمام أحمد ومذهب الحنفية، وقالوا: هذا هو المأثور عن الخليل.
وقال الشافعية "يكبر ثلاثًا" نسقًا اتباعًا للخلف والسلف ويزيد "لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد". قال الشافعي: وما زاد من ذكر الله فحسن واستحسن في "الأم" أن تكون زيادته "الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر"، وأن يرفع بذلك صوته.
وأصح ما ورد في صفته ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سليمان قال: "كبروا الله الله أكبر الله أكبر كبيرًا" وقد وصل هذا الأثر أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب "العيدين".
وقد مرّ عمر بن عبد العزيز في الأثر الأول من كتاب "الإيمان" وأبان هو ابن عثمان بن عفان الأموي أبو سعيد، ويقال أبو عبد الله. قال عمرو بن شعيب: ما رأيت أعلم بحديث ولا فقه منه، وعده يحيى القطان في فقهاء المدينة.
وقال العجلي: ثقة من كبار التابعين. وقال ابن سعد: مدني تابعي ثقة وله أحاديث، وكان به صممٌ واضح وأصابه الفالج قبل أن يموت بسنة.
وقال مالك: إنه "قد علم أشياء من قضاء أبيه وكان معلم عبد الله بن أبي بكر. أُمه أُم عمرو بنت جندب الدوسية.
روى عن أبيه كما صرح به مسلم وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد، وروى عنه ابنه عبد الرحمن وعمر بن عبد العزيز والزهري وغيرهم.
مات قبل يزيد بن عبد الملك سنة خمس ومائة.