الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الكسوف جماعة
أي: وإن لم يحضر الإِمام الراتب فيؤم لهم بعضهم. وبه قال الجمهور. وعن الثوري: إن لم يحضر الإمام صلوا فرادى. وعند المالكية الجماعة في الكسوف مستحبة على المشهور. وقيل إنها شرط فيها. ثم قال: وصلى لهم ابن عباس في صفة زمزم، كذا للأكثر بضم الصاد المهملة وتشديد الفاء. وهي معروفة وقال الأزهري: الصفة موضع بهو مظلل، وفي نسخة الصغاني بضاد معجمة مفتوحة ومكسورة. وهي جانب النهر، ولا معنى لها هنا إلا بطريق التجوز وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة، والشافعي، وسعيد بن منصور كلهم عن سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول: سمعت طاووسًا يقول: صلى بنا ابن عباس في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات. وخالف ابن جريج سفيان، فقال: ركعتين في كل ركعة أربع ركعات. أخرجه عبد الرزاق عنه. وابن عبّاس مرّ في الخامس من بدء الوحي. ثم قال: وجمع علي بن عبد الله بن عباس. قال في "الفتح": لم أقف على أثره هذا موصولًا. وقد مرّ علي بن عبد الله في الحادي والخمسين من استقبال القبلة. ثم قال: وصلى ابن عمر. قال في "الفتح": يحتمل أن يكون بقية أثر علي المذكور. وقد أخرج ابن أبي شيبة معناه عن ابن عمر، وقد مرَّ ابن عمر في أول الإِيمان قبل ذكر حديث منه.
الحديث الثاني عشر
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ
فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ". قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بِكُفْرِهِنَّ". قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: "يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ".
كذا في الموطأ، وجميع من أخرجه عن مالك عن ابن عباس. وفي رواية اللؤلؤي في سنن "أبي داود" عن أبي هريرة بدل ابن عباس، وهو غلط.
وقوله: "ثم سجد" أي: سجدتين. وقوله: "ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول" فيه أن الركعات الثانية أقصر من الأولى، وسيأتي ذلك في باب مفرد. وقوله:"قالوا يا رسول الله" في حديث جابر عند أحمد بإسناد حسن. فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب شيئًا صنعته في الصلاة لم تكن تصنعه، فذكر نحو حديث ابن عباس. إلَاّ أن في حديث جابر أن ذلك كان في الظهر أو العصر، فإن كان محفوظًا فهي قصة أخرى، ولعلها القصة التي حكاها أنس، وذكر أنها وقعت في صلاة الظهر. وقد تقدم سياقه في باب وقت الظهر إذا زالت الشمس، من كتاب:"المواقيت"، لكن فيه:"عُرضت عليَّ الجنة والنار في عرض هذا الحائط حسب". وأمّا حديث جابر، فهو شبيه بسياق ابن عباس في ذكر العنقود وذكر النساء، وقوله:"رأيناك تناولت" كذا للأكثر بصيغة الماضي.
وفي رواية الكشميهني، تناول بصيغة المضارع بضم اللام، وبحذف إحدى التاءين، وأصله: تتناول. وقوله: "ثم رأيناك كعكعت" في رواية الكشميهني: "تكعكعت" بزيادة تاء في أوله. ومعناه: تأخرت. يقال كع الرجل إذا نكص على عقبيه. قال الخطابي: أصله "تكعَّعت": فاستثقلوا اجتماع ثلاث عينات، فأبدلوا من أحدهما حرفًا مكررًا. وفي رواية مسلم:"ثم رأيناك كففت" بفاءَيْن خفيفتين.
وقوله: "فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع" المراد باليوم: الوقت الذي هو فيه أي: لم أر منظرًا مثل منظر رأيته اليوم، فحذف المرئي، وأدخل التشبيه على اليوم؛ لبشاعة ما رأى فيه، وبُعده عن المنظر المألوف. وقيل الكاف اسم، والتقدير ما رأيت مثل منظر هذا اليوم منظرًا.
وفي رواية المستملي والحموي: "فلم انظر كاليوم قط أفظع". وقوله: "قال يكفرن العشير" كذا للجمهور عن مالك بدون واو. وفي موطأ يحيى بن يحيى الأندلسي قال: "ويكفرن العشير" بزيادة واو، واتفقوا على أن زيادة الواو غلط منه. فإن المراد من تغليطه كونه خالف غيره من الرواة فهو كذلك، وأطلق على الشذوذ غلطًا. وإن كان المراد من تغليطه فساد المعنى، فليس كذلك؛ لأن الجواب طابق السؤال وزاد، وذلك أنه أطلق لفظ النساء، فعمّم المؤمنة منهنّ والكافرة.
فلما قيل: يكفرن بالله؟ أجاب: "ويكفرن العشير إلخ" وكأنه قال: نعم يقع منهن الكفر بالله وغيره؛ لأن منهن مَنْ يكفر بالله، ومنهن مَنْ يكفر الإحسان.