الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع عشر
وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ وَخَرَجَ مَعَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رضي الله عنهم فَاسْتَسْقَى، فَقَامَ بِهِمْ عَلَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَلَمْ يُقِمْ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ فَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَلَمْ يُقِمْ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
قوله: "وقال لنا أبو نعيم" قال الكرماني تبعًا لغيره: الفرق بين قال لنا وحدثنا أن القول يستعمل فيما يسمع من الشيخ في مقام المذاكرة والتحديث فيما يسمع في مقام التحمل، لكن ليس استعمال البخاري لذلك منحصرًا في المذاكرة فإنه يستعمل فيما يكون ظاهره الوقف، وفيما يصلح للمتابعات لتخلص صيغة التحديث فيما وضع الكتاب لأجله من الأصول المرفوعة والدليل على ذلك وجود كثير من الأحاديث التي عبر فيها في الجامع بصيغة القول معبرًا فيها بصيغة التحديث في تصانيفه الخارجة عن الجامع. وقد مرّ الكلام على هذا في أول كتاب "العلم".
وقوله: "خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري" يعني إلى الصحراء يستسقي وذلك حين كان أميرًا على الكوفة من جهة عبد الله بن الزبير في سنة أربع وستين قبل غلبة المختار بن أبي عبيد عليها ذكر ذلك ابن سعد وغيره.
وروى هذا الحديث قبيصة عن الثوري عن أبي إسحاق قال: "بعث ابن الزبير إلى عبد الله بن يزيد الخطمي أن استسقِ بالناس فخرج وخرج الناس معه وفيهم زيد بن أرقم والبراء بن عازب" أخرجه يعقوب بن سفيان في "تاريخه". وخالفه عبد الرزاق عن الثوري فقال فيه: "إن ابن الزبير خرج يستسقي بالناس" الحديث.
وقوله: "إن ابن الزبير" هو الذي فعل ذلك وهم وإنما الذي فعله هو عبد الله بن يزيد بأمر ابن الزبير، وقد وافق قبيصة عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري على ذلك.
وقوله: "فقام بهم" في رواية أبوي ذر والوقت "لهم".
وقوله: "فاستسقى" في رواية أبي الوقت "فاستغفر".
وقوله: "ثم صلى ركعتين" ظاهره أنه أخر الصلاة عن الخطبة، وصرح بذلك الثوري في رواية، وخالفه شعبة فقال: في روايته عن أبي إسحاق: "إن عبد الله بن يزيد خرج يستسقي بالناس فصلى
ركعتين ثم استسقى" أخرجه مسلم. وقد تقدم في باب (تحويل الرداء في الاستسقاء) ذكر الاختلاف في ذلك وأن الجمهور ذهبوا إلى تقديم الصلاة، وممن قال بتقديم الخطبة ابن المنذر، وصرح الشيخ أبو حامد وغيره بأن هذا الاختلاف في الاستحباب لا في الجواز.
وقوله: "ولم يؤذن، ولم يقم" قال ابن بطال: أجمعوا على أن لا أذان ولا إقامة للاستسقاء.
وقوله: "قال أبو إسحاق ورأى عبد الله بن يزيد النبيَّ صلى الله عليه وسلم" كذا للأكثر وللحموي وحده، وروى عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نسخة الصغاني فإن كانت محفوظة احتمل أن يكون المراد أنه رأى هذا الحديث بعينه، والأظهر أن مراده أنه رأى في الجملة فيوافق قوله رأى؛ لأن كلًا منهما ثبت له الصحبة، أما سماع هذا الحديث فلا.
وقوله: "قال أبو إسحاق" هو موصول، وقد رواه الإسماعيلي عن أحمد بن يونس وعلي بن الجعد عن زهير وصرحا باتصاله إلى أبي إسحاق. وكان في إيراد هذا الموقوف هنا كونه يفسر المراد بقوله في الرواية المرفوعة بعده:"فدعا الله قائمًا" أي: كان على رجليه لا على المنبر.
فيه ستة قد مرّوا إلا زيد بن أرقم: مرّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من "الإيمان"، ومرّ زهير وأبو إسحاق والبراء في الثالث والثلاثين منه، ومرّ عبد الله بن يزيد في الثامن والأربعين منه.
وأما زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأغر بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي من بني الحارث بن الخزرج، اختلف في كنيته كثيرًا قيل أبو عمر أو أبو عامر أو أبو سعيد أو أبو سعد، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة ثبت ذلك في "الصحيح"، استصغر يوم (أحد) وأول مشاهده الخندق، وقيل المريسيع يعد في الكوفيين، نزل (الكوفة) وابتنى بها دارًا في كبره وهو الذي رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قول عبد الله بن أبي لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأكذبه عبد الله وحلف فأنزل الله تعالى تصديق زيد بن أرقم فتبادر أبو بكر وص ممر إلى زيد لبشراه فسبق أبو بكر فأقسم عمر أن لا يبادره بعد هذا إلى شيء. "وجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيد فأخذ بأذنه وقال وفت أذنك يا غلام". روى ابن إسحاق كان زيد بن أرقم يتيمًا في حجر عبد الله بن رواحة فخرج به معه إلى مؤتة يحمله على حقيبة رحله فسمعه زيد بن أرقم من الليل وهو يتمثل بأبياته التي يقول فيها:
إذا أدنيتِني وحملتِ رحلي .... مسيرة أربع بعد الحِساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم .... ولا أرجعْ إلى أهلي ورائي
وقد جاء المنون وغادروني .... بأرض الشام مشتهي الثَّواءِ
فبكى زيد فخفقه عبد الله بالدَّرة وقال له: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شعبتي الرحل. ولزيد بن أرقم يقول عبد الله بن رواحة:
يا زيدُ زيدَ اليَعْمُلاتِ الذُّبَّلِ .... تطاول الليلُ هُديتَ فانزلِ
وقيل بل قال ذلك في غزوة مؤتة لزيد بن حارثة. وقال أبو المنهال: سألت البراء عن الصرف