الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي عشر
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ. ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا. فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا.
قوله: "إن عمر بن الخطاب رأى حلّة سيراء" هكذا رواه أكثر أصحاب نافع، وأخرجه النَّسائيّ عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه رأى حلّة فجعله في مسند عمر. قال الدارقطني: المحفوظ أنه من مسند ابن عمر.
وقوله: "حُلة" بضم الحاء قال أبو عبيد: الحلل برود اليمن، والحُلّة إزار ورداء إذا كان من جنس واحد. وحكى عياض أن أصل تسميته الثوبين حُلّة أنهما يكونان جديدين كما حُلّ طيهما. وقيل: لا يكون الثوبان حُلّة حتى يلبس أحدهما فوق الآخر، فإذا كان فوقه فقد حُلّ عليه، والأول أشهر. والسِيَراء بكسر المهملة وفتح التحتانية والراء مع المد. قال الخليل: ليس في الكلام (فعلاء) بكسر أوله مع المد سوى سِيَراء (وحِوَلاء) وهو الماء الذي يخرج على رأس الولد، وعِنَباء لغة في العنب، قال مالك: هو الوشي من الحرير. وقال الأصمعي: ثياب فيها خطوط من حرير أو قز. قال ابن قرقول: ضبطناه عن المتقنين بالإِضافة كما يقال ثوب خز وعن بعضهم بالتنوين على البدل والصفة. قال الخطابي: يقال حُلْة سِيرَاء كناقة عُشَراء، ووجهه ابن التين فقال: يريد أن عشراء مأخوذ من عشرة أي: أكملت الناقة عشرة أشهر فسميت عشراء، وكذلك الحُلّة سميت سِيَراء؛ لأنها مأخوذة من السيور أنما قيل لها سيراء لتسيير الخطوط فيها، وقيل: مختلف الألوان فيه خطوط ممتدة كأنها السيور.
وقوله: "عند باب المسجد" وعند النسائي عن نافع "أن عمر كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في السوق فرأى الحلة" ولا تخالف بين الروايتين؛ لأن طرف السوق كان يصل إلى قرب باب المسجد، وفي رواية
جرير بن حازم عن نافع عند مسلم "رأى عمر عطارد التميمي يقيم حُلّة في السوق وكان رجلًا يغشى الملوك ويصيب منهم". وأخرج الطبراني عن حفصة بنت عمر "أن عطارد بن حاجب جاء بثوب من ديباج كساه إياه كسرى فقال عمر: ألا أشتريه لك يا رسول الله". وعن عبد الرحمن بن عمرو بن معاذ "عن عطارد نفسه أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب ديباج كساه إياه كسرى" والجمع بينهما أن عطاردًا لما أقامه في السوق ليباع لم يتفق له بيعه فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: "فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها" وفي رواية اللباس "لو ابتعتها فلبستها". وفي رواية سالم عن ابن عمر في العيدين "ابْتَعْ هذه فتجمل بها"، وكان عمر أشار بشرائها وتمناه.
وقوله: "فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك" في رواية اللباس "للوفد إذا أتوك والجمعة" وفي رواية جرير بن حازم لوفود العرب، وكأنه خصه بالعرب؛ لأنهم كانوا إذ ذاك الوفود في الغالب؛ لأن (مكة) لما فتحت بادر العرب بإسلامهم، فكان كل قبيلة ترسل كبراءها لي سلموا ويتعلموا ويرجعوا إلى قومهم، فيدعوهم إلى الإِسلام ويعلموهم.
وفي رواية سالم "العيد" بدل الجمعة وجمع ابن إسحاق عن نافع ما تضمنته الروايتان، أخرجه النسائي بلفظ "فتجمل بها لوفود العرب إذا أتوك وإذا خطبت الناس في يوم عيد غيره".
وقوله: "إنما يلبس هذه من لا خَلَاقَ له في الآخرة" وفي رواية جرير بن حازم "إنما يلبس الحرير" والخَلَاق النصيب، وقيل الحظ وهو المراد هنا، ويطلق أيضًا على الحرمة وعلى الدين ويحتمل أن يراد من لا نصيب له في الآخرة أي: مَنْ لبس الحرير. ويؤيده ما في حديث عمر في "اللباس" في باب (لبس الحرير) ولفظه "لا يلبس الحرير إلا مَنْ ليس له في الآخرة منه شيء".
وقوله: "فأعطى منها عمر حُلّة" زاد الإِسماعيلي "بحُلّة سِيَراء من حرير" ومن بيانية وهي تقتضي أن السِيَراء قد تكون من غير حرير، وفي رواية "اللباس" كساها إياه وذلك باعتبار ما فهمه عمر من ذلك وإلا فقد ظهر من بقية الحديث أنه لم يبعث إليه بها ليلبسها، أو المراد بقوله،:"كساه" أي: أعطاه ما يصلح أن يكون كسوة وفي رواية جرير بن حازم، فلما كان بعد ذلك أتي، رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلل سيراء فبعث إلى عمر بحُلّة وبعث إلى أُسامة بن زيد بحُلّة وأعطى علي بن أبي طالب حُلّة.
وقوله: "فقال عمر: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلّة عطارد ما قلت" وفي رواية جرير بن حازم: "فجاء عمر بحُلّته يحملها فقال: بعثت إليّ بهذه وقد قلت بالأمس في حلّة عطارد ما قلت" والمراد بالأمس هنا يحتمل الليلة الماضية أو ما قبلها بحسب ما اتفق من وصول الحُلل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد قصة حُلّة عطارد. وفي رواية محمد بن إسحاق "فخرجت فزعًا فقلت: يا رسول الله ترسل بها إليّ وقد قلت فيها ما قلت".
وقوله: "إني لم أكسكها لتلبسها" وفي "اللباس": "إنما بعثت بها إليك لتبيعها أو تكسوها". وفي رواية جرير: "لتصيب بها". وفي رواية سالم في "العيدين" تبيعها وتصيب بها حاجتك". وفي