الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث والعشرون
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالَ: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ.
قوله: "كانت امرأة لعمر" هي عاتكة بنت زيد، ويأتي تعريفها قريبًا في السند سمّاها الزهري فيما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه قال: كانت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل عند عمر بن الخطاب، وكانت تشهد الصلاة في المسجد، "وكان عمر يقول لها: والله إنك لتعلمين أني لا أحب هذا. قالت: والله لا أنتهي حتى تنهاني. قال: فلقد طُعن عمر وإنها لفي المسجد" كذا ذكره مرسلًا ووصله عبد الأعلى عن معمر يذكر سالم بن عبد الله عن أبيه لكنه أبهم المرأة. أخرجه أحمد عنه وسمّاها أحمد عن سالم من وجه آخر قال: "كان عمر رجلًا غيورًا، وكان إذا خرج إلى الصلاة اتبعته عاتكة بنت زيد" الحديث. وهو مرسل أيضًا، وعرف من هذا أن قوله في حديث الباب فقيل لها: "لِمَ تخرجين؟ " إلى آخره أن قائل ذلك كله هو عمر بن الخطاب، ولا مانع من أن يعبر عن نفسه بقوله: إن عمر إلخ فيكون من باب التجريد وعلى هذا، فالحديث من مسند عمر كما صرّح به في رواية سالم المرسلة، ويحتمل أن تكون المخاطبة دارت بينها وبين ابن عمر أيضًا؛ لأن الحديث مشهور من روايته، ولا مانع أن يعبر عن نفسه بقيل لها، وهذا مقتضى ما صنع الحميدي وأصحاب الأطراف فإنهم أخرجوا هذا الحديث من هذا الوجه في مسند ابن عمر.
أورد البخاري حديث مجاهد عن ابن عمر بلفظ "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد" وأراد بذلك أن الإِذن إنما وقع لهن بالليل، فلا تدخل فيه الجمعة. ورواية أبي أُسامة التي أوردها بعد ذلك تدل على خلاف ذلك؛ لقوله فيها:"لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجد الله" والذي يظهر أنه جنح إلى أن هذا المطلق يحمل على ذلك المقيد. والحديث مرّ قبيل كتاب "الجمعة" ما هو بمعناه، ومرّ محل الكلام عليه هناك.
رجاله خمسة:
وفيه ذكر عمر ولفظ امرأة مبهم، وقائل مبهم، وقد مرّت رجاله إلا شيخ البخاري، مرّ أبو أُسامة في الحادي والعشرين من العلم، ومرّ نافع في آخر حديث منه، ومرّ عبيد الله العمري في الرابع عشر
من الوضوء، ومرّ ابن عمر في أول كتاب الإِيمان قبل ذكر حديث منه، ومرّ عمر في الأول من بدء الوحي. وشيخ البخاري يوسف بن موسى بن راشد بن بلال القطان الكوفي أبو يعقوب سكن (الري) فقيل له الرازي، ثم انتقل إلى (بغداد) ومات بها. قال الخطيب: وصفه غير واحد بالثقة، وذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال مسلمة: كان ثقة. وقال أبو سعيد اليشكري: كتب عنه ابن معين، وكتبت معه عنه، وسئل عنه فقال: صدوق. وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النَّسائيّ: لا بأس به. روى عن جرير بن عبد الحميد وابن نمير وابن عُيينة ووكيع وغيرهم. وروى عنه البخاري وأبو داود والتِّرمِذِيّ والنَّسائيّ في مسند علي وابن ماجه وغيرهم. مات في صفر سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
وامرأة عمر المبهمة عيّنها الزهري في رواية عبد الرزاق عن معمر عنه فقال: إنها عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية أخت سعيد بن زيد أحد العشرة، وأُمها أُم كرز بنت عبد الله بن عمار بن مالك الحضرمية، كانت عاتكة من المهاجرات، تزوجها عبد الله بن أبي بكر الصديق، وكانت حسناء جميلة فأولع بها وشغلته عن مغازيه فأمره أبو بطلاقها فقال:
يقولونَ طلِّقها وخيم مكانها
…
مقيمًا تمني النفسَ أحلامُ نائمِ
وإن طلاقيَ أهل بيت جمعتهم
…
على كبرة مني لإحدى العظائمِ
ثم عزم عليه أبوه حتى طلَّقها فتبعتها نفسه، فسمعه أبو يومًا يقول:
ولم أرَ مثلي اليومَ طلَّقَ مثلَها
…
ولا مثلُها من غير جرمٍ تطلَّقُ
لها خلقٌ جزلٌ ورأيٌ ومنصبٌ
…
وخلقٌ سويٌّ في الحَياءِ ومنصبُ
فرّقَ له أبوه فأذن له فارتجعها، ثم لما كان حصار الطائف أصابه سهم فكان فيه هلاكه فمات بالمدينة فقالت ترثيه:
رزيتُ بخير الناسِ بعد نبيِّهم
…
وبعد أبي بكر وما كان قصرا
فآليتُ لاتنفكُ عيني حزينةً
…
عليكَ ولا ينفك جلدي أغبرا
فلّلهِ عينا مَنْ رأىِ مثلَهُ فتًى
…
أكرَّ وأحمى في الهياجِ وأصبرا
إذا شرعتْ فيه الأسنَّةُ خاضها
…
إلى الموتِ حتى يتركَ الرمحَ أحمرا
ثم تزوجها زيد بن الخطاب فاستشهد باليمامة. وأخرج ابن سعد بسند حسن قال: كانت عاتكة تحت عبد الله بن أبي بكر فجعل لها طائفة من ماله على أن لا تتزوج بعده ومات، فأرسل عمر إلى عاتكة أن قد حرمت ما أحل الله لك، فردي إلى أهله المال الذي أخذتيه ففعلت، فخطبها عمر وتزوجها، ولما تزوجها أوْلَم عليها ودعا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم علي بن أبي طالب، فقال: يا أميرَ المؤمنين دعني أكلم عاتكة قال: نعم، فأخذ علي بجانب الخِدر ثم قال: يا عدوة نفسها قآليت لا تنفك عيني حزينة البيت، فبكت فقال عمر: ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن كل النساء