المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ النقول من كتب الحديث وشروحها: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقول من كتب الحديث وشروحها:

- ‌ النقول من كتب الفقهاء:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌الخلاصة:

- ‌الفتاوى

- ‌ أسهل الطرق في معرفة علوم الحديث

- ‌ ما هي الأحاديث القدسية؟ ولماذا سميت بهذا الاسم

- ‌ أقسام السنة

- ‌ هل السنة وحي أم لا

- ‌ لماذا نسلم بقبول رواية امرأة واحدة للحديث

- ‌ العمل بالحديث الضعيف

- ‌ هل يؤخذ بالأحاديث التي يخرجها البيهقي والطبري والدارقطني، وما يعنى بعلم طبقات الرواة

- ‌ هل بقي أحد من العلماء الذين يصلون بإسنادهم إلى رسول الله

- ‌ ما هي مرتبة ابن إسحاق بن يسار بين المحدثين هل هو ثقة أم لا

- ‌ في بعض الأحاديث في نهايته يقولون: رواه الشيخان، من هم الشيخان

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الطاعة في المعروف

- ‌سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

- ‌كلام من الكفر البواح

- ‌الفرق بين كلمة نصراني ومسيحي

- ‌رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌العلاج عند طبيب شعبي يستخدم الجن

- ‌الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي

- ‌حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

- ‌استعمال العطور التي تحتوي على شيء من الكحول

- ‌استعمال المرأة للطيب عند الخروج من منزلها

- ‌من لم يكفر الكافر فهو مثله

- ‌حكم طلب المدد من الرسول

- ‌حكم اعتقاد أن شيخ الطائفة يشفع يوم القيامة

- ‌لا يجوز للإنسان أن يأخذ بثأره من القاتل بغير الطرق الشرعية

- ‌لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌حكم الزوج الذي لا يعاشر بالمعروف

- ‌قطع النزاع في تحريم الرضاع

- ‌تقديم:

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌أهمية الرسالة:

- ‌المؤلف:

- ‌وصف النسخ المعتمدة:

- ‌العنوان والتوثيق:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌النص المحقق

- ‌التوكل وأثره التربوي في الكتاب والسنة

- ‌الفصل الأولوسائل تعمق التوكل في نفوس المؤمنين

- ‌المبحث الأول: معرفة الرب سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: إثبات الأسباب والمسببات:

- ‌المبحث الثالث: توحيد القلب:

- ‌المبحث الرابع: حسن الظن بالله عز وجل:

- ‌المبحث الخامس: تفويض الأمر لله سبحانه

- ‌الفصل الثانيأهمية التوكل وفضله

- ‌أولا: الأمر من الله لأنبيائه بالتوكل عليه:

- ‌ثانيا: توكل الأنبياء على الله:

- ‌ثالثا: الأمر من الله لعباده المؤمنين بالتوكل عليه:

- ‌رابعا: توكل المؤمنين على الله:

- ‌الفصل الثالثلا توكل بلا إيمان ولا إيمان بدون توكل

- ‌الفصل الرابعاشتباه التوكل بغيره

- ‌أولا: اشتباه التفويض بالإضاعة:

- ‌ثانيا: اشتباه التوكل بالراحة:

- ‌ثالثا: اشتباه خلع الأسباب عن القلب بتعطيلها عن الجوارح:

- ‌رابعا: اشتباه الثقة بالله بالغرور والعجز:

- ‌خامسا: اشتباه الطمأنينة إلى الله بالطمأنينة إلى المعلوم:

- ‌الفصل الخامسالأسماء الحسنى والتوكل

- ‌الفصل السادسأثر التوكل وثمرته

- ‌أولا: حصول المقصود:

- ‌ثانيا: عدم الفشل، والحفظ من الزلل:

- ‌ثالثا: المتوكل على الله لا يمسه السوء بل يحفظه الله من الشرور ويعصمه

- ‌رابعا: المتوكل على الله يدخل الجنة وله أجر عظيم:

- ‌خامسا: حصول مقصود المتوكل:

- ‌سادسا: الحفظ من الشيطان:

- ‌سابعا: المتوكل على الله لا تضره فتنة الدجال:

- ‌ثامنا: البراءة من الشرك:

- ‌تاسعا: المتوكل على الله يتولاه الله:

- ‌عاشرا: المتوكل على الله يحبه الله، ويكفيه، ويعينه، ويؤيده

- ‌حادي عشر: المتوكل على الله يزيد إيمانه

- ‌ثالث عشر: المتوكل على الله يفوض أموره جميعها إلى الله

- ‌رابع عشر: المتوكل على الله أكثر الناس توحيدا وإخلاصا:

- ‌خامس عشر: الهداية لأقوم الطرق:

- ‌سادس عشر: الصبر:

- ‌سابع عشر: المتوكل على الله لا يطيع الكافرين والمنافقين:

- ‌ثامن عشر: المتوكل على الله يرجع كل شيء إلى الله:

- ‌تاسع عشر: المتوكل على الله متيقن أنه على هدى من الله:

- ‌الفصل السابعالرضا ثمرة التوكل

- ‌خطة البحث:

- ‌المبحث الثاني: (ضابط ما شذ من القراءات):

- ‌المبحث الثالث: (هل تسمى القراءة الشاذة قرآنا

- ‌المبحث الرابع: (الموقف ممن قرأ بالشاذ في الصلاة وغيرها):

- ‌المبحث الخامس: (الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام):

- ‌المبحث السادس: (شروط العمل بالقراءة الشاذة وتنزيلها منزلة الخبر):

- ‌المطلب الثاني: شروط العمل عند المالكية:

- ‌المطلب الثالث: شروط العمل عند الشافعية:

- ‌المطلب الرابع: شروط العمل عند الحنابلة:

- ‌المبحث السابع:. ثمرة الخلاف في الاحتجاج بالقراءة الشاذة:

- ‌المطلب الأول: موقف الإمام أبي حنيفة:

- ‌المطلب الثاني: موقف الإمام مالك:

- ‌المطلب الثالث: موقف الإمام الشافعي:

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام أحمد:

- ‌المسألة الأولى: حكم قراءة الشاذ في الصلاة وغيرها:

- ‌المسألة الثانية: المراد بالصلاة الوسطى:

- ‌المسألة الثالثة: قضاء رمضان متتابعا:

- ‌المسألة الرابعة: وجوب التتابع في صيام كفارة اليمين:

- ‌المسألة الخامسة: المقدار المحرم من الرضاع:

- ‌المسألة السادسة: المراد من لفظ الأقراء:

- ‌الخاتمة:

- ‌عقيدة الأمة في المهدي المنتظر

- ‌وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة:

- ‌ذكر بعض الكتب التي جمعت أحاديث المهدي:

- ‌اختلاف الأقوال في المهدي المنتظر:

- ‌ذكر بعض نفاة المهدي:

- ‌ذكر دعاة المهدوية:

- ‌دعاة المهدوية سفاكون للدماء:

- ‌أعمالهم الإجرامية في بلاد المغرب:

- ‌أعمالهم الإجرامية في المشرق العربي:

- ‌المهدي المنتظر رحمة للأمة:

- ‌عقيدة الشيعة في المهدي المنتظر:

- ‌رأي عالم من علماء الشيعة المعاصرين:

- ‌المهدي المنتظر عند أهل السنة:

- ‌بعض الأحاديث الواردة في ظهور المهدي:

- ‌رأي العلماء في أحاديث المهدي:

- ‌أقوال الأئمة في المهدي المنتظر:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي

الفصل: ‌ النقول من كتب الحديث وشروحها:

خامسا: هل يجوز لمن أدى النسك أن ينفر مؤقتا من أجل شدة الزحام ثم يعود ليودع؟

ونظرا لترابط وتداخل نصوص العلماء ومناقشتهم لهذه الأمور رأينا ذكر ما تيسر نقله فيها مجتمعا وأتبعناه بخلاصة لما تضمنته هذه النقول، وبالله التوفيق.

وفيما يلي ذكر ذلك:

ص: 22

1 -

‌ النقول من كتب الحديث وشروحها:

أ- قال البخاري رحمه الله:

(حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض (1)».

حدثنا أصبغ بن الفرج أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به (2)» تابعه الليث حدثني خالد عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

(قوله: (باب طواف الوداع) قال النووي: (طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على الصحيح عندنا، وهو قوله أكثر

(1) صحيح البخاري الحج (1755)، صحيح مسلم الحج (1328)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 431).

(2)

صحيح البخاري الحج (1756)، سنن الدارمي المناسك (1873).

ص: 22

العلماء، وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في ترسكه) انتهى. والذي رأيته في (الأوسط) لابن المنذر أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء.

قوله: (أمر الناس) كذا في رواية عبد الله بن طاوس عن أبيه على البناء لما لم يسم فاعله والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا قوله:(خفف) وقد رواه سفيان أيضا عن سليمان الأحول عن طاوس فصرح فيه بالرفع، ولفظه عن ابن عباس قال:(كان الناس ينصرفون في كل وجه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (1)» أخرجه مسلم هو والذي قبله عن سعيد بن منصور عن سفيان بالإسنادين فرقهما، فكأن طاوسا حدث به على الوجهين، ولهذا وقع في رواية كل من الراويين عنه ما لم يقع في رواية الآخر، وفيه دليل على وجوب طواف الوداع للأمر المؤكد به وللتعبير في حق الحائض بالتخفيف، وسيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده.

قوله: (عن قتادة) سيأتي بعد باب من وجه آخر عن ابن وهب التصريح بتحديث قتادة، ويأتي الكلام هناك، والمقصود منه هنا قوله في آخره:(ثم ركب إلى البيت فطاف به).

قوله: (تابعه الليث) أي: تابع عمرو بن الحارث في روايته لهذا الحديث عن قتادة بطريق أخرى إلى قتادة، وقد وصله البزار والطبراني من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث، وخالد شيخ الليث هو ابن يزيد، وذكر البزار والطبراني أنه تفرد بهذا الحديث عن سعيد وأن الليث تفرد به عن خالد وأن

(1) صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، سنن الدارمي المناسك (1932).

ص: 23

سعيد بن أبي هلال لم يرو عن قتادة عن أنس غير هذا الحديث) (1).

قال البخاري أيضا:

(باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع؟.

حدثنا أبو نعيم حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «خرجنا مهلين بالحج في أشهر الحج وحرم الحج، فنزلنا بسرف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ومن كان معه هدي فلا ". وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجال من الصحابة ذوي قوة الهدي، فلم تكن لهم عمرة، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال:" ما يبكيك؟ " قلت: سمعتك تقول لأصحابك ما قلت، فمنعت العمرة. قال:" وما شأنك؟ " قلت: لا أصلي. قال: " فلا يضرك أنت من بنات آدم كتب عليك ما كتب عليهن، فكوني في حجتك عسى الله أن يرزقكها " قالت: فكنت حتى نفرنا من منى فنزلنا المحصب، فدعا عبد الرحمن فقال:" اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم افرغا من طوافكما أنتظركما هاهنا " فأتينا في جوف الليل، فقال:" فرغتما؟ " قلت: نعم، فنادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس، ومن طاف بالبيت قبل صلاة

(1) فتح الباري، ج3 ص (585، 586).

ص: 24

الصبح، ثم خرج موجها إلى المدينة (1)».

وقال الحافظ: قوله: (باب المعتمر إذا طاف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع) أورد فيه حديث عائشة في عمرتها من التنعيم، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن:«اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم افرغا من طوافكما (2)» . . " الحديث. قال ابن بطال: (لا خلاف بين العلماء أن المعتمر إذا طاف فخرج إلى بلده أنه يجزئه من طواف الوداع كما فعلت عائشة) انتهى.

وكأن البخاري لما لم يكن في حديث عائشة التصريح بأنها ما طافت للوداع بعد طواف العمرة لم يبت الحكم في الترجمة، وأيضا فإن قياس من يقول إن إحدى العبادتين لا تندرج في الأخرى أن يقول بمثل ذلك هنا، ويستفاد من قصة عائشة أن السعي إذا وقع بعد طواف الركن- إن قلنا: إن طواف الركن يغني عن طواف الوداع- أن تخلل السعي بين الطواف والخروج لا يقطع إجزاء الطواف المذكور عن الركن والوداع معا. قوله في الحديث: (فنزلنا بسرف) في رواية أبي ذر وأبي الوقت (سرف) بحذف الباء، وكذا لمسلم من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع عن أفلح قوله لأصحابه:"من لم يكن معه هدي " ظاهره أن أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بفسخ الحج إلى العمرة كان بسرف قبل دخولهم مكة، والمعروف في غير هذه الرواية أن قوله لهم ذلك بعد دخول مكة، ويحتمل التعدد.

(1) صحيح البخاري الحج (1560)، صحيح مسلم الحج (1211)، سنن الترمذي الحج (934)، سنن النسائي مناسك الحج (2763)، سنن أبو داود المناسك (1782)، سنن ابن ماجه المناسك (2963)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 245)، موطأ مالك الحج (940)، سنن الدارمي المناسك (1904).

(2)

صحيح البخاري الحج (1560)، صحيح مسلم الحج (1211)، سنن الترمذي الحج (934)، سنن النسائي مناسك الحج (2763)، سنن أبو داود المناسك (1778)، سنن ابن ماجه المناسك (3000)، موطأ مالك الحج (940)، سنن الدارمي المناسك (1904).

ص: 25

قوله: (قلت: لا أصلي) كنت بذلك عن الحيض وهي من لطيف الكنايات.

قوله: "كتب عليك " كذا للأكثر على البناء لما لم يسم فاعله، ولأبي ذر " كتب الله عليك "، وكذا لمسلم.

قوله: " فكوني في حجتك " وفي رواية أبي ذر: " في حجك "، وكذا لمسلم.

قوله: (حتى نفرنا من منى فنزلنا المحصب) في هذا السياق اختصار بينته رواية مسلم بلفظ: (حتى نزلنا منى فتطهرت ثم طفت بالبيت فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب).

قوله: (فدعا عبد الرحمن) في رواية مسلم: (عبد الرحمن بن أبي بكر).

قوله: " اخرج بأختك الحرم " في رواية الكشميهني: " من الحرم " وهي أوضح، وكذا لمسلم.

قوله: (فأتينا في جوف الليل) في رواية الإسماعيلي:

(من آخر الليل) وهي أوفق لبقية الراويات، وظاهرها أنها أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم قبل أبواب أنها قالت:(فلقيته وأنا منهبطة وهو مصعد)(1)

(1) فتح الباري، ج3 ص (612).

ص: 26

ب- وقال مسلم رحمه الله:

حدثنا سعيد بن منصور، وزهير بن حرب قالا: حدثنا سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاوس عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (1)» . قال زهير: (ينصرفون كل وجه). ولم يقل: (في).

حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة: (واللفظ لسعيد)، قالا: حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض (2)» . حدثني محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج، أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس، قال:(كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟) فقال له ابن عباس: إما لا، فسل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول: (ما أراك إلا قد صدقت).

حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث (ح)، وحدثنا محمد بن رمح، حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة وعروة أن عائشة قالت: «حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت، قالت عائشة: فذكرت حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أحابستنا هي؟ " قالت: فقلت يا رسول

(1) صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، سنن الدارمي المناسك (1932).

(2)

صحيح البخاري الحج (1755)، صحيح مسلم الحج (1328)، سنن الدارمي المناسك (1934).

ص: 27

الله: إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فلتنفر ") (1)».

حدثني أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى، وأحمد بن عيسى، قال أحمد: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب بهذا الإسناد، قالت:(طمثت صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعد ما أفاضت طاهرا) بمثل حديث الليث.

وحدثنا قتيبة يعني ابن سعيد، حدثنا ليث (ح)، وحدثنا زهير بن حرب حدثنا، سفيان (ح)، وحدثني محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا أيوب، كلهم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة:(أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن صفية قد حاضت)، بمعنى حديث الزهري، وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا أفلح عن القاسم بن محمد «عن عائشة، قالت: (كنا نتخوف أن تحيض صفية قبل أن تفيض، فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " أحابستنا صفية " قلنا: قد أفاضت، قال: " فلا، إذن ") (2)» .

حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة بنت عبد الرحمن «عن عائشة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لعلها تحبسنا ألم تكن قد طافت معكن بالبيت " قالوا

(1) صحيح مسلم الحج (1211)، سنن الترمذي الحج (943)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (391)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، موطأ مالك الحج (945)، سنن الدارمي المناسك (1917).

(2)

صحيح مسلم الحج (1211)، سنن الترمذي الحج (943)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (391)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، موطأ مالك الحج (945)، سنن الدارمي المناسك (1917).

ص: 28

بلى، قال:"فاخرجن"(1)»

حدثني الحكم بن موسى، حدثني يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي - لعله قال- عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، «عن عائشة أن رسول الله قال:" وإنها لحابستنا" فقالوا: يا رسول الله إنها قد زارت يوم النحر، قال ": "فلتنفر معكم (2)»

حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة (ح)، وحدثنا عبيد الله بن معاذ - واللفظ له- حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:«لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة، فقال: " عقرى حلقى إنك لحابستنا- ثم قال لها- أكنت أفضت يوم النحر؟ " قالت: نعم. قال: " فانفري (3)»

وحدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، عن أبي معاوية، عن الأعمش (ح)، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن منصور - جميعا- عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث الحكم غير أنهما لا يذكران (كئيبة حزينة).

(1) صحيح البخاري الحيض (328)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 82)، سنن الدارمي المناسك (1917).

(2)

صحيح البخاري الحيض (328)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 82)، سنن الدارمي المناسك (1917).

(3)

صحيح البخاري الأدب (6157)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 82)، سنن الدارمي المناسك (1917).

ص: 29

قال النووي رحمه الله (1):

(باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض).

قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (2)» فيه دلالة لمن قال بوجوب طواف الوداع وأنه إذا تركه لزمه دم وهو الصحيح في مذهبنا، وبه قال أكثر العلماء منهم الحسن البصري والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه، وعن مجاهد روايتان كالمذهبين.

قوله: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها ولا يلزمها دم بتركه، هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة، إلا ما حكاه ابن المنذر عن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم أمروها بالمقام لطواف الوداع، دليل الجمهور هذا الحديث وحديث صفية المذكور بعده.

قوله: (فقال ابن عباس: إما لا فسل فلانة الأنصارية) هو بكسر الهمزة وفتح اللام وبالإمالة الخفيفة هذا هو الصواب المشهور، وقال القاضي: ضبطه الطبري والأصيلي (أما لي) بكسر اللام، قال: والمعروف من كلام العرب فتحها إلا أن تكون على لغة من يميل، قال المازري قال ابن الأنباري قولهم:

(1) صحيح مسلم، ج 9، ص (78 - 82).

(2)

صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، سنن الدارمي المناسك (1932).

ص: 30

افعل هذا إما لا فمعناه افعله إن كنت لا تفعل غيره فدخلت ما زائدة لأن، كما قال الله تعالى:{فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} (1). فاكتفوا بـ (لا) عن الفعل، كما تقول العرب:(إن زارك فزره وإلا فلا)، هذا ما ذكره القاضي، وقال ابن الأثير في نهاية الغريب:(أصل هذه الكلمة إن وما فأدغمت النون في الميم وما زائدة في اللفظ لا حكم لها، وقد أمالت العرب لا إمالة خفيفة- قال- والعوام يشبعون إمالتها فتصير ألفها ياء، وهو خطأ ومعناه إن لم تفعل هذا فليكن هذا) والله أعلم.

قولها: (صفية بنت حيي) بضم الحاء وكسرها، الضم أشهر، وفي حديثها دليل لسقوط طواف الوداع عن الحائض، وأن طواف الإفاضة ركن لا بد منه، وأنه لا يسقط عن الحائض ولا غيرها، وأن الحائض تقيم له حتى تطهر، فإن ذهبت إلى وطنها قبل طواف الإفاضة بقيت محرمة، وقد سبق حديث صفية هذا وبيان إحرامه وضبطه ومعناه وفقهه في أوائل كتاب الحج في باب (بيان وجوه الإحرام بالحج).

قوله: (حدثني الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي لعله قال عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن عائشة) هكذا وقع في معظم النسخ، وكذا نقله القاضي عن معظم النسخ، قال: وسقط عند الطبري.

قوله: لعله قال عن يحيى بن أبي كثير، قال: وسقط

(1) سورة مريم الآية 26

ص: 31

لعله، قال: فقط لابن الحذاء، قال القاضي: وأظن أن الاسم كله سقط من كتب بعضهم أو شك فيه فألحقه على المحفوظ الصواب ونبه على إلحاقه بقوله لعله.

قوله: (قالوا: يا رسول الله، إنها قد زارت يوم النحر) فيه دليل لمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأهل العراق أنه لا يكره أن يقال لطواف الإفاضة طواف الزيارة، وقال مالك: يكره، وليس للكراهة حجة تعتمد. قولها:(تنفر) بكسر الفاء وضمها، الكسر أفصح، وبه جاء القرآن. والله أعلم.

ص: 32

ج- قال الزيلعي رحمه الله (1):

الحديث الحادي عشر: روي أنه عليه السلام رخص للنساء الحيض في ترك طواف الصدر، قلت: أخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن ابن عباس قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض (2)» ، وأخرج البخاري في الحيض عن ابن عباس قال:(رخص للحائض أن تنفر بعد الإفاضة). قال: وكان ابن عمر يقول أولا: أنها لا تنفر، ثم رجع. وقال:(تنفر، «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهن (3)». انتهى.

وأخرج الترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: «من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت إلا

(1) نصب الراية، ج3 ص (123).

(2)

صحيح البخاري الحج (1755)، صحيح مسلم الحج (1328)، سنن الدارمي المناسك (1934).

(3)

صحيح البخاري الحيض (330)، صحيح مسلم الحج (1328)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 431)، سنن الدارمي المناسك (1934).

ص: 32

الحيض ورخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)». انتهى.

وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.

(1) صحيح البخاري الحج (1761)، صحيح مسلم الحج (1328)، سنن الترمذي الحج (944)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 101)، سنن الدارمي المناسك (1934).

ص: 33

د- قال الترمذي رحمه الله (1):

(باب ما جاء أن مكث المهاجر بمكة بعد الصدر ثلاثا).

حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد، سمعت السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي - يعني مرفوعا- قال:(يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثا). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير هذا. قال صاحب تحفة الأحوذي، باب ما جاء أن مكث المهاجر بعد الصدر ثلاثا، قال في النهاية:(الصدر بالتحريك رجوع المسافر من مقصد، والشاربة من الورد، يقال أصدر يصدر صدورا وصدرا). انتهى. وقال في المجمع: (أي بعد الرجوع من منى وكان إقامة المهاجر بمكة حراما ثم أبيح بعد قضاء النسك ثلاثة أيام) انتهى.

قوله: (يمكث) بضم الكاف من باب نصر ينصر أي يقيم (المهاجر بعد قضاء نسكه) أي: بعد رجوعه من منى، كما قال في الرواية الأخرى: بعد الصدر أي الصدر من منى قال النووي:

(1) تحفة الأحوذي، ج4 ص (20، 21).

ص: 33

(بمكة ثلاثا) أي يجوز له مكث هذه المدة لقضاء حوائجه، ولا يجوز له الزيادة عليها؛ لأنها بلدة تركها لله تعالى فلا يقيم فيها أكثر من هذه المدة؛ لأنه يشبه العود إلى ما تركه لله تعالى.

قال النووي: (معنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة). انتهى.

قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري في الهجرة، ومسلم في الحج، وأبو داود أيضا في الحج، وأخرجه النسائي أيضا في الحج وفي الصلاة، وابن ماجه في الصلاة (وقد روي من غير هذا الوجه بهذا الإسناد مرفوعا) إن شئت الوقوف على ذلك فارجع إلى الصحيحين والسنن وقد ذكرنا مواقع الحديث فيها.

ص: 34

هـ- قال الشوكاني رحمه الله (1):

عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (2)» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن

(1) نيل الأوطار، ج 5، حديث (170 - 172).

(2)

صحيح البخاري الحج (1755)، صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 222)، سنن الدارمي المناسك (1932).

ص: 34

المرأة الحائض (1)» متفق عليه، وعن ابن عباس:«أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة (2)» رواه أحمد، وعن عائشة قالت:«حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت، قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: " أحابستنا هي؟ " قلت يا رسول الله؟ إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، قال: (فلتنفر إذن (3)» متفق عليه.

وقال الشوكاني رحمه الله:

قوله: «لا ينفر أحد (4)» . . . " الخ. فيه دليل على وجوب طواف الوداع، قال النووي: وهو قول أكثر العلماء ويلزم بتركه دم، وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه، قال الحافظ: والذي رأيته لابن المنذر في الأوسط أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء. انتهى، وقد اجتمع في طواف الوداع أمره صلى الله عليه وآله وسلم به ونهيه عن تركه، وفعله الذي هو بيان للمجمل الواجب، ولا شك أن ذلك يفيد الوجوب بقوله:(أمر الناس) بالبناء على ما لم يسم فاعله، وكذا قوله:(خفف).

قوله: " إذا كانت قد طافت طواف الإفاضة ". قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي أفاضت طواف وداع، وروينا عن عمر بن الخطاب وابن عمر وزيد ابن ثابت أنهم أمروها بالمقام إذا كانت حائضا لطواف الوداع،

(1) صحيح البخاري الحج (1755)، صحيح مسلم الحج (1328)، سنن الدارمي المناسك (1934).

(2)

صحيح مسلم الحج (1328)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 370).

(3)

صحيح مسلم الحج (1211)، سنن الترمذي الحج (943)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (391)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، موطأ مالك الحج (945)، سنن الدارمي المناسك (1917).

(4)

صحيح البخاري الحج (1755)، صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 222)، سنن الدارمي المناسك (1932).

ص: 35

فكأنهم أوجبوه "عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة إذ لو حاضت قبله لم يسقط عنها، قالت: وثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك، وبقي عمر فخالفناه لثبوت حديث عائشة، وروى ابن أبي شيبة من طريق القاسم بن محمد:(كان الصحابة يقولون: إذا أفاضت قبل أن تحيض فقد فرغت، إلا عمر). وقد روى أحمد وأبو داود والنسائي والطحاوي عن عمر أنه قال.

«ليكن آخر عهدها بالبيت (1)» . وفي رواية كذلك: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستدل الطحاوي بحديث عائشة على نسخ حديث عمر في حق الحائض، وكذلك استدل على نسخه بحديث أم سليم عند أبي داود الطيالسي أنها قالت:«حضت بعد ما طفت بالبيت فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنفر، وحاضت صفية فقالت لها عائشة: حبستنا، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تنفر (2)» ورواه سعيد بن منصور في كتاب المناسك، وإسحق في مسنده، والطحاوي، وأصله في البخاري، ويؤيد ذلك ما أخرجه النسائي، والترمذي، وصححه الحاكم، عن ابن عمر قال:«من حج فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحيض رخص لهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3)» .

قوله: "فلتنفر إذن " أي فلا حبس علينا حينئذ لأنها قد أفاضت فلا مانع من التوجه والذي يجب عليها قد فعلته، وفي رواية للبخاري:" فلا بأس انفري "، وفي رواية:" اخرجي "، وفي رواية:" فانفري ". ومعانيها متقاربة والمراد بها الرحيل من منى إلى جهة المدينة، واستدل بقوله:" أحابستنا " على أن أمير

(1) سنن الترمذي الحج (946)، سنن أبو داود المناسك (2004)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 416).

(2)

صحيح البخاري الحج (1759)، صحيح مسلم الحج (1328)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 431)، سنن الدارمي المناسك (1934).

(3)

صحيح البخاري الحج (1761)، صحيح مسلم الحج (1328)، سنن الترمذي الحج (944)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 101)، سنن الدارمي المناسك (1934).

ص: 36