الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأي عالم من علماء الشيعة المعاصرين:
وقال الدكتور موسى الموسوي في كتابه (الشيعة والتصحيح): الصراع بين الشيعة والتشيع ص 61 وما بعدها تحت عنوان (الإمام المهدي) قال: تعتقد الشيعة الإمامية أن الإمام الحسن العسكري وهو الإمام الحادي عشر للشيعة عندما توفي عام 260 هـ كان له ولد يسمى محمدا له من العمر خمس سنوات، وهو المهدي المنتظر. وهناك روايات أخرى تقول: إن المهدي ولد بعد وفاة والده العسكري. ومهما كان الأمر فإن المهدي تسلم منصب الإمامة بعد والده وبنص منه وبقي مختفيا عن الأنظار طيلة خمسة وستين عاما، وكانت الشيعة تتصل به في هذه الفترة عن طريق نواب عينهم لهذا الغرض والنواب هم:(عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان، وحسين بن روح وآخرهم علي بن محمد السيمري).
وقال: وهؤلاء النواب الأربعة لقبوا بالنواب الخاص والفترة هذه تسمى بعصر الغيبة الصغرى، وفي عام 329 هـ وقبيل وفاة (علي بن محمد السيمري) بشهور قليلة وصلت رقعة إليه أي (رسالة) بتوقيع الإمام المهدي جاء فيها:(لقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد أن يأذن الله، فمن ادعى رؤيتي فهو كاذب مفتر)، وهذا العام هو بداية الغيبة الكبرى ومنذ ذلك الحين انقطع اتصال الشيعة بالإمام بصورة مباشرة وغير مباشرة. وحتى إذا ادعى أحد ذلك فالشيعة تكذبه بسبب النص الوارد في آخر خطاب ورد إليهم من الإمام المهدي.
وقال: وهذه خلاصة عقيدة الشيعة الإمامية في المهدي المنتظر، ولا تزال الشيعة في كل عام يوم الخامس من شهر شعبان تحتفل بولادة المهدي احتفالا كبيرا، وهو الإمام الوحيد الذي تحتفل الشيعة بيوم ولادته فقط، أما الأئمة الآخرون فتكون الاحتفالات في أيام مولدهم ووفاتهم على السواء.
وقال الدكتور: وفكرة المهدي وظهور قائد في آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا موجودة في كثير من الأديان، وهناك أحاديث روتها كتب الصحاح عن النبي الكريم عن ظهور مهدي من ولده في آخر الزمان ولكن ليس على نحو التعيين.
وقال: وأما الشيعة فتستند على روايات نسبت إلى أئمتها أن المهدي المنتظر الذي أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إنما هو ابن الإمام الحسن العسكري، ونحن لا نريد أن ندخل في ذلك الجدل البيزنطي القديم حول المهدي وإعطاء تفسير عقلي لبقائه آلاف السنين في هذه الدنيا فنحن معاشر الشيعة كسائر الفرق الإسلامية الأخرى ما دمنا نعتقد بالغيب وأن الله على كل شيء قدير فلا نجد صعوبة في الاعتقاد بأن إنسانا ما يعيش في هذه الدنيا خارجا عن القوانين الطبيعية آلاف السنين فالقرآن الكريم صريح بأن نوحا عاش في قومه ألفا إلا خمسين عاما وأصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا وأن الله رفع عيسى ابن مريم وهو حي في رحابه. . . إلى أن قال: وفكرة المهدي بحد ذاتها فكرة جميلة فهي توحي في الخير
المحض والتطلع إلى عالم مليء بالخيرات والفضائل والحسنات، عالم مثالي طالما دعا إليه أفلاطون في جمهوريته، والفارابي الفيلسوف في مدينته الفاضلة، مضافا إلى تلك النظرية المثالية قيما إسلامية رفيعة.
وقال في كتابه المشار إليه ص 63: ولو أن الاعتقاد بوجود المهدي بقي محصورا في الإيمان بوجود إمام غائب من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر في يوم ما ويملأ الأرض قسطا وعدلا لكان المسلمون بخير، ولكن مع الأسف الشديد أن فقهاء المذهب الجعفري ألصقوا إلى المهدي جناحين شوهوا بهما صورة المهدي الرفيعة الوضاءة. وهذان الجناحان بدعتان كبيرتان ألصقتا بالمذهب الشيعي في عهد ظهور الصراع بين الشيعة والتشيع وهما تتناقضان مناقضة صريحة واضحة مع نصوص القرآن الكريم وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل الإمام علي والأئمة من بعده.
البدعة الأولى: هي تفسير الخمس في أرباح المكاسب.
والبدعة الثانية: هي ولاية الفقيه في المجتهدين.
وقال: إن الزعامات المذهبية التي تولت أمور الشيعة الدينية بعد الغيبة الكبرى بسبب فتح باب الاجتهاد، ولا زالت هي الماسكة بزمام العقيدة الشيعية حتى هذا اليوم كانت وراء هاتين البدعتين، وأسهب في حديثه عن هاتين البدعتين في كتابه المذكور لغاية ص 78 وقد أجاد وأفاد في توضيح هاتين المسألتين.
وهذه هي خلاصة ما كتبه الدكتور الموسوي في عقيدة المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية وهو لا يستبعد ذلك ما دام أن الله على كل شيء قدير.
أقول: لا شك أن الله تبارك وتعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وأنه على كل شيء قدير. ولكن إثبات قصة صاحب السرداب محمد بن الحسن العسكري وأنه المهدي المنتظر بدليل حياة نوح عليه السلام، وطول مكثه في الأرض وبقصة أصحاب الكهف وبحياة عيسى ابن مريم في السماء لهو استدلال مرفوض لأن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية أثبتت ذلك وتحدثت عن المذكورين، ولم يثبت دليل واحد من القرآن أو السنة بسند صحيح أو ضعيف تشير إلى اختفاء محمد بن الحسن العسكري في سرداب سامراء وأنه الإمام المنتظر في آخر الزمان. وإنما هي حكايات عن أئمة الشيعة تناقلوها فيما بينهم كما صرح بذلك الدكتور. وبمثل هذه الحكايات الموروثة لا تثبت بذلك الأمور الغيبية إنما تثبت بالقرآن أو السنة المطهرة، وكذا الحالة في كل أمر غيبي لا يثبت إلا بدليل شرعي لا بالعقل والاجتهاد ولا بالمنامات أو المكاشفات، وقد أشرت إلى ذلك في مقدمة البحث.
ومما يستحق الذكر فإن الدكتور الموسوي له كتاب جيد مفيد سماه (الثورة البائسة) كشف فيه خفايا الأمور، وصرح فيه عما لا يعرفه إلا أمثاله من المطلعين المعاصرين للأحداث، فحري بطلبة العلم أن يطلعوا عليه ويقفوا على ما فيه لتحذير
الجماهير المصفقة للشعارات البراقة الخداعة حتى لا ينخدعوا بها كما اغتروا بها وانخدعوا من قبل.
ردود علماء الإسلام:
لقد رفض علماء الإسلام قصة ابن الحسن العسكري عند الشيعة الإمامية وسجلوا ردودهم في كتبهم التي لا حصر لها وأكتفي بذكر بعض المراجع منها:
كتاب (الفرق بين الفرق) ص 70 لعبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 429 هـ، وكتاب (البداية والنهاية) ص 39 ج 9 للحافظ ابن كثير المتوفى سنة 774 هـ وأيضا كتابه (الفتن والملاحم) ص 31، وكتاب (المنار المنيف) ص 152 لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ، وكتاب (وفيات الأعيان) ص 176 ج 4 لابن خلكان المتوفى سنة 681 هـ، ومقدمة ابن خلدون ص 135 المتوفى سنة 808 هـ تحت عنوان (مذاهب الشيعة في حكم الإمامة)، و (منهاج السنة) لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 212 ج 4 المتوفى سنة 728 هـ، وكتاب (الأنوار البهية) للسفاريني الحنبلي ص 71 ج 2 المتوفى سنة 1188 هـ وكتاب (الإشاعة لأشراط الساعة) للبرزنجي الشافعي ص 87 وص 120 المتوفى سنة 1103 هـ فهذه المراجع المذكورة أفادت بأن اختفاء محمد بن الحسن العسكري في سرداب سامراء لا حقيقة له ففيها الكفاية لمن أراد الحق.