المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامسالأسماء الحسنى والتوكل - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقول من كتب الحديث وشروحها:

- ‌ النقول من كتب الفقهاء:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌الخلاصة:

- ‌الفتاوى

- ‌ أسهل الطرق في معرفة علوم الحديث

- ‌ ما هي الأحاديث القدسية؟ ولماذا سميت بهذا الاسم

- ‌ أقسام السنة

- ‌ هل السنة وحي أم لا

- ‌ لماذا نسلم بقبول رواية امرأة واحدة للحديث

- ‌ العمل بالحديث الضعيف

- ‌ هل يؤخذ بالأحاديث التي يخرجها البيهقي والطبري والدارقطني، وما يعنى بعلم طبقات الرواة

- ‌ هل بقي أحد من العلماء الذين يصلون بإسنادهم إلى رسول الله

- ‌ ما هي مرتبة ابن إسحاق بن يسار بين المحدثين هل هو ثقة أم لا

- ‌ في بعض الأحاديث في نهايته يقولون: رواه الشيخان، من هم الشيخان

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الطاعة في المعروف

- ‌سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

- ‌كلام من الكفر البواح

- ‌الفرق بين كلمة نصراني ومسيحي

- ‌رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌العلاج عند طبيب شعبي يستخدم الجن

- ‌الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي

- ‌حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

- ‌استعمال العطور التي تحتوي على شيء من الكحول

- ‌استعمال المرأة للطيب عند الخروج من منزلها

- ‌من لم يكفر الكافر فهو مثله

- ‌حكم طلب المدد من الرسول

- ‌حكم اعتقاد أن شيخ الطائفة يشفع يوم القيامة

- ‌لا يجوز للإنسان أن يأخذ بثأره من القاتل بغير الطرق الشرعية

- ‌لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌حكم الزوج الذي لا يعاشر بالمعروف

- ‌قطع النزاع في تحريم الرضاع

- ‌تقديم:

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌أهمية الرسالة:

- ‌المؤلف:

- ‌وصف النسخ المعتمدة:

- ‌العنوان والتوثيق:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌النص المحقق

- ‌التوكل وأثره التربوي في الكتاب والسنة

- ‌الفصل الأولوسائل تعمق التوكل في نفوس المؤمنين

- ‌المبحث الأول: معرفة الرب سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: إثبات الأسباب والمسببات:

- ‌المبحث الثالث: توحيد القلب:

- ‌المبحث الرابع: حسن الظن بالله عز وجل:

- ‌المبحث الخامس: تفويض الأمر لله سبحانه

- ‌الفصل الثانيأهمية التوكل وفضله

- ‌أولا: الأمر من الله لأنبيائه بالتوكل عليه:

- ‌ثانيا: توكل الأنبياء على الله:

- ‌ثالثا: الأمر من الله لعباده المؤمنين بالتوكل عليه:

- ‌رابعا: توكل المؤمنين على الله:

- ‌الفصل الثالثلا توكل بلا إيمان ولا إيمان بدون توكل

- ‌الفصل الرابعاشتباه التوكل بغيره

- ‌أولا: اشتباه التفويض بالإضاعة:

- ‌ثانيا: اشتباه التوكل بالراحة:

- ‌ثالثا: اشتباه خلع الأسباب عن القلب بتعطيلها عن الجوارح:

- ‌رابعا: اشتباه الثقة بالله بالغرور والعجز:

- ‌خامسا: اشتباه الطمأنينة إلى الله بالطمأنينة إلى المعلوم:

- ‌الفصل الخامسالأسماء الحسنى والتوكل

- ‌الفصل السادسأثر التوكل وثمرته

- ‌أولا: حصول المقصود:

- ‌ثانيا: عدم الفشل، والحفظ من الزلل:

- ‌ثالثا: المتوكل على الله لا يمسه السوء بل يحفظه الله من الشرور ويعصمه

- ‌رابعا: المتوكل على الله يدخل الجنة وله أجر عظيم:

- ‌خامسا: حصول مقصود المتوكل:

- ‌سادسا: الحفظ من الشيطان:

- ‌سابعا: المتوكل على الله لا تضره فتنة الدجال:

- ‌ثامنا: البراءة من الشرك:

- ‌تاسعا: المتوكل على الله يتولاه الله:

- ‌عاشرا: المتوكل على الله يحبه الله، ويكفيه، ويعينه، ويؤيده

- ‌حادي عشر: المتوكل على الله يزيد إيمانه

- ‌ثالث عشر: المتوكل على الله يفوض أموره جميعها إلى الله

- ‌رابع عشر: المتوكل على الله أكثر الناس توحيدا وإخلاصا:

- ‌خامس عشر: الهداية لأقوم الطرق:

- ‌سادس عشر: الصبر:

- ‌سابع عشر: المتوكل على الله لا يطيع الكافرين والمنافقين:

- ‌ثامن عشر: المتوكل على الله يرجع كل شيء إلى الله:

- ‌تاسع عشر: المتوكل على الله متيقن أنه على هدى من الله:

- ‌الفصل السابعالرضا ثمرة التوكل

- ‌خطة البحث:

- ‌المبحث الثاني: (ضابط ما شذ من القراءات):

- ‌المبحث الثالث: (هل تسمى القراءة الشاذة قرآنا

- ‌المبحث الرابع: (الموقف ممن قرأ بالشاذ في الصلاة وغيرها):

- ‌المبحث الخامس: (الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام):

- ‌المبحث السادس: (شروط العمل بالقراءة الشاذة وتنزيلها منزلة الخبر):

- ‌المطلب الثاني: شروط العمل عند المالكية:

- ‌المطلب الثالث: شروط العمل عند الشافعية:

- ‌المطلب الرابع: شروط العمل عند الحنابلة:

- ‌المبحث السابع:. ثمرة الخلاف في الاحتجاج بالقراءة الشاذة:

- ‌المطلب الأول: موقف الإمام أبي حنيفة:

- ‌المطلب الثاني: موقف الإمام مالك:

- ‌المطلب الثالث: موقف الإمام الشافعي:

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام أحمد:

- ‌المسألة الأولى: حكم قراءة الشاذ في الصلاة وغيرها:

- ‌المسألة الثانية: المراد بالصلاة الوسطى:

- ‌المسألة الثالثة: قضاء رمضان متتابعا:

- ‌المسألة الرابعة: وجوب التتابع في صيام كفارة اليمين:

- ‌المسألة الخامسة: المقدار المحرم من الرضاع:

- ‌المسألة السادسة: المراد من لفظ الأقراء:

- ‌الخاتمة:

- ‌عقيدة الأمة في المهدي المنتظر

- ‌وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة:

- ‌ذكر بعض الكتب التي جمعت أحاديث المهدي:

- ‌اختلاف الأقوال في المهدي المنتظر:

- ‌ذكر بعض نفاة المهدي:

- ‌ذكر دعاة المهدوية:

- ‌دعاة المهدوية سفاكون للدماء:

- ‌أعمالهم الإجرامية في بلاد المغرب:

- ‌أعمالهم الإجرامية في المشرق العربي:

- ‌المهدي المنتظر رحمة للأمة:

- ‌عقيدة الشيعة في المهدي المنتظر:

- ‌رأي عالم من علماء الشيعة المعاصرين:

- ‌المهدي المنتظر عند أهل السنة:

- ‌بعض الأحاديث الواردة في ظهور المهدي:

- ‌رأي العلماء في أحاديث المهدي:

- ‌أقوال الأئمة في المهدي المنتظر:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي

الفصل: ‌الفصل الخامسالأسماء الحسنى والتوكل

يحصل الإرباك وينقطع الرضا والعمل وبالتالي يتلاشى الإنتاج إذا وجد، والله المستعان (1).

سادسا: اشتباه حال التوكل بعلم التوكل:

كثير من الناس يعرف التوكل، وحقيقته وتفاصيله، فيظن أنه متوكل وهو ليس من أهل التوكل، فحال التوكل أمر آخر من وراء العلم به، وهذا كمعرفة المحبة والعلم بها وأسبابها ودواعيها، وحال المحب العاشق وراء ذلك.

وكمعرفة علم الخوف، وحال الخائف وراء ذلك، وهو شبيه بمعرفة المريض ماهية الصحة وحقيقتها وحاله بخلافها (2).

فها أنت قد رأيت اشتباه الدعاوى بالحقائق وظهر لك الحق فالزمه.

(1) مدارج السالكين (2/ 124)، (137 - 143) بتصرف.

(2)

مدارج السالكين 2/ 125.

ص: 201

‌الفصل الخامس

الأسماء الحسنى والتوكل

التوكل له علاقة بجميع أسماء الله الحسنى، لأن التوكل كما عرفه وفسره بعض الأئمة هو المعرفة بالله.

لكن التوكل له تعلق خاص بعامة أسماء الأفعال وأسماء الصفات ومنها:

ص: 201

أولا: العفو:

وهو اسم من أسماء الله مشتق من العفو والتجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه (1).

وأدلة ثبوته من القرآن والسنة كثيرة منها:

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (2) وقال عز اسمه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (3) وقال جل شأنه: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} (4) وقال الغفور الرحيم: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (5)

«وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة عندما سألته: أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: " قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (6)» .

(1) النهاية لابن الأثير (3/ 265).

(2)

سورة الشورى الآية 25

(3)

سورة آل عمران الآية 155

(4)

سورة النساء الآية 149

(5)

سورة البقرة الآية 187

(6)

أخرجه الترمذي في الجامع (5/ 534) رقم 3513 من حديث عائشة ثم قال: حديث حسن صحيح، جه (دعاء / 5)، حم (1/ 19، 6/ 171، 182، 208، 258).

ص: 202

والمتوكلون على الله حق التوكل، يتعبدون الله بهذا الاسم العظيم في غفران ذنوبهم والتجاوز عن سيئاتهم، وفي نصرهم على عدوهم، وفي التخفيف عنهم في المشاق والعفو عنهم فيما لا يملكون، وفي كل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.

ص: 203

ثانيا: الرحيم:

الرحمة تطلق في اللغة على: الرقة والتعطف، كما تطلق على المغفرة، وأيضا فإنها تطلق على الرزق والغيث.

أما في الاصطلاح: فرحمة الله: عطفه وإحسانه ورزقه، وفي أسماء الله تعالى: الرحمن الرحيم وهما اسمان مشتقان من الرحمة، وهما من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، والرحمن خاص لله لا يسمى به غيره، ولا يوصف به سواه.

أما الرحيم فإنه يوصف به غير الله فيقال: رجل رحيم (1).

وأدلة ثبوت هذين الاسمين من القرآن والسنة كثيرة جدا منها:

قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (2). وقال تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3).

(1) لسان. العرب (12/ 235) ط. صادر، النهاية لابن الأثير (2/ 210) ط. عام 1383 هـ.

(2)

سورة البقرة الآية 37

(3)

سورة يوسف الآية 53

ص: 203

وقال تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (1) وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ". . . «فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط (3)» .

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال:«قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت العزيز الرحيم (4)» .

هذا وقد سمى الله نفسه: رحيما في الكتاب العزيز في مائة وتسعة عشر موضعا، المتوكلون يتعبدون الله بهذا الاسم العظيم: الرحيم ليغفر ذنوبهم، ويتوب عليهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، ويتقون الله في السر والعلن لعل رحمة الرحيم التي

(1) سورة التوبة الآية 118

(2)

سورة الأنعام الآية 155

(3)

صحيح أخرجه مسلم (1/ 170) رقم 302، حم (1/ 5)، جه (زهد / 35) من حديث أبي سعيد الخدري.

(4)

صحيح أخرجه البخاري (11/ 131) رقم (6326)، صحيح مسلم (4/ 2078).

ص: 204

وسعت كل شيء تسعهم.

والمتوكلون يؤمنون أن كل خير وسعادة، وهداية، وتوفيق، وألطاف، وعناية، وحفظ، وسلامة، وبركة، ونعيم في الدنيا والآخرة كل ذلك وغيره من آثار رحمة الله التي وسعت كل شيء.

وهي رحمة تليق بالرحيم بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، فاللهم ارحمنا برحمتك يا رحيم.

ص: 205

ثالثا: الرؤوف:

وهو من الرأفة: وهي أشد الرحمة فهي أرق من الرحمة، ولا تكاد تقع في الكراهة، والرحمة قد تقع في الكراهة للمصلحة.

أما في الاصطلاح فالرؤوف هو: كثير الرأفة، وهو اسم من أسماء الله الحسنى فهو الرحيم بعباده، العطوف عليهم بألطافه.

وفي رسمه لغتان: رؤوف على وزن فعول، ورؤف على وزن فعل (1).

وأدلة ثبوت هذا الاسم الكريم كثيرة منها:

قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (2) وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (3).

(1)(النهاية) لابن الأثير (2/ 176)، لسان العرب (9/ 112).

(2)

سورة التوبة الآية 117

(3)

سورة آل عمران الآية 30

ص: 205

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1).

وقد سمى الله نفسه رؤوفا في القرآن الكريم في أحد عشر موضعا، والمتوكل على الله يتعبد الله باسمه الرؤوف ويعلم أن الله كريم، وجواد، وصاحب الفضل، ولطيف بعباده؛ فكتب له رأفته، ورحمته، وإحسانه، ثم يسأله باسمه الرؤوف أن يخرجه من الظلمات إلى النور، وأن لا يضيع إيمانه، وأن يتولاه في الدنيا والآخرة برأفته ورحمته.

(1) سورة الحج الآية 65

ص: 206

(1) سورة هود الآية 107

(2)

سورة البروج الآية 15

(3)

سورة البروج الآية 16

(4)

سورة المائدة الآية 6

ص: 206

يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم ويعطي الله (1)».

فالمتوكل إذا توجه إلى من له الإرادة المطلقة، ويفعل ما يشاء سبحانه، فإن توكله يكون صحيحا مما يكون له الأثر في تحقيق المقصود.

(1) صحيح البخاري (1/ 164) رقم (71)، صحيح مسلم (2/ 818) رقم (1037) من حديث معاوية بن أبي سفيان.

ص: 207

خامسا: القدير:

وأدلة ثبوت هذا الاسم الكريم كثيرة منها:

قال تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} (1) وقال تعالى: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ} (2). وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليمه للصحابة دعاء الاستخارة: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك. . (4)» الحديث.

فالمتوكل يتعبد الله (القادر) ويلجأ إليه ويسأله سبحانه، الذي له القدرة الشاملة، والتام القدرة، الذي لا يمتنع عليه شيء،

(1) سورة القيامة الآية 4

(2)

سورة المؤمنون الآية 95

(3)

سورة الملك الآية 1

(4)

صحيح البخاري (11/ 182) رقم (6382).

ص: 207

ويتوكل عليه في تحقيق مطالبه، وهو القدير، الذي له مطلق القدرة، وكمالها وتمامها، الذي ما كان ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء، الذي ما خلق الخلق ولا بعثهم في كمال قدرته إلا كنفس واحدة، الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه.

ص: 208

سادسا: الغفار:

أي الستار لذنوب عباده مرة بعد أخرى.

وأدلة ثبوت هذا الاسم كثيرة منها:

قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1)

وقال تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (2)

وقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: " قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".

(1) سورة طه الآية 82

(2)

سورة ص الآية 66

ص: 208

والمتوكل. يعلم علم اليقين أن الذي يستر الذنوب والعيوب مرة بعد أخرى هو الله الغفار، المستمر المغفرة، فهو يتوكل عليه في ستر ذنوبه وعيوبه وغفرانها ومحوها، كيف لا وقد تسمى بالغفار.

ص: 209

سابعا: التواب:

وهو الذي يتوب على من يشاء من عباده، ويقبل توبته.

وأدلة ثبوته كثيرة منها:

قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (1). وقال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} (2). وقال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (3).

«وكان يعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم: " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور (4)» . وقال رسول صلى الله عليه وسلم لعائشة في حديث الإفك: «وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عليه. . . (5)»

(1) سورة البقرة الآية 37

(2)

سورة النور الآية 10

(3)

سورة النصر الآية 3

(4)

رواه. الترمذي في (الجامع)(5/ 494) رقم (3434) من حديث ابن عمر ثم قال: حسن صحيح غريب، وأحمد في (المسند)(1/ 388، 392، 394)، (2/ 84).

(5)

أخرجه البخاري في (الصحيح)(5/ 271) رقم (2661)، والترمذي في (الجامع) كتاب (الأشربة) الباب الأول، وابن ماجه في (السنن)، كتاب (الأشربة) الباب الرابع، والدارمي في (السنن) كتاب (الرقائق) الباب (62)، وأحمد في (المسند) المجلد الأول ص (370)، المجلد الثاني ص (176).

ص: 209

فالمتوكل يتعبد الله باسمه التواب، لأن العبد محل الخطأ، ومحل الذنب، لكنه سبحانه تسمى بالتواب ليكون دائم الغفران، فكلما أذنبوا تابوا إلى التواب فتاب عليهم، إنه هو التواب الرحيم.

ص: 210

ثامنا: الفتاح:

وهو الحاكم بين عباده الذي يفتح المنغلق على عباده من أمورهم دينا ودنيا، ويكون بمعنى الناصر.

ومن أدلة ثبوته:

قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} (1).

والمتوكل يلجأ إلى الحاكم العدل العالم بحقائق الأمور، الذي يفتح ما انغلق على عباده من أمورهم في دينهم ودنياهم فيتحقق مقصود المتوكل على الله حق التو كل.

(1) سورة سبأ الآية 26

ص: 210

تاسعا: الوهاب:

وهو الذي يجود بالعطاء الكثير من غير استثابة.

وأدلة ثبوته كثيرة منها:

قوله تعالى: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (1).

(1) سورة آل عمران الآية 8

ص: 210

وقال تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} (1) وروى الإمام أحمد من حديث أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث دعاء تثبيت القلوب:. . . «فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب. . . . (2)» ورواه أيضا أبو حاتم وابن جرير.

فالمتوكل يتعبد الله الوهاب بسؤاله، ورفع حاجته إليه، لأنه هو الجواد سبحانه، ولا ينقص من ملكه شيء مهما وهب وأعطى.

(1) سورة ص الآية 9

(2)

مسند الإمام أحمد (6/ 302)(تفسير ابن كثير 2/ 10 ط الشعب).

ص: 211

عاشرا: الرزاق:

وهو القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها، وما مكنها من الانتفاع به.

وأدلة ثبوته كثيرة منها:

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (1) وقال تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (2).

وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (3). وقال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} (4). والآيات في هذا الباب كثيرة جدا.

(1) سورة الذاريات الآية 58

(2)

سورة المؤمنون الآية 72

(3)

سورة هود الآية 6

(4)

سورة الملك الآية 15

ص: 211

وأما الأحاديث فمنها:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا (1)» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل: «. . . وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم (2)» من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزلت، فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله برزق عاجل أو آجل (3)» .

والمتوكل يتوكل على الرزاق في رزقه وفي كل أمره، يتوكل على القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها، وكل ما ينتفع به في دينه ودنياه، فهو الرزاق في كل زمان، وفي كل حال، ولكل حي، فهو قد تكفل بالأرزاق سبحانه وتعالى.

(1) أخرجه ابن ماجه من حديث عمر في (السنن)(1/ 1394) رقم (4164)، والترمذي في (الجامع) كتاب (الزهد) باب (33)، وأحمد في (المسند)(1/ 30، 52).

(2)

أخرجه الترمذي في (السنن)(4/ 656) رقم (2495)، وأخرجه ابن ماجه في (السنن)(2/ 1422) رقم (4257)، وأخرجه أحمد في (المسند)(5/ 177).

(3)

أخرجه الترمذي في (السنن)(4/ 563) رقم (2326) ثم قال: حديث حسن صحيح غريب وهو من حديث عبد الله بن مسعود.

ص: 212

حادي عشر: المعطي:

وأدلة ثبوته كثيرة منها:

قال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (1).

وقال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} (2). وقال تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} (3). وقال تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (4).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والله المعطي، وأنا القاسم، ولا تزال هذه الأمة ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون (5)» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له (6)» .

(1) سورة طه الآية 50

(2)

سورة الإسراء الآية 20

(3)

سورة الإسراء الآية 20

(4)

سورة ص الآية 39

(5)

أخرجه البخاري في (الصحيح)(6/ 217) رقم (3116) من حديث معاوية، ومسلم في (الصحيح) كتاب (الزكاة) الباب (100)، وأحمد في (المسند)(4/ 100، 101).

(6)

أخرجه مسلم في (الصحيح)(1/ 521) رقم (168) من حديث أبي هريرة، وأبو داود في (السنن) كتاب (السنة) الباب (19)، والترمذي في (الجامع) كتاب (المواقيت) الباب (211)، وابن ماجه في (السنن) كتاب (الإقامة) الباب (182)، ومالك في (الموطأ) كتاب (القرآن) الباب (30)، والدارمي في (السنن) كتاب (الصلاة) الباب (168)، وأحمد في (المسند)(2/ 264، 267).

ص: 213

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه، دبر كل صلاة مكتوبة:«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» .

فالمتوكل على الله يثق في عطاء المعطي الذي لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، يثق فيما عند الله الذي قد سمى نفسه بالمعطي، والذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، الذي يعطي بغير حساب، يعطي الكافر كما يعطي المؤمن ويعطي الفاسق كما يعطي التقي، أفلا يعطي من توكل عليه وفوض أمره إليه ووثق فيما عنده، بلى فهو الرزاق ذو القوة المتين سبحانه.

ثاني عشر: المعز المذل:

فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء، لا مذل لمن أعز، ولا معز لمن أذل.

(1) أخرجه البخاري في (الصحيح)(2/ 325) رقم (844) من حديث المغيرة بن شعبة، ومسلم في (الصحيح) كتاب (الصلاة)(1/ 194)، وأبو داود في (السنن) كتاب (الصلاة) الباب (140)، والترمذي في (الجامع) كتاب (المواقيت) الباب (108)، وابن ماجه في (السنن) كتاب (الإقامة) الباب (18)، والدارمي في (السنن) كتاب (الصلاة) الباب (71)، وأحمد في (المسند)(4/ 93).

ص: 214