الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه مرتين، والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف، وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف. أمر زيد بن ثابت بكتابتها، ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة) (1).
وما روي عن بعض التابعين رحمهم الله تعالى من أنهم كانوا يقرءون بالشاذ في الصلاة فذلك عن اجتهاد منهم قد قوبل باجتهاد آخر مخالف له.
(1) مجموع الفتاوى (13/ 395)
المسألة الثانية: المراد بالصلاة الوسطى:
اختلفت آراء الفقهاء -رحمهم الله تعالى- في المراد بالصلاة الوسطى الواردة في قول الحق تبارك وتعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1) أهي صلاة العصر، أم صلاة الصبح، أم غيرهما؟
1 -
فذهب الإمامان أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله تعالى إلى أنها العصر.
2 -
وذهب الإمام مالك والشافعي رحمهما الله تعالى إلى أنها الصبح.
(1) سورة البقرة الآية 238
3 -
وذهب بعضهم إلى أنها الظهر، ونقلوه عن زيد بن ثابت، وأسامة بن زيد، وأبي سعيد الخدري، وعائشة -رضي الله تعالى عنهم-.
4 -
وذهب قبيصة بن ذؤيب -رحمه الله تعالى- إلى أنها المغرب.
5 -
وذهب آخرون إلى أنها العشاء.
6 -
وقيل: هي الجمعة (1).
واستدل القائلون بأنها " العصر " بالأحاديث الصحيحة، ومنها ما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا (2)» .
ومما احتج به من ذهب إلى أنها غير العصر قراءة عائشة رضي الله عنها الشاذة: " والصلاة الوسطى وصلاة العصر ".
قال الباجي -رحمه الله تعالى-: (الأظهر بهذه الزيادة أن الصلاة الوسطى غير صلاة العصر، وقد اختلف أهل العلم في الصلاة الوسطى، فالذي يقتضي ما أملته عائشة أنها غير صلاة العصر؛ لأنها عطفت صلاة العصر على الصلاة الوسطى، ولا
(1) شرح النووي على صحيح مسلم (5/ 128 - 129).
(2)
رواه مسلم في كتاب (المساجد ومواضع الصلاة)(5/ 128)، وابن ماجه في (كتاب الصلاة)(1/ 224)، والبيهقي في كتاب الصلاة) (1/ 459)، وأحمد في (المسند)(2/ 46).
يعطف الشيء على نفسه، وليس في هذه الزيادة تعيين للصلاة الوسطى) (1).
وقال النووي -رحمه الله تعالى-: (هكذا هو في الروايات: " وصلاة العصر " بالواو، واستدل به بعض أصحابنا على أن الوسطى ليست العصر؛ لأن العطف يقتضي المغايرة)(2).
بيان الراجح في المسألة:
يترجح لدي في هذه المسألة أن الصلاة الوسطى: هي صلاة " العصر " كما ذكر ذلك الإمام النووي -رحمه الله تعالى- حيث قال بعد سرده لأقوال الفقهاء في المراد من الصلاة الوسطى: (والصحيح من هذه الأقوال قولان: العصر والصبح، وأصحهما العصر)(3).
وسبب هذا الترجيح أمران:
الأمر الأول: ما رواه الإمام مسلم والبيهقي رحمهما الله تعالى بسنديهما عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: «نزلت: " حافظوا على الصلوات وصلاة العصر "). فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن نقرأها ثم إن الله نسخها فأنزل: (5)»
(1) المنتقى (1/ 245).
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم (5/ 130).
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم (5/ 129).
(4)
صحيح البخاري الجمعة (1200)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (539)، سنن الترمذي الصلاة (405)، سنن النسائي السهو (1219)، سنن أبو داود الصلاة (949)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 368).
(5)
سورة البقرة الآية 238 (4){حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}