الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أهل الأهواء وأصحاب الأطماع والتي شقيت البلاد بوجودهم وظلمت العباد بحكمهم، فالفرق عظيم بين دعاة الحق ودعاة الشر قال تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} (1){مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (2). ورحم الله الشاعر البحتري حين قال:
سارت مشرقة وسرت مغربا
…
شتان بين مشرق ومغرب
(1) سورة القلم الآية 35
(2)
سورة القلم الآية 36
عقيدة الشيعة في المهدي المنتظر:
تعريف الشيعة: قال الإمام الشهرستاني المتوفى سنة 548 هـ في كتابه الملل والنحل ص 146 ج 1: الشيعة هم الذين شايعوا عليا رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصية، إما جليا وإما خفيا واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده، وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بتنصيبهم بل هي قضية أصولية وهي ركن الدين لا يجوز للرسل -عليهم الصلاة والسلام- إغفاله وإهماله ولا تفويضه إلى العامة وإرساله.
وهذا ما نص عليه أيضا كتاب عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر - عميد كلية الفقه بالنجف في بلاد العراق صفحة 60 تحت عنوان (عقيدتنا في أن الإمامة بالنص).
أ- الشيعة الكيسانية: هم أتباع كيسان مولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقيل: كيسان هو تلميذ لعلي بن أبي طالب، وقيل هو المختار بن أبي عبيد كان يلقب بكيسان، وهؤلاء الشيعة الكيسانية ادعوا إمامة (محمد بن الحنفية) وأنه هو المهدي المنتظر الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم.
ومحمد بن الحنفية هو ابن علي بن أبي طالب، أمه خولة بنت جعفر بن قيس بن سلمة من بني حنيفة بن لجيم ويقال بل كانت من سبي اليمامة في حروب الردة وصارت إلى علي بن أبي طالب فأنجبت له محمدا هذا وانتسب محمد إلى أمه وكانت ولادته سنة (16 هـ) في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان محمد ابن الحنفية عالما فاضلا شجاعا توفي رضي الله عنه سنة (81 هـ). (وفيات الأعيان لابن خلكان من صفحة 169 - 173) وذكر ذلك مختصرا عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 429 هـ في كتابه الفرق بين الفرق ص 38.
عقيدة الشيعة الكيسانية في المهدي المنتظر:
تعتقد الشيعة الكيسانية بأن محمد ابن الحنفية لم يمت إنما دخل جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، وأنه المهدي المنتظر، وأنه سيعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، وهذا أول حكم بالغيبة والعودة حكم به الشيعة وأصبح ركنا من أركان التشيع
عند الشيعة. وبهذه المناسبة يقول الشاعر كثير عزة وكان شيعيا كما نقل ذلك عبد القاهر البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق) ص 41 والشهرستاني في (الملل والنحل) ص 150 ج 1 وغيرهما كابن كثير في تاريخه وابن خلدون في مقدمته.
يقول كثير عزة:
ألا إن الأئمة من قريش
…
ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه
…
هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبر
…
وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى
…
يقود الخيل يقدمه اللواء
تغيب لا يرى فيهم زمانا
…
برضوى عنده عسل وماء
والذي عناهم الشاعر في هذه الأبيات المتقدمة هم: علي بن أبي طالب وأبناؤه الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية رضي الله عنهم وأرضاهم آل البيت وطيب الله ثراهم.
أما علي: فهو الخليفة الرابع للخلفاء الراشدين ولد قبل البعثة النبوية بعشر سنين وقتل شهيدا في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين هجرية قتله عدو الله عبد الرحمن بن ملجم
المرادي الخارجي. جاء في كتاب (نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار) ص 108، ذكر المؤلف أبياتا من الشعر لعمران بن حطان الرقاشي الخارجي والتي يمدح بها ابن ملجم في قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال عدو الله:
لله در المرادي الذي فتكت
…
كفاه مهجة شر الخلق إنسانا
يا ضربة من تقي ما أراد بها
…
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه
…
أوفى البرية عند الله ميزانا
فأجابه القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الشافعي رحمه الله ورد عليه ردا شافيا فقال:
إني لأبرأ مما أنت قائله
…
عن ابن ملجم الملعون بهتانا
يا ضربة من شقي ما أراد بها
…
إلا ليهدم للإسلام أركانا
إني لأذكره يوما فألعنه
…
دينا وألعن عمرانا وحطانا
عليه ثم عليه الدهر متصلا
…
لعائن الله إسرارا وإعلانا
فأنتم من كلاب النار جاء به
…
نص الشريعة برهانا وتبيانا
عليكما لعنة الجبار ما طلعت
…
شمس وما أوقدوا في الكون نيرانا
أما الحسن بن علي رضي الله عنه قال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة ص 328 ج 1: ولد رضي الله عنه سنة ثلاث من الهجرة ومات سنة ثمان وخمسين على خلاف في موته، وتنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه في سنة إحدى وأربعين لحقن دماء المسلمين وذلك مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم:«إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين (1)» رواه البخاري. (نور الأبصار، ص 121).
أما الحسين رضي الله عنه: وهو الذي عناه الشاعر بقوله: (وسبط غيبته كربلاء) وهو الحسين بن علي رضي الله عنه ولد في شعبان سنة سبع للهجرة وقتل شهيدا يوم عاشوراء سنة إحدى وستين من الهجرة في كربلاء في أرض العراق. (الإصابة في تمييز الصحابة ص 333 ج 1).
وأما محمد ابن الحنفية رضي الله عنه: فهو الذي عناه الشاعر كثير عزة في البيتين الأخيرين (وسبط لا يذوق الموت حتى. . . الخ) وهو المهدي المنتظر بزعمهم الذي اختفى في جبل رضوى.
جاء في وفيات الأعيان ص 173 ج 4 قال ابن خلكان:
(1) صحيح البخاري الصلح (2704)، سنن الترمذي المناقب (3773)، سنن النسائي الجمعة (1410)، سنن أبو داود السنة (4662)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 51).
والفرقة الكيسانية تعتقد بإمامة محمد ابن الحنفية ويزعمون أنه مقيم برضوى في شعب منه ولم يمت، دخل إليه ومعه أربعون من أصحابه ولم يوقف لهم على خبر، وهم أحياء يرزقون ويقولون إنه مقيم في هذا الجبل بين أسد ونمر وعنده عينان نضاختان تجريان عسلا وماء، وإنه يرجع إلى الدنيا فيملؤها عدلا، وقد أطال الشهرستاني في كتابه الملل والنحل ص 150 ج 1 في هذا الموضوع.
وجاء في الأنوار البهية للسفاريني الحنبلي ص 85 ج 2 قال رحمه الله: وكان السيد الحميري على مذهب الشيعة الكيسانية وهو القائل:
ألا قل للإمام فدتك نفسي
…
أطلت بذلك الجبل المقاما
قال: وجبل رضوى هو جبل جهينة قريبا من ينبع بينهما مسيرة يوم واحد وهو من المدينة على سبع مراحل وهو على ليلتين من البحر وقد أطال الشرح في كتابه المذكور.
2 -
الشيعة الإمامية:
والشيعة الإمامية هم القائلون بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه- بعد النبي صلى الله عليه وسلم نصا ظاهرا وتعيينا صادقا، والإمامة لأولاده من بعده ويعتقدون بالأئمة الاثني عشر وهم: علي بن أبي طالب الملقب بالمرتضى، والحسن بن علي (الزكي)، والحسين بن علي (سيد الشهداء)، وعلي بن الحسين (زين العابدين)، ومحمد بن علي (الباقر)، وجعفر بن
محمد (الصادق)، وموسى بن جعفر (الكاظم)، وعلي بن موسى (الرضا)، ومحمد بن علي (الجواد)، وعلي بن محمد (الهادي)، والحسن بن علي (العسكري)، ومحمد بن الحسن (المهدي)، والأخير منهم هو المتمم للأئمة الاثني عشر وهو المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية، كما جاء في كتاب عقائد الإمامية ص 62 لمحمد رضا المظفر - عميد كلية الفقه بالنجف في أرض العراق تحت عنوان عقيدتنا في عدد الأئمة.
عقيدة الشيعة الإمامية في المهدي المنتظر:
والأئمة الاثنا عشر المذكورون رضي الله عنهم هم مرجع الشيعة الإمامية في الأحكام الشرعية ويقولون بعصمتهم- كالأنبياء والرسل عليهم السلام من جميع الكبائر والصغائر، وهم حفظة الشرع والقوامون عليه.
ويعتقدون أن (محمد بن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر هو المهدي المنتظر والذي ولد سنة 256 هـ ودخل سرداب سامراء في دار أبيه في العراق وعمره خمس سنوات ولم يزل حيا في السرداب وسيخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. وهذا ما يعتقده الشيعة في أئمتهم وقد صرح بذلك محمد رضا المظفر في كتابه (عقائد الإمامية) ص 51 تحت عنوان عقيدتنا في عصمة الإمام وتحت عنوان عقيدتنا في المهدي، ص 63.