الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين.
الحمد لله الذي حرم (1) ما شاء وحلل ما شاء بحكمته، ووفق من شاء لفهم ذلك بفضله ومنته، والصلاة والسلام على أفضل خليقته، محمد وآله (2) وعترته.
وبعد (3): فهذه رسالة مفيدة غريبة جديدة، تتعلق بالرضاع وبيان من يحرم به ومن لا يحرم. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
مقدمة (4): اعلم أن الرضاع يجوز فيه فتح الراء وكسرها (5)، وهو لغة: مص الثدي. وشرعا: مص- من له أقل من حولين- لبن ثاب من ثدي
(1)(س): شرف.
(2)
(س): سيدنا محمد وآله وصحبه.
(3)
(س): وبعد، ساقطة.
(4)
(س): مقدمة، ساقطة.
(5)
والفتح أشهر، ينظر: القرطبي (التفسير)(3/ 162).
امرأة أو شربه ونحوه، كأكله بعد تجبينه (1)، والسعوط والوجور به، ولا بد من خمس رضعات، فلا أثر لما دونها.
فصل:
الرضاع تحريمه كنسب، والأصل في التحريم: الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب، فقوله سبحانه وتعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (2)، فجعل المرضعة أما
(1) تجميده إلى جبن مأكول.
(2)
سورة النساء الآية 23
كما جعل المشاركة في الرضاع أختا.
أما السنة: فمنها ما روت / عائشة (1) رضي الله تعالى عنها [1 / أ]، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يحرم من الرضاع ما يحرم من (الولادة (3)» رواه الجماعة. ولفظ ابن ماجه: «من) النسب (5)» .
وأما الإجماع: فإنه لا خلاف بين المسلمين أن الرضاع محرم في الجملة (6)، وإنما اختلفوا في تفاصيل لا يقدح (7) في الأصل أن يكون مجمعا عليه.
(1)(س): عائشة أم المؤمنين.
(2)
البخاري في (الصحيح) رقم (2646، 3105، 5099)، ومسلم في (الصحيح) رقم (1444)، وأبو داود في (السنن) رقم (4055)، والترمذي في (الجامع) رقم (1147)، والنسائي في (المجتبى)(6/ 98)، وأحمد في (المسند)(6/ 44، 51) واللفظ له.
(3)
(س): الرضاعة. (2)
(4)
صحيح البخاري الشهادات (2645)، سنن النسائي النكاح (3306)، سنن ابن ماجه النكاح (1938)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 275).
(5)
ما بينهما ساقط من (س). (4)
(6)
ينظر: ابن حزم (الإجماع)(67)، وابن قدامة (المغني)(11/ 309).
(7)
(س): تقدح.
إذا علمت ذلك (1): فكل امرأة حرمت من النسب حرم مثلها من الرضاع: كالأم والجدة من كل جهة وإن علت، والبنت وبنتها وإن نزلت، وبنت الابن وإن نزل أو نزلت، والأخوات والعمات والخالات من كل جهة فيهن (2).
وأما المصاهرة: فالتحقيق أن كل امرأة حرمت بها فبسبب (3) نسب، إما بين الزوج وبين التي (4) حرمت عليه تلك المرأة، وإما بين الزوجة وبين المرأة المحرمة (5).
فالقسم الأول: زوجة الأب وإن علا، وزوجة الابن وإن نزل، فإن بين الزوج ومن حرمت عليه الأبوة في الأولى والبنوة (6).
في الثانية، كما صرح بذلك فيهما (7) العلامة المحب ابن نصر الله رحمه الله تعالى في حاشيته على الفروع (8).
(1)(س): إذا علمت ذلك، ساقط.
(2)
قال ابن قدامة: لا نعلم في هذا خلافا. ابن قدامة (المغني)(9/ 520).
(3)
(س): بسبب.
(4)
(س): الرجل الذي.
(5)
ينظر: ابن رجب (جامع العلوم)(2/ 439).
(6)
الأصل: وبنوه.
(7)
(س): فيهما، ساقطة.
(8)
له نسخة خطية في إحدى مكتبات الرياض الخاصة.
والقسم. الثاني: أم الزوجة مطلقا، وبنتها بشرط الدخول بالزوجة، فإن بين الزوجة وبينهما الأمومة والبنوة.
وإذا تقرر ذلك: فيحرم بالرضاع / ما يحرم بالمصاهرة.
؛ [1 / ب]، لما تقدم من أن النسب هو السبب في تحريم المصاهرة، والرضاع كالنسب.
فيحرم على الشخص: أم زوجته من الرضاع كما تحرم عليه أمها من النسب، وزوجة أبيه وابنه (1) من الرضاع كما تحرم (2) زوجة أبيه وابنه من النسب، وبنت زوجته من الرضاع بشرط الدخول كما تحرم بنتها من النسب. صرح (3) بتحريم هذه الأربع الأصحاب.
(1)(س). بزيادة: من النسب وبنت زوجته.
(2)
(س): بزيادة: عليه أمها من النسب و.
(3)
(س): وصرح.
قال في المنتهى: وتحريمه- أي: الرضاع- كنسب حتى في مصاهرة، فتحرم زوجة أبيه وولده من رضاع كمن (1) نسب. انتهى.
وأما لو وجد بالرضاع من هي بمنزلة امرأة تحرم بالمصاهرة من غير حصول مصاهرة فإنها لا تحرم.
ولذلك أربع صور:
إحداها: المرضعة تحل لأخي المرتضع من النسب، مع كونها بمثابة زوجة الأب؛ فإنها أم أخيه لكن الأمومة من الرضاع.
والثانية: بنت المرضعة تحل لأبي المرتضع من النسب، مع كونها بمثابة ربيبته؛ فإنها أخت ابنه لكن أخوة (2) من الرضاع.
والثالثة: أم المرتضع من النسب تحل لأخيه من الرضاع، مع كونها بمثابة زوجة أبيه؛ فإنها أم أخيه لكن الأخوة من الرضاع.
والرابعة: أخت المرتضع من النسب تحل لأبي المرتضع من الرضاع، مع كونها بمثابة ربيبة (3)؛ لأنها أخت ابنه لكن
(1)(س): الرضاع كنسب.
(2)
(س): الأخوة.
(3)
(س): ربيبته.
الأخوة من الرضاع.
فهذه الأربع (1) مباحة لمن ذكر كما صرح به صاحب الإقناع / والمنتهى وغيرهما [2 / أ].
تتمة:
وقع لطائفة من الأصحاب رحمهم الله تعالى بعد ذكرهم أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ما نصه: إلا أم أخيه وأخت ابنه.
وهذه العبارة أصلها لابن البنا، وتبعه عليها ابن
(1)(س): أربع.
حمدان وصاحب الوجيز.
قال (1) صاحب الإقناع: يعنون: فلا تحرمان بالرضاع، وفيها (2) صور:
ولهذا قيل- أي (3): عبر بعضهم بقوله-: إلا المرضعة وبنتها على أبي المرتضع وأخيه من النسب وعكسه (4).
أي: أم المرتضع وأخته (5) من النسب على أبيه وأخيه من الرضاع. وكذا قاله صاحب المنتهى في شرحه: وصرح بأن الصور أربع (6). قال: والحكم المذكور- من الإباحة-: صحيح. انتهى
(1) الأصل: قال، ساقطة.
(2)
(س): وفيهما.
(3)
أي: إضافة من (س).
(4)
الحجاوي (الإقناع)(3/ 181).
(5)
الأصل: وأخيه، تحريف.
(6)
(س): الأربع.
وهذه الأربع: هي التي قد سبق (1) ذكرها وتفصيلها، فلا حاجة إلى إعادته.
لكن نتعرض هنا لبيان أخذها من عبارة الأصحاب. فاعلم أن قولهم: إلا أم أخيه وأخت ابنه. أي: من الرضاع كما هو عبارة المنتهى (2). فقولهم: من رضاع (3)، يحتمل أن يكون راجعا للمضاف الذي هو الأم والأخت، فيكون المعنى: أن المرضعة وبنتها لا تحرمان (على أبي المرتضع وأخيه من النسب.
وتحتمل كونه راجعا للمضاف إليه الذي هو: الأخ والابن، فيكون المعنى: أن أم المرتضع وأخته من النسب) (4)[لا تحرمان](5) على أبيه وأخيه من الرضاع. فافهم!
ثم اعلم أن قولهم: إلا المرضعة وابنتها على أبي
(1)(س): قدمت.
(2)
الفتوحي (منتهى الإرادات)(3/ 29 / الشرح).
(3)
(س): الرضاع.
(4)
ما بينهما ساقط من (س).
(5)
بياض في الأصل، والإضافة يقتضيها السياق.
[2 / ب] المرتضع وأخيه من النسب، من قبيل اللف والنشر المشوش / فالثاني للأول والأول للثاني.
أي: إلا المرضعة على أخي المرتضع من النسب وإلا بنتها على أبيه من النسب، وكذا عكسه. أي: أم المرتضع وأخته من النسب على أبيه وأخيه من الرضاع، فتقديره؟ لا تحرم أم المرتضع من النسب على أخيه من الرضاع، ولا أخته من النسب على أبيه من الرضاع. وبهذا تصير الصور أربعا.
وعبارة ابن البنا ومن تبعه محتملة لذلك، فإن قولهم: إلا أم أخيه. أي: على الأخ وفيها صورتان؛ لأن الرضاع إما أن يكون من جهة الأمومة، أو من جهة الأخوة.
وقولهم: وأخت ابنه. أي: على الأب، وفيها صورتان أيضا؛ لأن الرضاع إما أن يكون من جهة الأخوة، أو من جهة البنوة.
وأما لو حمل قولهم: إلا المرضعة وبنتها على أبي المرتضع وأخيه من النسب، على معنى: أن المرضعة لا تحرم على كل من الأخ والأب من النسب، وأن بنتها لا تحرم عليهما، وكذا نظيره في العكس.
فإنه. يحصل حينئذ في العبارة ثمان صور. أربع منها يوجد
فيها من هي في مقابلة من تحرم بالمصاهرة، وهي التي تقدم ذكرها، وأربع منها ليس في واحد منها من هي في مقابلة من يحرم بالمصاهرة، ولم نتعرض لها فيما تقدم:
إحداها: المرضعة لأبي المرتضع من النسب، بمنزلة [3 / أ]. الزوجة.
والثانية: بنتها لأخيه من النسب، بمنزلة بنت زوجة الأب.
والثالثة: أم المرتضع من النسب لأبيه من الرضاع، بمنزلة الزوجة أيضا.
والرابعة: أخت المرتضع من النسب لأخيه من الرضاع، بمنزلة بنت زوجة الأب.
وهذا الاحتيال تبعد إرادته من عبارة الأصحاب لشموله من ليس في مقابلة من يحرم بالمصاهرة كما بينت لك (1).
فوضح ذلك صاحب التنقيح وغيره. قد قالوا عن الاستثناء- الأصحاب (2) -: لكن الصواب عدم الاستثناء (3).
(1) إلى هنا ساقط من (س).
(2)
(س): قال في التنقيح وغيره من عبارة الأصحاب المذكورة.
(3)
المرداوي (التنقيح)(219)، والشويكي (التوضيح)(307)، وينظر: الزركشي (الشرح)(5/ 156).
و (1) قال في الإقناع: لكن الأظهر عدم الاستثناء.
قالوا: لأنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة، والشارع حرم من الرضاع ما حرم من النسب، لا ما حرم بالمصاهرة. انتهى (2).
فقولهم (3): لأنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة، (إنما يتأتى في الأربع الأول، وهي)(4): مسألة (5) المرضعة مع أخي المرتضع من النسب (6)، ومسألة بنت المرضعة (7) مع أبيه من النسب (8)، ومسألة أم المرتضع من النسب (9)[مع أخيه من الرضاع، ومسألة أخت المرتضع نسبا](10) مع أبيه من الرضاع، كما تقدم ذلك موضحا (11).
(1)(س): و، ساقطة.
(2)
الحجاوي (الإقناع)(3/ 181).
(3)
(س): قولهم.
(4)
ما بينهما ساقط من (س).
(5)
(س): أي في مسألة.
(6)
(س): من النسب، ساقط.
(7)
الأصل: المرتضعة، ولعل المثبت هو الصواب.
(8)
(س): من النسب، ساقط.
(9)
(س): نسبا.
(10)
ساقط من الأصل وهو انتقال نظر.
(11)
في أوائل البحث الصفحة رقم (154).
(وأما الصور الأربع الأخيرة فلا يتأتى فيها من هي في مقابلة من يحرم بالمصاهرة. فتأمله وتفهم والله أعلم) فإن قلت: قولهم: الشارع حرم من الرضاع ما حرم من النسب لا ما حرم بالمصاهرة، مخالف لما تقدم: من أن تحريم الرضاع كالنسب (1) حتى في مصاهرة، (كما تقدم التصريح به عن المنتهى.
قلت: لا مخالفة؛ لأن مرادهم بقولهم: حتى في مصاهرة) (2)، أنه حيث حصلت المصاهرة بالفعل فكل امرأة حرمت بها (3) بسبب النسب حرم مثلها بسبب الرضاع؛ لأنه (4) مثله وأما حيث (5) لم توجد المصاهرة بالفعل وإنما وجد بالرضاع نظير من يحرم بها كما في الصور الأربع المستثناة فلا تحريم؛ لأن الرضاع ليس كالمصاهرة بل هو كالنسب. ففرق بني وجود المصاهرة وبين فقدها (6)
(1)(س): كنسب.
(2)
ما بين القوسين ساقط من (س) وهو انتقال نظر.
(3)
علق في هامش الأصل ما نصه: أي بالمصاهرة.
(4)
(س): لأنها.
(5)
(س): حيث توجد، وهو سهو من الناسخ.
(6)
(س): تقديرها.
كما لا يخفى (1).
والحمد لله رب العالمين.
(1)(س): زيادة: وبالله التوفيق.