الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب الثاني: أن المقصود بالصيام في كفارة اليمين ردع المسلم عن اعتياد الأيمان.
والذي يناسب هذا الردع التتابع لا التفريق، إذ التتابع يجعله يحس بمرارة الجوع والعطش في ثلاثة أيام متوالية.
وهذا الإحساس يضعفه التفريق في صيام تلك الأيام الثلاثة.
المسألة الخامسة: المقدار المحرم من الرضاع:
اختلف الفقهاء -رحمهم الله تعالى- في المقدار المحرم من الرضاع:
1 -
فذهب الأحناف والمالكية -رحمهم الله تعالى- إلى أن الرضاع المحرم لا حد لقدره، بل يستوي قليله وكثيره.
قال الكاساني -رحمه الله تعالى-: (ويستوي في الرضاع المحرم قليله وكثيره)(1).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: (وكل ما وصل إلى جوف الطفل أو الطفلة في الحولين من اللبن وإن كان مصة واحدة حرم عند مالك وأكثر أهل المدينة)(2).
وقال ابن رشد -رحمه الله تعالى-: (أما مقدار المحرم من
(1) بدائع الصنائع (4/ 7).
(2)
الكافي (2/ 539، 540).
اللبن فإن قوما قالوا فيه بعدم التحديد، وهو مذهب مالك وأصحابه، وروي عن علي وابن مسعود، وهو قول ابن عمر وابن عباس. وهؤلاء يحرم عندهم أي قدر كان، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري والأوزاعي) (1).
واحتجوا لذلك بقول الحق تبارك وتعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (2).
حيث أطلق الرضاع ولم يقيده بعدد معين (3).
ولم يحتج المالكية -رحمهم الله تعالى- في ذلك بقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن).
وفي ذلك يقول الباجي -رحمه الله تعالى-: (هذا الذي ذكرت عائشة رضي الله عنها أنه نزل من القرآن مما أخبرت عن أنه ناسخ أو منسوخ لا يثبت قرآنا؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالخبر المتواتر، وأما خبر الآحاد فلا يثبت به قرآن، وهذا من أخبار الآحاد الداخلة في جملة الغرائب، فلا يثبت بمثله قرآن، وإذا لم يثبت بمثله قرآن فمن مذهبنا أن من
(1) بداية المجتهد (2/ 35).
(2)
سورة النساء الآية 23
(3)
بدائع الصنائع (4/ 7)، بداية المجتهد (2/ 35).
ادعى فيه أنه قرآن وتضمن حكما فإنه لا يثبت ذلك الحكم إلا أن يثبت بما ثبت به القرآن من الخبر المتواتر؛ لأن ذلك الحكم ثبوته فرع عن ثبوت الخبر قرآنا) (1).
2 -
وذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من مذهبهم إلى أن المحرم من الرضاع ما كان خمسة فصاعدا.
قال النووي -رحمه الله تعالى-: (الرضاع لا تثبت حرمته إلا بخمس رضعات. هذا هو الصحيح المنصوص)(2).
وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدا. هذا الصحيح في المذهب)(3) واحتجوا لذلك بقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: (كان فيما أنزل من القرآن " عشر رضعات معلومات يحرمن "، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن)(4).
(1) المنتقى (4/ 156).
(2)
روضة الطالبين (9/ 7)
(3)
المغني (11/ 310).
(4)
تفسير القرآن العظيم (1/ 404)، المغني (11/ 311)، شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 29).