المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقول من كتب الحديث وشروحها:

- ‌ النقول من كتب الفقهاء:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌الخلاصة:

- ‌الفتاوى

- ‌ أسهل الطرق في معرفة علوم الحديث

- ‌ ما هي الأحاديث القدسية؟ ولماذا سميت بهذا الاسم

- ‌ أقسام السنة

- ‌ هل السنة وحي أم لا

- ‌ لماذا نسلم بقبول رواية امرأة واحدة للحديث

- ‌ العمل بالحديث الضعيف

- ‌ هل يؤخذ بالأحاديث التي يخرجها البيهقي والطبري والدارقطني، وما يعنى بعلم طبقات الرواة

- ‌ هل بقي أحد من العلماء الذين يصلون بإسنادهم إلى رسول الله

- ‌ ما هي مرتبة ابن إسحاق بن يسار بين المحدثين هل هو ثقة أم لا

- ‌ في بعض الأحاديث في نهايته يقولون: رواه الشيخان، من هم الشيخان

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الطاعة في المعروف

- ‌سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

- ‌كلام من الكفر البواح

- ‌الفرق بين كلمة نصراني ومسيحي

- ‌رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌العلاج عند طبيب شعبي يستخدم الجن

- ‌الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي

- ‌حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

- ‌استعمال العطور التي تحتوي على شيء من الكحول

- ‌استعمال المرأة للطيب عند الخروج من منزلها

- ‌من لم يكفر الكافر فهو مثله

- ‌حكم طلب المدد من الرسول

- ‌حكم اعتقاد أن شيخ الطائفة يشفع يوم القيامة

- ‌لا يجوز للإنسان أن يأخذ بثأره من القاتل بغير الطرق الشرعية

- ‌لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌حكم الزوج الذي لا يعاشر بالمعروف

- ‌قطع النزاع في تحريم الرضاع

- ‌تقديم:

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌أهمية الرسالة:

- ‌المؤلف:

- ‌وصف النسخ المعتمدة:

- ‌العنوان والتوثيق:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌النص المحقق

- ‌التوكل وأثره التربوي في الكتاب والسنة

- ‌الفصل الأولوسائل تعمق التوكل في نفوس المؤمنين

- ‌المبحث الأول: معرفة الرب سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: إثبات الأسباب والمسببات:

- ‌المبحث الثالث: توحيد القلب:

- ‌المبحث الرابع: حسن الظن بالله عز وجل:

- ‌المبحث الخامس: تفويض الأمر لله سبحانه

- ‌الفصل الثانيأهمية التوكل وفضله

- ‌أولا: الأمر من الله لأنبيائه بالتوكل عليه:

- ‌ثانيا: توكل الأنبياء على الله:

- ‌ثالثا: الأمر من الله لعباده المؤمنين بالتوكل عليه:

- ‌رابعا: توكل المؤمنين على الله:

- ‌الفصل الثالثلا توكل بلا إيمان ولا إيمان بدون توكل

- ‌الفصل الرابعاشتباه التوكل بغيره

- ‌أولا: اشتباه التفويض بالإضاعة:

- ‌ثانيا: اشتباه التوكل بالراحة:

- ‌ثالثا: اشتباه خلع الأسباب عن القلب بتعطيلها عن الجوارح:

- ‌رابعا: اشتباه الثقة بالله بالغرور والعجز:

- ‌خامسا: اشتباه الطمأنينة إلى الله بالطمأنينة إلى المعلوم:

- ‌الفصل الخامسالأسماء الحسنى والتوكل

- ‌الفصل السادسأثر التوكل وثمرته

- ‌أولا: حصول المقصود:

- ‌ثانيا: عدم الفشل، والحفظ من الزلل:

- ‌ثالثا: المتوكل على الله لا يمسه السوء بل يحفظه الله من الشرور ويعصمه

- ‌رابعا: المتوكل على الله يدخل الجنة وله أجر عظيم:

- ‌خامسا: حصول مقصود المتوكل:

- ‌سادسا: الحفظ من الشيطان:

- ‌سابعا: المتوكل على الله لا تضره فتنة الدجال:

- ‌ثامنا: البراءة من الشرك:

- ‌تاسعا: المتوكل على الله يتولاه الله:

- ‌عاشرا: المتوكل على الله يحبه الله، ويكفيه، ويعينه، ويؤيده

- ‌حادي عشر: المتوكل على الله يزيد إيمانه

- ‌ثالث عشر: المتوكل على الله يفوض أموره جميعها إلى الله

- ‌رابع عشر: المتوكل على الله أكثر الناس توحيدا وإخلاصا:

- ‌خامس عشر: الهداية لأقوم الطرق:

- ‌سادس عشر: الصبر:

- ‌سابع عشر: المتوكل على الله لا يطيع الكافرين والمنافقين:

- ‌ثامن عشر: المتوكل على الله يرجع كل شيء إلى الله:

- ‌تاسع عشر: المتوكل على الله متيقن أنه على هدى من الله:

- ‌الفصل السابعالرضا ثمرة التوكل

- ‌خطة البحث:

- ‌المبحث الثاني: (ضابط ما شذ من القراءات):

- ‌المبحث الثالث: (هل تسمى القراءة الشاذة قرآنا

- ‌المبحث الرابع: (الموقف ممن قرأ بالشاذ في الصلاة وغيرها):

- ‌المبحث الخامس: (الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام):

- ‌المبحث السادس: (شروط العمل بالقراءة الشاذة وتنزيلها منزلة الخبر):

- ‌المطلب الثاني: شروط العمل عند المالكية:

- ‌المطلب الثالث: شروط العمل عند الشافعية:

- ‌المطلب الرابع: شروط العمل عند الحنابلة:

- ‌المبحث السابع:. ثمرة الخلاف في الاحتجاج بالقراءة الشاذة:

- ‌المطلب الأول: موقف الإمام أبي حنيفة:

- ‌المطلب الثاني: موقف الإمام مالك:

- ‌المطلب الثالث: موقف الإمام الشافعي:

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام أحمد:

- ‌المسألة الأولى: حكم قراءة الشاذ في الصلاة وغيرها:

- ‌المسألة الثانية: المراد بالصلاة الوسطى:

- ‌المسألة الثالثة: قضاء رمضان متتابعا:

- ‌المسألة الرابعة: وجوب التتابع في صيام كفارة اليمين:

- ‌المسألة الخامسة: المقدار المحرم من الرضاع:

- ‌المسألة السادسة: المراد من لفظ الأقراء:

- ‌الخاتمة:

- ‌عقيدة الأمة في المهدي المنتظر

- ‌وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة:

- ‌ذكر بعض الكتب التي جمعت أحاديث المهدي:

- ‌اختلاف الأقوال في المهدي المنتظر:

- ‌ذكر بعض نفاة المهدي:

- ‌ذكر دعاة المهدوية:

- ‌دعاة المهدوية سفاكون للدماء:

- ‌أعمالهم الإجرامية في بلاد المغرب:

- ‌أعمالهم الإجرامية في المشرق العربي:

- ‌المهدي المنتظر رحمة للأمة:

- ‌عقيدة الشيعة في المهدي المنتظر:

- ‌رأي عالم من علماء الشيعة المعاصرين:

- ‌المهدي المنتظر عند أهل السنة:

- ‌بعض الأحاديث الواردة في ظهور المهدي:

- ‌رأي العلماء في أحاديث المهدي:

- ‌أقوال الأئمة في المهدي المنتظر:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي

الفصل: ‌من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي

‌من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي

القرار الخامس

بشأن حكم التطهر بمياه المجاري بعد تنقيتها

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 هـ الموافق 19 فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ الموافق 26 فبراير 1989 م قد نظر في السؤال عن حكم ماء المجاري بعد تنقيته، هل يجوز رفع الحدث بالوضوء والغسل به؟ وهل تجوز إزالة النجاسة به؟

وبعد مراجعة المختصين بالتنقية بالطرق الكيماوية، وما قرروه من أن التنقية تتم بإزالة النجاسة منه على مراحل أربعة:

وهي الترسيب، والتهوية، وقتل الجراثيم، وتعقيمه بالكلور، بحيث لا يبقى للنجاسة أثر في طعمه ولونه وريحه، وهم مسلمون عدول موثوق بصدقهم وأمانتهم.

ص: 365

قرر المجمع ما يأتي: إن ماء المجاري إذا نقي بالطرق المذكورة أو ما يماثلها، ولم يبق للنجاسة أثر في طعمه ولا في لونه ولا في ريحه صار طهورا يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة به؟ بناء على القاعدة الفقهية التي تقرر أن الماء الكثير الذي وقعت فيه نجاسة يطهر بزوال هذه النجاسة منه إذا لم يبق لها أثر فيه والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.

أسماء الأعضاء

نائب الرئيس

.

رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي

د. عبد الله عمر نصيف

-

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

محمد بن جبير

د. بكر عبد الله أبو زيد

عبد الله العبد الرحمن البسام

-

مخالف (لوجهة النظر المرفقة)

-

صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

محمد بن عبد الله السبيل

مصطفى أحمد الزرقا

متوقف

-

-

-

د. يوسف القرضاوي

د. محمد رشيد راغب القباني

محمد الشاذلي النيفر

أبو بكر جومي

د. أحمد فهمي أبو سنه

د. محمد الحبيب بن الخوجه

-

محمد سالم عدود

محمد محمود الصواف

-

د. طلال عمر بافقيه

-

-

(مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي)

ص: 366

وجهة نظر في الاستعمالات الشرعية والمباحة لمياه المجاري المنقاة

الحمد لله وبعد. .

فإن المجاري معدة في الأصل لصرف ما يضر الناس في الدين والبدن طلبا للطهارة ودفعا لتلوث البيئة.

وبحكم الوسائل الحديثة لاستصلاح ومعالجة مشمولها لتحويله إلى مياه عذبة منقاة صالحة للاستعمالات المشروعة والمباحة مثل: التطهر بها، وشربها، وسقي الحرث منها، بحكم

ص: 366

ذلك صار السبر للعلل والأوصاف القاضية بالمنع في كل أو بعض الاستعمالات، فتحصل أن مياه المجاري قبل التنقية معلة بأمور:

الأول: الفضلات النجسة بالطعم واللون والرائحة.

الثاني: فضلات الأمراض المعدية وكثافة الأدواء والجراثيم (البكتريا).

الثالث: علة الاستخباث والاستقذار لما تتحول إليه باعتبار أصلها ولما يتولد عنها في ذات المجاري من الدواب والحشرات المستقذرة طبعا وشرعا.

ولذا صار النظر بعد التنقية في مدى زوال تلكم العلل وعليه:

فإن استحالتها من النجاسة بزوال طعمها ولونها وريحها لا يعني ذلك زوال ما فيها من العلل والجراثيم الضارة.

والجهات الزراعية توالي الإعلام بعدم سقي ما يؤكل نتاجه من الخضار بدون طبخ فكيف بشربها مباشرة. ومن مقاصد الإسلام المحافظة على الأجسام؛ ولذا لا يورد ممرض على مصح، والمنع لاستصلاح الأبدان واجب كالمنع لاستصلاح الأديان.

ولو زالت هذه العلل لبقيت علة الاستخباث والاستقذار باعتبار الأصل لماء يعتصر من البول والغائط فيستعمل في الشرعيات والعادات على قدم التساوي.

وقد علم من مذهب الشافعية، والمعتمد لدى الحنبلية أن

ص: 368

الاستحالة هنا لا تؤول إلى الطهارة، مستدلين بحديث النهي عن ركوب الجلالة وحليبها، رواه أصحاب السنن وغيرهم ولعلل أخرى.

ومع العلم أن الخلاف الجاري بين متقدمي العلماء في التحول من نجس إلى طاهر هو في قضايا أعيان، وعلى سبيل القطع لم يفرعوا حكم التحول على ما هو موجود حاليا في المجاري من ذلكم الزخم الهائل من النجاسات والقاذورات وفضلات المصحات والمستشفيات، وحال المسلمين لم تصل بهم إلى هذا الحد من الاضطرار لتنقية الرجيع للتطهر به وشربه، ولا عبرة بتسويغه في البلاد الكافرة لفساد طبائعهم بالكفر.

وهناك البديل بتنقية مياه البحار، وتغطية أكبر قدر ممكن من التكاليف، وذلك بزيادة سعر الاستهلاك للماء، بما لا ضرر فيه، وينتج إعمال قاعدة الشريعة في النهي عن الإسراف في الماء، والله أعلم.

عضو المجمع الفقهي الإسلامي بمكة

بكر أبو زيد

ص: 369

القرار السادس

بشأن تحويل الذكر إلى أنثى وبالعكس

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 هـ الموافق 19 فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ الموافق 26 فبراير 1989 م قد نظر في موضوع تحويل الذكر إلى أنثى وبالعكس.

وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرر ما يلي:

أولا: الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم الله سبحانه هذا التغيير بقوله تعالى مخبرا عن قول الشيطان {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (1) فقد جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل ثم قال: (ألا ألعن من لعن رسول

(1) سورة النساء الآية 119

ص: 370

الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل يعني قوله: وما (2)». ثانيا: أما من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال فينظر فيه إلى الغالب من حاله؛ فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في أنوثته، سواء أكان العلاج بالجراحة أو بالهرمونات؛ لأن هذا مرض والعلاج يقصد به الشفاء منه، وليس تغييرا لخلق الله عز وجل.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.

أسماء الأعضاء

نائب الرئيس

-

رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي

د. عبد الله عمر نصيف

-

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

محمد بن جبير

د. بكر عبد الله أبو زيد

عبد الله العبد الرحمن البسام

صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

محمد بن عبد الله السبيل

مصطفى أحمد الزرقا

-

د. يوسف القرضاوي

د. محمد رشيد راغب القباني

محمد الشاذلي النيفر

أبو بكر جومي

د. أحمد فهمي أبو سنه

د. محمد الحبيب بن الخوجه

-

محمد سالم عدود

محمد محمود الصواف

-

د. طلال عمر بافقيه

-

-

(مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي)

(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4886)، صحيح مسلم اللباس والزينة (2125)، سنن الترمذي الأدب (2782)، سنن النسائي الزينة (5102)، سنن أبو داود الترجل (4169)، سنن ابن ماجه النكاح (1989)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 416)، سنن الدارمي الاستئذان (2647).

(2)

سورة الحشر الآية 7 (1){وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}

ص: 371

تعقيب على الكلمة الطيبة التي تفضل بها صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني المنشورة في صحيفة " المسلمون "

لسماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد اطلعت على الجواب المفيد القيم الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وفقه الله المنشور في صحيفة (المسلمون) الذي أجاب به فضيلته من سأله عن: (تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل).

فألفيتها كلمة قيمة قد أصاب فيها الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين وأوضح - وفقه الله- أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن غيره من سلف الأمة.

ولا شك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (1)،

(1) سورة المائدة الآية 44

ص: 373

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (1)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2) هو الصواب.

وقد أوضح - وفقه الله- أن الكفر كفران أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان، وهكذا الفسق فسقان أكبر وأصغر، فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنا أو الربا أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفرا أكبر، وظلم ظلما أكبر، وفسق فسقا أكبر. ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفرا أصغر وظلمه ظلما أصغر وهكذا فسقه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه:«سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (3)» ، أراد بهذا صلى الله عليه وسلم: الفسق الأصغر والكفر الأصغر، وأطلق العبارة تنفيرا من هذا العمل المنكر، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم:«اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت (4)» . أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (5)» . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

(1) سورة المائدة الآية 45

(2)

سورة المائدة الآية 47

(3)

رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين) برقم (3639)، والبخاري في (الإيمان) برقم (48)، ومسلم في (الإيمان) برقم (64).

(4)

رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (9397)، ومسلم في (الإيمان) برقم (67) واللفظ له.

(5)

رواه الإمام أحمد في (مسند الكوفيين) برقم (18686)، والبخاري في (العلم) برقم (121)، ومسلم في (الإيمان) برقم (65).

ص: 374

فالواجب على كل مسلم ولا سيما أهل العلم التثبت في الأمور، والحكم فيها على ضوء الكتاب والسنة، وطريق سلف الأمة، والحذر من السبيل الوخيم الذي سلكه الكثير من الناس لإطلاق الأحكام وعدم التفصيل، وعلى أهل العلم أن يعتنوا بالدعوة إلى الله سبحانه بالتفصيل وإيضاح الإسلام للناس بأدلته من الكتاب والسنة، وترغيبهم في الاستقامة عليه والتواصي والنصح في ذلك، مع الترهيب من كل ما يخالف أحكام الإسلام، وبذلك يكونون قد سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلك خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين في إيضاح سبيل الحق، والإرشاد إليه، والتحذير مما يخالفه عملا بقول الله سبحانه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1)، وقوله عز وجل:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (2)، وقوله سبحانه:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (4)» ، وقوله صلى الله عليه

(1) سورة فصلت الآية 33

(2)

سورة يوسف الآية 108

(3)

سورة النحل الآية 125

(4)

رواه الإمام أحمد في (مسند الشاميين) برقم (27585)، ومسلم في (الإمارة) برقم (1893).

ص: 375

وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (1)» . أخرجه مسلم في صحيحه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر: «ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (2)» . متفق على صحته. وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى توحيد الله، والدخول في الإسلام بالنصح والحكمة والصبر والأسلوب الحسن، حتى هدى الله على يديه وعلى يد أصحابه من سبقت له السعادة ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، واستمر في دعوته إلى الله سبحانه، هو وأصحابه رضي الله عنهم، بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر والجدال بالتي هي أحسن، حتى شرع الله له الجهاد بالسيف للكفار، فقام بذلك عليه الصلاة والسلام، هو وأصحابه رضي الله عنهم أكمل قيام، فأيدهم الله ونصرهم وجعل لهم العاقبة الحميدة.

(1) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (8915)، ومسلم في (العلم) برقم- (2674).

(2)

رواه الإمام أحمد في (باقي مسند الأنصار) برقم (22314)، والبخاري في (الجهاد والسير) برقم (3009)، ومسلم في (فضائل الصحابة) برقم (2406).

ص: 376

وهكذا يكون النصر وحسن العاقبة لمن تبعهم بإحسان، وسار على نهجهم إلى يوم القيامة، والله المسئول أن يجعلنا وسائر إخواننا في الله من أتباعهم بإحسان، وأن يرزقنا وجميع إخواننا الدعاة إلى الله البصيرة النافذة والعمل الصالح، والصبر على الحق حتى نلقاه سبحانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ص: 377

صفحة فارغة

ص: 378

حكم صلاة الكسوف في أوقات النهي

لسماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز

بسم الله والحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة الكسوف في أوقات النهي، كما لو كسف القمر بعد طلوع الفجر، أو الشمس بعد صلاة العصر، فذهب بعضهم إلى أنها لا تشرع الصلاة للكسوف في هذين الوقتين، ولكن يشرع التكبير والذكر والاستغفار والدعاء والصدقة والعتق؛ لورود الأحاديث الصحيحة بذلك، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره (1)» ، ولما «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وغيرها أنه أمر عند الكسوف بالتكبير والصدقة والدعاء والعتق» . وذهب آخرون من أهل العلم إلى شرعية الصلاة للكسوف في الوقتين المذكورين لعموم الأحاديث الصحيحة الآمرة بها عند الكسوف، وهي كثيرة ومنها: قوله صلى

(1) رواه البخاري في (كتاب الجمعة) برقم (999 و 1000).

ص: 379

الله عليه وسلم: «فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم (1)» . وهذا القول هو الصواب؛ لعموم الأحاديث المذكورة، ولأن صلاة الكسوف من ذوات الأسباب. والراجح من كلام العلماء أن الصلاة ذات السبب غير داخلة في النهي عن الصلاة في أوقات النهي، وإنما يراد بذلك النهي عن الصلاة التي لا سبب لها خاص، أما ذوات الأسباب فهي غير داخلة في النهي مثل صلاة الكسوف، ومثل صلاة الطواف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2)» ، ومثل تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3)» . وهذا يعم أوقات النهي وغيرها، ومثل سنة الوضوء فإنه يشرع لمن توضأ أن يصلي ركعتين كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من

(1) أخرجه ابن حبان في صحيحه في باب (صفة صلاة الكسوف) برقم (2834)، وكنز العمال في (باب صلاة الكسوف) برقم (1559).

(2)

رواه البخاري في (الجمعة) برقم (1097) واللفظ له، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1167).

(3)

رواه الترمذي في (باب الحج) برقم (868)، والنسائي في (كتاب المناسك) برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب (إقامة الصلاة والسنة فيها) برقم (1254)، والبيهقي في السنن الكبرى (كتاب الحج)(5/ 92).

ص: 380

أهل العلم للأحاديث المذكورة.

وبناء على ذلك فمتى كسفت الشمس بعد العصر فإنه يشرع للمسلمين أن يبادروا بصلاة الكسوف مع الذكر والدعاء والتكبير والاستغفار والصدقة؛ عملا بالأحاديث كلها في ذلك. أما إذا كسف القمر بعد طلوع الفجر فظاهر الأدلة الخاصة كما تقدم يقتضي شرعية صلاة الكسوف؛ لأن سلطانه لم يذهب بالكلية، فيشرع لكسوفه صلاة الكسوف لعموم الأحاديث، ومن ترك فلا حرج عليه عملا بالقول الثاني، ولأن سلطانه في الليل وقد ذهب الليل، ومن صلى لكسوف القمر بعد الفجر، فالأفضل البدار بذلك قبل صلاة الفجر، وهكذا لو كسف في آخر الليل ولم يعلم إلا بعد طلوع الفجر، فإنه يشرع البدء بصلاة الكسوف، ثم يصلي صلاة الفجر بعد ذلك، مع مراعاة تخفيف صلاة الكسوف حتى يصلي الفجر في وقتها.

وفيما ذكرناه الجمع بين الأحاديث والعمل بها كلها، مع العلم بأن أخبار الحسابين عن الكسوف لا يعتمد عليها، ولا يعمل بها، وإنما تشرع صلاة الكسوف إذا رأى الناس ذلك لما ذكرنا من الأحاديث. والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

ص: 381

صفحة فارغة

ص: 382

(1) صحيح البخاري الأضاحي (5550)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1679)، سنن أبو داود المناسك (1947)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 37).

ص: 383