الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المزني قياسا على الصوم في كفارة الظهار، واعتبارا بقراءة عبد الله) (1).
ومن هذا يتبين أن شرط العمل بالقراءة الشاذة عند من عمل بها من المالكية أن يصرح الراوي بسماعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فلا.
قال الزركشي رحمه الله تعالى: (وجعل القرطبي محل الخلاف بين الحنفية وغيرهم فيما إذا لم يصرح الراوي بسماعها. . .، فأما لو صرح الراوي بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفت المالكية في العمل بها على قولين، والأولى الاحتجاج بها تنزيلا لها منزلة الخبر)(2).
(1) الجامع لأحكام القرآن (6/ 183)
(2)
البحر المحيط (1/ 478).
المطلب الثالث: شروط العمل عند الشافعية:
شرط العمل بالقراءة الشاذة عند الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ألا تخالف رسم المصحف، وألا يوجد غيرها مما هو أقوى منها، فإن خالفت رسم المصحف، أو وجد ما هو أقوى منها عدل عن الاحتجاج بها؟ ولذلك لم يحتج رحمه الله تعالى بقراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:"وعلى الذين يطيقونه فدية" مع أن مذهبه وجوب الفدية.
وعدوله عن الاحتجاج بهذه القراءة إما لمخالفتها رسم
المصحف، وإما لوجود ما هو أقوى منها، فإن الله تعالى قد خير أولا بين الصيام وبين الإفطار والفدية ثم حتم الصيام بقوله سبحانه:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (1). وبقي من لم يطق على حكم الأصل في جواز الفطر ووجوب الفدية (2).
وكذلك لم يحتج بقراءة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " في صيام كفارة اليمين، لوجود ما يعارضها وهو قوله صلى الله عليه وسلم في قضاء رمضان:«إن شاء فرق وإن شاء تابع (3)» .
ومن أصحاب الشافعي رحمه الله تعالى من اشترط شرطا آخر، وهو أن يقرأها قارئها على أنها قرآن لا على أنها تفسير، فإن قرأها على أنها تفسير لم تنهض للاحتجاج بها.
وممن ذهب إلى ذلك الشيرازي رحمه الله تعالى كما نقل ذلك عنه الزركشي رحمه الله تعالى حيث قال: (ويخرج من كلام الشيخ أبي إسحاق الشيرازي شرط آخر، فإنه قال في كتابه
(1) سورة البقرة الآية 185
(2)
البحر المحيط (1/ 477).
(3)
عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع ". رواه الدارقطني في كتاب الصيام 2/ 193. وهذا الحديث تفرد بوصله سفيان بن بشر رحمه الله تعالى. وقد صحح الحديث ابن الجوزي فقال: (ما علمنا أحدا طعن في سفيان بن بشر). راجع نيل الأوطار (4/ 232 - 233).