الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله (1)» .
هـ - السمع والبصر:
قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (2). وعن أبي موسى الأشعري - عندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته (3)» . . . .
(1) صحيح البخاري (1/ 164) رقم (71)، صحيح مسلم (2/ 718) رقم (1037).
(2)
سورة النساء الآية 134
(3)
صحيح البخاري (13/ 372) رقم (7386)، صحيح مسلم (4/ 2076) رقم (2704).
المبحث الثاني: إثبات الأسباب والمسببات:
السبب: كل شيء يتوصل به إلى غيره، وجمعه أسباب.
والله عز وجل مسبب الأسباب، ومنه التسبب (1). قال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (2){وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (3){فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (4){وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (5){وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (6){فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (7).
(1) لسان العرب (1/ 458).
(2)
سورة الليل الآية 5
(3)
سورة الليل الآية 6
(4)
سورة الليل الآية 7
(5)
سورة الليل الآية 8
(6)
سورة الليل الآية 9
(7)
سورة الليل الآية 10
وقال أنس بن مالك: «قال رجل: يا رسول الله أعقلها وأتوكل؟ أو أطلقها وأتوكل؟ قال: اعقلها وتوكل (1)» .
وقال رسول الله صلى الله عليه سولم: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا، وتروح بطانا (2)» .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان أهل اليمن، يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة، سألوا الناس فأنزل الله تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (4)، (5). والله سبحانه وتعالى قدر المقادير وهيأ لها أسبابا وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد، وقد يسر كلا
(1) جامع الترمذي (4/ 668) رقم (2517)، وذكره الألباني وقال عنه حسن رقم (1079).
(2)
جامع الترمذي (4/ 573) رقم (3344)، أحمد (1/ 30، 52).
(3)
ذكره الألباني في (صحيح الجامع) رقم (1085) ثم عزاه إلى الطبراني عن ابن عباس وعن عمران بن حصين ثم قال عنه: صحيح.
(4)
سورة البقرة الآية 197
(5)
صحيح البخاري (3/ 383) رقم (1523)، وأخرجه أبو داود في (السنن) كتاب (المناسك) الباب الرابع.
من خلقه له في الدنيا والآخرة، فهو مهيأ له ميسر له، فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشد اجتهادا في فعلها والقيام بها.
وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه من كون الحرث سببا في وجود الزرع، والنكاح سببا في وجود النسل، وكذلك العمل الصالح سبب في دخول الجنة، والعمل السيء سبب في دخول النار. وقد فقه هذا كل هذا الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر:"ما كنت بأشد اجتهادا مني الآن".
والتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، ولكن من تمام التوكل: عدم الركون إلى الأسباب، وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها، وحال بدنه قيامه بها (1).
وقد يبدو لأول وهلة أن إثبات الأسباب يقدح في التوكل وأن نفيها تمام التوكل والصحيح عكس ذلك تماما.
فالأسباب محل حكمة الله وأمره ودينه، والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره، فلا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكل، ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية.
والتجرد من الأسباب جملة ممتنع عقلا وشرعا وحسا، وما أخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من الأسباب، وقد
(1) مدارج السالكين (2/ 118 - 120).