الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعالى يرحم الأمة المحمدية بظهوره ويستبشر المسلمون بخروجه فيقضي على الشر والجور ويحقق على يديه العدل والخير ويعز الله به المسلمين ويذل المنافقين ويخذل أعداء الدين من الكفرة المعاندين، فهو المنقذ لهذه الأمة مما تعانيه في آخر الزمان من الجور والعدوان وهو المصلح لها أمر دينها عندما اشتدت غربة الإسلام، فالعصر الذهبي لهذه الأمة في آخر الزمان هو عصر المهدي الذي بشر به سيد الأنام، وهذه بشرى للمؤمنين ورحمة للمسلمين ونحمد الله رب العالمين راحم المسلمين قال تعالي:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} (1){بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (2).
إن موضوع ظهور المهدي الحق الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم هو حقيقة غيبية وليس بقصة خيالية وإنما هو حق بلا شك ولا ريب كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (3).
(1) سورة الروم الآية 4
(2)
سورة الروم الآية 5
(3)
سورة الكهف الآية 29
شبهة والرد عليها:
يصرح البعض من المنكرين للمهدي المنتظر بين يدي الساعة بقولهم: إن أحاديث المهدي التي بشرت بظهوره إنما هي أحاديث آحاد وليست متواترة، ولا تثبت الأمور الغيبية بأحاديث
الآحاد على حد قولهم وزعمهم.
فالجواب: إن القول بعدم الأخذ بأحاديث الآحاد في باب العقائد والإيمان بالغيبيات إنه لقول باطل مبتدع في الدين لم يرد ذلك عن سلف الأمة ولم يقل بذلك علماؤها وأئمتها الفحول.
وإنما ابتدعته طوائف المعتزلة والقدرية وأهل الكلام من فرق الضلال، وذلك لنفي صفات الله تعالى التي ثبتت بأحاديث الآحاد، فلم يحتجوا بها مع ثبوتها خوفا من التشبيه فوقعوا بالتعطيل حيث نفوا عن الله تعالى صفات الكمال التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا عجب من قولهم هذا، فهؤلاء القوم أولوا صفات الله تعالى الثابتة في كتابه العظيم وهي الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله تعالى: كالمجيء والنزول والاستواء والغضب والرضى والمحبة، فأولوها على غير مدلولها وصرفوا المعنى المراد منها على غير حقيقته فقالوا: وجاء ربك أي جاء أمره، والاستواء بمعنى الاستيلاء، والنزول نزول رحمته وأمره، والغضب كناية عن العقاب، والرضى كناية عن الثواب، والمحبة كناية عن الإحسان، فهؤلاء هم نفاة الصفات، وكذلك أولوا اليدين بالنعمة والقدرة، والوجه بالذات، كل ذلك فرارا من التشبيه فوقعوا في التعطيل كالمستجير من الرمضاء بالنار.
فعقيدة أهل السنة والجماعة من سلف هذه الأمة يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه في القرآن الكريم من صفات الكمال، ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويثبتون ذلك لله تعالى
إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما أثبتها الله لنفسه قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1).
فالله جل وعلا نفى عن نفسه المشابهة والمماثلة لخلقه، وأثبت لنفسه السمع والبصر على ما يليق بجلاله وعظمته وكبريائه، فالسمع والبصر صفات كمال لله تعالى، ليست كصفات المخلوقين. كما قال السلف الصالح: لله ذات تليق بعظمته لا تشبه الذوات كذلك لله صفات لا تشبه الصفات.
فأهل الحق من هذه الأمة المحمدية هم الذين يتبعون الكتاب العظيم والسنة المطهرة، ويتمسكون بهما يؤمنون بكل ما جاء عن الله على مراد الله تبارك وتعالى، ويؤمنون بكل ما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما أهل الأهواء من فرق الضلال فقد آمنوا بالله حسب هواهم وما أملته عليه عقولهم وشياطينهم فوقعوا في متاهات لا حدود لها في باب العقيدة، وخصوصا في باب الصفات وضلوا ضلالا بعيدا عن الحق. نعوذ بالله من الزيغ والضلال.
وجمهور علماء الإسلام يحتجون بأحاديث الآحاد ويأخذون بها في باب العقيدة والأحكام ولا يفرقون بالاستدلال بها في باب العقائد والعبادات والمعاملات، فالاحتجاج بخبر الواحد هو العمل به عند أهل الإسلام منذ عصر الصحابة إلى يومنا هذا، ولا يعتد بمن خالف في ذلك قديما من أهل الكلام وفرق الضلال،
(1) سورة الشورى الآية 11
ولا من خالف وعاند في هذا الزمان كأمثال التحريريين، فهؤلاء ليسوا من أهل العلم فهم ضعفاء في العلم والعمل غلاظ في المراء والجدل، يرفضون أحاديث الآحاد في باب العقائد والمغيبات.
والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة تفيد الأخذ بخبر الواحد، وقد عقد الإمام البخاري بابا في صحيحه قال:(باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق) تحت عنوان: [كتاب أخبار الآحاد] وساق الأدلة على قبول الأخذ بخبر الواحد سواء كان في باب العقيدة أو الأحكام.
وقد أطال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري من صفحة 231 لغاية 244 المجلد الثالث عشر في بيان حجة خبر الواحد.
وكذلك كتب الإمام الشافعي محمد بن إدريس المتوفى سنة 204 هـ كتابا في أصول الفقه سماه (الرسالة) وعقد بابا في هذا الموضوع تحت عنوان (باب الحجة في تثبيت خبر الواحد) وقد أسهب في الموضوع وأثبت بأن خبر الواحد حجة.
وهناك العديد من كتب الأصول لعلماء الإسلام تعرضت لهذا البحث ففيها الجواب الكافي لمن أراد الحق والوصول إليه والعمل به.
أقول: وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه رسلا إلى ملوك الأرض يدعونهم إلى الإسلام ومن ذلك بعث دحية الكلبي إلى قيصر ملك الروم، وبعث عبد الله بن حذافة
السهمي إلى كسرى ملك فارس، وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين وغيرهم إلى ملوك الأرض.
فهؤلاء الرسل من الصحابة الكرام كل منهم يحمل دعوة العقيدة ورسالة التوحيد، وهذا دليل قاطع على قبول خبر الواحد في العقائد والأحكام؛ لهذا فإن أحاديث المهدي المنتظر في آخر الزمان الثابتة الصحيحة التي وردت بأخبار الآحاد مقبولة وعلى المسلم تصديقها والإيمان بها وإلا كان من أهل الأهواء، وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
وصلى الله وسلم على رسولنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين.
صفحة فارغة
من قرارات هيئة كبار العلماء
قرار رقم 64
في 25/ 10 / 1398 هـ
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
ففي الدورة الثالثة عشرة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الآخر من شهر شوال 1398 هـ بمدينة الطائف، وبناء على رغبة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في إحالة موضوع الاستفتاء الوارد إلى الرابطة من رئيس تحرير جريدة (مسلم نيوز) الصادرة بـ (كيب تون) إلى هيئة كبار العلماء؛ لإعداد بحث في الموضوع، وتقرير ما تراه الهيئة نحوه، والمتضمن الإفادة بأن المسلمين في تلك الجهة يواجهون مشكلة كبيرة، بسبب ما أقدم عليه مجلس مشروع التحقيقات العالمية والصناعية الذي يعمل على إنتاج ماء للشرب النقي من مياه المجاري، وأنهم يسألون عن حكم استعمال هذه المياه بعد تنقيتها للوضوء.
بناء على ذلك، فقد اطلع المجلس على البحث المعد في ذلك، من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، كما اطلع
المجلس على خطاب معالي وزير الزراعة والمياه رقم 1299/ 1 وتاريخ 30/ 1398 / 5 هـ، وبعد البحث والمداولة والمناقشة قرر المجلس ما يلي:
بناء على ما ذكره أهل العلم من أن الماء الكثير المتغير بنجاسة يطهر إذا زال تغيره بنفسه، أو بإضافة ماء طهور إليه، أو زال تغيره بطول مكث، أو تأثير الشمس ومرور الرياح عليه، أو نحو ذلك؛ لزوال الحكم بزواله علته.
وحيث إن المياه المتنجسة يمكن التخلص من نجاستها بعدة وسائل، وحيث إن تنقيتها وتخليصها مما طرأ عليها من النجاسات بواسطة الطرق الفنية الحديثة لإعمال التنقية يعتبر من أحسن وسائل الترشيح والتطهير، حيث يبذل الكثير من الأسباب المادية لتخليص هذه المياه من النجاسات، كما يشهد بذلك ويقرره الخبراء المختصون بذلك، ممن لا يتطرق الشك إليهم في عملهم وخبرتهم وتجاربهم.
لذلك فإن المجلس يرى طهارتها بعد تنقيتها التنقية الكاملة، بحيث تعود إلى خلقتها الأولى، لا يرى فيها تغير بنجاسة في طعم ولا لون ولا ريح، ويجوز استعمالها في إزالة الأحداث والأخباث، وتحصل الطهارة بها منها، كما يجوز شربها، إلا إذا كانت هناك أضرار صحية تنشأ عن استعمالها، فيمتنع ذلك؛ محافظة على النفس وتفاديا للضرر لا لنجاستها.
والمجلس إذ يقرر ذلك، يستحسن الاستغناء عنها في استعمالها للشرب متى وجد إلى ذلك سبيل؛ احتياطا للصحة، واتقاء للضرر، وتنزها عما تستقذره النفوس، وتنفر منه الطباع.
والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
قرار رقم (176) وتاريخ 17/ 3 / 1413 هـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف في الفترة من 24/ 2 / 1413 هـ إلى 18/ 3 / 1413 هـ اطلع على الاستفتاء الوارد من استشاري طب الأطفال د. إبراهيم بن سليمان الحفظي المؤرخ في 25/ 11 / 1412 هـ المتعلق بطفلة أنثى اتضح بالفحص الطبي عليها أنها تحمل بعض خصائص الذكورة، ودرس المجلس موضوع تحويل الذكر إلى أنثى والأنثى إلى ذكر، واطلع على البحوث المعدة في ذلك، كما اطلع على قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي الذي أصدره في دورته الحادية عشرة في الموضوع. وبعد البحث والمناقشة والدراسة قرر المجلس ما يلي:
أولا: لا يجوز تحويل الذكر الذي اكتملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها إلى النوع الآخر، وأي محاولة لهذا التحويل تعتبر جريمة يستحق فاعلها العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم سبحانه هذا التغيير بقوله تعالى مخبرا قول الشيطان:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (1). وقد جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل. ثم قال: (ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل: (3)» .
ثانيا: أما من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال فينظر فيه إلى الغالب من حاله؛ فإن غلبت عليه علامات الذكورة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في أنوثته، سواء كان العلاج بالجراحة أم بالهرمونات، لما في ذلك من المصلحة العظيمة ودرء المفسدة.
ثالثا: يجب على الأطباء بيان النتيجة المتضحة من الفحوص الطبية لأولياء الطفل ذكرا كان أو أنثى؛ حتى يكونوا
(1) سورة النساء الآية 119
(2)
صحيح مسلم اللباس والزينة (2125)، سنن أبو داود الترجل (4169)، سنن ابن ماجه النكاح (1989)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 416)، سنن الدارمي الاستئذان (2647).
(3)
سورة الحشر الآية 7 (2){وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
على بينة من الواقع. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء