الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جدا تبلغ حد التواتر المعنوي وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد.
ز- قال الشيخ محمد بن جعفر الكتاني المتوفى سنة 1345 هـ في كتابه (نظم المتناثر من الحديث المتواتر) قال رحمه الله: وقد ذكروا أن نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ثم قال: والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام. انتهى.
أقوال الأئمة في المهدي المنتظر:
1 -
قول ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري شرح البخاري) عند شرحه لحديث نزول عيسى ابن مريم عليه السلام ص 493 ج 6 قال رحمه الله: وعند أحمد من حديث جابر في قصة الدجال ونزول عيسى: «وإذ هم بعيسى فيقال: تقدم يا روح الله القدس فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم (1)» . ولابن ماجه من حديث أبي أمامة الطويل في الدجال قال: «وكلهم أي المسلمون في بيت المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم ليصلي بهم إذ نزل عيسى فرجع الإمام ينكص ليتقدم عيسى فيقف عيسى بين كتفيه ثم يقول: تقدم فإنها لك أقيمت» .
(1) مسند أحمد بن حنبل (3/ 368).
وقال ابن حجر: قال أبو الحسن الآبري في كتاب (مناقب الشافعي) تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه. . . إلى أن قال ابن حجر: وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة. والله أعلم.
2 -
قول الإمام القرطبي صاحب التفسير المتوفى سنة 671 هـ قال رحمه الله في كتابه (التذكرة) ص 617 قال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري السجزي:
قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم عن المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه سيملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، يخرج مع عيسى عليه السلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى صلوات الله وسلامه عليه يصلي خلفه.
3 -
قال الحافظ ابن كثير المتوفى سنة 774 هـ جاء في كتابه النهاية ص 27 قال رحمه الله: فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين- فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون في آخر الدهر وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث. وأسهب في ذلك.
4 -
قول السمهودي المتوفى سنة 911 هـ قالت رحمه الله:
ويتحصل مما ثبت في الأخبار عنه- أي المهدي - أنه من ولد فاطمة، وفي أبي داود أنه من ولد الحسن والسر فيه ترك الحسن الخلافة لله شفقة على الأمة، فجعل القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة وامتلاء الأرض ظلما من ولده، وهذه سنة الله في عباده أنه يعطي لمن ترك شيئا من أجله أفضل مما ترك أو يعطي ذريته وقد بالغ الحسن بن علي في ترك الخلافة ونهى أخاه الحسين عنها وتذكر ذلك ليلة مقتله فترحم على أخيه. وما روي من كونه- أي المهدي - من ولد الحسين فواه جدا. انتهى. ذكر ذلك المناوي في كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي ص 279 ج 6. (والسمهودي هو أبو الحسن نور الدين علي السمهودي مؤرخ المدينة المنورة صاحب كتاب " وفاء الوفا ") (1). 5 - قول الشيخ ملا علي قاري الحسيني المتوفى سنة 1014 هـ قال رحمه الله في شرحه كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة عند قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله: وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام قال: وفي نسخة قدم طلوع الشمس على البقية. وعلى كل تقدير فالواو لمطلق الجمع، وإلا فترتيب
(1) الإشاعة لأشراط الساعة، للبزرنجي ص (4).
القضية أن المهدي عليه السلام يظهر أولا في أرض الحرمين ثم يأتي بيت المقدس فيأتي الدجال ويحصره في ذلك الحال فينزل عيسى عليه السلام من المنارة الشرقية في دمشق الشام ويجيء إلى قتال الدجال فيقتله بضربة في الحال فإنه يذوب كالملح فيجتمع عيسى عليه السلام بالمهدي رضي الله عنه وقد أقيمت الصلاة فيشير المهدي لعيسى بالتقدم فيمتنع معللا بأن الصلاة أقيمت لك فأنت أولى بأن تكون الإمام في هذا المقام ويقتدي به ليظهر متابعته لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. . . إلى أن قال: وفي شرح العقائد، الأصح أن عيسى عليه السلام يصلي بالناس ويؤمهم ويقتدي به المهدي لأنه أفضل وإمامته أولى. قال ملا علي قاري: ولا ينافي ما قدمناه كما لا يخفى.
قال الشريف البرزنجي في كتابه (الإشاعة لأشراط الساعة) ص 106: فإن عيسى لا يسلب المهدي ملكه فإن الأئمة من قريش ما دام من الناس اثنان، وعيسى يكون من أخص وزرائه وتابعا له لا أميرا عليه، ومن ثم يصلي خلفه ويقتدي به كما يدل عليه حديث جابر عند مسلم. . . إلى أن قال: ثم يكون عيسى إماما بعده لأنه ثبت إمامته وإمارته، جاز أن يعينه إماما للصلاة لأنه أفضل وأفضليته لا تستلزم خلافته.
أقول: ولهذا جاء في فتح الباري شرح البخاري ص 494 ج 6 قال ابن حجر العسقلاني وقال ابن الجوزي: لو تقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتراه
تقدم نائبا أو مبتدئا شرعا فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله صلى الله عليه وسلم: «لا نبي بعدي (1)» . انتهى.
7 -
قال العلامة محمد شمس الحق العظيم أبادي في كتابه (عون المعبود شرح سنن أبي داود) ص 361 ج 11: واعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل من بعده فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته.
(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3455)، صحيح مسلم الإمارة (1842)، سنن ابن ماجه الجهاد (2871)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 297).
خلاصة القول في الموضوع:
إن جمهور علماء الإسلام من سلف هذه الأمة وخلفها أثبتوا ظهور المهدي في آخر الزمان بين يدي الساعة كما صرحت بذلك الأحاديث الصحيحة ونطقت بذلك الآثار والأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وظهور المهدي في آخر الزمان إنما هو نصرة لهذا الدين الحنيف وإعزاز للمسلمين بعد أن تكالبت على هذه الأمة قوى الشر والعدوان وتمالأت عليها دول الكفر والطغيان من كل مكان فأذاقوا المسلمين صنوف العذاب وساموهم بأنواع البلاء فأصاب العابد الذل والهوان وطغى الشر وعم الظلم، والحال هذه يبعث الله المهدي والأمة في شقاء وعناء وفي كرب وبلاء من فتن ومحن وظلم وطغيان، فالله تبارك