الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفضيض المصاحف، فأخرج إلينا مصحفا فقال: حدثني أبي عن جدي أنهم جمعوا القرآن في عهد عثمان وأنهم فضضوا المصاحف) (1).
وذكر ابن رشد نحوا منه في البيان عن ابن القاسم قال: (أخرج إلينا مالك مصحفا لجده، فحدثنا أنه كتب على عهد عثمان بن عفان فوجد حليته فضة)(2) واحتجوا بالمعقول. فقالوا: إن في تحلية المصحف تعظيما له وتكريما.
(1) الإتقان ج 2 ص 170، وكنز العمال ج 2 ص 238
(2)
البيان والتحصيل لابن رشد ج 17 ص 34، 35
حجة المانعين من تحلية المصاحف:
واحتج المانعون من تحلية المصاحف بحجج نقلية وعقلية أيضا، ومن حججهم النقلية جملة من الآثار، عن جمع من الصحابة كأبي الدرداء وأبي ذر وأبي بن كعب، وأبي هريرة تتضمن الوعيد الشديد على تحلية المصاحف وزخرفته.
وقد أخرج ابن مبارك في الزهد وأبو عبيد في فضائل القرآن، وسعيد بن منصور في التفسير من سننه وابن أبي الدنيا في المصاحف وابن أبي داود في المصاحف أيضا، والحكيم الترمذي في الأكياس والمغترين، وفي نوادر الأصول له أيضا من حديث أبي الدرداء قال:(إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدبار عليكم) وفي لفظ: (فالدثار عليكم)، وفي لفظ:(فالدعاء عليكم) وفي
لفظ: (فالدمار عليكم)، وفي لفظ:(إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فعليكم الدبار). وأخرج أبو عبيد في
صفحة فارغة
فضائل القرآن عن أبي ذر قال: " إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مساجدكم فالدبار عليكم). وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أبي بن كعب قال: " إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مساجدكم فعليكم الدثار).
وأخرج أيضا عن أبي هريرة قال: " إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فعليكم الدثار ".
وأخرج ابن ماجه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ساء عمل قوم قط، إلا زخرفوا مساجدهم (1)» .
(1) ابن ماجة ج 1 ص 244، 245 ح 741 ونيل الأوطار ج 2 ص 169، وفي الزوائد في إسناده أبو إسحاق كان يدلس، وجبارة كذاب. وراجع تقريب التهذيب ص 194
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن برد بن سنان قال: (ما أساءت أمة العمل إلا زينت مصاحفها ومساجدها)(1).
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف: (عن عكرمة عن ابن عباس، أنه كان يكره أن يحلى المصحف قال: تغرون به السارق (2).
وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود في المصاحف واللفظ لأبي عبيد: (عن ابن عباس: أنه كان إذا رأى المصحف قد فضض أو ذهب قال: (أتغرون به السارق وزينته في جوفه)(3). وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي أمامة (أنه كره أن يحلى المصحف).
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي داود في المصاحف من طرق عن عبد الله بن مسعود: أنه مر عليه بمصحف قد زين بالذهب، فقال:(إن أحسن ما زين به المصحف تلاوته في الحق).
(1) المصاحف ص 170
(2)
المصاحف ص 168، ومصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 148 ح 30224.
(3)
فضائل القرآن لأبي عبيد ص 242 ح (2 - 65)، والمصاحف لابن أبي داود ص 167، 168
فظاهره إنكار التحلية.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن الزبرقان قال: قلت لأبي رزين إن عندي مصحفا أريد أن أختمه بالذهب، وأكتب عند أول سورة آية كذا وكذا. قال أبو رزين:(لا تزيدوا فيه شيئا من الدنيا قل أو كثر).
حجتهم من المعقول:
واحتج المانعون بالمعقول أيضا فقالوا: إن تحلية المصاحف تضييع للمال بدون غرض، لا نسلم بأن في تحليتها تعظيما وإكراما لها، إذا لو كان الأمر كذلك لجاء الشرع بمثله، كيف وقد ورد الذم لفاعله! لا يقال: إن ما ورد في هذا الشأن لم يثبت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأن أقل أحوال المنقول أن يكون قولا لصحابي في أمر ديني، وما هذا سبيله يأخذ حكم المرفوع، لأن الصحابي لن يقول: ذلك من قبيل الرأي والاجتهاد المحض، ولا يقال أيضا: بأنه معارض بمثله احتجاجا بما روي عن ابن مسعود إذ قد روي عنه قول: (يقتضي المنع من التحلية)، فلعله رجع عن قوله
بنفي البأس، ووفق جملة القائلين بالمنع كما مر عن أبي الدرداء وأبي بن كعب وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين -.
ولقائل أن يقول بالمنع من التحلية تغليبا لجانب الحظر - ولكون التحلية من زينة الدنيا فتصان عنها المصاحف قياسا على المسجد، ولكون زخرفتها ضربا من التشبه باليهود والنصارى وقد أمرنا بمخالفتهم.
ثم لقائل أن يقول: أن ما طريقه القرب، إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله، وإن كان فيه تعظيم، إلا بتوقيف. ولهذا قال عمر عن الحجر:(لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك). ولما قبل معاوية الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس، فقال ليس شيء من البيت مهجورا " فقال إنما هي