المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تعريف المزاح - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٦٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌العمل وقت صلاة الجماعة

- ‌الملابس الإفرنجية ليست عذرا

- ‌إغلاق العيادات إذا دخل وقت الصلاة

- ‌توجيه للأئمة والمؤذنين وأعيان الجماعة بما يلزمهم فعله نحو جماعة المسجد

- ‌يصدق إذا قال: صليت في بيتي ويؤدب. والصلاة صحيحة

- ‌جمع بين حديثين

- ‌مكة والمدينة كغيرهما في إعادة الجماعة

- ‌المبادرة بتحية المسجد إذا لم يشرع في الإقامة

- ‌إذا وجد الإمام راكعا فكبر في انحنائه

- ‌قراءة المأموم خلف الإمام

- ‌تخلف عن إمامه بثلاثة أركان

- ‌صلاة الفاضل خلف المفضول

- ‌الصلاة خلف الفاسق

- ‌الصلاة خلف حالق اللحية وشارب الدخان

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌التحذير من بدع تفعل مع الجنائز

- ‌وضع كلمة التوحيد على الجنائز غير مشروع

- ‌حكم الدخول بالجنازة من باب الرحمة في المسجد النبوي

- ‌القيام للجنازة سنة

- ‌حكم القيام لجنازة الكافر

- ‌عمق القبر

- ‌اللحد أفضل من الشق

- ‌كيفية وضع الميت في قبره

- ‌كيفية دفن الميت في الأرض الجبلية

- ‌استعمال الصخور أو الألواح أو الخشب إذا لم يوجد اللبن

- ‌حكم تغطية قبر المرأة عند دفنها

- ‌إنزال المرأة في القبر لا يشترط له محرم

- ‌حكم توجيه الميت في قبره إلى القبلة

- ‌حكم كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد

- ‌حكم حل العقد في القبر

- ‌حكم الأذان والإقامة في قبر الميت عند وضعه فيه

- ‌ما يقال عند دفن الميت

- ‌القراءة في تربة القبر ثم حثوها على كفن الميت بدعة منكرة

- ‌حكم وضع الحصباء على القبر ورشه بالماء

- ‌حكم نقل نصيبة قبر قديم إلى قبر حديث

- ‌حكم وضع نصيبة واحدة على قبر المرأة واثنتين على قبر الرجل

- ‌حكم وضع علامة على القبر

- ‌حكم وضع أرقام على القبر

- ‌لا يشرع وضع سعف النخيل والصبار الأخضر على القبر

- ‌من بدع الدفن

- ‌الشجرة النابتة على القبر ليست دليلا على صلاح صاحب القبر

- ‌حكم الدعاء للميت بعد الدفن

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ حكم قراءة الفاتحة وسورة يس عند دفن الميت

- ‌ حكم وضع البرسيم أو شيء من الشجر على القبر بعد دفن الميت

- ‌ الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌ الأكل من الأطعمة التي تطبخ في مناسبة معينة

- ‌ المسح على السماعة التي في الأذن

- ‌ هل السيئات تضاعف في مكة كما تضاعف الحسنات

- ‌ الصلاة في النعال

- ‌ وليمة الزواج، على الزوج

- ‌ طواف الوداع يسقط عن الحائض والنفساء

- ‌ اعتمر وعند الطواف تطيب من البخور الموجود في المطاف

- ‌ الدعاء الذي يقال في الصلاة على الميت والطفل

- ‌ القصر في الصلاة في السفر

- ‌ قول: إنك لا تخلف الميعاد بعد الأذان

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ أسقطت المرأة علقة أو مضغة لم يظهر فيها خلق الإنسان

- ‌ وضعت الحامل ولم يخرج دم فهل يحل لزوجها أن يجامعها

- ‌ هل يجوز للرجل مباشرة امرأته في حالة النفاس دون الفرج

- ‌ هل تقضي المرأة الصلاة والصيام إذا وضعت أو لا

- ‌ رأت النفساء بعد طهرها بعشرة أيام نقطا من الدم

- ‌شبهات حول الإسلام

- ‌قصة إبراهيم عليه السلام الواردة فيسورة الأنعام وما فيها من مباحث النبوة

- ‌فكرة البحث ونتائجه:

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مناظرة إبراهيم لقومه:

- ‌المبحث الثاني: أسماء الرسل الذين وردوا في الآيات وأولي العزم منهم

- ‌المبحث الثالث: إثبات النبوة بالمسلك النوعي كما ورد في الآيات

- ‌المبحث الرابع: عموم دعوته صلى الله عليه وسلم

- ‌الخاتمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف الآحاد والمتواتر

- ‌المطلب الأول: التعريف بخبر الآحاد

- ‌المطلب الثاني: تعريف المتواتر

- ‌المبحث الثاني:‌‌ الأدلة من الكتابوالسنة على وجوب الأخذ بخبر الواحد:

- ‌ الأدلة من الكتاب

- ‌المبحث الثالث: عمل السلف بخبر الواحد والأخذ به في العقيدة

- ‌المبحث الرابع: الرد على من أنكر حجية خبر الآحاد في العقيدة

- ‌المبحث الخامس: الآثار السيئة المترتبة على عدم الأخذ بأخبار الآحاد في العقيدة:

- ‌الخاتمة:

- ‌تعريف علم الكلام:

- ‌سبب تسميته بعلم الكلام:

- ‌الفرق بين علم الكلام وعلم التوحيد والعقيدة:

- ‌حكم تعلم علم الكلام:

- ‌رأي الإمام الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الأثري الحنبلي في علم الكلام:

- ‌بعض أقوال السلف في ذم علم الكلام:

- ‌رأي الشاطبي في علم الكلام:

- ‌موضوع علم الكلام:

- ‌مبادئ علم الكلام:

- ‌نشأة علم الكلام:

- ‌آثار علم الكلام:

- ‌حكم التأويل عند من يقول به من المتأخرين:

- ‌أسس التأويل ومبادؤه:

- ‌رأي الشيخ محمد الأمين في التأويل عند المتكلمين:

- ‌أنواع التأويل الفاسد:

- ‌أنواع المؤولين:

- ‌موقف السلف من التأويل الكلامي والباطني

- ‌الأدلة على صحة مذهب السلف وفساد مذهب الخلف في التأويل

- ‌حجة المانعين من تحلية المصاحف:

- ‌الخلاف في حكم تحلية المصحف:

- ‌ القائلون بالمنع:

- ‌ القائلون بالتفصيل:

- ‌ القائلون بجواز تحلية المصاحف:

- ‌ تمويه المصاحف بالنقدين:

- ‌ كتابة المصحف بالذهب:

- ‌ تحلية كتب العلم وآلاتها:

- ‌ تحلية القلم والدواة والمحبرة:

- ‌ زكاة حلية المصاحف وكتب العلم وآلته:

- ‌المزاح في السنة

- ‌ تعريف المزاح

- ‌المبحث الأول:مزاحه صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته

- ‌المبحث الثاني: الأحاديث الواردة في مزاحه صلى الله عليه وسلم مع الصغار

- ‌الاصطلاحات الواردة في البحث في الهوامش

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ تعريف المزاح

- ترجمت للرواة الذين تدعو الحاجة إلى الترجمة لهم، كمن يدور الحكم في الحديث عليه من كتب الرجال باختصار.

- أبين الغريب الذي يحتاج إلى بيان من كتب الغريب واللغة.

- أبين ما في الحديث من فوائد من كتب شروح الحديث.

- عملت ثبتا للمصادر والمراجع، وفهرسا للموضوعات.

وأخيرا فإني حاولت حسب جهدي وطاقتي إخراج هذا البحث على الوجه اللائق، فما كان من صواب فهو من توفيق الله عز وجل وأحمده على ذلك، وما كان فيه غير ذلك فاسأل الله أن يعفو عني فيه ويتجاوز، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 345

تمهيد:

وفيه‌

‌ تعريف المزاح

لغة واصطلاحا وبيان أحكامه.

لقد عرفه أهل اللغة بأنه الدعابة ونقيض الجد.

قال ابن منظور: المزح الدعابة، وفي المحكم: المزح نقيض الجد، مزح يمزح مزحا، ومزاحا ومزاحة، وقد مازحه ممازحة ومزاحا، والاسم المزاح بالضم والمزاحة أيضا. . . والمزاح بالكسر: مصدر مازحه، وهما يتمازحان. . والمزح من الرجال الخارجون

ص: 345

عن طبع الثقلاء، المتميزون من طبع البغضاء (1).

وأما في عرف الشرع فقد عرفه الزبيدي بقوله: هو المباسطة إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية حتى يخرج الاستهزاء والسخرية، وقد قال الأئمة: الإكثار منه، والخروج عن الجد مخل بالمروءة والوقار، والتنزه عنه بالمرة والتقبض مخل بالسنة والسيرة النبوية المأمور باتباعها والاقتداء، وخير الأمور أوسطها (2).

(1) لسان العرب: 2/ 593

(2)

تاج العروس من جواهر القاموس: 2/ 322.

ص: 346

(1) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة، من حديث جابر بن عبد الله، رقم (2018) وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وللحديث شواهد من حديث أبي ثعلبة الخشني عند أحمد في المسند، حديث (17732، 17743) وابن أبي شهبة في المصنف: 8/ 515، والخرائطي في مكارم الأخلاق ص 5، وابن حبان:(482) والطبراني في الكبير: (22/ 588) والبيهقي في شعب الإيمان حديث (7989) وله شاهد آخر من حديث ابن عباس عند البيهقي في الشعب حديث (7988) وحديث أبي ثعلبة قال عنه الهيثمي في المجمع: رجال أحمد رجال الصحيح. المجمع: 8/ 21. وأما حديث ابن عباس فقد حسنه السيوطي. انظر: فيض القدير: (3/ 619)، وصححه الشيخ ناصر الدين في صحيح الجامع الصغير:(3/ 118) حديث (3255)، وحسن حديث جابر في السلسلة الصحيحة (791) وقال: حديث حسن الإسناد وله شواهد، ذكر حديث أبي ثعلبة، وحديث ابن عباس كشواهد له

ص: 346

إن المسلم الذي يجمع إلى الجد الذي يسعى إليه روح الدعابة ومفاكهة الحديث وعذوبة المنطق، وترفه الحكمة يملك القلوب بجاذبية حديثه، ويأسر النفوس بلطيف معشره وكريم مداعبته.

ولكن هل للمسلم أن ينطلق في المزح والدعابة، كما يشاء وحيث أراد أم أنه يتقيد بالضوابط الشرعية.

والحقيقة أنها لا بد من التقيد بالشرع في كل ذلك لمعرفة المكروه من المزاح والمندوب إليه منه.

فالمكروه منه ما كان فيه إفراط بحيث يخرج المسلم عن مهمته الأساسية التي خلق من أجلها والتي هي عبادة خالقه جل وعلا، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)

(1) سورة الذاريات الآية 56

ص: 347

والمقصود بالعبادة معناها الشامل، فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة (1).

أما إذا لم يكن فيه إفراط ولا شغل عن الله فهذا سنة وقد فعله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تربوا في مدرسة النبوة، فقد كانوا يتمازحون فيما بينهم ولكن إذا جد الجد كانوا هم الرجال.

روى البخاري في الأدب المفرد بسنده إلى بكر بن عبد الله قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ)، (2) فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال (3).

إن المزاح المنهي عنه هو ما فيه إفراط؛ لأنه يسبب قسوة القلب ويشغل عن ذكر الله، والفكر في مهمات الدين، ويؤول في الكثير من الأوقات إلى الإيذاء، والحقد وسقوط المهابة والوقار (4).

(1) انظر: العبودية لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، المكتب الإسلامي، بيروت 1403 هـ

(2)

أي يترامون به، يقال: بدح يبدح إذا رمى. النهاية: (1/ 104)

(3)

الأدب المفرد للبخاري: 202، حديث 266، والحديث في السلسلة الصحيحة للشيخ ناصر الدين، حديث (435)

(4)

انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود: 14/ 106

ص: 348

ويقول الشيخ بدر الدين الغزي: "قد ورد في ذم المزح ومدحه أخبار، فحملنا ما ورد في ذمه على ما إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار، فإنه إزاحة عن الحقوق، ومخرج إلى القطيعة والعقوق، يصم المازح ويضيم المازح، فوصمه المازح أن يذهب عنه الهيبة والبهاء، ويجرئ عليه الغوغاء والسفهاء، ويورث الغل في قلوب الأكابر والنبهاء.

وأما إضامة الممازح فلأنه إذا قوبل بفعل ممض أو قول مستكره، وسكت عليه أحزن قلبه وأشغل فكره، أو قابل عليه جانب مع صاحبه حشمة وأدبا، وربما كان للعداوة والتباغض سببا، فإن الشر إذا فتح لا يستد، وسهم الأذى إذا أرسل لا يرتد، وقد يعرض العرض للهتك، والدماء للسفك، فحق العاقل (أن) (1) يتقيه وينزه نفسه عن وصمة مساويه " (2) وعلى هذا يحمل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدة فتخلفه (3)»

(1) ليست في الأصل وزدناها للتوضيح

(2)

المراح في المزاح لبدر الدين الغزي: 7، 8

(3)

سنن الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث: 1995 وقال: (حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه) والحديث فيه الليث بن أبي سليم، صدوق اختلط جدا ولم يميز حديثه فترك. ت: 464 وت ت: 8/ 465. فقد أعل الحديث به زين الدين العراقي في المغني عن حمل الأسفار، حديث: 187، والمناوي في فيض القدير: 6/ 546، وأورده الشيخ ناصر الدين في ضعيف الجامع الصغير: 6/ 77

ص: 349

وكما قرر الشيخ بدر الدين رحمه الله أن المزاح في أصله طريق إلى السرور والفرح، فإن الفرح نوعان كما أن المزاح نوعان، ففي الفرح خير وشر، كما أن في المزاح خيرا وشرا.

ولهذا فإن نظير هذا التفصيل وإن كان من قبيل آخر مع اجتماعه مع هذا الموضوع بجامع السرور الموجود في المزاح الطيب والسرور المحظور في المزاح السيئ، أقول: نظير ما جاء من التوجيه الرباني الذي يأمر الله تعالى فيه بالفرح فحينما يحصل الإنسان على النعم وينظر إلى ما بين يديه مما تفضل الله تعالى عليه به من النعمة الجزيلة التي تسره وتجعله يتوجه بها إلى استعمالها فيما يرضي الله عز وجل ليؤدي بعمله هذا واجب الشكر.

يقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (1) هكذا جاء الأمر في الآية بصيغة الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر، وجاء النهي في كتاب الله تعالى عن الفرح المؤدي إلى الأشر

(1) سورة يونس الآية 58

ص: 350

والبطر والطغيان حيث يستعمل الإنسان نعم الله تعالى فيما يسخطه، فيكون بذلك جاحدا لفضله عليه سبحانه وتعالى، وهذا ما ذكره الله تعالى على لسان الناصحين لقارون حينما بطر نعم الله عليه وتفاخر وتعالى فقالوا له:{لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (1){وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (2){قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (3) وأما المزاح المندوب إليه فهو ما يجري بين الأهل والأقارب والإخوان والأصدقاء بشرط أن لا يكون فيه أذية لأحد، أو استخفاف به، وأن يكون قصد به تطييب نفس المخاطب ومؤانسته. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله على ندرة لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سنة مستحبة (4).

قال الماوردي: (العاقل يتوخى بمزاحه حالين لا ثالث لهما:

أحدهما: إيناس المصاحبين، والتودد إلى المخاطبين، وهذا

(1) سورة القصص الآية 76

(2)

سورة القصص الآية 77

(3)

سورة القصص الآية 78

(4)

فتح الباري: 10/ 526، وتحفة الأحوزي: 6/ 125

ص: 351

يكون مما أنس من جميل القول وبسط من مستحسن الفعل.

والثاني: أن ينفي بالمزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم وقد قيل لا بد من المصدور أن ينفس (1). وقد أوصى أحد السلف ابنه بوصية بليغة ينبغي لكل مازح استحضارها لئلا تزل قدمه، فقال:(لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنيء فتهون عليه)(2).

ولم يكن مزح رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج عن الحالين السابقين.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقا (3)» .

قال المناوي:. رحمه الله قوله: «ولا (أقول إلا حقا (4)» لعصمتي

(1) انظر فيض القدير 3/ 18

(2)

ذكره الحافظ في ترجمته في الإصابة: 3/ 98

(3)

سنن الترمذي البر والصلة (1990)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 360).

(4)

سنن الترمذي البر والصلة (1990)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 360).

ص: 352

من الزلل في القول والعمل .. وإنما كان يمزح؛ لأن الناس مأمورين بالتأسي به والاقتداء بهديه، فلو ترك اللطافة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما فيه مخالفة الغريزة من المشقة والعناء، فمزح ليمزحوا (1).

قلت: وهذا رحمة من الله بهذه الأمة، فحياة المسلم لو كانت كلها على سمت واحد لما رأيت أحدا يأنس بأخيه، لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحس أصحابه على بث روح المحبة والألفة بينهم رضي الله عنهم أجمعين فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق (2)» .

وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم أمثلة على مزاحه ستأتي إن شاء الله تعالى.

ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم كثير المزاح، وإذا مازح فعل

(1) فيض القدير 3/ 18

(2)

مسلم باب استحباب طلاقة الوجه 144/ 2626، وأحمد في المسند 5/ 63

ص: 353