الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصر الأمويين على يد خالد بن يزيد بن معاوية الذي أولع بترجمة كتب الأوائل ولم يبرز كمنهج متبع إلا على أيدي المعتزلة الذي اتخذوا المناظرات والمجادلة طريقا لهم في نشر آرائهم مما ساعد على تبلور هذا المنهج ثم تداوله كعلم من العلوم الإسلامية وعن المعتزلة تلقاه غيرهما كالأشعرية عن طريق تتلمذ أبي حسن الأشعري على أبي علي الجبائي أحد شيوخ المعتزلة، ومن هنا بدأ التأليف فيه ووضع كاتجاه علمي ومنهج فكري.
آثار علم الكلام:
ويمكن الإشارة إلى أهم آثار علم الكلام فيما يلي:
1 -
انتشار العلوم الفلسفية وبالذات علم المنطق، وجعله أساسا تبنى عليه منهجية العلوم الإسلامية، يقول مسعود التفتازاني:" المشهور أن يقع في طريق الخدمة والآلة فليسم خادم العلوم "(1).
ويقول أبو حامد الغزالي: " والحق أن إثبات مسائل العلوم النظرية محتاجة إلى دلائل وتعريفات معينة، والعلوم بكونها موصلة إلى المقصود،
(1) الدر النضيد (147).
ولا يحصل إلا من المباحث المنطقية، أو يتقوى بها فهي محتاج إليها لتلك العلوم وليست جزءا منها؛ بل هي علم على حده (1).
2 -
كثرة الاختلاف والافتراق في المسائل العقدية، وهذا واضح لمن تتبع كتب المتكلمين وسبر اختلافهم ومن أحسن ما يبين عن ذلك كتاب مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري، وكتاب الملل والنحل للشهرستاني.
3 -
المعارضة بين العقل والنقل وتقديم العقل على النقل بدعوى يقينية العقل وظنية النقل.
4 -
إلباس العقيدة الإسلامية لباسا غير لباسها، وذلك عن طريق استعمال ألفاظ مجملة محتملة للحق والباطل وترتيبهم الأحكام العقدية عليها من الكفر والفسق ونحو ذلك.
5 -
رد الحق الذي جاء في الكتاب والسنة بدعوى معارضته ليقينيات العقل.
6 -
كثرة الاضطراب بينهم والتنقل من قول إلى قول.
7 -
كثرة الجدل في المسائل العقدية وشيوع المناظرة فيها مما ساعد على نشر الباطل وخفاء الحق وفتنة أهله كما حصل ذلك في زمن الإمام أحمد بن حنبل وطبقاته من علماء السلف.
8 -
تجهيل السلف بأمور العقائد ودعوى أن المتكلمين أعلم بالله ودينه منهم، فهم أهل الفهم والسلف وأهل الجمود والجهل.
(1) الدر النضيد (146).
9 -
استباحة بعضهم تكفير بعض فالابن ربما كفر أباه والأب ربما كفر ابنه.
10 -
كثرة البدع وتنوعها وانتشارها بين الناس.
11 -
الإعراض عن الكتاب والسنة كمصدرين لتلقي العقائد وعدم التحاكم إليهما عند الاختلاف وهو مبني على أن دلالتهما ظنية فلا يمكن رفع الخلاف بهما.
12 -
ضعف تعظيم النصوص في نفوسهم ونفوس الناس مما يدعو إلى التحاكم إلى غيرها وعدم الرجوع لها عند التنازع.
13 -
تبني المتكلمين عددا من أفكار الفلاسفة واعتقادهم أنها الحق الذي جاءت به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
14 -
تأويل النصوص بصرفها عن مراد الله ومراد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى معان باطلة ما أنزل الله بها من سلطان (1).
15 -
إفقاد العقيدة الإسلامية ما فيها من بساطة التكاليف وسهولتها ووضوحها للأفهام؛ لأن ما بنيت عليه طريقة المتكلمين في الاعتقاد تحتاج إلى الألفاظ المنطقية ومعرفة بالعلوم العقلية حتى يمكن الفهم، الأمر الذي لا يوجد في نصوص الكتاب والسنة وما نهج منهجهما من كلام السلف الصالح.
16 -
إيجاب ما لم يوجبه الله على عباده من العقائد التي قررها المتكلمون، كوجوب النظر العقلي وترك ما أوجبه الله على عباده من
(1) قارن شرح الطحاوية ص (17).
الإيمان بألوهية الله وربوبيته وإثبات أسمائه وصفاته.
17 -
ضلال المتكلمين في باب الاعتقاد وتبنيهم للأقوال الباطلة المخالفة للكتاب والسنة، الأمر الذي يدل على أن علم الكلام لم يهديهم إلى الحق ولم يدلهم على الصواب الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
18 -
عزل نصوص الكتاب والسنة عن التحاكم إليها. .
19 -
القول في الله ودينه بغير علم وبصيرة والبصيرة لا تكون إلا بالبرهان من الكتاب والسنة قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (1) هذا وآثاره كثيرة لا يمكن حصرها ولعل فيما ذكر كفاية في الدلالة على شؤم هذا العلم وفساده، الأمر الذي يكون حافزا لمن أراد الله هدايته للبعد عنه وتخليص الكتب العقدية الكلامية من آثاره الفاسدة والرجوع بالأمة الإسلامية إلى المعين الصافي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان.
(1) سورة يوسف الآية 108
التأويل:
التأويل في اللغة (1) التأويل لغة الرجوع، ومنه قولهم غليت الماء حتى آل إلى ثلثه
(1) مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية (2/ 17 - 21). انظر درء تعارض العقل والنقل (1/ 14، 15)
أي رجع إليه وفي اللسان (الأول: الرجوع، وآل الشيء يؤول أولا ومآلا: رجع، أول إليه الشيء: رجعه).
التأويل شرعا:
التأويل في الشرع يطلق ويراد به أحد معنيين:
الأول: الحقيقة فتأويل ما أخبر الله عنه من القيامة والجنة والنار هو وقوعها كما أخبر ومنه قول عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته كان يكثر من قول " سبحانك اللهم وبحمدك " يتأول القرآن (1)» ، أي يطبق ما يدل عليه من معنى ويحققه إشارة إلى عمله بقوله سبحانه وتعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (2){وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} (3){فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (4)
الثاني: تفسير الكلام بما يدل على مراد المتكلم منه سواء وافق الظاهر أو خالفه، فمما وافق الظاهر قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) فيه إثبات الوحدانية، ومما خالف الظاهر قوله سبحانه
(1) مسلم كتاب الصلاة باب (42) رقم (484)(217)، وابن ماجه رقم (874) في إقامة الصلاة باب (20).
(2)
سورة النصر الآية 1
(3)
سورة النصر الآية 2
(4)
سورة النصر الآية 3
(5)
سورة الإخلاص الآية 1
وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (1) فالظاهر أن المراد بالرحمة الصفة والمراد هو المطر بدلالة السياق حيث أخبرنا بإرسال الرياح قبله وهذا لا يكون إلا قبل المطر، وهذان هما معنى التأويل في الكتاب والسنة.
التأويل عند علماء السلف:
لا يخرج معنى التأويل عند السلف عن المعنيين السابقين، يقول ابن تيمية:" وأما خطاب الصحابة والتابعين فإنما يوجد فيه الأولان "(2).
التأويل عند متأخري علماء الكلام:
هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، ويقصدون به صرف كلام الله وكلام رسوله عن المراد عندهما إلى معان خفية، وذلك عن طريق دعوى المجاز والاستعارة ونحوها من الاستعانة بغرائب اللغة في ذلك فظهر بذلك أن مرادهم ليس التلقي عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن الإعراض عنهم وهجر معناهما بما يدعون أنه دليل صارف حتى يوافق ما في عقولهم من موازين فاسدة وأفكار فارغة وشبهات داحضة (3).
(1) سورة الأعراف الآية 57
(2)
الصفدية ص (389)
(3)
مجموعة الرسائل الكبرى (2/ 17)