الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعلم به نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى، فحكم أحد الشيئين حكم مثله فكيف بما هو أولى منه (1). وأما الذين يثبتون رسالته وإنها إلى العرب خاصة، فيرد عليهم بأن كل من أرسله الله لا بد أن يكون صادقا فيما يبلغه عن الله فمقصود الرسالة لا يحصل بدون ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم قد ذكر أنه أرسل إلى اليهود والنصارى، بل إلى بني آدم كلهم عربهم وعجمهم، بل إلى الثقلين، وهذا من الأمور المتواترة عنه فدعاهم وأمر بجهادهم وهذا من المعلوم بالضرورة.
فالإقرار برسالته إلى العرب ودون غيرهم مع ما ظهر من عموم دعوته للخلق قول متناقض ظاهر الفساد، فمن اعترف بأنه رسول لزمه الاعتراف بأنه رسول إلى جميع الخلق.
(1) ينظر: الجواب الصحيح، ابن تيمية 1/ 175 ينظر إعلام النبوة، الماوردي، 71.
الخاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيد المخلوقات وعلى آله وأتباعه على يوم الدين، وبعد، فقد كان أهم ما تضمنه البحث ما يلي:
1 -
أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ممن أجمع على قبوله من الأمم
فلذا كثر ورود قصته في القرآن الكريم.
2 -
ورد خلاف في اسم والد إبراهيم أهو آزر أم تارح؟ والراجح هو الاسم الوارد في القرآن وهو آزر.
3 -
أن قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم كانوا من الوثنيين الذين يعظمون الكواكب، فلذلك كانت مناظرته صلى الله عليه وسلم لهم في الكواكب.
4 -
أن قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم عن الكواكب الثلاثة (هذا ربي) إنما هو على سبيل المناظرة، وقالها تبكيتا لقومه، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء وهو الذي دلت عليه الآيات.
5 -
أن الظلم المنفي في الآيات هو الشرك، وهذا ما جاء في الحديث.
6 -
أن عدد الأنبياء لم يثبت في حديث صحيح لذا فإن الأسلم الإمساك عن تحديد عددهم، والإيمان إجمالا أن الله قد بعث لكل أمة من الأمم رسولا.
7 -
كان من أعظم الأجر الذي أوتيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الدنيا أن كان الأنبياء من ذريته، وذكر في الآيات أسماء ثمانية عشر نبيا، قيل: فيهم إنهم هم أولو العزم من الرسل، على أن القول المشهور أنهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين هو الأرجح.
8 -
يراد بالمسلك النوعي إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بإثبات جنس النبوة وأن هناك أنبياء بعثهم الله من قبله، ثم يكون إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم ظاهرة؛ لأن ما جاء به أكمل مما جاء به جميع الأنبياء.
9 -
أن مما خص به محمد صلى الله عليه وسلم عموم دعوته للخلق كافة فلم تكن دعوته صلى الله عليه وسلم خاصة بقومه مثل الأنبياء السابقين بل هي لكل الخلق من الإنس والجن إلى قيام الساعة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون.
صفحة فارغة
حجية خبر الآحاد في العقيدة والرد على من أنكر ذلك
للدكتور / عبد الله بن سليمان الغفيلي (1)
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (2){يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (3){يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (4){يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (5).
(1) أستاذ مشارك بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، قسم العقيدة.
(2)
سورة آل عمران الآية 102
(3)
سورة النساء الآية 1
(4)
سورة الأحزاب الآية 70
(5)
سورة الأحزاب الآية 71
أما بعد:
فإن من الانحراف في منهج الاستدلال على مسائل العقيدة ما أحدثه علماء الكلام قديما من رد خبر الواحد وعدم العمل به مما ترتب عليه رد كثير من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في مسائل الشرع كلها، فأحببت أن أدلي بدلوي مع الدلاء في هذا الموضوع وأبين فيه معتقد أهل السنة والجماعة سلفنا الصالح - رحمهم الله تعالى -، في هذه المسألة الخطيرة التي ما زال بعض المعاصرين ممن سار على نهج أهل الكلام - يرددها ويسير عليها، وأن أرد على دعواهم، وأنقض أدلتهم، فاستعنت بالله عز وجل ورتبت هذا البحث الترتيب التالي:
تمهيد: ويشتمل على وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والتحذير من مخالفته.
المبحث الأول: تعريف الآحاد والمتواتر لغة واصطلاحا.
الله عليه وسلم وذلك أن التصديق الجازم بالرسول صلى الله عليه وسلم يقتضي التسليم المطلق والتام لما جاء به ويستلزم طاعته فيما بلغه عن الله تعالى، وهذا من أعظم لوازم محبته والإيمان به صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت نصوص كثيرة في القرآن والسنة توجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحذر من معصيته ومخالفة أمره عليه الصلاة والسلام.
ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2)
وقوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (3) وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (4) وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (5)
(1) سورة آل عمران الآية 132
(2)
سورة آل عمران الآية 31
(3)
سورة آل عمران الآية 32
(4)
سورة النساء الآية 80
(5)
سورة الحشر الآية 7
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} (2)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وقد أمر الله بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في أكثر من ثلاثين موضعا من القرآن وقرن طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته، كما قرن بين اسمه واسمه فلا يذكر إلا ذكر معه)(3).
ومن الأحاديث الدالة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله (4)» الحديث.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى (5)» .
(1) سورة النور الآية 63
(2)
سورة النساء الآية 14
(3)
مجموع الفتاوى (19/ 103).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأحكام (8/ 104)، ومسلم في صحيحه: كتاب الإمارة (3/ 1465).
(5)
صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7280)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 361).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا، فانطلقوا على مهلتهم، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق (1)» .
فهذه الآيات والأحاديث توجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال ما جاء به وذلك بفعل ما أمر به وتجنب ما نهى عنه، وتبين أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي مفتاح الجنة وسبيل النجاة فلا فلاح ولا سعادة ولا نجاة للعبد إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن أطاعه فيما جاء به من الحق المبين فقد نجا وزحزح نفسه من النار، ومن أبى وتكبر وعصى ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به فقد خسر خسرانا مبينا، وعرض نفسه لعذاب الله عز وجل، فإنه ما من خير يوصل إلى الجنة إلا ودلنا عليه، وما من شر يوصل إلى النار إلا وحذرنا منه عليه الصلاة والسلام.
فيجب على كل مسلم طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه واقتفاء أثره والسير على هديه، وعدم مخالفة أمره ونهيه، كما قال
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الفضائل (4/ 1789).
تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} (1)
وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (2)
فعبادة الله وطاعته لم تترك للأهواء والأفكار بل هي مقيدة باتباعه صلى الله عليه وسلم فيما شرعه لأمته وهذا هو مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله.
وقد رتب الله سبحانه وتعالى على اتباعه والاقتداء بسننه الاهتداء والمغفرة وجعله علامة على صدق المحبة لله تعالى قال عز وجل: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (3) ولما ادعى اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه أنزل آية المحبة وهي قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4){قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (5)
والمتأمل في حال كثير من المسلمين اليوم يرى أنهم تركوا الاتباع والاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبحت السنة عندهم أمرا مستغربا لجهلهم وبعدهم عنها واستبدلوا بذلك البدع
(1) سورة النساء الآية 64
(2)
سورة الأحزاب الآية 21
(3)
سورة الأعراف الآية 158
(4)
سورة آل عمران الآية 31
(5)
سورة آل عمران الآية 32
التي لا أصل لها ولا دليل عليها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فاتخذوه دينا يدينون به فانعكست بذلك الموازين لديهم فأصبحوا يرون الحق باطلا والباطل حقا، والمعروف منكرا والمنكر معروفا، وما ذلك إلا لكونهم لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الدين إلا رسمه بسبب ما هم عليه من قلة العلم وعدم معرفتهم بالسنة حتى وصل الحال إلى الوقوع في الشرك كما هو مشاهد في كثير من بلاد المسلمين، وذلك بصرف ما هو حق لله سبحانه وتعالى لأصحاب القبور وإشراكهم مع الله فيما لا يستحقه ولا يقدر عليه إلا الله، وهذا هو الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله أبدا، وقد حث العلماء رحمهم الله على وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه والعمل بسنته.
وقال الإمام الآجري رحمه الله: (ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء قد ثبت عند العلماء، فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله عز وجل، قيل له: أنت رجل سوء وأنت ممن حذرناك النبي صلى الله عليه وسلم وحذرنا منك العلماء، وقيل له: يا جاهل: إن الله عز وجل أنزل فرائضه جملة، وقد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم
أن يبين للناس ما أنزل إليه، قال الله عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (1)
فأقام الله عز وجل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، وقال عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2)(3).
وقال القاضي عياض: (فجعل تعالى طاعة رسوله طاعته، وقرن طاعته بطاعته، ووعد على ذلك بجزيل الثواب، وأوعد على مخالفته بسوء العقاب، وأوجب امتثال أمره واجتناب نهيه، قال المفسرون والأئمة: طاعة الرسول في التزام سنته، والتسليم لما جاء به، وقالوا: ما أرسل الله من رسول إلا فرض طاعته على من أرسل إليه، وقالوا: من يطع الرسول في سنته يطع الله في فرائضه، وسئل سهل بن عبد الله عن شرائع الإسلام فقال:
(1) سورة النحل الآية 44
(2)
سورة الحشر الآية 7
(3)
الشريعة للآجري ص 49.
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (1) يقال: أطيعوا الله في فرائضه والرسول في سننه، وقيل: أطيعوا الله فيما حرم عليكم والرسول فيما بلغكم، ويقال: أطيعوا الله بالشهادة له بالربوبية، والنبي بالشهادة له بالنبوة (2).
ويقول العلامة ابن القيم: " وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (3)
فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأعاد الفعل إعلاما بأن طاعة الرسول تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقا سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه، فإنه أوتي الكتاب ومثله معه، ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالا، بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول، إيذانا بأنهم إنما يطاعون تبعا لطاعة الرسول " (4).
وقال ابن أبي العز الحنفي: " فالواجب اتباع المرسلين
(1) سورة الحشر الآية 7
(2)
الشفا (2/ 6)
(3)
سورة النساء الآية 59
(4)
إعلام الموقعين (1/ 48)
واتباع ما أنزله الله عليهم، وقد ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فجعله آخر الأنبياء، وجعل كتابه مهيمنا على ما بين يديه من كتب السماء، وأنزل عليه الكتاب والحكمة، وجعل دعوته عامة لجميع الثقلين، الجن والإنس، باقية إلى يوم القيامة، وانقطعت به حجة العباد على الله، وقد بين الله به كل شيء، وأكمل له ولأمته الدين خبرا وأمرا، وجعل طاعته طاعة له، ومعصيته معصية له، وأقسم بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموه فيما شجر بينهم وأخبر أن المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى غيره، وأنهم إذا دعوا إلى الله والرسول، وهو الدعاء إلى كتاب الله وسنة رسوله صدوا صدودا، وأنهم يزعمون أنهم إنما أرادوا إحسانا وتوفيقا " (1).
فالواجب على كل مسلم الطاعة التامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والأخذ بكل ما جاء به والبعد عن مخالفته، وبهذا يحصل الفوز بالجنة والنجاة من النار.
(1) شرح العقيد الطحاوية ص (70، 71)